تعتبر عملية زراعة الرحم عملية جراحية يتم من خلالها زرع رحم يصلح لحمل جنين لامرأة لا تملك رحما، سواء ولدت بدونه أو تعرضت لحادث أو مرض اضطرها لاستئصاله، أو امرأة تملك رحما به مشكلة صحية أو عيبا يحول دون حمل جنين. وقد أجريت عملية زراعة الرحم بعد أن تمكن الأطباء من زراعة المبيضين؛ والتي تم إجراؤها في البداية على أكثر من نوع من الحيوانات. وبعد أن تم الحمل بنجاح، بدأ التفكير في زراعة رحم كامل من امرأة لامرأة أخرى. وتتم عملية زراعة الرحم على ثلاثة مراحل؛ المرحلة الأولى يتم فيها عمل عملية جراحية للمتبرعة برحمها، أو التي توفيت لتوها؛ حيث يتم استئصاله، ثم يتم عملية الزرع للمتلقية. وبعد أن يتم الحمل وتنتهي مهمة هذا الرحم المزروع تأتي آخر عملية جراحية باستئصال الرحم ثانية من المتلقية؛ حيث أن هذا الرحم يضطرها لأخذ الكثير من أدوية مثبطة للمناعة؛ والتي قد تسبب لها العدوى بمرور الوقت.
استكشف هذه المقالة
تاريخ عمليات زراعة الرحم
في الواقع أن عمليات زراعة الرحم بدأت منذ 1930 على يد أطباء كثر في مختلف دول العالم؛ غير أن الكثير والكثير من هذه المحاولات باءت بالفشل؛ مع اختلاف الأسباب المؤدية إليه في كل محاولة. وظل الأطباء يحاولون حتى نجحت أول عملية زراعة رحم في عام 2014. وقد تمت هذه العملية لامرأة سويدية تبلغ من العمر 36 عاما. وقد تلقت هذا الرحم من امرأة أخرى تبلغ 61 عاما. وبعد إتمام الحمل 32 أسبوعا، تمت الولادة عن طريق عملية قيصرية. وكان الطفل سليما معافى تماما. وفي كثير من الحالات كانت تتم زراعة الرحم لحين إتمام الحمل والولادة، سواء لمرة واحدة أو أكثر من ذلك، ثم يشرع الطبيب في استئصال هذا الرحم ثانية؛ حتى لا تضطر المرأة إلى أخذ أدوية تثبيط المناعة طيلة حياتها. كذلك، فإن هناك من الحالات ما ينجح معها الحمل مرة واحدة، ثم يتضرر الرحم بعد الولادة القيصرية أو تحدث له أي مشكلة أخرى؛ الأمر الذي يجعله غير صالح للحمل مستقبلا.
نسبة نجاح زراعة الرحم
لا نستطيع القول بأن نسبة نجاح عمليات زراعة الرحم تصل إلى مائة بالمائة أو حتى أقل بقليل؛ لأن ذلك يعتمد على الكثير من العوامل التي تشمل الحالة الصحية للمرأة والمستوى الذي تصل إليه الدولة في مجال الطب. وبالطبع ليست كل السيدات تنجح معهن هذه العملية؛ بل إن نجاحها يقتصر على من ولدت بدون رحم أو تعرضت لاستئصاله بعملية جراحية لدواع طبية. ولا زال العمل في طريق تحسين مستوى العمليات التي تساعد على الإنجاب الصناعي؛ وذلك نظرا للطفرة التي حدثت في أسلوب تفكير السيدات في وقتنا الحالي؛ فالكثير منهن تهتم في المراحل العمرية التي من المفترض أن يحدث فيها الإنجاب بحياتها العملية والعلمية في المقام الأول؛ الأمر الذي يجعل التقدم في هذه المجالات الطبية حاجة ملحة لا فرار منها. ونظرا للتعقيد الذي تتسم به عمليات زراعة الرحم، فإن الدول الأوربية كثيرا ما تلجأ إلى عمليات تأجير الرحم بدلا عنها.
لمن تجرى عملية زراعة الرحم؟
تجرى هذه العملية للسيدات اللاتي تعانين من عدم وجود الرحم؛ إما لعيوب خلقية تؤدي إلى ضموره أو لعدم وجوده من الأساس منذ وقت الولادة؛ مع وجود المبيضين اللذين يقومان بمهامها بشكل طبيعي. كذلك تناسب هذه العملية أولئك النساء اللاتي تعرضن لاستئصال الرحم؛ والذي يحدث لأسباب كثيرة؛ منها الأورام السرطانية وبعض الأورام اللفية كبيرة الحجم ووجود تلف ببطانة الرحم ناتج عن الالتصاقات الشديدة للغاية أو الخضوع لعمليات كحت الرحم بشكل متكرر أو العدوى التي تحدث خلال الولادة الطبيعية أو القيصرية بسبب انعدام التعقيم.
تكلفة زراعة الرحم
لا يمكن تحديد تكلفة زراعة الرحم لأن ذلك يختلف من دولة إلى أخرى. وقد تكون هذه العملية من نوع العميات مرتفعة التكلفة في وطننا العربي؛ والسبب في ذلك يعود إلى أن هذه العملية لم تتم حتى الآن إلا مرات قليلة، ولا يستطيع القيام بها إلا طبيب ذو مهارة وخبرة عالية. وقد تكون تكلفة عمليات زراعة الرحم أقل بكثير في الدول الأوربية؛ نظرا لانتشارها الذي يفوق الدول العربية والتقدم الطبي هناك.
زراعة الرحم في الدول العربية
في الحقيقة أنه هناك عدد كبير يصل إلى مائة ألف من نساء الشرق الأوسط يعانين من مشكلة فقد الرحم؛ وبالتالي فإنه من الضروري البحث عن تطور طبي يتمثل في عملية زراعة الرحم وغيرها حتى تتوقف معاناة هؤلاء النساء. وقد بدأت عمليات زراعة الرحم بمنطقة الشرق الأوسط في لبنان. وما حدث هو أنه هناك مواطنة لبنانية تدعى ريهام شحادة ولدت بدون رحم وعاشت حياتها تعاني من التهديد بالحرمان من حلم الأمومة الذي يعتبر إحدى الغرائز التي لا تولد امرأة إلا به. وتزوجت ريهام على علم منها ومن زوجها بوضعها وحالتها الصحية التي تمنعها من الإنجاب. وظلت تحاول البحث عن حل لمشكلتها دون كلل أو ملل. وجاء الحل على يد هذه الطبيبة الرائعة بالقيام بعملية زراعة رحم. وكان المتبرع لريهام بالرحم الذي تمت زراعته هي والدتها؛ التي آلمها كثيرا ألم ابنتها التي لا تتحمل معاناة العيش بلا طفل يملأ دنياها وينيرها لها. وتمت العملية كليا في وقت وصل إلى 18 ساعة؛ حيث استغرق استئصال الرحم من الأم 12 ساعة كاملة واستغرقت عملية الزرع 6 ساعات متواصلة. ولم تكن عملية كهذه سهلة على الإطلاق؛ فالتأكد من التطابق الموجود بجسد الأم الواهبة والبنت المتلقية استغرق عامين كاملين؛ كما أن انتظار إجراء عملية زراعة الجنين انتظر عاما كاملا بعد إتمام إجراء العملية. ومن الجدير بالذكر أن هذه العملية تمت على يد فريق من الأطباء السويد؛ وهو البلد الذي نجحت فيه أول عملية زراعة رحم؛ كما سبق وأسلفنا.
زراعة الرحم في مصر
منذ ما يقرب من عشر سنوات، أو يزيد، بدأت جامعة عين شمس بالقاهرة أولى أبحاثها بشأن زراعة الرحم للسيدات اللاتي لا تملكن رحما يمكنه حمل جنين. وتم ذلك بعد أن تم طرح مشكلة السيدات اللاتي لا يمتلكن رحما أو مهبلا بسبب عيوب خلقية أو غيرها في مؤتمر طبي. وبعدها مباشرة بدأت التجارب على الحيوانات أو جثث الموتى. وتمت هذه التجارب بمعمل الحيوانات بجامعة عين شمس.
حكم الشرع في عمليات زراعة الرحم
أفتى مجمع الفقه الإسلامي بالقاهرة بجواز إجراء عملية زراعة الرحم. والسبب في ذلك هو أن الرحم لا يحمل شيئا من العوامل الوراثية؛ وبالتالي فإن عملية انتقاله من امرأة لأخرى لا يؤدي إلى اختلاط الأنساب.
وختاما، نؤكد على أن عملية زراعة الرحم قد تكون الحل الوحيد للتخلص من مشكلة العقم؛ غير أنه لابد من اتخاذ جميع الإجراءات بشكل سليم؛ حتى لا يؤدي الوقوع في أي خطأ إلى فشل العملية أو وجود مضاعفات تؤثر على المرأة.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق