رهبة المسرح هي مصطلح نفسي يطلق على أولئك الأشخاص الذين يُصابون بتوتر مبالغ فيه عند إلقاء خطاب أمام أشخاص غرباء أو أمام جمهور كبير، وعادة ما يتجسد هذا التوتر في تسارع دقات القلب والتعرق الشديد وجفاف الفم والشعور بتشنج كبير في الحلق وعدم القدرة على مواصلة التحدث بسبب انقطاع النفس المتكرر، الشعور الزائف برؤية السخرية والاحتقار في عيون الحاضرين، وقد كشفت العديد من الدراسات العلمية والنفسية أن رهبة المسرح والخوف من التحدث أمام حشد كبير من الناس تفوق في حدتها الخوف من المرض أو الموت حيث يفضل أحدهم الموت على إلقاء كلمة أمام جمهور كبير، وجدير بالذكر أن رهبة المسرح منتشرة بشكل كبير في جميع أنحاء العالم فهناك الملايين من الأشخاص الذين يخافون من كونهم محط للأنظار.
استكشف هذه المقالة
فن مواجهة الجمهور
فن مواجهة الجمهور هو القدرة الذكية على التحدث أمام جمع غفير من الناس من دون خوف أو رعب هذا عطفاً على تقديم عرض ناجح والانتقال بين نقاط الموضوع بكل سلاسة ونظام، ومن أجل إتقان هذا النوع من الفن يجب على المتحدث أن يراعي العوامل التالية خلال حديثه أمام جمهور عريض:
اختيار موضوع الحديث المناسب وجمع كافة المعلومات الممكنة عنه
وذلك لأن أغلب المخاوف من التحدث أمام الجمهور تكمن في الخوف من الخطأ أثناء الحديث أما في حال اختيار الموضوع المناسب وجمع المعلومات بشكل معمق فلن تواجهك تلك المخاوف وستشعر بالكثير من الراحة أثناء الحديث ولن تخاف مطلقاً من عملية توجيه الأسئلة.
تنظيم الموضوع بشكل جيد
لكي يتم التمكن من فن مواجهة الجهور بشكل متقن يجب أن يمتاز الحديث بدقة تنظيمه وأن يتشابه الحديث الشفوي في ترتيب أفكاره مع الحديث المكتوب، كما يجب التأكد من سرد الموضوع والمعلومات والوقائع بشكل سلسل وأن يتم الانتقال من نقطة إلى أخرى بشكل يترك انطباعاً لدى الجمهور بأن المتحدث شديد المهنية وملم بكافة جوانب الموضوع بشكل كامل.
تحديد الهدف من الحديث
عند تحديد الهدف بكل دقة ووضوح يكون المتحدث قد اجتاز نصف النجاح بامتياز، فتحديد الهدف سيسهل على المتحدث طريقة الإعداد للموضوع وكذلك طريقة العرض؛ فعلى سبيل المثال إذا كان الهدف من الحديث هو الدراسة الأكاديمية حينها ستكون طريقة العرض مليئة بالمعلومات الثرية والدراسات الاستقصائية، أما إذا كان الهدف من الحديث فني كأن يكون الحديث على خشبة المسرح الثقافي يقدم دوراً أدبيا حينها سيركز المتحدث على إضفاء الجانب العاطفي على الحديث، أما إذا كان الحديث بهدف إمتاع وتسلية الجمهور كأن يكون العرض كوميدي حينها سيتطلب من المتحدث الظهور بروح المتعة وحس الفكاهة وإخبار المستمعين قصص مسلية تشعرهم بالبهجة والسرور.
ما هي رهبة المسرح؟
رهبة المسرح هي شعور عميق يراود الملايين من البشر تجعلهم يهابون التحدث أمام جمع غفير من الناس أو حتى جمع صغير هذا عطفاً على كونه حالة شائعة يشخصها الأطباء بوصف قلق الأداء performance anxiety وجدير بالذكر أن رهبة المسرح يمكن أن تؤثر في حياة المصابين بها بشكل كبير لا يمكن تخيله، ورهبة المسرح تختلف عن الشعور بالخجل كما تختلف كذلك عن الخوف والقلق العاديين، فالمصاب برهبة المسرح يرافقه شعور دائم بالتوتر والخوف من مواجهة الجمهور مما قد يؤثر على مسيرته المهنية بشكل سيئ خاصة إذا كانت تتطلب التحدث الدائم أمام الغرباء، كما تؤثر رهبة المسرح أيضاً بالسلب على الطلاب حيث تجعلهم لا يتقدمون في صفوف المدرسة أو الجامعة وذلك لأنهم يتجنبون الظهور في العلن والتحدث أمام جميع الطلاب الآخرين، كما يواجه المصابين بهذا النوع من الرهبة صعوبة في اكتساب أصدقاء جدد وفي تكوين علاقات اجتماعية سوية.
علاج رهبة المسرح
علاج رهبة المسرح يبدأ من داخل العقل؛ حيث يجب في البداية التركيز على التنبيه الذهني؛ بمعنى أن ينتبه التحدث لنفسه جيداً وأن يتعلم التفريق بكل دقة بين التفكير الشخصي في حدث التحدث أمام الجمهور وبين التفكير الناشئ من رهبة المسرح وذلك لأن النوع الأخير يتسبب في تدفق الكثير من الأفكار السلبية التي تعرقل بشدة عملية التفكير المنظم وتشوش العقل بطريقة لا تسمح أبداً بالتفكير بشكل سليم في الحدث أم المناسبة، ولذا يجب على المتحدث أن ينتبه لعقله جيدًا ويدرك مصدر أفكاره ويحاول السيطرة عليها، كما يجب التأكيد على أن دور الأصدقاء مهم جدا في علاج رهبة المسرح، فالأصدقاء يمكنهم تعزيز التفكير الإيجابي وجعل المتحدث يركز على نقاط القوة لديه ويحاول تطويرها، حيث أظهرت الكثير من الدراسات النفسية أن الأشخاص الذين يتلقون دعماً نفسيا دائماً من أصدقائهم يكون لديهم ثقة أكبر بأنفسهم والثقة بالنفس تساعد كثيراً على علاج رهبة المسرح.
التخلص من رهبة المسرح
التخلص من رهبة المسرح بشكل نهائي يتطلب الكثير من الشجاعة والقدرة الحاسمة على اتخاذ القرار والخوض في خطوات تنفيذه، ومن أهم متطلبات التخلص من رهبة المسرح إزالة الرهبة بمواجهة المخاوف، ويعد هذا الأمر من أصعب الأمور التي قد يمر بها المصاب برهبة المسرح قاطبة ولكن نتائجه هي الأفضل والأسرع في علاج رهبة المسرح، ومواجهة المخاوف تعني أن تضع نفسك متعمداً في موقف رهبة لكي تتخلص منها؛ بمعنى أنه لو كان المتحدث يشعر بالرهبة الشديدة من التعرض للإحراج حينها يجب عليه أن يحرج نفسه- ضمن نطاق السيطرة- حتى يتوقف عن تلك الرهبة مثل أن يرتدي زي مهرج ويخرج لمكان عام ويتواجد وسط الناس بهذا الزي لساعات متواصلة أو حتى يستمر في الخروج بهذا الزي لأيام متواصلة وحين يشعر بأنه لم يعد محرجاً أو خائفاً يتوقف عن هذا الأمر، كما يمكنه كذلك التمثيل أمام حشد من الناس وتعمد الخطأ أو التلعثم بقصد حتى يتجاوز مواقف الإحراج ويدرك جيداً من داخل نفسه وعقله أنه وإن تعرض للإحراج فإنها لن تكون نهاية العالم، كما أن الجمهور الماثل أمامه ليسوا من أهله ولن يراهم مرة ثانية.
كيف أتخلص من رهبة الإلقاء
التخلص من رهبة الإلقاء يوم التحدث أمام الجمهور تكون عبر اتباع بعد التمارين والخطوات البسيطة منها:
الاسترخاء
يعد الاسترخاء هو كلمة السر للتخلص من رهبة المسرح وذلك لما له من أثار سحرية في إزالة التوتر والقلق والخوف، ومن الأمور التي تساعد على الاسترخاء تناول ثمرة من الموز قبل التحدث أمام الجمهور وذلك للتخلص من شعور الغثيان، وبعد تناول الموز يمكن للمتحدث مضغ علكة من اللبان حيث تساعد على تخفيف حدة التوتر ولكن يجب التأكد من عدم مضغ اللبان على معدة فارغة حيث سيتسبب ذلك في حدوث اضطرابات في الجهاز الهضمي، بعد ذلك من المهم ممارسة بعض تمارين التأمل واليوجا حيث ستساعد في استرخاء جميع أجزاء الجسم، ومن المستحسن الابتعاد عن تناول الكافيين يوم العرض لأنه يعمل على زيادة العصبية والتوتر.
مشاهدة فيلم كوميدي صباح العرض
وذلك لأن الضحك يساعد على إزالة التوتر والقلق والعصبية ويساعد على تنشيط العقل والذاكرة بشكل جيد.
الوصول إلى المسرح مبكرا
بمجرد الوقوف على خشبة المسرح قبل وصول الجمهور سيشعر المتحدث بالسيطرة التامة على زمام الأمور وذلك على عكس الوصول على الموعد ومشاهدة المسرح ممتلئ بالناس.
التحرك أثناء العرض
التحرك أثناء التحدث أمام الجمهور سيكسر من رهبة المسرح لدى المتحدث كما سيعزز من التواصل الجيد مع الجمهور.
في النهاية يجب التأكيد على أن رهبة المسرح ممكن أن تصيب جيع الأشخاص بداية من أمهر المتحدثين وحتى المبدئين ولكن الفارق هو أن الماهرين استطاعوا التغلب عليها بذكاء وذلك من خلال الاسترخاء الجيد والسيطرة على الأفكار السلبية والتمارين المتكررة أمام الأصدقاء والمقربين؛ ففي النهاية الخوف والقلق لن يزولا من هذا العالم ولن يخرجا بسهولة من دائرة التفكير، جُل ما في الأمور هو معرفة مفاتيحهم والسيطرة عليهم بشكل محترف.
أضف تعليق