رمضان في الجزائر مثله مثل كافة البلدان التي تضفي من ثقافتها وأصالتها على الشهر الكريم، ويتخلف صيام رمضان عن باقي أركان الإسلام بأنه عبادة جماعية وليست فردية، أي أنها تختلف عن الصلاة أو الزكاة في أنها طقوس فردية يؤديها الفرد وحده أو في جماعات صغيرة وفي أوقات مختلفة وبشكل اعتيادي ويومي، ويختلف عن الحج أيضًا في توقيته وتزامنه في كافة البلدان الإسلامية في نفس الوقت، أي أن المسلمين في كافة الكون يقومون بنفس الطقس الديني في نفس الوقت من الشهر المميز عن سائر شهور العام.
استكشف هذه المقالة
رمضان في الجزائر العاصمة
تتسابق الأسر في الجزائر العاصمة نحو التسوق والتبضع لمستلزمات رمضان وتخزين هذه اللوازم حتى لا يضطرون للخروج بشكل مستمر على مدار الشهر الفضيل، وتقوم الحكومة كل عام بإقامة مجمعات استهلاكية تضامنية بأسعار مخفضة للجمهور من أجل رفع الكلفة والمشقة على المواطن الجزائري، ويشهد المساء الجزائري في رمضان رغبة في الخروج والجلوس والمسامرة وتقام العروض الترفيهية ويقبل الناس على صلاة التراويح وما بعدها ويجلس الناس في العادة بعد الفجر للذكر وقراءة القرآن والتسبيح حيث يأوون إلى الفراش للنوم لساعات قبل بدء الدوام والذي عادة ما يكون متأخرا عن الأيام العادية، وتشهد مدن الجزائر في رمضان وليس العاصمة فحسب جوا خاصا يمتزج بالطقس الديني الاجتماعي الخاص الذي يروق للجزائريين من كل عام إحياءه بأبهى وسيلة.
شوارع رمضان في الجزائر
لشوارع رمضان في الجزائر مثلها مثل كل البلدان مظهر يوحي بوجود رمضان، تزدحم الشوارع والمقاهي وتكثر الزيارات العائلية، يتحلق أفراد الأسرة حول التلفزيون لمشاهدة المسلسلات الجزائرية بعد الإفطار وتستقبل البيوت الضيوف من الأقارب والعائلات، تدور كاسات الشاي الجزائرية على الضيوف بالإضافة للحلويات الجزائرية الأصيلة، يغتنم الجزائريون الفرصة لصلة الرحم ووصل ما قطع في الأيام العادية بسبب مشاغل الحياة في رمضان من أجل تجديد الوصال بينهم وبين من تركوهم، من أهم مزايا رمضان هي تلك الزيارات العائلية المليئة بالدفء وتذكر الأيام الخوالي ومشاركة الأوجاع والمسرات.
مائدة رمضان في الجزائر
تشتهر الجزائر بأطباق مميزة لها صلة كبيرة بمنطقة المغرب العربي تونس والمغرب حيث تتزين مائدة رمًضان في الجزائر بالحريرة مثل الحريرة المغربية إلا أن الجزائريين يأكلونها مع الخبز الجزائري المعتاد، إلى جانب البوراك وهي أكلة أساسية على مائدة رمضان الجزائرية وبالإضافة إلى الكسكسي أيضا والشخشوخة التي تتفنن كل ربة منزل في تجهيزها حسب ذوق الأسرة والأبناء، وتأتي البقلاوة وقلب اللوز والمحلبي في صدارة الحلويات الجزائرية المعدة من أجل رمضان، ولا يروي الظمأ بعد يوم صيام طويل إلا التمر واللبن، حيث يشرب الجزائريون اللبن بديلا عن العصائر أو قمر الدين كما في سوريا ومصر بمجرد سماع أذان المغرب.
المديح الجزائري في رمضان
في عدد من المدن الجزائرية يجتمعون بعد صلاة التراويح لسماع آيات الذكر الحكيم، وتكون تلاوة القرآن والإنصات له بمثابة طقس يومي يكلفون فيه أحد القراء بالقراءة اليومية في الأمسيات الرمضانية، أو الاستماع لنوع من أنواع المديح الجزائري الخاص بالثقافة الفلكلورية الجزائرية ما يسمى “الخوميسة” ولهذا الفن جذور في الثقافة الجزائرية وهو أحد مكونات المزاج الموسيقي للمواطن الجزائري، ومن أبرز الفنانين الذين أدوا الخوميسة واشتهروا بها عبد الرحمان عزيز ومحمد مازوني، وعادة ما تؤدى بالدارجة الجزائرية أو بأبيات فصيحة ويتداخل معها الآلات الموسيقية الجزائرية الفلكلورية، وتتغنى بحب الرسول والشوق للكعبة، إلى جانب موضوعات أخرى.
الدراما الرمضانية في الجزائر
على الرغم من أن رمضان في الجزًائر كما في كافة الدول العربية يعتمد على الإنتاج المصري والسوري منذ عقود إلا أن الدراما الجزائرية بزغت منذ أعوام لتناقش هموم ومشاكل المواطن الجزائري سواء في إطار كوميدي أو إطار جاد درامي، وتبرز قناة الشروق كإحدى القنوات التي تحمل على عاتقها تقديم مواد جزائرية خالصة مثل مسلسل “عمارة الحاج لاخضر” الذي تبثه هذه القناة منذ ما يزيد عن العشرة أعوام كل رمضان، وهناك مسلسلات مثل السلطان عاشور وجيمي فاميلي والتي أنتجت منها عدة أجزاء، ويتعاون التلفزيون الجزائري مع مخرجين مصريين أو تونسيين أو أتراك، إلى جانب المخرجين الجزائريين بالطبع ليصبح طقس مشاهدة المسلسلات الجزائرية من أهم طقوس رمضان في الجزائر كما في سائر البلدان العربية.
رمضان في الجزائر في ظل الأحداث الجارية
على الرغم من الأحداث الجارية في الجزائر في الوقت الحالي من مظاهرات وتنحي الرئيس بوتفليقة عن سدة الحكم وغيرها من الأحداث إلا أن ذلك لم يمنع الجزائريون أيضًا من الاحتفال بالشهر الفضيل أو التزاحم على المجمعات الاستهلاكية من أجل شراء مستلزمات رمضان، ورصدت الكاميرات التلفزيونية والصحفية حركة البيع والشراء ولم تجد أي تأثر بالأحداث الجارية، ومن المتوقع أن يمشي رمضان هذا العام مثل الأعوام الماضية، وستزدحم المساجد من أجل الصلاة والذكر وقراءة القرآن ويظل استقبال الأسر والعائلات وإقامة العزائم والولائم الرمضانية والزيارات العائلية والترفيه بالاستماع لفن الخوميسة وإحياء الليالي الرمضانية، مثلما هو العادي في شهر رمضان في الجزائر من كل عام.
رمضان في الجزائر يكتسب طابعا خاصا بسبب الطبيعة الدينية الاحتفالية للشعب الجزائري ورغبة الجزائريين في الاحتفاء بالشهر الفضيل واستقباله في أحسن وأبهى صورة، والجمع بين الترفيه والعبادة وتناول أشهى الطعام والحلويات، كما جرت العادة في الشهر المبارك.
أضف تعليق