في الآونة الأخيرة زاد الطلب على دراسة السينما للدرجة التي تجعلنا أمام إحصائية تقول باحتمالية وجود خمسة أضعاف أعداد العاملين بالسينما حاليًا بعد عشر سنوات فقط، وهو ما يعني بالتبعية وجود إنتاج سينمائي أكبر، على العموم، نحن لا نتحدث عن النتائج، وإنما ما يشغلنا كيفية تحقيق هذا الحلم الذي بات يراود الكثيرين من عشاق هذا الفن، فإذا كنا نتحدث عن دراسة السينما بطريقة أكاديمية بحتة فبكل تأكيد سوف تكون هناك بعض الطرق المحددة التي يُمكننا من خلالها تحقيق هذا الهدف، وهو أمر ليس بالسهل تنفيذه وإن كان من السهل جدًا التعرف على تفاصيله، على كلٍ، السطور القليلة المُقبلة سوف تحمل لكم الخبر اليقين فيما يتعلق بهذا الصدد، فهل أنتم مستعدون للاقتراب أكثر من فن السينما ودراستها؟ حسنًا لنبدأ.
استكشف هذه المقالة
ما المقصود بفن السينما؟
دعونا نسأل سؤالًا في غاية الأهمية، هل هناك شخص على قيد الحياة حاليًا لا يعرف السينما؟ الإجابة بكل تأكيد لا، لكن البعض قد لا يتمكن من إعطاء توصيف دقيق لهذا الفن، فهو فن التجسيد بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ، هناك نص سينمائي مكتوب يتم وضعه في إطار ما ليخرج في شكل مُصور، وخلال ذلك يتم استخدام عدد من الأشخاص وبعض المعدات، بعد ذلك يكون الفيلم متاحًا للمشاهدة من قِبل الجمهور في أماكن دور عرض كبيرة تُعرف باسم السينمات، إنه ببساطة التوصيف الأمثل والأكثر وضوحًا، وبالطبع أنتم لستم في حاجة إلى الخوض في تفاصيل قد تبدو غير هامة بهذا الشأن مثل التعرف على تاريخ السينما أو تطورها أو أي شيء آخر، فقد دعونا نسلك طريقنا مباشرةً إلى كيفية دراستها.
دراسة السينما
بسبب الجماهيرية الكبيرة التي تحظى بها السينما في العالم بأكمله بدأ البعض يسلك طريقه نحو دراستها مع الاستعانة في ذلك بالطرق الأكاديمية مدعمة بالتجارب والخبرات والدراسة الميدانية، ولأن الدراسة الميدانية تبدو متاحة للجميع وسهلة من حيث الشرح، فهي فقط تحتاج إلى الاحتكاك بصناع السينما، فالمتبقي لنا الآن التعرف على كيفية القيام بعملية الدراسة هذه من الناحية الأكاديمية، والبداية ستكون في دولة مصر، فكيف تُدرس فيها السينما يا تُرى؟
دارسة السينما في مصر
أولى الأماكن التي ستطلع لعملية دراسة السينما بها هي مصر، والحديث هنا ليس للقارئ المصري فقط وإنما القارئ العربي بشكل عام، إذ أنه من المعروف للجميع أن كل عشاق السينما يقومون بزيارة القاهرة من أجل دراسة السينما بها بصورة مثالية، وأن أغلب النجوم العرب شاركوا في عمل سينمائي مصري من قبل أو وجدوا في السينما المصرية بشكل عام سبيلًا لتحقيق كافة أهدافهم، على العموم، كي تقوم بـ دراسة السينما في أرض الكنانة فإن المكان الأمثل لك هو المعهد العالي للسينما، صحيح أنه ثمة الكثير من الأكاديميات والورش السينمائية التي يتم تنظيمها بشكل أشبه بالدوري إلا أن المعهد العالي يبقى الجهة الأكثر رسميةً والأكثر جذبًا في نفس الوقت.
افتتح المعهد العالي للسينما نهاية القرن المنصرم وكان شاهدًا طوال سنوات طويلة على تخرج دفعات كثيرة من النجوم العرب والمصرين بشكل مُحدد، وهو يفتح باب التقديم في شهر أغسطس ولا يقبل سوى مجموعة صغيرة جدًا من المُتقدمين شريطة أن يكونوا حاملين لبعض المؤهلات الخاصة التي تجعلهم قادرين على الالتحاق بأقسام المعهد السينمائية، وهي التمثيل والتأليف والإخراج والإنتاج، كل هذا متاح داخل المعهد العالي من أجل الدراسة بأكثر من طريقة وكيفية، فهناك نظام الالتحاق الحكومي العام الذي يُتاح أمام الحاصلين على الثانوية أو ما يُعادلها أو البكالوريوس، كما أنه ثمة نظام خاص مُقابل تكاليف مرتفعة بعض الشيء وبنظم مختلفة كذلك، في النهاية يبقى هذا المعهد المكان الأنسب لعشاق السينما والراغبين في دراستها.
دراسة السينما في تركيا
من الدول الرائدة في صناعة السينما وعملية دراستها دولة تركيا، حيث أنها تُنتج سنويًا مجموعة من العاملين في هذا الحقل، وذلك من خلال جامعات متخصصة في إسطنبول بشكل خاص، وفيما يتعلق بسير عملية الدراسة هناك فإن الجامعة تقبل الطلاب من كل مكان في العالم وليس فقط الأتراك، إذ أنه ثمة إحصائية تقول بوجود حوالي مئة ألف طالب سينما كل عشر سنوات من مدارس تركيا المتخصصة، وهناك يتم دراسة التأليف والإخراج وكذلك التصوير والمونتاج، وبالمناسبة، الحالة العامة التي يتمتع بها فن السينما في تركيا أكبر دليل على المردود الطيب الذي تُقدمه هذه المدارس، فقد أصبحت تركيا في الوقت الحالي موجودة على الخريطة السينمائية العالمية.
بالنسبة للتكاليف فإن متوسط المبلغ المطلوب من معاهد السينما المتخصصة في تركيا يصل إلى 1500 ليرة سنويًا، وهذا طبعًا لا يتعلق بالمعاهد الخاصة التي قد تصل إلى عشرين ألف ليرة في العام الواحد، وإنما كل الحديث عن المعاهد المتخصصة لكن التابعة للدولة في نفس الوقت، هذا الرقم يزيد للطلاب الأجانب وتكون هناك ما يُشبه استثناءات لفئات صغيرة مثل المنح أو التابعين لدولة مُعينة ومتوجهين من جامعة معينة، وما عدا ذلك فإن المبلغ المطلوب يظل ثابتًا، وغالبًا ما تكون السنة الدراسية الجامعية في مجال السينما خمسة أشهر فقط.
دراسة السينما في أمريكا
بكل تأكيد بلد السينما الأولى في العالم سوف تكون دراسة السينما بها سهلة للغاية، ونحن هنا نتحدث عن الولايات المتحدة الأمريكية التي تمتلك أكثر من مئة وعشرين مكان رسمي لدراسة السينما بشكل أكاديمي، هذا طبعًا بخلاف الورش والأشياء الخاصة التي تجعلنا في النهاية نتحدث عن كيان سينمائي أكبر بكثير مما يُمكن تخيله، والجميل هنا أن دراسة السينما يُمكن أن تُطبق بشكل عملي بصورة مباشرة من خلال مدينة هوليود الشهيرة، فهي بالأساس عاصمة السينما الأولى ولأهم، وهذا ليس في الولايات المتحدة فقط وإنما العالم بأكمله، فهناك يُنظر لأمريكا على أساس كونها منهل السينما وليس مجرد بلد عادية بارعة في الإنتاج السينمائي ومُتمكنة في الحياة السينمائية بشكل عام.
دراسة السينما في الولايات المتحدة الأمريكية يُمكن أن تُكلف حوالي 750 دولار، وهنا أيضًا الحديث فقط عن الدراسة الأكاديمية التي يكون فيه دعم من الدولة، بينما الدراسة الخاصة التي لا تتبع الدولة ويتولاها مجموعة من المشرفين فإن تكاليف دراسة السينما بمثل هذه الدولة ومثل هذه الكيفية قد تصل إلى ثلاثة آلاف دولار، وطبعًا في هذه البلد يتم تدريس كل فن يتعلق من قريب أو من بعيد بمجال السينما، حيث يتم تدريس التمثيل والإخراج والتأليف والتصوير السينمائي، كل هذا يحدث في دولة السينما الأولى، وغالبًا ما يُصبح الدراسين الأكاديميين في الولايات المتحدة الأمريكية الأفضل والأكثر تميزًا عندما يعودون إلى وطنهم، ولهذا ننصح كل عشاق هذا المجال والراغبين في تعلمه بالتوجه إلى هناك.
دراسة الإخراج السينمائي في دبي
الوطن العربي يمتلك نموذجًا آخر في دراسة السينما بخلاف نموذج مصر، وهذا النموذج يتعلق بدولة الإمارات، وتحديدًا العاصمة السينمائية بها دبي، حيث أنه هناك ثمة مدارس مُتخصصة في عالم السينما ومنح وكليات والكثير من النوافذ المفتوحة على العالم السينمائي الكبير، وربما يكون هذا غريبًا عليكم إلا أن أغلب المدرسين في هذه الأماكن السينمائية هم في الأصل من الأجانب، بمعنى أن الإمارتين أنفسهم لا يكون لهم دور كبير في التدريس، ولا حتى في التعلم، وكأن مثل هذه الأماكن مفتوحة خصيصًا من أجل الأجانب حتى يأتوا ويُدرسوا فيها ما يُريدونه للطلاب الذين يرغبون حقًا في تعلم الفن السينمائي من بقية الوطن العربي والعالم.
مدينة دبي تمتلك أيضًا نموذج محاكاة لسينما هوليود الشهيرة، وهي الآن تعمل على مشروع إعداد جيل من السينمائيين المتميزين من خلال تدريس كل فنون السينما من تمثيل وإخراج وتصوير وتأليف، بل إن دبي تُساعد في عملية الإقبال على ذلك من خلال فتح باب المنح والدراسات المجانية، وطبعًا مثل هذه الأمور تحدث فقط من أجل تصدر دبي المشهد الثقافي العربي، عمومًا، هي خيار جيد جدًا ومفيد بشهادة كل من جربوا الدراسة هناك، وهذا يبرز في كون أي مخرج عربي أو صانع أفلام عربي بشكل عام قد ذهب إلى دبي إما من أجل دراسة السينما إذا كان في بداية طريقه أو تدريسها إذا كان ذو خبرة.
أضف تعليق