تشكو الكثير من الأمهات من خلافات الأشقاء التي تقلب المنزل رأسا على عقب وتحول حالة السلام فيه إلى حالة من الحرب التي لا تنتهي. وعلى الرغم من شيوع هذه المشكلة وعدم خلو أي بيت منها، إلا أنه ليس من الصعب السيطرة عليها واستغلالها في صالح الأطفال والتقليل من الآثار السيئة لها. ولكن الأمر يتطلب من الأبوين التزام الهدوء والتعامل بمنتهى الحنكة والحكمة، خاصة وأن خلافات الأشقاء قد تصيبهم بالعصبية والانفعال. ومن خلال سطور هذا المقال نورد لكم أهم أسباب الخلافات التي تنشب بين الإخوة وكيفية التعامل معها بطريقة تربوية صحيحة لا تحدث ضررا ولا تؤثر بالسلب عليهم، حاضرا ولا مستقبلا.
استكشف هذه المقالة
الخلاف بين الأخوة
لا يخلو أي منزل من خلافات الأشقاء التي تختلف أسبابها وأساليبها. والكثير من الأمهات تعاني من هذه المشكلة، فهن لا يتمكن من قضاء وقت هادئ داخل المنزل، بل يجدن أنفسهن محاطات بالضجيج والشجار ويرون بأعينهن الأطفال يتشاجرون مع بعضهم البعض ويرفعون أصواتهم، وقد يصل الأمر إلى حد الضرب والعض وغير ذلك من أساليب العنف. والحق أن خلافات الأشقاء لها تأثيرات سلبية وأخرى إيجابية، بحيث أنها من الممكن أن تؤثر على العلاقة بينهم إذا لم تسوى بشكل صحيح من قبل الأبوين، كما أنها تعلمهم مهارات إدارة الخلاف، إلى جانب العديد من المهارات التي تنفعهم عندما يخالطون الناس ويندمجون في المجتمع، ومنها احترام الآخرين وآرائهم وحسن التعامل والمشاركة. ويعتمد حجم الاستفادة من الخلافات التي تنشب بين الِأبناء على الأسلوب الذي يتعامل به الأبوان، فهما يمكنهما استغلال هذه الخلافات وتوجيهها ليستفيد الأطفال منها ويمكن كذلك تركها لتترك أثرها السيئ داخل المنزل وتضعف الروابط بين أفراده.
أسباب خلافات الأشقاء
هناك الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى خلافات الأشقاء المستمرة، والتي يساعد الوقوف عليها على التخلص من المشكلة واستغلالها بشكل جيد، بحيث تترك أثرا إيجابيا لدى الأطفال. ومن أهم هذه الأسباب ما يلي:
- عدم نضج عقول الأطفال بشكل كاف، بحيث لا يمكنهم تجاهل الأمور البسيطة وتمريرها بسهولة.
- التفريق في المعاملة وعدم استخدام نفس المعايير داخل المنزل من قبل الآباء، مما يشعل نار الغيرة في نفوس الأبناء ويزيد من مشاجراتهم.
- تسلط الأخ الأكبر على إخوته وممارسته القيادة عليهم بأسلوب غير جيد، وذلك عندما يطلب منه الأبوين العناية بإخوته دون تعليمه الكيفية الصحيحة لذلك.
- عدم الاهتمام بأحد الأطفال أو جميعهم، مما يدفع الطفل إلى ارتكاب ما يغضب والديه بهدف لفت أنظارهما إليه وإثبات ذاته أمامهم.
- تعامل الوالدين مع بعضهما أو مع أطفالهما بأسلوب عنيف يجعل الأبناء يتشربون العنف ويجعلونه قاعدة التعامل مع غيرهم.
- تقليد الطفل الأصغر لأخيه الأكبر في كل حركاته وسكناته والرغبة في ملازمته دوما، مما يشعر الكبير بالغضب من أخيه.
- عدم تعليم الأبوان أبنائهما الأسلوب الصحيح للتعامل والمشاركة مع الغير.
علاج خلافات الأشقاء
عند الوقوف على أسباب الخلافات التي تحدث بين الأشقاء، من السهل جدا التعامل معها وحلها بطريقة تربوية لا تترك أثرا سلبيا في نفوس الأطفال وعلاقتهم ببعضهم البعض. وإليك أهم طرق علاج خلافات الأشقاء فيما يلي:
- عدم إرغام الأطفال على مصادقة بعضهم، فهذا أمر يعتمد على طبيعة شخصياتهم التي قد تتلاقي وقد تتنافر. والأفضل وضع قواعد للتعامل لا تحتم أن يكون الأطفال قريبين من بعضهم أم لا.
- العدل والمساواة في التعامل مع الأطفال، مع مراعاة الفروق الفردية بينهم، كالسن والحالة الصحية والمستوى الدراسي وطبيعة الشخصية.
- تجنب المقارنة بين الأبناء، سواء في وجودهم جميعهم أو البعض منهم، وتعمد الثناء على الصفات الجيدة في كل منهم في حضور البقية، حتى يعلم الجميع أن لكل شخص مميزاته وأنه لا أحد منهم يفضل الآخر.
- إشعار الأطفال بأنهم فريق متعاون يسوده الحب وروح الأخوة واستخدام الألفاظ التي تزرع هذه الروح فيهم، مثل كلمة أخاك بدلا من اسم الأخ، وعدم زرع روح التنافس إلا فيما هو جيد.
- في حال تذمر الأخ الأكبر من تقليد أخيه الأصغر له قولي له بأن أخيه يقتدي به ويريد أن يكون مثله تماما.
- تعليم الأطفال كيفية حل مشاكلهم بأنفسهم، بحيث يكونوا جزء من الحل لا المشكلة، وعدم القيام بدور حلال المشاكل بشكل دائم.
- عدم إبداء أي رد فعل تجاه مشاجرات الأطفال وصراخهم، طالما أن الأمر لم يصل إلى استخدام الأيدي وتبادل الألفاظ السيئة، بحيث لو لم يتمكنوا من حل المشكلة يتعلموا بعض المهارات من محاولاتهم الفاشلة.
- في حال طلب الوالدين من الأخ الأكبر الاعتناء بأخيه الأصغر لابد من تعليمه الكيفية الصحيحة لذلك وإعطائه تعليمات لا يمكنه تجاوزها.
- قضاء وقت مع الأطفال جميعهم، مع تخصيص وقت آخر لكل طفل على حدة، حتى يشعر كل منهم باهتمامك الذي يساعد على استقراره نفسيا.
- عدم طلب المشاركة في كل شيء مع الأخ الأكبر، لأنه اعتاد على أن أشياءه تنتمي إليه وحده قبل مجيء طفل آخر. ويفضل تخصيص بعض الأشياء التي يشاركها الأخ الأكبر أخيه الأصغر وأشياء أخرى يحتفظ بها لنفسه، مع تعليمه الكيفية التي يحافظ بها على أشيائه حتى لا تطالها يد أخيه.
- تعليم الأخ الأصغر ثقافة الاستئذان قبل استخدام أي شيء يتعلق بأخيه الأكبر، حتى لا تحدث خلافات الأشقاء بسبب انتهاك خصوصيته.
- تخصيص أماكن لوضع الأشياء الخاصة بكل طفل وعدم وضع جميع الأشياء في مكان واحد وكأنها كلأ مباح لجميع الأطفال داخل المنزل.
- تعليم الأطفال الأسلوب المحترم الصحيح للتعبير عن المشاعر وعدم إجبارهم على كبتها لأنها شيء طبيعي للغاية ولابد من إظهاره. فعندما يشكو أخ من أخيه أو يختلف معه لابد وأن يعرف أن هناك حدود لرد فعله ولا يمكنه التجاوز في حق أخيه.
- تعليم الأطفال التعاون والمشاركة بالقدوة، كأن تطلب منهم الأم مشاركتها في عمل شيء داخل المنزل أو المطبخ وتتعمد استخدام كلمات مثل مشاركة وتعاون حتى تغرس فيهم هذه الروح منذ الصغر.
- إبداء الاهتمام للأبناء عندما يكونوا في حالة صفاء وتعاون والثناء عليهم، حتى لا يرسخ في ذهنهم أن الاهتمام يأتي فقط عندما يكونوا مختلفين.
- تعليم الأطفال الأساليب التي من الممكن أن يستخدمونها بدلا من الشجار، بحيث لا يخرجون عن قواعد الأدب عند الاختلاف. فمثلا عندما يطلب أحدهم لعبته من أخيه فالأفضل أن يفعل ذلك بهدوء دون أن يرفع صوته أو يتجاوز، والأخ الثاني أفضل له أن يعطي الشيء لصاحبه ولا يمتنع عن ذلك، أو يمتنع بأسلوب جيد، وهكذا.
- في حال لم تشهد الأم المشاجرة بنفسها فيفضل عدم الانحياز إلى أحد الأطفال حتى لا تعطي لأحدهم فرصة النم والإساءة لغيره، وإياك والانحياز إلى طفل منهم بعينه في كل مرة حتى لا يستأسد أحدهم على الآخرين ويعيش البقية دور الضحية.
- عدم الالتفات إلى التفاهات التي لا يكون الغرض منها سوى لفت الانتباه، دون وجود مشكلة حقيقية.
وأهم ما أود تسليط الضوء عليه في نهاية هذا موضوع علاج خلافات الأشقاء هو أن الأبوين هما المدرسة الأولى لأطفالهما والقدوة التي يتبعونها دون تفكير، ولذا فليس من اللائق أن يقوما بالتشاجر أمام الأطفال ويتعاملا بأسلوب غير لائق. والشجار والخلاف هو جزء من الحياة ولا يمكن التخلص منه نهائيا، والغرض من النصائح المقدمة في هذا المقال هو تعليم الأطفال حسن إدارة الخلاف وكيفية التعامل معه والتخلص من المشاعر السلبية التي تصاحبه، حتى لا تظل ملازمة لهم وتؤثر على علاقتهم فيما بينهم ومع غيرهم.
أضف تعليق