حماية الأطفال من التحرش أصبح مطلب لا يفارق أذهان الآباء في هذه الأيام. خاصة بعد العديد من القصص المؤلمة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي منذ وقت ليس ببعيد، التي تحتوي على العديد من الاعترافات لفتيات تكشفن متى حدث أول تحرش معهن. الأمر كئيب جدًا لأن أغلب القصص بدأت في سن صغير للغاية، وللأسف من أقرب المقربين، وفي أماكن لن نشك للحظة بها. ولا يقتصر الأمر على الفتيات، لأن الفتيان معرضين للتحرش بالمثل. لذلك وجب علينا أن نفكر جميعًا في كيفية حماية الأطفال من التحرش. ولن نبدأ في لوم المسؤولين حتى نقوم نحن أولًا بدورنا. كآباء أو معلمين أو أي ولي أمر يتعامل مع أطفال، يجب أن نعي هذه السطور التالية، ونحاول تنفيذها قدر الإمكان. حتى نحمي أطفالنا من خطر التحرش المتربص لهم، ومع الأسف، في كل مكان.
حماية الأطفال من التحرش ،أفضل الأساليب والطرق
على الأطفال أن يفهموا
مع الأسف الشديد يميل مجتمعنا العربي إلى إبقاء أعين الأطفال مغمضة، لحين تحدث الكارثة التي قد لا تستطيع منعها. يعتقدون أن من العيب أو الخطأ أن يشرح الآباء أي موضوع حساس مع أطفالهم. كيف يأتي الأطفال، ما الفرق بين الفتى والفتاة؟ كلها أسئلة لا يحب الكبار أن يسمحوا للأطفال بأن يسألوها، وكذلك يحرجوا من إجابتها. حد أنهم يعنفون الأطفال من التكلم عنها. كل هذه الأمور مضرة على الصحة النفسية للطفل، عدم تقديم الوعي الكافي للطفل هو أول خطوات الفشل في حماية الأطفال من التحرش. إن لم يعي الطفل أن هناك مناطق لا يجب لحد أن يلمسها، فكيف يمكنه أن يفكر في حماية نفسه من الأساس؟
أنا أعلم أن تلك الأمور تبدو محرجة بالنسبة للعديد من الآباء، وأسلوب توصيل المعلومات للأطفال يمكن أن يخرج عن إطار السيطرة لو لم يكن للأم أو الأب الحكمة الكافية. إذًا هنا يجب أن نثقف نحن الكبار أنفسنا أولًا. يجب أن تقرأ كثيرًا حول كيفية توصيل تلك المعلومات الحساسة لطفلك، دون أن تشوه تلك البراءة. فلا يجب على الطفل أن يفهم كل الأمور بكل التفاصيل، فهو مجرد طفل. ولكن عليه أن يعي الأساسيات. يجب أن يفهم جيدًا الفرق الواضح بين الأجهزة التناسلية لكلًا من البنات والأولاد. مع التأكيد على إن تلك المناطق هي “منطقة خاصة به”، أي لا يسمح أبدًا لأي شخص بأن يلمسها، سوى والديه أو في حضورهما على الأقل. ثقافة التعامل مع الجسد عند الأطفال تحميهم من التعرض لمواقف خطر. كما تسمح لهم بالبوح بكل ما قد يروه أو يسمعوه من خلف الآباء. لكنك لن تتمكن أبدًا من منع كل الوسائل الخاطئة التي يمكن أن توصل معلومات غير صحيحة لأطفالك.
أول خطوة في حماية الأطفال من التحرش الجسدي يجب أن تتعلمها اليوم، هي بالسماح لهم لأخذ معلومات ثقافية تعليمية جيدة من خلالك. يمكنك أن تستعين في شرحك بالعديد من الوسائل المتوفرة اليوم على الإنترنت، حتى تصل لطفلك المعلومة التي يحتاج لها، بدون زيادة أو نقصان. إن فشلت في أن تثقف نفسك حول كيفية شرح الأمر لأطفالك، فلا تسكت وحاول على الأقل الاستعانة بشخص متمرس في التعامل مع الأطفال. ولكن يجب عليك أن تكون حاضرًا ولديك ثقة كبيرة به، والأفضل بالطبع أن يكون طبيب نفسي متمرس. ولكن أن تترك ابنك أو ابنتك بدون معرفة لأبسط الأمور، فقط خوفًا من العادات والتقاليد أو إحراجًا من الأمر، فأنت تتركهم في مهب الريح بدون أي حماية.
لا للتعنيف
أطفال اليوم أكثر ذكاء وفصاحة من أطفال الماضي. اليوم يتعلم الطفل الدخول على الإنترنت واستخدام الهاتف، قبل أن يتعلم النطق. إذًا ما كان من المفترض أن يفعله الآباء بالماضي، لم يعد صالحًا هذه الأيام. قد يأتي لك طفلك ليقول لك عبارة أو تلميح أو حتى شتيمة لها علاقة بالمفاهيم الجسدية الخاصة. ما كان سيفعله الأب بالماضي هو التعنيف حتى لا يتكرر الأمر، أما اليوم إن استخدمت التعنيف فأنت بذلك تنهي علاقة الصداقة بينك وبين طفلك، كما تجعله يبحث عن نفس المعلومة بطرق أخرى وغالبًا ستكون خاطئة. حماية الأطفال من التحرش تحتم عليك أن تتعامل برفق واحتواء لأي كلمة أو فكرة أو قصة قد يأتي بها طفلك إليك. لا يجب أبدًا أن توبخه وبالتأكيد لا يجب أن تضربه.
مؤخرًا سمعت قصة محزنة عن أب ضرب ابنته حين قالت له ما فعله ذلك المتحرش بها. أتعتقد أن تلك الفتاة ستقول شيء أخر لأبيها بعد تلك الطريقة الخاطئة جدًا في معالجة الأمر؟ بالطبع لا، لأن الأب لم يحترم صراحة ابنته ومدى ألمها، لم يتعامل على إنه الأكبر والأقدر على الاحتواء، إنه فقط جعلها تخاف أكثر من الأمر برمته. نفسية الطفل رقيقة جدًا وصدقني هو لا ينسى أي إحساس يتعرض له. حين يأتي إليك طفلك بأي موضوع يتعلق بالتحرش، إياك أن تنفعه بل احتوي تلك المشاعر الرقيقة. اجعله يشعر أن هناك من يقف بصفه ويحميه. لأنه بالفعل ليس خطأ منه، إنه خطأ هذا المتحرش. فلا تزيد الأمر خوفًا على نفسية طفلك بتعنيفك. يكفيه ما يمر به من ألم نفسي وإحراج، وألم جسدي إن كان الأمر قد وصل لمرحلة كبيرة.
مهما كنت غاضبًا مما حدث مع ابنك، فأبعد هذا الغضب عن وجه ابنك. يجب أن تطمئنه، وتصبر حتى ينهي كل قصته وكل ما شعر به. لا تجعله مضطرًا للتعامل مع كل ذلك الألم النفسي بمفرده. التحرش في سن صغير قد يسبب ألام نفسية كبيرة في الكبر. مثل خوف الفتيات بشكل عام من الزواج وكل ما يترتب عليه. أو تشويه نفسية الطفل وشعوره بأنه منبوذ وسط المجتمع. والأخطر أنه قد يحول طفل صغير إلى حالة من الشذوذ الجنسي لأنه لم يتعامل مع المعتدي عليه. الأمر بالفعل خطير على عدة مستويات، ويجب أن تكون حكيم جدًا في التعامل معه.
خطوات حماية الأطفال من التحرش
لقد تكلمنا بشكل عام عن الثقافة التي يجب أن يتبعها الآباء مع أبنائهم. ولكننا سنتكلم الآن عن خطوات عملية في كيفية حماية الأطفال من التحرش. وعلينا أن نقسم هذه المسئوليات على كل فرد بالعائلة.
الطفل نفسه
عندما تشرح لطفلك الأساسيات البسيطة (حسب كل عمر) كما ذكرنا قبلًا، ستكون الخطوة التالية سهلة جدًا. هنا يجب أن تعلم طفلك كيفية الدفاع عن نفسه. لأنك مهما كنت حذر فلن تتمكن من حماية طفلك من التحرش في كل وقت وكل مكان. ومع الأسف، يجب أن تأخذ في اعتبارك أن أي مكان وأي شخص قد يكون مصدر خطر. الموضوع لا يحتاج إلى ارتياب من كل من حولك، ولكن أيضًا لا تكن متساهلًا وواثقًا زيادة عن الحد.
أولًا كل شخص مشتبه به
بالطبع أنت لن تقولها صراحة لطفلك، ولكنه يجب أن يفهم أن لا أحد، مهما كان، قريب أو غريب، له الحق في لمس “مناطقه الحساسة”. بالطبع هذه المناطق تختلف وتتنوع إذا كان ولد أو بنت. حتى وإن قريب والطفل يعرفه جيدًا، لا يجب أن يسمح له بالتعدي على “حدود الطفل”. هذه الكلمات مهمة جدًا عزيزي القارئ، يجب أن يعرف الطفل ما هي حدود الآخرين، فهم ليسوا والديه حتى وإن كانوا عمه أو خاله أو جده. وأن أعلم أنك الآن تقول بأن هؤلاء من المستحيل أن يفعلوا شيئًا خاطئًا بابنك، وقد يكون معك حق بالفعل. ولكن أغلب القصص المؤسفة تأتي من أشخاص قريبين جدًا مثل هؤلاء، لأن تلك الأمور لا تظهر علنًا. حتى طبيب الأطفال، من الأفضل ألا تترك طفلك معه بمفرده، لأن الطفل قد يتخيل أن يكشف عليه وهو يقوم بعمل أخر مختلف. الحذر بدون ارتياب هو أمر جيد في التعامل مع تلك الأمور الحساسة. ولذلك يجب أن يحذر الطفل من أيًا من كان. لا تعلمه أن يبقى بعيدًا من الكل ويخاف منهم، ولكنه لن يسمح لهم إن قرروا التعدي على حدوده ولمس جسده.
ثانيًا الصراخ وطلب النجدة أو الهرب
الخطوة التالية من حماية الأطفال من التحرش هي بتعليمهم كيفية الدفاع عن النفس. بالطبع نحن هنا نتكلم عن مواجهة بين طفل صغير ورجل كبير، إنها حقًا مواجهة غير عادلة أبدًا. لذلك إن لم يكن للفتى أو الفتاة أي فرصة لتعلم فنون القتال للدفاع عن النفس، ولو حتى في الأساسيات فقط، فعليك بتعلميه كيفية الهروب وطلب النجدة. هناك نقطة يستغلها المتحرش ضد الطفل، ألا وهي خوف الطفل من المتحرش واستسلامه. وهذه أهم نقطة يجب أن تعلمها لطفلك، أنه عليه أن يفعل شيء ليحمي نفسه، ولا يعتقد أن استسلامه سيجعل المتحرش يترأف به. علمه ودربه أنه يجب أن يبتعد عن الخطر فور الإحساس به. الصراخ والجري بأقصى سرعة نحو أقرب مكان أو شخص أمن، هو الحل المثالي في تلك اللحظة. لا يجب أن يجعل الإحراج يوقفه عن الهرب. لأن الكثير ممن تعرضوا للتحرش، كان استسلامهم نتيجة لعدم معرفة كيفية التصرف، أو الإحراج وتفضيل البقاء صامتًا.
ثالثًا الاتصال بمن يحميه
ثاني خطوة بعد الهرب، لو أنه تمكن من الابتعاد، عليه أن يبحث عن أقرب من يثق بهم وبالأخص والديه. من المفضل جدًا أن يحفظ الابن بقدر الإمكان رقم هاتف والده أو والدته، أو أيهما أكثر استخدامًا للهاتف. أو رقم هاتف المنزل، أو حتى رقم طوارئ. احمي بطفلك بتعليمه كيفية التصرف، حتى يتصرف بشكل حكيم وسريع في موقف يقف فيه بقية الأطفال مكتوفي الأيدي. هناك أيضًا بعض الحركات البسيطة جدًا ولكنها مؤثرة ليحمي بها طفلك نفسه. مثل أن يضع يده في عين من يعدي عليه، أو يركله بكل قوته، أو يعضه بشده. ولكن على الطفل ألا يفعل هذه الأمور إلا لمن تأكد بالفعل أنه خطر، فلا تعلمه العنف بدون داعي حتى لا تشوه نفسيته.
رابعًا عدم الاستماع إلى الغريب
براءة الأطفال قد تدفعه لتصديق أيًا من كان، ولذلك حماية الأطفال من التحرش تحتم عليك أن تعلم ابنك عدم الاستماع لأي شخص غريب. مهما قال له أنه يعرف أباه، أو أنه سيأتي له بالحلوى، تلك الأمور البسيطة غاية في الأهمية وقد تكون بداية الكارثة. وهناك طريقة جديدة يستخدمها المتحرش هذه الأيام، فبدلًا من ترغيب الطفل بالقدوم معه، يهدده بأنه إن لم يأتي سيسبب الأذى له ولمن يحب. ولأن الطفل يصدق بسذاجة هذا الكلام ولرغبته بحماية عائلته، يستسلم لكل ما يريده المتحرش. وهنا يأتي دور انفتاحك أنت مع طفلك، ومدى شعوره بالأمان بالكلام معك، ليحكي لك عن كل ما حدث معه. وحينها يمكنك أن تطمئنه وتؤكد له أن كل هذا الكلام مجرد هراء وتخويف. ومن بعد ذلك يمكنك أن تتعامل أنت بنفسك مع المتحرش، حتى يشعر ابنك بالأمان عن حق.
دور الأب في حماية الأطفال من التحرش
بعدما تكلمنا عن الابن، حان الآن دور الأب. بخلاف ما تكلمنا عنه سابقًا عن الاستماع الجيد، وعدم التعنيف، وتعليم الطفل وتثقيفه. هناك بعض الخطوات والتعليمات الإضافية التي من الممكن أن تستفيد منها وتفرق في حماية الأطفال من التحرش.
أولًا عدم التساهل مع الأمر
الطفل يقلد ما يفعله أباه، وخاصة الأب لما يمثله من رمز حماية للعائلة. فإن كان الأب متساهل مع الأمر ولا يعطي له أهمية كبرى، فكيف تنتظر من الأطفال أن يظهروا اهتمام أكبر؟ يجب على الأب خاصة من لديه فتيات صغار أن يهتم جدًا بموضوع التحرش. تعليم فتياته والحرص عليهم ومعرفة الأماكن التي يذهبوا لها ومع من يتعاملون خاصة الرجال، كلها أمور تجعل الفتاة ترى في أبيها صمام الأمان التي تحتاج له. مع ذلك فهي لا تخاف منه، بل تحادثه إن حدث معها شيء، لأنها تثق في أنه سيحميها ويدافع عنها ويأخذ بحقها إن استطاع. تلك الثقة لا تأتي في يوم وليلة، ولكن بالمواقف التي تشاهدها الطفلة في أبوها. كيف أنه يتصدى لمن يؤذيها مهما كان قريب أو صديق له. وأنه لا يبقى صامتًا حين يشعر بالخطر على ابنته. لأن هناك آباء يظنون أنهم بصمتهم وبمجاراة قواعد الجنن، فهم بذلك يحمون ابنتهم. ولكن بالطبع الصمت لا يفعل شيء سوى أنه يهز ثقة الفتاة في أبيها.
ثانيًا الاهتمام بما يلبسون وإلى أين يذهبون
حين تبقى غائب عن الوعي ولا تدرك إلى أين يذهب أطفالك، أو ما يلبسون، ومع من يتعاملون، فلا تلوم سوى نفسك بعد حدوث الكارثة. أنا لا أشجعك أبدًا على كبح حرية أطفالك، وإنما أن توفر لهم الأمان فيما يريدون أن يفعلوا. اهتم بكل مكان يذهب له أطفالك، خاصة تلك الأماكن التي ستتركهم فيها. مثل المدرسة أو الحضانة، أو بيت الجيران. يجب عليك أن تعرف كل شخص بالمكان وتطمئن له. لا تثق بأي شخص ثقة عمياء، حتى وإن كان صديق مقرب. أطفالك أهم من تلك الصداقة التي قد تكون مزيفة.
ثالثًا المراقبة بحذر
حماية الأطفال من التحرش تتطلب من الأب مراقبة أطفاله. وأهم مراقبة تأتي في مراقبة ما يشاهده الأطفال في التلفاز أو الإنترنت. كيف تتوقع من الطفل أن يعي أن التحرش شيء خاطئ، وهو يشاهد يوميًا مشاهد رومانسية أو إباحية في التلفاز. إنه لا يميز بين الواقع والتمثيل. يجب أن تراقب كل ما يتفاعل معه الطفل خاصة الإعلام وما يقدمه من أفكار. وإن حدث وشاهد الطفل ما لا يجب مشاهدته، فعليك أن تجلس معه وتحكي له عن الأمر بوضوح، وتفهمه أنه مجرد تمثيل لا حقيقة. لا تقل أبدًا “سيكبر ويفهم”، إن تلك الكلمة أسوء تصرف في حماية الأطفال من التحرش. راقب أيضًا الطريق الذي يتبعه طفلك من مدرسته إلى البيت، هل يمشي من طريق ليس من المفترض أن يمشي فيه؟ أو يصادق من هم أكبر من عمره بفرق كبير؟ كلها أسئلة مهمة تأتي من المراقبة الحذرة لطفلك.
دور الأم في حماية الأطفال من التحرش
الأم أقرب من الأب إلى الأطفال، خاصة الفتيات بطبيعة الحال. ولذلك يقع عليها هي الأخرى جزء كبير جدًا لحماية الأطفال من التحرش، خاصة فيما يتعلق بالتعامل النفسي والتثقيف.
أولًا الثقافة
ثقافة الأطفال الجنسية تقع على عاتق الأم أكثر من الأب. لأنها الأقرب في التعامل وملامسة جسد الأطفال. ولذلك لا يجب أن تكوني خجولة عزيزي القارئة، أو تمتنعي عن مصارحة أطفالك وتعليمهم. فإن لم تكوني أنتِ المصدر، فالتأكيد هناك غيركِ. انتهزي فرصة مساعدة أطفالك في الاستحمام، واشرحي لهم ما هي المناطق الحساسة عند كل واحد فيهم. وما هو الفرق بين الرجل والمرأة، وجاوبي بهدوء وحكمة عن أي تساؤل قد يكون عندهم. هذه الثقافة تجعل الطفل حذر، وليس طفل ساذج. خاصة الفتيات قرب سن المراهقة، اجعليها جاهزة لأي تغير سيحدث في جسدها، حتى لا يتم استغلالها بطريقة سيئة بسبب جهلها. لا تعتبري أن الأمر يأتي بمفرده، أو إنها صغيرة على التعلم، لأن الأمر مهم جدًا وما لديكِ أنت من معلومات أفضل بكثير من معلومات الخارج.
ثانيًا السؤال عن حالهم لحماية الأطفال من التحرش
في العديد من القصص المؤسفة، كانت الأم هي العامل الرئيسي في اكتشاف الموضوع بأكمله، كما كانت هي أيضًا العامل في قصص أخرى لعدم فضحه وإخفائه. وهنا يتجلى الفرق بين الأم الحكيمة وبين الجاهلة. لا تجعلي يومًا يمر دون أن تسألي عن حال أطفالك. ولا أقصد ما عليهم من واجبات في المدرسة فقط، بل من تعملوا معه، ما شعروا به في يومهم. من ضايقهم أو فرحهم، من صادقهم حديثًا، أو جلب لهم الحلوى ولماذا. كل هذه الأمور ستعرفها الأم وحدها لأنها من تتكلم مع الأطفال أكثر بكثير من الأب. يجب أن تنتبهي لكل صغيرة وكبيرة في كلام الأطفال معك. قد يقول الطفل كلمة واحدة ولكنها تخفي ورائها قصة كبيرة.
كما إن الأم هي الأقدر على ملاحظة التغير في نفسية الأطفال. ولقد سمعت قصة مؤخرًا تحكي عن أم اكتشفت كيف يستغل العامل بمدرسة ابنها، طفلها الصغير ومعه بعض الأطفال الصغار أسوء استغلال، فقط من خلال ملاحظة حزن ابنها المفاجئ ورفضه للعب، وصعوبة دخوله الحمام. من خلال تلك الأمور البسيطة التي لم تتركها الأم، وانتبهت لها جيدًا. مع تكرار السؤال عن حال الطفل وما يحدث معه يوميًا في المدرسة، استطاعت أن تكسب ثقة الطفل بهدوء واحتواء خوفه وحزنه وألمه. فاستطاعت أن تحمي ابنها من سوء الاستغلال المستمر الذي تعرض له، من هذا المتحرش المريض. هذه الأمور تقع على عاتق الأم بالكامل، لأن لا أحد غيرها، ولا حتى الأب، قادر على اكتشاف كل تلك التفاصيل الصغيرة.
ثالثًا عدم ترهيب الفتيات
تعتقد الأم أنها حين تجعل فتاتها خائفة من كل ما يتعلق بجسمها، فهي بذلك تساعد في حماية الأطفال من التحرش. ولكنها على خطأ لأن الفتيات بالأخص يجب أن ينفتحن في الكلام مع أمهاتهن. ومن أجل تحقيق ذلك، يجب على الأم أن تكون متقبلة لك فكرة عند ابنتها، وتعلمها بهدوء كل شيء عن جسدها الأنثوي وكيفية التعامل معه. تلك الراحة النفسية وحدها قادرة على جعل الفتاة في أمان، لأنها ستحكي عن كل ما يحدث معها مع أمها المتفهمة. أولًا وأخيرًا، إنه أبدًا ليس خطأ الفتاة.
حماية الأطفال من التحرش في المدرسة
المدرسة هي البيت الثاني للطفل، لذلك فهي عليها دور كبير في حماية الأطفال من التحرش. لديها دور في تقديم الوعي والثقافة بطريقة ملائمة. ولديها دور في حماية كل طفل. على من يترأسون المعلمين أن يراقبوهم في تصرفاتهم مع الأطفال، إنه واجب حتى وإن وثقوا في المعلمين. وكذلك أيضًا العمال بالمدرسة وكل من يقضي وقت طويل مع الأطفال بشكل قريب. على المعلمين أن يراقبوا الأطفال وتصرفاتهم مع بعض. خاصة وإن كنا نتحدث عن مدرسة مشتركة، أو بها عدة مراحل عمرية متنوعة. الوقت الطويل الذي يقضيه الأطفال مع بعض يجعلهم يتقربون جدًا. وعدم الوعي لديهم وبراءتهم الساذجة قد تسفر عن حوادث تحرش غير متعمدة، ولكنها مؤذية بنفس القدر. لا يصح التساهل مع الأمر أبدًا في كل الأحوال، حتى نقضي على هذا الكابوس الذي يهدد أمن أطفالنا.
حماية الأطفال من التحرش وأثاره عند استشارة طبيب نفسي
دور الطبيب النفسي يبدأ من أول خطوة لأخر خطوة، وهو حل مثالي عند عدم معرفتك الكافية بالتصرف في المشكلة. سواء كانت قد حدثت أم لان فهو قادر بعمله على مساعدتك على حماية الأطفال من التحرش. وأدعو اليوم كل من يتعامل مع الأطفال، سواء آباء أو معلمين، أن يدعو طبيب نفسي متمرس لمناقشة تلك الأمور المهمة مع الأطفال. أو إلقاء محاضرة لتعليم الآباء والمستشارين النفسيين داخل كل مدرسة أنفسهم. لأن المدرسة خاصة هي أكبر مكان يتجمع فيه الأطفال، الكبير مع الصغير، ليقضوا وقت طويل وتعاملات لا تنتهي مع بعض.
أما إن كانت هناك حادثة تحرش قد حدثت بالفعل، فلا تنتظر لحظة أخرى. خذ طفلك واذهبوا فورًا لطبيب نفسي مؤتمن ومتمرس في تلك الحالات. الأمر ليس اعتباطيًا أبدًا، لأنه قد يؤثر على حياة طفلك إلى أخر لحظة في عمره. بل إنه قد يزيد الأمر إلى أسوء لو إنك تركته، لأن الحادثة يمكن أن تتكرر كثيرًا، وحينها تكون قد حكمت على ابنك بحياة بائسة. وأقول أن تذهبوا جميعًا (أنت وشريك حياتك، وطفلك). لأن القضية مهمة وتمس كل العائلة، ولكن ليكن طفلك بمفرده، فلا تشرك أخوته بالأمر حتى لا تجرح مشاعره. المعالجة النفسية هي خطوة مهمة جدًا في حماية الأطفال من التحرش وتأثيره على مدار الأيام.
حماية الأطفال من التحرش ومن سذاجة تصرفاتك أنت
هناك بعض الحركات الساذجة التي قد يفعلها الآباء، يعكسون بها كل محاولاتهم في حماية الأطفال من التحرش، بكل غباء وجهل. وأقصد على سبيل المثال، مزاحك الثقيل مع طفل أو رجل أخر أمام طفلك، والطفل لا يعي الفرق بين الهزار والجد. لينظر لك وأنت تلامس بطريقة غير لائقة هذا الطفل أو الرجل. فهل تعتقد أنه سيهاب ممن يحاول فعل المثل معه ولكن بطريقة مستغلة عن حق؟ أو عندما تضرب أنت طفلك على جسده بطريقة جاهلة، كنوع من العقاب أو اللعب، غير مراعي لخصوصية جسد طفلك. هذا الأمر يؤثر في نفسية الطفل بطريقة أنت لا تتوقعها أبدًا، ويجعله يرى في الأمر على إنه مسلمات أو مجرد لعب، ولا يجب أن يفعل شيء سوى الاستسلام، كما يفعل مع أباه. احذر عزيزي القارئ في تعاملك أنت أولًا مع طفلك، ومن بعدها تكلم عن تعامل غيرك.
في الأخير، حماية الأطفال من التحرش مهمة على عاتق كل واحد منا. رؤية تحرش للأطفال والسكوت عنه هي جريمة لا تغتفر. فأنت بذلك تدمر حياة هذا الطفل البريئة بمقدار ما يفعل هذا المتحرش. عدنا من المزاح ولنأخذ القضية على مهمل الجد، لأن موضوع حماية الأطفال من التحرش يتعرض للكثير من الاستخفاف والمزاح ممن هم جهلة بقيمته وخطره.
أضف تعليق