حل الخلافات الأسرية أحد أهم ما يجب على كل زوج وزوجة التفكير فيه في البيت، الخلافات الأسرية بين الرجل والمرأة لا يخلو منها بيت على اختلاف درجاتها، فهناك خلافات بسيطة موجودة في اغلب البيوت إن لم يكن كلها، وهناك خلافات أخرى تحول البيت إلى جحيم وتكاد تدمره بسبب سوء التعامل معها من الطرفين سواء كان الزوج أو الزوجة، في هذا المقال سنتكلم عن حل الخلافات الأسرية وأسبابها وتأثيرها على الأبناء سواء كانوا أطفالاً أو كباراً وكيف يساهم الأبناء في حل تلك المشاكل.
دور الأبناء في حل الخلافات الأسرية
أسباب الخلافات الأسرية
ترجع أسباب الخلافات الأسرية إلى الاختلافات الطبيعية بين الرجل والمرأة في الشخصيات وطريقة التفكير والمبادئ والأولويات فكلها تكون مدخلاً للخلافات والمشاكل التي يمكن أن تتطور وتهدم البيت بأكمله إذا تعامل الطرفان مع تلك الخلافات بطريقة خاطئة.
خلق الله المرأة عاطفية بطبعها، فتغلب عاطفتها على عقلها والرجل عكس ذلك فيغلب عقل الرجل على عاطفته، ومن الخلافات الطبيعية أيضاً أن المرأة إذا حزنت أو أصابتها مشكلة فإنها تحب المشاركة والكلام مع من حولها ليخففوا عنها ويشاركوها، أما الرجل فانه يفضل الاعتزال والتفكير وحيداً، بسبب تلك الخلافات الطبيعية وغيرها الكثير يحدث سوء فهم بين الزوجين ويفسر أحدهما أفعال الطرف الآخر بطريقة خاطئة تجلب المشاكل والخلافات، لذلك من المهم جداً لكلا الزوجين أن يعرفا الاختلافات الطبيعية بين الرجل والمرأة ليتجنبا سوء الفهم الذي قد يحدث نتيجة الجهل بها ولحل الخلافات الأسرية قدر الإمكان. أيضًا من أسبابها اختلاف وجهات النظر حول أمور الحياة المشتركة مثل تربية الأبناء وما يخصهم وغيرها من الأمور.
بعد فترة من الزواج يتخلل الملل العلاقة الزوجية ويغلب عليها الفتور، فينفر الزوجان من بعضهما ويتراجع سحر الحب فتزيد المشاكل والخلافات، لذلك على الزوجين أن يتعلما كيف يجددان الحب بينهما باستمرار ليتغلبا على الملل والفتور قبل أن تتأثر حياتهما بشكل سيء. ولأن تجديد الحب يساهم بشكل كبير جدا في حل الخلافات الأسرية ، من أهم الأسباب الأساسية أيضاً للخلافات بين الرجل والمرأة هو تدخل الأهل والأقارب في العلاقة الزوجية سواء أهل الزوجة أو الزوج، وكذلك إفشاء أحد الطرفين لأسرارهما ومشاكلهما وعيوب الطرف الآخر للأصدقاء والأقارب والأهل بحجة البحث عن حلول.
فليعلم كل زوج وزوجة وكل مقبل على الزواج أن الأهل والأصدقاء مهما بلغت درجة حبهم لنا وحرصهم علينا فمن المستحيل أن يساهموا في حل مشاكلنا مع شريك حياتنا إن لم نستطع حلها بأنفسنا، إن أردت أن تستشير أحداً في مشاكلك الزوجية إن فشلت في حلها تماماً فعليك أن تستشير أهل التخصص وهم (استشاريين العلاقات الزوجية) الذين لهم علم و خبرة واسعة في المشاكل التي قد يتعرض لها أي زوجين وكفيفة حلها بطريقة صحيحة لا تضر العلاقة بين الطرفين بل تصلحها وتزيد التفاهم بينهما، فاحرص كل الحرص ألا تدخل أحداً من أقاربك ومعارفك في مشاكلك مع شريك حياتك مهما بلغت المشاكل بينكما حتى لا تزيدا الوضع سوءاً وتخسرا كثيراً.
على كل زوجين أن يتعاونا معاً ويعرفا أسباب الخلافات بينهما ويضعا الحلول لها ويتشاركان في ذلك لإنجاح حياتهما وكذلك حياة أبنائهما فلا يخفى على أحد أن الخلافات الأسرية تؤثر بشكل سيء جداً على حياة الأبناء النفسية والاجتماعية بل وتحصيلهم الدراسي وحياتهم الزوجية فيما بعد، فعلى كل زوجين أن يضعا أبناءهما نصب أعينها وأن يعملا على حل الخلافات الأسرية لينعما بالسعادة وليحيا الأبناء في جو هادئ وصحي نفسياً واجتماعياً ويكبروا بشكل سوي دون مشاكل وتعقيدات في الشخصية والنفسية.
أثر الخلافات الأسرية على الأبناء
لا شيء يؤثر بالسلب على الأبناء أكثر من الخلافات الزوجية والأسرية، فالخلافات الأسرية تدمر الثقة المتبادلة بين الأبوين والأبناء وتفقدهم الشعور بالأمان والاستقرار النفسي، كيف يشعر الابن بالأمان وسط أبوين يفشلان في التفاهم بينهما وفي حل مشاكلهما وتشب الشجارات كل يوم بينهما؟ كما أن الطفل الذي يتربى في جو مليء بالشجارات والمشاكل بين الأبوين فانه تترسخ في ذهنه فكرة مشوهة عن العلاقة الزوجية والحياة الأسرية وهذه هي أكبر المشاكل التي قد تدمر حياته الزوجية في المستقبل! كما أن تلك الخلافات تسبب تشتتاً للطفل مما يجعل تحصيله الدراسي يتأخر، ويفقد الثقة في نفسه ومن حوله وتصبح شخصيته ضعيفة غير سوية ولا قوية، غير أن تلك الخلافات تسبب له حرجاً أمام أقرانه وأمام الناس.
لا يدرك الأبوين أن تأخيرهما في حل الخلافات الأسرية بينهما لا يضر بهما فحسب بل إنه يدمر حياة أبناءهما النفسية والاجتماعية! ويجعل الابن يهرب من حياة المشاكل والشجار في البيت ليبحث عن الاحتواء والأمان والتفاهم خارج البيت مما قد يقوده إلى أصدقاء السوء وتتدمر حياته وهذا كله بسبب إهمال الزوجين في حل الخلافات الأسرية بينهما وتفاقمها، فانظروا ما تفعلون بأبنائكم؟
يجب على الزوجين أن يتعلما أدب الاختلاف، فالاختلاف سنة الحياة ولا يوجد اثنان متفقان في كل شيء، علينا أن نتعلم كيف نختلف مع بعضنا بأدب حتى لا نفقد احترامنا للطرف الآخر ولأنفسنا وحتى لا نفقد احترام أبنائنا لنا وندمر نفسياتهم وشخصياتهم، وعلى الزوجين أن يحلا مشاكلهما الخاصة بعيداً عن الأبناء وأن يحترما بعضهما حتى أثناء الخلاف فلا يرفعا أصواتهما ولا يتبادلا السباب والإهانات بالأخص أمام الأبناء، كيف تعلمان أبناءكما الاحترام وأنتما لا تحترمان بعضكما البعض؟؟ عندما يرى الأبناء ذلك التناقض من الأبوين فانه يؤثر عليهم بشكل سلبي فتتشتت أذهانهم وتضطرب شخصياتهم، لذلك على كل زوجين أن ينتبها جيداً لخلافاتهما وكيفية التعامل معها حرصاً على الأبناء.
كيفية حل الخلافات الأسرية
قبل أن نفكر في الحلول علينا أن نحدد أسباب الخلاف، فأسباب الخلافات الأسرية تختلف من بيت إلى آخر، معرفة أسباب المشكلة هي نصف الحل، على كل زوجين تحديد أسباب الخلافات بينهما، على كل طرف محاولة فهم الطرف الآخر وكيف يفكر وفيم يفكر، يجب أن يفتح الزوجين مجالاً للحوار بينهما وأن يهتما بالأمور المشتركة بينهما ويسعيان لتعزيزها، عليهما أيضاً أن يجددا الحب بينهما، على كل طرف أن يقدم الحب للطرف الآخر بالطريقة التي يحبها ويحتاجها، فان كانت زوجتك تحب الهدايا مثلاً فعليك أن تجدد الحب بينكما بأن تهاديها باستمرار وتصنع لها المفاجآت، وان كان زوجك يحب قضاء الأوقات معك فعليك أن تتفرغي له وتقضي معه الأوقات وتشاركيه فيما يحب، فليبحث كل طرف عن ما يحبه الطرف الآخر ويقدمه له، علينا أيضاً أن نحترم بعضنا حتى أثناء الخلاف ونعلم أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية وأن نسعى دائما لأن نصل إلى حلول مشتركة ونعزز لغة الحوار بيننا، وألا ننسى أن العلاقة الزوجية مودة ورحمة وحب وتفاهم ولا ننسى أن الأبناء نعمة من الله علينا أن نوفر لهم الجو النفسي المناسب ليحيوا حياة طبيعية مستقرة وسط أبوين متفاهمين فيما بينهما يتعلمان كيف يديرا حياتهما بشكل ناجح، على الزوجين أيضاً القراءة باستمرار في كيفية إنجاح الحياة الزوجية وكيفية تربية الأبناء ويستمعا إلى محاضرات لمتخصصين في هذا الشأن وأن يعرضا مشاكلهما على مختصين إذا فشلا في حلها ولا يدخلا الأهل والأقارب بينهما بحجة حل الخلافات الأسرية.
كيف يساهم الأبناء في حل مشاكل الوالدين
يساهم الأبناء سواء كانوا كباراً أو صغاراً وبقصد أو بدون قصد في حل الخلافات الأسرية للوالدين، فوجود الأبناء يعد حافزاً للزوجين أن يعملا على إنجاح العلاقة بينهما حتى لا تتشتت الأسرة وتتدمر حياة الأبناء، فوجود الأبناء هو أكبر حافز للآباء لكي يسعوا للنجاح في حياتهم وحل مشكلاتهم، فتربية الأبناء قاسم مشترك بين أي زوجين وهذا يعمل على تقريب المسافات بينهما وفهم بعضهما البعض بشكل أكبر، الأسرة نعمة كبيرة من الله وعلينا الحفاظ عليها.
أضف تعليق