مما لا شك فيه أن حب الآخرين أمر جيد جدًا، يستحق السعي للحصول عليه بأي ثمن وأي طريقة ممكنة، فلو كان بإمكان الناس البحث عن طريقة لشراء السعادة الأبدية فإن أول شيء يجب أن يُفكروا في التسلح به هو حب الآخرين، لأنه على الأقل سيحميهم من شر هؤلاء الذين يُحبونهم، والذين إذا لم يكونوا كذلك، وكانوا كارهين لهم مثلًا، فإن الويل كل الويل ينتظرهم، والمضايقات التي لا حصر لها كذلك تظل قائمة لهم بالمرصاد، وهنا تتجلى عظمة حب الآخرين في تفادي كرههم وشرورهم والتسلح بحبهم ورغبتهم في المساعدة، ولهذا لم نبالغ عندما قلنا أنه أمر يستحق القتال من أجله لأقصى درجة ممكنة، لكن، كيف تحصد حب الآخرين وتتسلح به كسلاح هام في معركة الحياة؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه سويًا في السطور الآتية من خلال ذكر بعض الطرق التي قد تقودنا إلى النتيجة المرجوة.
استكشف هذه المقالة
ما هو الحب؟
قبل أن نتحدث على حب الآخرين ونبدأ في سرد الأمثال له وطرق الحصول عليه فإننا أولًا مُطالبون بالبحث عن معنى الحب، ذلك الشيء الآمن الذي يتقاتل الناس ويبذلون أقصى جهدهم من أجل الحصول عليه، فالحب هو انجذاب محمود تجاه شخص أو جماعة والشعور بالراحة والسكينة معهم، تلك السكينة لا تنفك حتى تتحول إلى رغبة جامحة في المكوث بجوار من نُكن لهم طوال العمر، ونكون مستعدين كذلك لبذل الغالي والنفيس من أجلهم، كل هذا من أجل الحب.
بداية الحب على الأرض كانت مع بداية الإنسان على الأرض، وحتى من قبل ذلك، فقد أحب آدم حواء، والواقع أنه لأمر لا يحتمل الجدال أن ندعي بأن الحب هو السبب الأول والرئيسي في استمرار الحياة البشرية حتى الآن، فلولا الحب لكان البشر مثل الحيوانات، يقتل بعضهم بعضًا من أجل الطعام والشراب، وأكبر دليل على ذلك أن أولئك الذين يسود بينهم علاقة كره يتقاتلون ويسفكون دماء بعضهم البعض، أرأيتم كيف أن الحب شيء فارق وهام؟
فوائد حب الآخرين
تحدثنا عن الحب بشكل عام، الحب كمادة خصبة للحياة، لكننا بالتأكيد في حاجة إلى ذكر الفائدة التي يجنيها من يقع عليه فعل الحب هذا، أو بمعنى أدق، فائدة حب الناس لبعضهم، ولماذا يُمكن أن يسعوا جاهدين فقط من أجل تحقيق أمر كهذا، والحقيقة أن تلك الفوائد التي تُجنى من الحب كثيرة، لكننا سنذكر أهمها وأكثرها انتشارًا، وعلى رأسها المساعدة.
الحب أملًا في المساعدة
هناك مثال يقول إن العمل الأبيض ينفع في اليوم الأسود، وهذا المثال بالضبط ينطبق على موضوعنا، وبالتحديد حب الآخرين، فعندما تضمن حب الآخرين فأنت في نفس الوقت تضمن مساعدتهم ووقوفهم بجانب في أحلك الأوقات، فلو كان الأمر مصالح فقط لما وقفوا بجانبك إلا بعد أن تقف أنت أولًا بجانبهم، أما في حالة الحب فأنت لا تُعطي لهم شيء وفي نفس الوقت تنتظر منهم كل شيء، فقط لأنهم يُحبونك، ألا يستحق ذلك الأمر السعي لطلب حب الآخرين؟
تضمن النصيحة في وقتها
من نتائج حب الآخرين وطرق المساعدة ضمان تقديم النصيحة لك، وبالطبع تأتي أوقات كثيرة يكون الشخص في حاجة إلى النصيحة لكنه لا يجد من يُقدمها له، وذلك ببساطة لأنه لا أحد يُحبه، والحقيقة أن النصيحة وأخذ المشورة والرأي أشياء ثمينة جدًا لن تحصل عليها بالمجان، يجب أولًا أن تُقدم الحب أو أن تضمن حب الآخرين.
دخول الجنة
من أحبه الله أحبه الناس، هذا أمر يجب عليك أن تعرفه وتضعه كقاعدة نصب عينيك، بمعنى أدق، حب الآخرين هو أكبر برهان على أن الله يُحبك، هذا طبعًا إذا لم تكن تصطنع الأشياء من أجل الحصول على الحب الذي تستحقه، أو تخدعهم بتعبيرٍ أوضح، ولهذا فإنه من ضمن فوائد حب الآخرين حب الله لك وضمان دخول الجنة، لأنهم ما داموا يحبوك فأنت تساعدهم أو تقدم لهم العون، وهذا ما يُريده الله بين الناس.
كيفية حصد حب الآخرين؟
تحدثنا قبل قليل عن فوائد حب الآخرين، ولابد أن أغلبكم الآن قد سحرته تلك الفوائد وبات حالمًا بأن يُحبه الآخرين ويحظى بكل هذه الفوائد، فمهما كنت لن تستطيع السير وحدك للأبد، ستحتاج للناس، وقبل ذلك ستحتاج الحب، فكيف تفعل ذلك؟ الإجابة بسيطة جدًا، والإجابة عنها تكمن في عدة طرق، أولها وآخرها وأهمها الابتسامة.
الابتسام سهم الحب
عندما تُطلق سهمًا باتجاه قلب ما فأنت تضمن أن ذلك السهم بالتأكيد سوف يقتله، وهكذا الابتسامة تمامًا، فعندما تُطلقها في وجه الآخرين تضمن ضمانة تامة أن تلك الابتسامة سوف تؤدي إلى قتل ذلك الشخص، أو الكره الذي فيه تحديدًا، وتجعله يلين لك ويُحبك، هذه هي الابتسامة فلا تتعجبوا من قوة تأثيرها، فقد كانت ولا تزال الطريق الأول لكسب الحب، ومهما سلكت الكثير من الطرق غيرها فستبقى هي الشيء الوحيد الذي يضمن لك حدوث التأثير السريع الحيوي.
حب الآخرين والاهتمام بهم
أنت تطلب حب الآخرين، أليس كذلك؟ إذًا وببساطة شديدة، يجب عليك أن تُبادلهم ذلك الحب، فالإنسان بطبيعته يحب من يحبه، حتى ولو كان الشخص الذي أمامه به كل الصفات والعبر السيئة، لكن ما أن يُدرك حبه له حتى يُبادله نفس الحب، وطبعًا ذلك الحب يجب أن يظهر في الصورة المثالية له، وهي صورة الاهتمام، فالاهتمام شيء ربما لم يتعود عليه الإنسان طويلًا في حياته، لذلك ما إن يراه في شخص آخر حتى يكن له الحب بصورة تلقائية.
السعي لإزالة اللبس والعداوة
ربما يكون ثمة شخص يكرهك بسبب لبس أو سوء تفاهم أو عداوة قديمة، هذه نقطة سلبية، ولتحويلها إلى نقطة إيجابية يجب عليك أن تسعى لإزالة ذلك اللبس وتصحيح سوء التفاهم والأهم من كل ذلك أن تقوم بمحو العداوة القديمة، وتأكد مئة بالمئة أنك عندما تفعل ذلك فإن حب الآخرين لك سوف يزداد بصورة كبيرة وسيُصبح أكبر مما كان من الممكن أن يكون عليه حالة عدم وجود العداوة، وكما يقولون، لا حب إلا بعد العداوة، أي لا حب كبير ومؤثر أفضل من الذي يأتي بعد العداوة، أما بالنسبة لإزالة اللبس ومحو سوء التفاهم فهما يحتاجان إلى شجاعة منك وقابلية للاعتذار كذلك.
إبراز مزايا الآخرين
الناس بطبيعتهم يُحبون من يمدحهم طوال الوقت، ولا نطلب منك أن تكون شخصًا بالغ الزيف والكذب حتى تمدح الآخرين، ولكن فقط كل ما عليك أن تسعى لإبراز المزايا الموجودة بهم وفي نفس الوقت لا تتحدث عن عيوبهم خاصةً أمام الآخرين، وبهذه الطريقة سوف تكسب حبهم بسهولة وسيقومون بمبادلتك نفس ما فعلت.
إجادة فن الإصغاء
فن الإصغاء يضمن لك حب الآخرين، هذه قاعدة، وشرحها ببساطة يكمن في أن الناس يريدون التحدث دائمًا، لكن المشكلة الحقيقية التي تُقابلهم هي أنه لا أحد يُريد ألإصغاء لهم والاستماع لمشاكلهم، ولذلك، عندما تأتي أنت وتقوم بفعل ذلك فإنهم لا ينسون جميلك أبدًا، ويكنون لك الحب الشديد، والأهم من كل ذلك أنك عندما تأتي وتتحدث فيما بعد سوف يصغون لك، ببساطة شديدة، لقد زرعت، وحان وقت الحصاد، فمرحى لك.
انتقاء الكلمات أمامهم
لكي تكسب حب الآخرين تعلم أن تُحافظ على الشيء الوحيد الذي إذا خرج فإنه لا يعود مرة أخرى، وهو الكلام، فالكلمات كالرصاصات، يمكنك أن تقتل بها الناس إذا لم تحسن اختيارها، وجميعنا نسمع بالطبع عن الذين يقعون في حب آخرين فقط لمجرد كلامهم، وذلك ببساطه سببه أن الكلام يمتلك قدرة هائلة على اقتحام القلوب، ولو كان مُجرد شكر أو كلمة إطراء، فإنه سيكون قادرًا على التكفل بمهمة كسب حب واحترام الآخرين بسهولة.
اهتم جدًا بمظهرك
من طرق حصد حب الآخرين الاهتمام بالمظهر قدر الإمكان، فطبيعة الناس أنهم يميلون للمظاهر ويعتبرونها طريقة من طرق الاحترام لهم، ولقد كان الناس من قبل يُقاطعون شخصًا فقط من أجل مظهره، أما الآن فباتوا يكتفون بمجرد النظر لهم باشمئزاز وعدم حمل الحب لهم.
حاول التعرف على الآخرين
التعرف على الآخرين يعني أنك جريء ومُتداخل مع الناس، والحقيقة أن تلك الجرأة هامة جدًا وسوف تؤثر تأثيرًا كبيرًا عليك، فعندما تذهب بنفسك وتتعرف على شخص، بمعنى أدق تأخذ المبادرة، فما يحدث أنك سوف تدخل قلب هذا الشخص دون أدنى شك، وسوف يكن لك الحب، لأنك ببساطة كنت شخصًا من الأشخاص القلائل الذين أقدموا على حبه وبدأوا ذلك معه، ثم أنك كي تحصل على حب الآخرين فأنت في حاجة أولًا إلى آخرين كي تحصل على حبهم، وهذا ما سيوفره لك التعرف على الكثير من الناس.
قدم النصح دائمًا
هناك من يقول إن البشر لا يقبلون النصيحة ويرون أن من يُقدمها لهم يُريد التباهي والتفاخر وإظهار الضعف، هذا في الحقيقة أمر ليس حقيقي بالمرة، وأكبر دليل على ذلك أن من ضمن الدلالات على حب الآخرين لك أنهم يأتون إليك طلبًا في النصيحة والمشورة، وفي هذه الحالة يجب أن تُقدمها تمامًا كما كنت ستقدمها لنفسك، لا تُكثر ولا تُقلل.
محبة الناس نعمة
هناك أمر يجب أن تدركه جيدًا قبل البدء في معرفة أساسيات حب الآخرين والسعي في الحصول عليه، وهو أن حب الناس النعمة، والنعمة لها تعامل خاص، فيجب أن تصونها وتحفظها جيدًا، فمثلًا، لا يُمكنك أن تكسب حب الآخرين ثم بعد ذلك تفعل بعض الأمور التي من شأنها ندم الناس على إعطائهم لك الحب، وأيضًا، لا يجب عليك أن تستغل الحب استغلال سيء، بمعنى أن تقوم مثلًا بالتودد والحصول على الحب من أجل غرض مخفي مثل الترشح في الانتخابات وضمان الأصوات، ثم بعد ذلك فاللعنة على الناس وكل ما يتعلق بهم.
عادة كسب الحب من أجل كسب الأصوات عادة قديمة قام بها الحكماء وكل الذين ترشحوا لأحد المناصب المتعلقة بالسلطة، فقد كانوا يُظهرون الحب المزيف، وبعد أن ينالوا مرادهم يُذيقوا شعوبهم العذاب أصناف وأنواع، والحقيقة أن أحد أسوأ أنواع الناس هو من يفعل ذلك، وبالتأكيد لا يختلف عن ذلك الذي يخدع الفتيات من أجل الحصول منهن على شيء ما ثم يتركهن بعد أن يُعطيهن وعدًا بالزواج، والسؤال الآن، هل تريد أن تحصل على حب الآخرين وتُصبح بعد ذلك رجل ملتزم بكلمته أم رجل يهرب بعد أن يحصل على ما يُريد؟
أضف تعليق