تهدئة الذات في المواقف العصبية، هي إحدى الخصال الحميدة جدًا التي يجب أن يتمتع بها الجميع في معظم الأوقات التي يتواجد فيها عامل مستفز للإنسان. يُفضل أن يكون هذا الهدوء بطريقة مستمرة حتى يصل الشخص إلى المرحلة الكاملة من حسن التعامل مع الظروف المتغيرة والمشاكل من حوله. حيث أن العصبية تعتبر أول خطأ شائع يفعله معظم البشر في التعامل مع أي شيء طارئ. في حين لو أخذ الشخص الأمر بهدوء سوف يصل إلى حل المشكلة. أو القدرة على الرد على الشخص الذي استفزه. أو أخذ القرار الصحيح في الوقت المتاح حتى لو كان وقت صغير.
استكشف هذه المقالة
الرغبة في الهدوء
هناك وسائل عديدة تجعلك هادئ. فالأمر ليس كما يعتقد البعض أن العصبية هي مرض غير قابل للشفاء. خصوصًا أن الشخص الذي يفكر بهذه الطريقة هو غالبًا شخص لا يرغب في الهدوء من الأساس. ويأخذ العصبية كوسيلة دفاع عن نفسه في معظم المواقف. لأنه يجدها مجدية ونافعة وتجعل الآخرين يتجنبونه. ولكن المشكلة هي أن الشخص العصبي، ربما يجد شخص عصبي أكثر منه في أحد المواقف وهنا ستتحول العصبية إلى صراع كبير. ولذلك أول الدروس من أجل تهدئة الذات هو أن العصبية ليست حل حتى لو كنت تعتقد ذلك. ويجب أن يكون لديك الدافع الداخلي لك في الهدوء. حتى تصل إلى مرحلة الهدوء والصلابة النفسية أمام أي موقف أو شخص سوف تواجهه.
طرق تهدئة الذات
هناك طرق كثيرة من أجل تهدئة الذات. فهناك طرق نفسية وهناك طرق علاجية يمكن أن توصلك إلى الهدوء النفسي. أيضًا هناك وسائل طبيعية من الممكن أن تجعلك هادئ تمامًا من الداخل. مما سينطبع على نفسيتك في الأخير وسيجعلك هادئ مع مرور الوقت. ولكن أهم شيء من أجل تهدئة الذات هي ممارسة عملية تهدئة الذات. ربما في البداية سيواجه الشخص العصبي مشكلة في هذا الأمر، ولكن مع الوقت والممارسة ستجد تهدئة الذات أمر سهل وليس معقد كما يعتقد البعض.
خذ نفسًا عميقًا عند الغضب
كثيرين لا يعرفون قيمة هذا الفعل في عملية إخماد ثوران العصبية التي تواجه أي شخص. ولكن الذي يحدث هنا، هو أن النفس الذي تأخذه هو عبارة عن أكسجين والأكسجين يذهب في الحال إلى كل خلايا الجسم في هذا الوقت. مما يعطي نوعًا مع الاسترخاء اللحظي. وهذا الاسترخاء يساعد كثيرًا في تهدئة الذات. أيضًا في الحالات العادية، مهم جدًا أن تضع تركيز على النفس الذي تتنفس إياه. فمثلًا لو كنت جالس وحيدًا وليس هناك مانع، خذ نفسًا عميقًا بهدوء ثم تطلقه في صورة زفير هادئ أيضًا. هذه العملية تعمل على تنظيم ضربات القلب وزيادة التركيز. مما يجعل تحكمك في وعيك جيد جدًا. فينطبع هذا على ردود فعلك.
خذ مهلة خمس ثواني
المهلة الأكثر من خمس ثواني في كل رد فعل عنيف أو عصبي، تعطي عقلك حكمة كبيرة جدًا وهدوء بالغ ومفيد جدًا يحكم ردود فعلك. وهذا طبيعي جدًا بالنسبة للعقل. فالإنسان الطبيعي مهيأ لاستخدام الطريقة الدفاعية عند التعرض لأي مشكلة. هذه الغريزة الدفاعية عندما تتحول لعصبية، فهي تؤذي صاحبها. ولكن عندما يتم التحكم فيها بالعقل فهذه الغريزة تتحول إلى حكمة كبيرة. فستجد نفسك لا ترد على بعض الأشياء التي كانت تجعلك عصبيًا فيما قبل بسبب هذه الخمس ثواني من التفكير، التي تجعلك قادر على فهم محيطك. ونتائج ردود فعلك.
الاسترخاء والتدليك
عند التعرض لضغط عصبي فإن الإنسان داخليًا يكون مضطرب. والاضطراب عبارة عن حفنة مشاعر بها لغط وغير مرتبة تنتاب الإنسان. فتجعله في حالة من الخوف وعدم الشعور بالأمان. هنا يأتي دور الاسترخاء والتدليك. هذه العملية التي تكون عبارة عن ضغط وإبساط العضلات الخارجية. تجعل جسم الإنسان في حالة من الاسترخاء. هذا غير الدورة الدموية التي ستعمل بصورة أفضل. فيجعل مستوى الأكسجين الواصل لخلايا الجسم جيد. مما يزيد الشعور بالتركيز والشعور بالراحة. أيضًا لو كنت رجل متزوج فيفضل جدًا أن من تفعل هذا المساج هي الزوجة. وهذا لسبب نفسي أكثر من أنه عضوي. فعندما يشارك الزوج أو الزوجة في عملية المساج يكون هذا بمثابة شعور مشترك بينهما بالراحة ومشاركة الزوجة له. تلبية راحته يجعل الرجل يشعر بأن هذه الزوجة قادرة على تغير الكثير من مزاجه، مما يساعده على الشعور بالاستقرار الأسري. فيؤدي هذا في الأخير إلى شعوره بالأمان مما يخدم عملية تهدئة الذات في الأخير.
الروائح الجميلة
تهدئة الذات والنفس البشرية بها جزء كبير يعتمد على إشباع الحواس البشرية. وحاسة الشم قادرة جدًا على تشكيل مزاج وشعور الإنسان. من خلال ذاكرة الشم. ومن هذا المنطلق، ستجد لكل إنسان قاموس يخص حاسة الشم له. بعض الروائح المختلفة التي تجعله يشعر بمشاعر مختلفة. فهناك روائح للأكل تجعل الشخص يجوع. وهناك روائح للأماكن تجعل الشخص يربط بين الأماكن عن طريق تشابه الروائح. أيضًا روائح للأشخاص. أيضًا هناك روائح تريح النفس. وهذه الروائح تعتمد على ذائقة الشخص. وربما يكون المكان ذو الرائحة التي تحبها هو سبب كبير في تهدئتك نفسيًا وشعورك بالراحة، وعدم التفكير في الأشياء من حولك بطريقة سلبية.
الاستحمام بالماء الساخن
من أكثر طرق تهدئة الذات السريعة هو النزول تحت الماء الساخن. عملية تدفق الماء الساخن على الجسم. تعمل على أكثر من مجال. فهناك عملية تدليك خفيفة جدًا ولكنها سريعة ومستمرة تنتج بسبب تدفق المياه على جسم الشخص. وهذا يجعل الجسم في حالة استرخاء. هذا غير أن الماء الساخن يعمل على تمدد الأوعية الدموية مما يزيد من تدفق الدم إلى خلايا الجسم المختلفة. ولذلك يفضل الكثيرون الحمام الساخن قبل النوم والحمام البارد في الصباح، حيث أن الحمام الساخن يسبب عملية استرخاء كبيرة جدًا للجسم أثناء وبعد الاستحمام. مما يجعل الشخص مؤهل أن ينام وهو هادئ نفسيًا.
ممارسة الرياضة.
الرياضة وتهدئة الذات أمران متلازمان. وهذا لسببين. السبب الأول، أن الرياضة تجعل الجسم البشري في حالة نشاط وعدم خمول. أيضًا الرياضة تعمل جيدًا على تحسين حالة النوم. مما يجعل الشخص الرياضي شخص متزن جسديًا وعقليًا. ولا يعاني من الاضطرابات الجسدية أو الآلام العضلية. فالشخص الرياضي هو أكثر شخص يعيش بصحة جيدة. مما يجعل الجسد مرتاح لفترة زمنية جيدة وتجعله هادئ. ومن ضمن أسباب العصبية المشهورة هو الصداع. الأكل الجيد وممارسة الرياضة يجعلانك لا تعاني من الصداع. ولذلك لن تعاني من العصبية الناتجة من آلام جسدية.
أما السبب الثاني فهو لأن الرياضة تمثل أرضية لائقة لتحويل الطاقة السلبية إلى طاقة إيجابية. فبدلًا من أن تبدأ في التفكير في الانتقام، الرياضة تجعلك تخرج هذه الطاقة السلبية الانتقامية في صورة عنف رياضي متاح. أو ركض بسرعة لحد التعب. أو ممارسة إحدى الرياضات التي تسبب لك طاقة إيجابية بسبب تفوقك وتميزك فيها. كل هذه الأسباب تجعل الرياضة حل مثالي لتهدئة الذات على المدى الطويل مع الاستفادة الجسدية.
ممارسة التأمل
التأمل هو رياضة عقلية مهمة جدًا لكل إنسان. العقل هو أكبر قوة قد يمتلكها كائن حي على وجه الأرض. ولذلك كلما كان الاستثمار في هذا العضو جيدًا، كلما كان الشخص أكثر قوة وتحكمًا في نفسه. التأمل له أشكال عديدة فهناك اليوجا. وهناك الصمت برغم الحركة. كلها تمارين تجعل وعي الإنسان موجه. وأريد أن أوضح شيئًا مهمًا، فهناك فارق كبير بين الوعي وبين العقل. الوعي هو الأفكار والمشاعر. أما العقل فهو الأرض التي ينتقل عليها الوعي. ولذلك تمارين التأمل تجعل الإنسان قادر جدًا على توجيه وعيه. مما يجعله قادر تمامًا على التحكم في ردود فعله. ويجعله أيضًا قادر على تهدئة ذاته بطريقة سريعة. لأنه ببساطة يتحكم في وعيه. ولا يجعل أي شيء يؤثر على هذا الوعي ببساطة. التأمل يسمح للإنسان بأن يتحكم في ردود أفعاله وأفكاره، وليس الأفكار هي التي تتحكم في الوعي.
ويمكنك أن تمارس التأمل بطرق عدة من أجل تهدئة الذات، والوصول إلى راحة نفسية كبيرة. فمن الممكن أن تجلس في مكان شرط أن يكون هادئ وليس به أي تشتيت. ومن ثم بدء عملية التركيز على فكرة. ومن ثم الانتقال لفكرة أخرى. أيضًا من الممكن أن تحاول إدراك حواسك الخمسة والانتقال من بينهم. إدراك الملموس. إدراك صوت الهدوء. إدراك الخيال والخيوط التي تنشئها بصيرتك في الظلام. ومن ثم بعد أن تدرك جميع هذه الأشياء يمكنك أن تلجأ لأن تركز على أفكار معينة. ومن ثم الانتقال ما بين الذكريات والتركيز والتذكر. ومن ثم التفكير والتأمل في فكرة وجودية. ليس شرط أن تصل إلى حلول أو أجوبة لما يدور في نفسك. ولكن التأمل سيجعلك تشعر أنك حر تستطيع الخروج خارج إطار المكان والزمان عن طريق التركيز على توجيه الوعي.
الاستماع للموسيقى
هناك ارتباط كبير بين الموسيقى وبين الحالة النفسية. فالموسيقى الهادئة ستجعلك تشعر بالاسترخاء. والموسيقى الهائجة ستتسبب في هيجان الأفكار وحدوث تشويش. ولكل إنسان أصوات هو يشعر بالهدوء معها. فلو كنت تهدأ على أنغام أغنية معينة، أو صوت مغني معين، أو تحب سماع نوع عزف معين. فلا تبخل على نفسك بأن تضع هذه التسجيلات على هاتفك الخلوي، وتستعين بهم في أوقات الذهاب إلى العمل حتى تستفيد بنفسية معافاة، ولا تتأثر بالناس من حولك. أو حتى لو جلست وحيدًا فيمكنك أن تستمع لهذه التسجيلات ولا تفكر في شيء. فهذا يجعلك من الأساس تشعر أنك في عالمك الخاص.
تجنب أسباب التشويش
تهدئة الذات لن تحدث طالما هناك مثيرات ومشوشات تؤثر نفسيًا عليك. أي إنسان يحتاج لأن يشعر بأنه يعيش مستقر نفسيًا. وليس هناك ما يجدد عملية العصبية داخله. ولكن للأسف الكثيرين يتقاعسون عن هذا الأمر في سبيل العمل مثلًا أو العلاقات الأسرية. ولكن الحقيقة أن هذا الأمر في قمة الخطورة على الشخص نفسه. فطالما كنت بجوار مسببات القلق والعصبية، فأنت ستعيش عصبي. ولن تنتج أي شيء بل فقط ستعيش حياة كئيبة ومنعدمة الإحساس. ولذلك لا تبخل على نفسك براحة بالك وتجنب أي شخص أو شيء يكون مصدر من مصادر الإزعاج لك. فراحتك النفسية هي المقياس الحقيقي لسعادتك وغاية وجودك في هذه الحياة.
ختام
تهدئة الذات أمر جدًا مهم لجميع البشر. التقاعس مع هذا الأمر يجعل الإنسان تعيس. ويعيش في دوامة لا نهائية من النفسية الكئيبة والمضطربة. وقد يؤدي إلى الاكتئاب. ولذلك يفضل جدًا وضع الهدوء والراحة النفسة في أولوياتك الحياتية، ولا تتنازل عنهم لأجل نفسك أولًا.
أضف تعليق