تنمر الأصدقاء يحدث كل يوم خصوصًا بين الشباب أو الفتيات في مرحلة المراهقة أو المرحلة الجامعية حيث تتكون مجموعات من الأصدقاء يكون هناك واحدا فيهم ينال القسط الوافر من التنمر والسخرية والتقليل من شأنه على الدوام، وهم يفعلون ذلك لا يعون أن هذا يؤثر نفسيا بشكل سلبي على الشخص خصوصًا أنه يقابل الأمر بابتسامة خجولة ولا يستطيع مواجهتهم فيرون سكوته رضا بالأمر وقبول بهذا التنمر الذي يرونه هم مزاح ثقيل قليلا ولا يتفهمون أنه كارثة إنسانية كبيرة قد تؤدي إلى إيذاء النفس، فكيف يمكنك التعامل مع هذا الأمر؟
استكشف هذه المقالة
نماذج من تنمر الأصدقاء
في البداية نتحدث عن التصرفات التي يقوم بها بعض الأشخاص وتوضع تحت بند تنمر الأصدقاء حتى نتفهم ما هي السلوكيات التي يجب علينا محاربتها بكل قوتنا فإليك أبرز هذه التصرفات السيئة والمنفرة:
مناداتك بلقب لا تحبه
بين الأصدقاء عادة يكون هناك طريقة للتدليل تفرح الشخص وتشعره بالمودة تجاه أصدقائه، ولكن التنمر يأتي من خلال مناداة الشخص بلقب لا يحبه والضغط عليه لقبوله ويكون الشخص المُتنمَر عليه قابلا تحت هذا الضغط ولا يستطيع الحديث أن له اسم معين يحب مناداته به، ويكون اللقب عادة تحقيري وتقليل من شأنه وربما يكون على اسم حشرة أو حيوان وأشياء من هذا القبيل التي لا يحب أي شخص أن يتصف بها.
عمل حفلة جماعية للسخرية منك
هناك ظاهرة قديمة بدأت تأخذ اسما في السنوات القليلة الماضية تسمى “التحفيل” والتحفيل هو استلام شخص من قِبل جميع الأصدقاء والسخرية الثقيلة منه لمدة طويلة قد تستغرق ساعات والشخص الذي يتلقى هذا التحفيل يقابله بابتسامة وخجل ويستمر تلقفه لفترة طويلة وعلى مدى جلسات ممتدة، هذا التحفيل الذي خرج وامتد حتى وسائل التواصل الحديثة ومجموعات الدردشة وأصبحت ظاهرة مضحكة ومرحة ولا أحد يعترض عليها ولكن للأسف هذه إحدى أدوات تنمر الأصدقاء ويجب علينا أن نضعها في مكانها الصحيح.
التهكم على مظهرك
لكل إنسان عقد في مظهره وأشياء يحب أن يغيرها، مهما كان وسيما أو جميل الملامح وعلى عكس الأصدقاء الحقيقيين الذين يشعرون صديقهم طوال الوقت بحبهم لملامحه وإعجابهم بمظهره فإن إحدى صور تنمر الأصدقاء الشهيرة التهكم على المظهر سواء كان فيما يختص بلون البشرة أو طول القامة أو حجم الأنف أو شكل الأسنان أو خشونة الشعر أو غيرها، كل هذه الأشياء يتقبلها الصديق المُتنمر عليه من أصدقائه صاغرا، ولكن يعتمل بداخله جحيم من الأسى والحزن بسبب تأطير أصدقائه لعقده النفسية وأزماته تجاه مظهره.
التدخل في أدق خصوصياتك
صورة من صور تنمر الأصدقاء الشهيرة وهي استباحة حياتك الشخصية والتدخل في أدق خصوصياتك والحديث الدائم عن علاقاتك واختياراتك في الحياة والأشياء التي يجب أن تكون خصوصيات وعلى الجانب الآخر تجدهم يستفسرون بإلحاح مثلا عن علاقة عاطفية لك وتفاصيلها والخوض في انطباعات مسيئة للأشخاص الذين عرفتهم أو عن الطرف الآخر من علاقاتك وهذا ما يدخل في تنمر الأصدقاء وقلة الذوق وانعدام الاحترام أيضًا، لذلك لا يوجد أي مبرر للسكوت عن هذا.
المزاح بالأيدي
المزاح بالأيدي الذي لا تقبله يدخل تحت بند تنمر الأصدقاء بل والاعتداء الجسدي أيضًا، وإن كان شخص يمد يده عليك على سبيل المزاح وأنت لا تقبل أو تشعر أن هذا سخيف فإن هذا اعتداء أيضًا وجريمة لا يجب السكوت عنها، هذه الصورة يجب أن تأخذ أكبر قدر من الحسم في موقفك تجاه التنمر ولا ينبغي أن تسكت عنها أبدا مهما كانت النتائج أو العواقب.
تعمد إحراجك أمام الآخرين
من صور تنمر الأصدقاء أيضًا الشعور العميق بانعدام القيمة أمام أصدقائك أنهم يتعمدون إحراجك أمام الآخرين خصوصا إن كانوا لا يعرفونك أو يرونك للمرة الأولى فإنهم يتعمدون الحط من قيمتك والتقليل من شأنك وكذلك إن كنت تعرفهم على صديق جديد فإنهم يمارسون تنمرهم عليك أمامه لتعمد إحراجك والتقليل من شأنك أمامه وهذا هو الأسلوب الأسوأ حيث أنهم لا يكتفون بتقليل شأنك بينهم بل أمام الناس أيضًا.
أسباب السكوت عن تنمر الأصدقاء
هناك عدة أسباب تدفعنا للسكوت عن تنمر الأصدقاء خصوصًا هؤلاء الذين قضيت معهم سنوات طوال فما هي هذه الأسباب التي تجعل الشخص المُتنمر عليه يسكت عن تنمر أصدقاءه عليه؟
ضعف الشخصية
لا نريد أن نقول هذا ولكن قبول تنمر الأصدقاء يحدث بسبب ضعف شخصية الشخص المتنمر عليه وللأسف لولا أنه ضعيف الشخصية لما وجدوه مادة جيدة للتنمر والسخرية والتهكم، في معظم حالات التنمر يكون السبب هو ضعف شخصية الصديق وعدم قدرته على مجابهة هؤلاء المتنمرين ولو استطاع أن يفعل هذا من البداية وصد تنمرهم واتخذ موقفا حاسما ما كان خضع فيما بعد للتنمر منهم.
الخوف من قطع علاقتهم به
هناك الكثير من الأشخاص يخشون فقدان أصدقاءهم فيبقى وحيدا ولكن الحقيقة أن البقاء وحيدا أفضل بكثير من الخضوع المستديم لممارسات تنمر الأصدقاء وتصرفاتهم المسيئة إليك فحتى وجودك في شلة تحتقرك أو تضايقك يصيبك بآثار نفسية أصعب بكثير من الوحدة، لأنه يشعرك طوال الوقت بانعدام الثقة بالنفس والشعور الدائم بالضعة والانحطاط.
الخجل الاجتماعي
الخجل الاجتماعي من الأشياء التي تعيق الشخص عن إيقاف التنمر فهو يخجل من الحديث بأن هذا يضايقه ويخشى أن يقال عليه أنه معقد ويخشى أيضًا أن يتهمه أصدقاءه بأنه طفل ولا يستطيع التعامل معهم بوصفهم رجال وناضجين ويستطيعون تحمل المزاح الثقيل وغير ذلك فيضطر للسكوت عن التنمر خجلا من مواجهتهم والحديث عما يضايقه، وهذا ينتشر بشكل أكبر بين الشباب وبنسبة أقل لدى البنات.
الآثار النفسية لتنمر الأصدقاء
نقول تنمر الأصدقاء كارثة بسبب آثارها النفسية الكارثية على الشخص المُتنمر عليه وهي آثار قد تصل إلى إيذاء النفس ولا نبالغ حين نقول ذلك ولكن سنتحدث في السطور التالية حول أبرز الآثار النفسية المتوسطة للتنمر والتي تحدث للغالبية العظمى من ضحايا هذه الممارسات:
الشعور بانعدام القيمة
يشعر الشخص ضحية تنمر الأصدقاء الشعور العميق بانعدام القيمة وأنه لا أحد يقبله أو يحترمه وهذه هي أقل الأعراض لهذا ولولا أن هؤلاء الأشخاص يقبلونه فإنه لن يجد أحد في العالم يحترمه أو يعامله بآدمية وأنه يجب أن يدفع ضريبة قبولهم له وهي تنمرهم عليه، بل بعد فترة يحدث تماهي مع هذا التنمر ويبدأ في قبوله بالفعل كعقاب له من العالم لأنه شخص غير مقبول والأمر يدخل في مرحلة المرض النفسي.
تزعزع الثقة بالنفس
يتولد لدى ضحايا تنمر الأصدقاء الشعور بتزعزع الثقة بالنفس وأنه شخص لا يستطيع التعامل مع العالم بشكل جيد وأنه غير مقبول وغير محبوب ولا أحد يحبه أو يقبله لدرجة أن أصدقاءه يتنمرون عليه ويسيئون له ويضايقونه باستمرار، هذا الشعور يترسخ داخل الضحية على المدى الطويل ومن الصعب اقتلاعه مهما كانت معززات الثقة بالنفس.
الشعور بالاغتراب
يوجد شعور عظيم بالاغتراب داخل الإنسان الذي يتعرض للتحرش، والشعور بالاغتراب المعنى منه أنه غير صالح للتعامل مع محيطه ولا يقوى على الاحتكاك بالناس من حوله بدليل أن الاحتكاك بهم يولد ظواهر مثل تنمر الأصدقاء وإساءة الناس له بالتالي هو يشعر بالاغتراب في محيطه وفي مجتمعه وربما في العالم بأكمله وهذا بالطبع سيقوده لحالة واحدة نعرفها جيدا هي التي في الفقرة التالية.
الاكتئاب
الاكتئاب ليس هو هذا الشعور العام بالمزاج السيئ أو أن يحبس أحدهم نفسه داخل غرفته، فقد يكون مريض الاكتئاب كذلك بدون أن يشعر أو يشعر أحد، الشعور العام بعدم الرغبة في شيء وتخيل نفسه ميتا وهواجس الرغبة في إنهاء حياته وغيرها لكن دون أن يكون قد شُخص بالاكتئاب فهذا لا يعني أنه ليس مريضا بالاكتئاب ولذلك نستطيع أن نقول أن المكتئب هو الشخص الذي أعلن القطيعة ولو بشكل غير مباشر بينه وبين العالم.
كيف تتعامل مع تنمر الأصدقاء عليك؟
كيف يمكننا التعامل مع تنمر الأصدقاء والحقيقة أن تنمر الأصدقاء ليس بالشيء الهين ولست بمعزل عنه فقد يمارس الأصدقاء التنمر دون أن يعون أن هذه أزمة ودون أن تعي أنت بأن هذا تنمر بل تراه مزاح ثقيل أيضًا ولكن يجب في البداية مواجهة نفسك قبل مواجهتهم والاعتراف أمام نفسك بأن ما يمارسه أصدقاؤك عليك يقع تحت بند التنمر ويجب التعامل معه.
تحدث إليهم بوضوح
ربما لا يعي الكثير من أصدقائك أن هذا نوع من أنواع التنمر بسبب أنك لا تتحدث بوضوح أو تطلب منهم بميوعة التوقف ولكن ليس بحسم أو حزم لذلك يجب عليك عند حدوث تنمر الأصدقاء عليك أن تتحدث إليهم بوضوح وبمصطلحات حاسمة تقول فيها: “إن هذا يضايقني” أو “يشعرني هذا بالتأزم” أو تتحدث بجمل مثل: “أفكر في كلامكم حين أعود للبيت وأجدها تنطوي على إهانة وإساءة متعمدة”.
اتخذ مواقف حاسمة
لا تسكت على تنمر الأصدقاء فبعد الحديث بوضوح عليك أن تتخذ مواقف حاسمة مثل الرد بقوة وبإساءة أيضًا أو ترك المكان كله وتذهب، قد يبدو هذا إجراء انسحابي لكنه على العكس شكل من أشكال الرفض لطريقة تعامل الأصدقاء معك وليس من حق أي شخص أن يجبرك على طريقة التعامل هذه بأي صورة من الصور، وبالتالي لن تجلس مع أشخاص يتعمدون مضايقتك والإساءة إليك تحت أي بند من البنود.
اتخذ إجراءات تصعيدية
عليك أن ترفض الحديث مع الأصدقاء طالما يتعمدون مضايقتك أو يمارسون التنمر عليك بدم بارد ودون رادع أو شعور بتأنيب الضمير، قل لهم أنك لن تأتي مرة أخرى معهم ما لم يعتذروا عن كل ما بدر منهم في المرات السابقة مع وعد أنهم لن يمارسوا هذا مرة أخرى، تحدث إليهم بإجراءات تصعيدية ولوّح بورقة تعليق علاقتكما لحين الاعتذار والتوقف عن الإساءة.
هدد بقطع علاقتك بهم إن استدعى الأمر
أخيرا وليس آخرا ليس هناك أزمة في خسارة هؤلاء الأصدقاء طالما أصروا على تنمرهم والإساءة إليك دون رادع حتى مع توضيحك بأن هذا يضايقك وبالتالي هم لا يعتبرونك صديقا لهم ويصرّون على جعلك مادة لتسليتهم، بالتالي عليك ألا تحرص على علاقتك بهم وتهدد بقطع علاقتك بهم طالما هم لا يحرصون على علاقتهم بك أيضًا.
تنمر الأصدقاء عبارة عن ممارسات يمكن أن تؤدي إلى إيذاء النفس ولها آثار سلبية كارثية على نفسية الإنسان وحياته وشعوره بالثقة بنفسه ولا ينبغي علينا التساهل فيها واتخاذ إجراءات واضحة وحاسمة معها.
أضف تعليق