تتساءل الكثير من الأمهات دومًا حول مشكلة تناول الطفل لأقراص الدواء، وكم أنها مزعجة بالنسبة لها، وكيف تستطيع تعويد ابنها وتعليمه تناول دواءه دون تأفف أو معاناة أو حتى قيء كما يحدث في معظم الأحيان؛ سواءً بشكل تلقائي من الطفل المريض أو كنتيجة مباشرة للعناد الزائد عن الحد الذي تصبح معه كل تصرفاته مضادة لرغبات الأم والأب سواء في مأكله أو ملبسه أو حتى تعليمه وكافة تصرفاته الحياتية، وهنا يجب الوقوف عند هذا الأمر ودراسته بالتحليل النفسي الدقيق للتعرف على طريقة مناسبة لإقناع الطفل بالعدول عن عناده ونفوره من تناول أقراص الدواء وإقناعه بأنها لمصلحته حتى وإن كانت مزعجة بالفعل أو سيئة الطعم، كما أن شركات الأدوية لابد لها مراعاة هذا الأمر ومحاولة دمج مواد سكرية لا تتعارض مع مفعول الدواء لضمان جذب الطفل لها بطريقة أو بأخرى، أو على الأقل التخلص من ولو جزء كبير من طعمه السيئ معظم الوقت.
استكشف هذه المقالة
تناول أقراص الدواء للطفل العنيد
إن هنالك طرقا عديدة لدفع الطفل على تناول أقراص الدواء في حال كان يبصقه وينفر من طعمه السيئ، وفيما يلي نستعرض بعض الطرق والحيل والنصائح والإرشادات المجربة والتي أقرها حتى علماء النفس لضمان استجابة الطفل:
- يمكن اتباع حيلة مسلية لإعطاء الطفل أقراص الدواء وذلك من خلال إذابته في القليل من الماء أو عصير التفاح الطبيعي، ومن ثم إعطاءه للطفل على أنه عصير أو ماء صافي وغالبا يعشق الأطفال شرب المياه والعصائر بكثرة، وكذلك يمكن إضافته مع بعض الأطعمة بعد فركه بيد نظيفة طاهرة، ولكن في كل الأحوال يجب مراجعة الطبيب بذلك لضمان عدم تغير مفعوله أقراص الدواء أو حتى عدم تأثره بمكونات العصير ليصبح ذي تأثير آخر.
- في حال كان الدواء سائلًا يمكن استعمال قطارة الدواء المعروفة لإعطاء الطفل الكمية المطلوبة على هيئة نقط صغيرة، وبالتالي يتقبلها حيث تكون قليلة الحجم والتأثير والطعم السيئ كذلك، ويمكن إتباع نفس الطريقة باستعمال سرنجة منزوعة السن المعدني ومن ثم إدخالها تجاه أحد جانبي فم الطفل من الداخل وتفريغها بعيدًا عن اللسان حتى ينزل الدواء إلى حلقه ويبلعه دون أن يشعر بطعمه السيئ، وينصح بالضغط على خَدَّي الطفل بعد تفريغ الدواء في فمه لضمان ابتلاعه كاملًا وعدم استرجاعه في فمه، وهذه الطريقة جيدة ومناسبة للغاية حتى وإن تسببت في إزعاج الطفل.
- يمكن استشارة الطبيب فيما إذا كان الدواء أو أقراص الدواء متوافرة على هيئة أقراص صالحة للمضغ، ففي هذه الحالة تتجنب الأم بصق طفلها للأقراص لأنها في هذه الحالة يتم تصنيعها بطعوم لذيذة، وأيضًا تكون صالحة للبلع وليست كبيرة على حلقه، أما في حال رفض الطفل تناولها فيمكن فركها وسحقها وإضافة القليل من الماء عليها لتصبح كالعجين ومن ثم وضعها في فم الطفل بسهولة وتحديدًا على جانبي فمه لضمان ابتلاعه تماما.
- يمكن اتباع حيلة ما وهي تخيير الطفل برغبته في تناول أقراص الدواء الآن أو بعد 15 دقيقة مثلا؟ ومبدأ التخيير هذا يمكن تطبيقه على أكثر من حيلة بأن يتم تخييره مثلا هل يفضل تناول أقراص الدواء مع عصير البرتقال أم عصير الفراولة؟ وكلها حيل جميلة تجعل الطفل يشعر بالتحكم والاختيار بينما في حقيقة الأمر تكون الأم قد ضمنت تناوله للدواء دون عناد.
- يمكن للأم أن تتناول ملعقة أو قرصًا من الدواء أو حتى توهمه بذلك وهي أقرب المحيطين منه بالفعل ويثق بها تمامًا، وبالتالي يلجأ لتقليدها حتى وإن كان الأمر مزعجًا بالنسبة له، بل إن عناده سيتحول لعناد في التغلب على طعم أقراص الدواء.
- يجب الانتباه لعدم إجبار الطفل على تناول الدواء سواءً بدفع قرص الدواء أو ملعقة الدواء في فمه بالإجبار حتى لا يرفضها عنادًا ويبصقها ثانيةً، بل يجب دفعه لأن يحب ذلك ويتناوله برغبته بعد معرفته أن هذا الدواء الذي يجعله سليما قويًا قادرًا على الحراك واللعب مجددًا.
- يمكن تحديد مكان معتاد لتناول الدواء ويكون مكانًا محببا للطفل ومداعبته عند تناول الدواء بدعوته للذهاب للمكان الجميل لتناول الدواء واللعب أو والاستمتاع بمغريات هذا المكان بالنسبة له، وبالتأكيد فضوله للاستمتاع سيدفعه للموافقة الفورية على تناول أقراص الدواء وحتى مع الوقت سيطلبها هو بنفسه لكي يحصل على طلبه في الذهاب لهذا المكان.
- يجب الحرص على انتقاء الكلمات المناسبة لوصف الدواء أمام الطفل وعدم ذكر كونها سيئة الطعم أو أنه يرفض تناولها أو أي من المصطلحات التي تخيف الطفل وتجعله يقاوم تناول أقراص الدواء بل يجب شرح أهمية الدواء للطفل وللمحيطين به لتصله المعلومة بشكل مباشر حول ضرورة تناول الدواء للحصول على الصحة والنشاط مثل زملائنا.
- يمكن وعد الطفل بجائزة ما إذا تناول الدواء ولم يتأفف منه أو يبصقه أو يتقيأه، وهذه المكافأة قد تكون لعبة تلعبها معه الأم سويًا أو قطعة سكر أو غير ذلك من أمور تشجعه على طاعة الأم وعدم العناد.
- يجب على الأم بشكل عام أن تتفهم مشاعر الطفل وكيف أن الدواء بالفعل يكون طعمه سيئًا بالنسبة له وغير محتمل في سنه هذا وأنه لا يبالغ في ذلك، وبالتالي عليها أن تشاركه همومه تلك وتتحدث معه قبل وبعد تناول الدواء لتلهيه عن تفكيره في معاناة تناول أقراص الدواء سيئة الطعم أو صعبة البلع أو أيا كانت مشكلتها بالنسبة له.
- وعوضًا عن إذابة الدواء بالماء أو إجبار الطفل على تناول أقراص الدواء يمكننا أن نلجأ لبعض الحيل النفسية بهدف إقناع الطفل بتناول الدواء سواءً كان هذا الدواء شرابًا أو أقراصًا وكبسولات؛ ومن هذه الحيل على سبيل المثال أن يشرح الأبوين للطفل الذي بلغ مرحلة المدرسة ما الذي سيحدث له إذا رفض تناول الدواء وكيف أنه سيكون ضعيفًا هزيلًا لا يستطيع الجري والحركة واللعب مثل الأطفال من سنه وليكن من الأفضل الاستدلال بأطفال أصحاء من زملائه أو من داخل الأسرة أو المقربين منه، وكذا ذكر الفوائد التي ستعود عليه إذا استجاب لهم وقرر تناول أقراص الدواء دون عناد، وأما بالنسبة للطفل الأصغر سنًا في مرحلة الروضة يمكن إغراؤه من خلال تمثيل إعطاء الدواء للدمية التي يلعب بها لتشجيعه على تقليدها، أو بهدف زج الغيرة بقلبه من أن دمية صغيرة استطاعت أن تتناول الدواء بينما هو لم يتمكن من ذلك.
إذابة حبوب الدواء في الماء
تحدثنا فيما سبق عن كون إذابة الدواء في الماء أحد أفضل الحلول لإقناع الطفل وتشجيعه على تناول أقراص الدواء ولكن يجب الاهتمام بأن هذه العملية لا يجب أبدًا اللجوء إليها إلا بعد استشارة الطبيب والصيدلي كذلك، لأن مجرد إبلاغ الطبيب أو المختص بشكل عام أيًا كانت مهنته عن أية مشكلة في تخصصه تعتبر نصف الحل لضمان سلامة من يقع عليه عبئ هذه المشكلة، وبالنسبة لمشكلة عزوف الطفل عن تناول أقراص الدواء وإذابتها في الماء توجد بدائل عديدة للأقراص، سواءً أدوية الشراب مع الرضع وهي مناسبة جدًا لسرعة تأثيرها كما يمكن قياس الجرعة بشكل أدق من الأقراص، ولكن أيضًا نوع الدواء سواءً كان شرابًا أو أقراصًا حبوب وكبسولات يتحدد وفق عدة عوامل منها السن ومدى نضوج الطفل وكذلك شكل الجرعة وبعض المواد الفعالة؛ فالمواد الفعالة قد لا توجد إلا على هيئة أقراص في بعض العلاجات، ولذا يجب مراجعة الطبيب قبل اتخاذ أية خطوة في هذا الأمر.
وفي السياق ذاته هناك تحذيرات طبية عديدة من إذابة الدواء في العصير أو في الماء أو حتى ملعقة زبادي وتقديمها للطفل، وذلك لأن هناك مكونات طبية معينة قد تتغير، وتحديدًا هناك لكل قرص دواء ما يسمى بالـ “أس الهيدروجيني” وهذا الأس الهيدروجيني يمكن أن يغير من تأثير المادة الفعالة إذا ما تم مزجه بأية مواد أخرى حتى لو كانت طبيعية، كما أنه لا ينصح بتاتًا من فتح كبسولات الدواء قبل بلعها لأن المواد بداخلها قد تسبب ضررًا كبيرًا إذا تم تناولها بشكل مباشر هكذا، وحتى إذا سمح الطبيب والصيدلي بذلك فلتعلم الأم أن سماحه ينطبق وفقط على نوع الدواء الذي تمت استشارته فيه وليس على كل أنواع الدواء، كما يجب التأكد منه أيضًا عن نوع العصير الذي من الممكن مزجه معه وإذابته فيه لأن كل نوع فاكهة بها مكونات طبيعية ما مختلفة عن الأخرى وبالتالي يكون تأثير اندماجها كيميائيًا مع أقراص الدواء أو الدواء المشروب مختلفًا عن بعضها البعض.
أدوية لا يجب طحنها أو إذابتها
هناك بعض أنواع الأدوية سواءً أقراص أو حتى شراب لا يجب أبدًا طحنها أو إذابتها بالماء إلا بعد استشارة الطبيب والصيدلي معًا، ومن هذه الأدوية ما يلي وفق التعريفات الطبية الأكاديمية:
- الأدوية التي إذا تم سحقها أو إذابتها تتعرض للتحرر بشكل متحكم به cr أو crt .. controlled release tablets.
- العلاج المصنف ضمن الأدوية طويلة مفعول la long acting وهي في الغالب تتغير خواصها وتتأثر فعاليتها بشكل كبير.
- الأدوية التي إذا تم سحقها أو إذابتها تتعرض للتحرر في وقت معين أو متأخر tr .. release and time delay td.
- الأدوية المصنفة أنها ذات تأثير مستمر sa sustained action .
- الأدوية التي إذا تم سحقها أو إذابتها تتعرض للتحرر بشكل بعيد extended release xr.
كل هذه الأنواع السابقة من الدواء إذا ما تم سحقها أو إذابتها دون استشارة الطبيب والصيدلي قد تشكل خطرا على صحة من يتناولها كنتيجة مباشرة لتحرر جرعة عالية من العلاج وكذلك زيادة خطورة مضاعفات الآثار الجانبية.
تبقى مشكلة تناول أقراص الدواء أحد أبرز المشكلات التي تعاني منها الأمهات تحديدًا في فترة الطفولة من حياة أبناءها، وهذه الفترة غالبًا ما تشهد العديد من الأمراض ودلالات العدوى ومشاكل طبية وصحية كثيرة تلجأ فيها الأم بأطفالها للطبيب أكثر من مرة خلال الأسبوع وأحيانًا خلال اليوم الواحد، وبعدها تبدأ رحلة المعاناة مع تناول الدواء، ولكن يجب قبل أي شيء التحايل على نفسية الطفل ومحاولة إقناعه بالعدول عن عناده وتناوله لأسباب تذكرها له الأم وتشجعه وكذلك بإمكانها مكافأته، ومن الحيل كذلك إذابة الدواء في الماء أو العصائر وذلك بعد الرجوع للطبيب أو الصيدلي لضمان عدم تغير خصائص الدواء الكيميائية وتفاعلها مع أي من مكونات الماء والعصير مما قد يعود بالسلب على الطفل.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق