ربما تكون قد لاحظت يومًا ما طفلًا أو شابًا يافعًا لا يمتلك طرفًا أو اثنين من أطرافه أو ربما جميعهم أو تبدو أطرافه بشكل غريب غير مُعتاد لك فظننت أن الأمر لا يتعدى تعرضه لحادث سير أو عمل جسيم. ولكن ماذا إن عرفت بوجود مرض جيني نادر يحمل اسم تفقم الأطراف يقف خلف هذه التشوهات فما هو أكبر منها؟! ربما إن سمعت عنه في حلقة وثائقية ما صدقت ولكن ماذا إن عرضنا لك خلال هذا المقال مجموعة من المعلومات الواقعية غير المُتداركة بشأنه؟
استكشف هذه المقالة
ما هو مرض تفقم الأطراف ؟
تفقم الأطراف أو بالإنجليزية Dysmelia هو خلل جيني نادر تم اكتشافه خلال النصف الأول من القرن 19، يُصيب الجنين في مراحل تكوينه الأولى وينتج عنه ولادة طفل يُعاني من ضمور جزئي أو كُلى في طرف أو أكثر من أطرافه الأربعة فتبدو صغيرة جدًا مُقارنةً بجسمه، أو طفل بلا أطراف من الأساس. وقد يُصيب مرض تفقم الأطراف أعضاء الوجه كالعينين والأذنيين والأنف أو الأوعية الدموية أو أعضاء الجهازين الهضمي والبولي أو عضلة القلب بالتشوه.
أسباب إصابة الأطفال بمرض تفقم الأطراف
هناك عاملين رئيسيين يقفان خلف الإصابة بتفقم الأطراف هما:
- عوامل جينية وراثية، فإذا كان أحد أو كلا الأبوين حاملًا للمرض كصفة مُتنحية في كروموسومه الثامن فإن احتمالات انتقاله للجنين ستكون أعلى تصل إلى 25% في حال كان الانتقال من كلا الأبوين.
- عقار الثياليدومايد أو الكونتيجران كما هو معروف تجاريًا، وهو عقار تم اكتشافه في نهاية الخمسينات لعلاج اضطرابات والتهابات المعدة ذات الخلفية النفسية أو العصبية، وخلال فترة قصيرة ذاع صيته كعلاج عالي الفعالية في التخفيف من الغثيان المُصاحب للحمل. وبمرور الوقت بدأت تظهر حالات من تفقم الأطراف تُقدّر بالآلاف بين الأطفال حديثي الولادة حول العالم، وبدراستها ثبتت العلاقة بين تناول أمهات هؤلاء الأطفال للثياليدومايد خلال شهور الحمل الأولى وبين إصابة الأجنة بتفقم الأطراف وولادتهم بتشوهات جسيمة أودت بحياة ما يتراوح بين 50 – 60% منهم.
أعراض تفقم الأطراف لدى الأطفال
هناك مجموعة من الأعراض والعلامات المُصاحبة لمرض تفقم الأطراف والتي تُميّز الأجنة والأطفال المُصابين به مثل:
- تأخر وبطء وضمور في نمو الأطراف العلوية والسفلية للجنين أو الطفل حديث الولادة ويظهر في صورة عظام حوض وأطراف غير مُكتملة، ساعدين قصيرين وأصابع مُتلاصقة مع عدم نمو الإبهام وعظام الفخذين، أطراف تُشبه البراعم أو الزعانف الصغيرة تخرج من الجذع. تأخر عقلي لدى الأطفال حديثي الولادة المُصابين بالمرض، ابيضاض أو زرقة العينين بعد الولادة وظهورهما على نحو مُتباعد عن بعضهما البعض. رأس صغير الحجم ورقبة قصيرة مع شعر أشقر اللون يميل للفضي، أنف غير مُكتمل النمو، أذان وفك مُشوه، ويكون الأطفال المصابون بتفقم الأطراف أكثر عُرضة للإصابة بشلل وأورام الوجه الوعائية والشفة الأرنبية والحنك المشقوق.
- فقدان حاستي السمع والبصر بشكل كامل أو جزئي نتيجة للتشوهات التي تُصيب العيون والأذان، تشوهات في القلب والكليتين والحالب والرحم، وأعضاء أخرى بالجهازين الهضمي والبولي، مع زيادة ميوعة الدم. عدم اكتمال نمو الرئة بشكل كلي أو جزئي، مع استسقاء الدماغ أو عدم التئام عظام الجمجمة بشكل كامل وخروج الأغشية المخاطية منها.
تشخيص مرض تفقم الأطراف
يتم تشخيص المرض من خلال مُراقبة الأعراض السابق ذكرها من خلال فحوصات الحمل التي تعتمد على الأشعة بالموجات فوق الصوتية ويُعد النوعين ثلاثي ورباعي الأبعاد أحدثها وأكثرها دقة في الكشف عن أي اعتلالات تُصيب الجنين قبل الولادة، ثم مُراقبة الأعراض على الطفل حديث الولادة والتفكير في سبل لعلاجها. وعادةً ما تتم هذه الإجراءات بعد فحص الطبيب الدقيق للسيرة المرضية والوراثية للأبوين وسؤاله عن الأدوية التي ربما تناولتها الأم خلال القسم الأول من الحمل في حال واجهته شكوك واحتمالات حول إصابة الجنين بمُتلازمة تفقم الأطراف
علاج تفقم الأطراف عند الأطفال
يُمكن علاج مُتلازمة تفقم الأطراف لدى الأطفال من خلال عملية جراحية ترميمية في مُحاولة لتعويض الأطراف المفقودة شكلًا ووظيفةً نوعًا ما، إلا أن هذا الأمر يُصبح صعبًا إلى حد المُستحيل في حال ضمور الأعصاب والعظام الطرفية بشكل لا يُمكن التعامل معه جراحيًا. وفي هذه الحالة يتم اللجوء للأطراف الصناعية التعويضية التي أصبحت أكثر تطورًا شكلًا ومضمونًا عن ذي قبل بحيث تتعامل مع الإشارات الكهربية التي تُرسلها الأعصاب والعضلات فتتحرك بشكل أكثر سهولة وتلقائية يُشبه كثيرًا حركة الأطراف الطبيعية.
ومع صعوبة تأقلم وحمل الأطفال حديثي الولادة أقل من 6 أشهر للطرف الصناعي يُمكن الاستعاضة عنه خلال هذه السن بقفاز خفيف الوزن يقترب منه في الشكل، ثم استبداله بالخطاف على عمر السنتين.
وختامًا عزيزتي الأم، فقد عرضنا لكِ خلال المقال أهم أسباب وأعراض مُتلازمة تفقم الأطراف عند الأجنة والأطفال وأهم سبل علاجها، نتمنى أن تكون معلوماتنا قد أفادتك ونُرعيكِ انتباهًا بعدم تناول أي أدوية بدون وصفة طبية خلال فترة حملك والاهتمام بإجراء الفحوصات الجينية اللازمة قبل الزواج لتُجنبي طفلك الإصابة بالمرض الخطير.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق