كل عام يزورنا رمضان، وكل زيارة له تحمل في طياتها الخير للمسلمين، والمحبة والصفاء، والاهم من ذلك انها تحمل لنا المغفرة والرحمة، وفرصة للعتق من النار، فالله عز وجل لا يبخل على عباده بالفرص لتصحيح المسار، وادراك الغفران، وهو القادر فوق عباده، ومن ليال رمضان المباركة، والتي تعتبر من ابرك الليالي عند المسلمين، ( ليلة القدر )، فهي ليلة نزلت في وصفها، وبيان فضلها ايات قرانية ، فقال عز شأنه وجلاله عنها :
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2)لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ(4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) )، ولتوضيح ما فضل ليلة القدر يتوجب ان نشرح، ماهية هذه الليلة، وما اسباب فضلها، واسباب تسميتها بهذا الاسم، وعلاماتها ؟، وذلك حتى تحصل الفائدة :
اسباب تسميتها بليلة القدر :
اختلف في سبب تسمية ليلة القدر بهذه التسمية ولذلك سنقوم بذكر اهم اسباب هذه التسمية :
- لان الارض لا تتسع فيها وتضيق من الملائكة التي ينزلون اليها، فمن المعلوم ان الملائكة تنزل للارض في هذه الليلة وباعداد كبيرة، وتغادرها مع الفجر .
- سميت بهذا الاسم نسبة الى القدر، فيقال ( ان فلانا ذوقدر بين قومه )، اي ذومكانة وشرف وتعظيم، ولهذا هي ليلة عظيمة عند المسلمين .
- ويقال ان سبب التسمية انها ليلة تسجل في الاحداث لعام قادم، ففيها يقدر الاجل والقادم، ولهذا هي ليلة فيها قدر .
متى تاتي ليلة القدر :
في الاساس هي ليلة مباركة موعدها رمضان، فهي ليلة من لياليه، ولا تعلم اي ليلة منها، فقد تكون في الليلة الاولى، وقد تكون في الثانية، اواخر ليلة من الشهر الفضيل، الا انه تم التماس فضلها في العادة في الليالي العشر من رمضان لما ورد على اللسان الكريم من حديث :
( التمسوها في العشر الاواخر )
، فكان ان انتظرها السواد الاعظم من المسلمين في تلك الليالي ,وقد اشار بعض علماء المسلمين الى انتظارها في الليالي المتواترة (الفردية ) وتم تفضيل ليلة السابع والعشرين من رمضان عن غيرها لعدة احاديث منها حديث ابي ابن كعب :
والله الذي لا اله ال هو انها لفي رمضان، والله اني لاعلم اي ليلة هي، هي الليلة التي امرنا رسول الله عليه الصلاة والسلام بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين، وامارتها ان تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع فيها
، فإذا فالغالب عند جمهور المسلمين انتظار هذه الليلة المباركة في في السابع والعشرين من رمضان .
ما هي علامات ليلة القدر :
- ويقصد بها الاشارات التي ترمز الى حصول ليلة القدر، والغالب انه في حال حدوث ليلة القادر ان يلاحظ الناس الاتي :
- طلوع الشمس في صباح يومها دون شعاع، واما المعنى بإن الشمس بلا شعاع فهو انها تكون صافية، وليست حامية على الناس .
- انها ليلة يكون فيها نور وضوء غير مألوف، وقد يقول البعض في هذه الايام بعدم رؤياهم لهذا النور، وقد يكون السبب هو اضواء الكهرباء المستخدمة حاليا في الليل، اما من يقدر على رؤية نور هذه الليلة، يجب ان يكون في الخلاء، وحيث لا كهرباء, فتكون له واضحة .
- يكون الجو فيها صاف، لا رياح ولا هواء، ولا امطار . ليلة ساكنة .
- ومن علامات وفضل هذه الليلة شعور الانسان العابد في بالطمانينة والراحة النفسية، والبعد عن الخلاف والمشاكل، والاقتراب فيها الى الله، فيكون في الانسان مرتاحا، وصاف الفكر .
ما هي فضائل ليلة القدر :
1. ليلة خير من الف شهر :
فكما ذكرت الاية الكريمة في وصف هذه الليلة، ففضلها يعادل ويزيد عن الف شهر، والالف شهر ما يقارب ثلاثة وثمانون سنة وثلاثة اشهر، وفي تقديرها ان اجر العبد عن عبادته في هذه الليلة يعادل ما يقارب عمره، ففضلها عظيم من الله الذي هو ارحم بالعباد من بعضهم، فاوجب مسببات لرحمته .
تنزل فيها القران الكريم :
وفي هذه الليلة امر الله عز وجل الملائكة بتنزيل القران الكريم، من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا، ثم انزل على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام طوال مدة دعوته،
استجابة الدعاء :
ليلة مستحب فيها الدعاء ففيها تفتح ابواب السماء لكل داع يستجير بالله، وهو المغيث، فيستحب ان يكثر العبد من الدعاء لله تعالى وتسميتها .
ليلة فيها الراحة والطمانينة والسلام :
يشعر المسلم في هذه الليلة بالراحة كما لم يشعر به من قبل، ويخلو من الضغينة والكراهية وافكار السوء، ويكون اقرب للسلم من ذي قبل .
الرحمة والمغفرة :
ليلة وجبت فيها الرحمة والمغفرة فيفضل الاستغفار فيها كثير وطللب الرحمة فعن الرسول عليه الصلاة والسلام انه اجاب سيدتنا عائشة بنت ابي بكر في سؤالها :
يا رسول الله، ارايت ان علمت اي ليلة ليلة القدر ما اقول فيها ؟ قال : قولي : اللهم انك عفو كريم تحب العفو فأعف عني.
يكتب فيها الاجل لعام قادم :
ففيها يبين الله عز وجل للملائكة الاجل لعام قادم، فيكتبونه للعباد، كل على حدا، ففيه يكتبون اجل الموت، والرزق، الخبر السعيد، والخبر السيء، فهل هناك اجمل من ان يستهل العبد عامه القادم بالاستغفار والعبادة لله عز وجل .
أضف تعليق