يمكننا القول بعدم القدرة على تحديد نهج معين يمكن من خلاله تسعير الغاز الطبيعي وإلزام كافة الدول والمنتجين بالسير على هِذا النهج. ويرجع ذلك إلى وجود عوامل حاكمة تتدخل بشكل مباشر في تسعير الغاز الطبيعي منها اختلاف الأسواق وطريقة التوريد، وكذلك نوع الغاز الطبيعي من حيث الإسالة والغازية، بالإضافة إلى قواعد العرض والطلب المتغيرة.
استكشف هذه المقالة
الفرق بين تسعير الغاز الطبيعي وتسعير البترول
من الناحية النظرية يعتبر تحديد سعر البترول أيسر كثيرًا من تحديد سعر الغاز الطبيعي، وذلك من تبعًا لعدة جوانب أبرزها:
- أسعار البترول تكون بالبرميل وليس بالوحدة الحرارية كما هو الحال مع الغاز الطبيعي، أسعار البترول يحكمها فقط العرض والطلب، وهو ما يُسهل تغيير الأسعار بحسب الرغبة، فعند الحاجة لزيادة سعره عالميًا يكفي الاتفاق على خفض الإنتاج، والعكس صحيح.
- البترول له منظمة حاكمة ومُنظِمة، تسري قراراتها على كل الدول المنتجة، وهي منظمة أوبك (اتحاد منتجي النفط)، فبناءً على ما يقرره الدول الأعضاء وخططهم لمستقبل النفط يتحدد السعر، أما الغاز الطبيعي فلا يوجد اتحاد مثل هذا لمنتجيه. السوق، طرق النقل، المدى الزمني للتعاقد، كل تلك العوامل لا تتدخل في تحديد سعر النفط بأي شكل من الأشكال، وهو عكس ما يحدث مع الغاز الطبيعي.
طرق تسعير الغاز الطبيعي
كما سبق وأن ذكرنا توجد عدة عناصر لها يد طولي في تحديد سعر الغاز الطبيعي، ولبيان هذا التأثير الجم يمكننا التعرف على كيفيات التسعير بالإشارة إلى بعض أمثلة من أسواق البيع.
تسعير الغاز الطبيعي في أسواق جنوب شرق آسيا
فإذا نظرنا لدولة كاليابان مثلًا فسنجد أنها تشتري المليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعي بمعدل يقارب 15$ تقريبًا، والسر وراء ارتفاع السعر هنا مقارنةً بأسواق أخرى هو تدخل عنصر النقل والتوريد في التسعير، حيث يتم نقل الغاز الطبيعي بعد إسالته من البلد المنتج إليها بالناقلات البحرية.
وفي العادة يرتبط كليًا سعر الغاز المسال بسعر برميل النفط، فإذا افترضنا مثلًا أن سعر البرميل 70$، ومن المعروف أن البرميل الواحد يحتوي على 5.8 مليون وحدة حرارية، فبذلك يكون سعر المليون وحدة حرارية منه حوالي 12$، ومن ثَم يصبح هذا الرقم هو معدل سعر المليون وحدة حرارية من الغاز المسال.
تسعير الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة الأمريكية
كيفية التسعير مختلفة تمامًا في أمريكا عن كل دول العالم، فهناك لا حاكم في تسعير الغاز الطبيعي سوى العرض والطلب فقط. حيث يتم إنتاج الغاز من الحقول التقليدية وغير التقليدية، ثم يقوم بعدها مركز “هنري هوب” لتجارة الغاز بالتسعير بناءً على العرض والطلب فقط لا غير.
وبذلك إذا تعطلت خطوط الإنتاج وانخفض المعروض من الغاز الطبيعي يرتفع سعره مباشرة، وأبرز الأدلة على ذلك تسعير مركز “هنري هوب” للمليون وحدة حرارية بـ 12$ في العام 2006م، ولكن ما أن يزيد المعروض من الغاز الطبيعي ويقل الطلب عليه ينخفض السعر تلقائيًا، وهو ما حدث بالفعل في العام 2012م عندما زاد إنتاج الغاز الصخري في أمريكا واتسعت الفجوة بين المعروض والمطلوب، وحينها قام المركز بتسعير المليون وحدة حرارية بدولارين فقط.
والخلاصة أن السوق الأمريكية متذبذبة تبعًا لعوامل داخلية لا تؤثر في السوق العالمي للغاز الطبيعي، ولا تتأثر به.
السوق الأوروبية
تسعير الغاز الطبيعي في القارة الأوروبية له واقع مختلف تمامًا، حيث نستطيع القول إن معدلات التسعير متوسطة نوعًا ما بين أسعار الغاز الأمريكي وأسعار الغاز في بقية أسواق العالم.
ويرجع ذلك إلى اعتماد السوق الأوروبي على مصدرين اثنين للغاز الطبيعي، المصدر الأول -وهو المسيطر على غالبية السوق- وهو الغاز الروسي المنقول إلى أوروبا عبر الأنابيب (نقل الغاز بالأنابيب لا يلزمه إسالة)، والمصدر الثاني هو الغاز المسال المنقول بالناقلات البحرية (يُربط بأسعار النفط)، وسيطرة الغاز الروسي هي السبب في جعل معدل تسعير الغاز الطبيعي في أوروبا متوسط ولا يُشبه الأسواق الأخرى؛ لأنه يقل سعريًا عن الغاز المسال بنسب تتراوح بين 20% إلى 40%.
من الأمثلة السابقة يتضح جليًا عدم القدرة أبدًا على وضع معايير منضبطة لتوحيد طريقة تسعير الغاز الطبيعي في كل أسواق البيع.
أضف تعليق