تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » أمور الاسرة » كيف يؤثر ترتيب الطفل داخل أسرته على تكوين شخصيته؟

كيف يؤثر ترتيب الطفل داخل أسرته على تكوين شخصيته؟

لأن ترتيب الطفل داخل أسرته يعد من أهم ما يؤثر على تكوين شخصيته وتشكيلها منذ الصغر، فإنه من الأهمية بمكان معرفة أهم السمات الشخصية التي تميز كل طفل وكيفية تقويم الصفات السيئة عن طريق تجنب بعض الأخطاء التي يقع فيها الآباء.

ترتيب الطفل

إن ترتيب الطفل داخل الأسرة يسهم كثيرا في تشكيل شخصيته، بل ربما كان هو العامل الأكبر الذي يفوق تأثيره تأثير ما دونه من العوامل، مثل العامل الوراثي وغيره. ومن الطبيعي أن يكون الإخوة داخل الأسرة الواحدة مختلفين كثيرا في طباعهم وسماتهم الشخصية، وذلك لأنهم لا يملكون نفس الأم والأب؛ بمعنى أن الأبوين يتعاملان مع كل طفل لهما بشكل يختلف عن الآخرين. وعادة ما يتشكل في ذهن الأبوين صورة معينة لكل من أطفالهما، كأن يتخيلا الطفل الأكبر بشخصية قيادية جادة والطفل الأصغر بشخصية مدللة لا مبالية وهكذا. وهذا يجعل الأبوين يعطيا دورا مختلفا لكل من أبنائهما ولا يعاملانهم نفس المعاملة. تعرفوا معنا من خلال سطور هذا المقال على مدى تأثير ترتيب الطفل وأهم السمات التي تميز كلا من الطفل الأكبر والأوسط والأصغر والأسباب التي تعود إلى اتصافهم بهذه السمات.

ترتيب الطفل في العائلة

ترتيب الطفل ترتيب الطفل في العائلة

بالطبع يؤثر ترتيب الطفل في العائلة على سماته الشخصية. ونحن نرى بأنفسنا مدى اختلاف شخصية الابن الأكبر والأوسط والأصغر؛ حتى أننا نلاحظ سمات معينة تميز كل منهم، ويتفق فيها جميع الأطفال. وعلى الرغم من أن جزء كبيرا من سمات الشخصية يتكون من خلال البيئة المحيطة بالطفل وطبيعة تربيته، فإن كل أبوين يلاحظان اختلافا كبيرا بين أطفالهم؛ على الرغم من ولادتهم من رحم واحد ونشأتهم في نفس البيئة؛ وهذا يعود بالطبع إلى ما نتكلم عنه، وهو ترتيب الطفل داخل أسرته. ومما يسهل التربية على الأبوين معرفة السمات الشخصية التي تغلب على كل طفل في الأسرة حسب ترتيبه، حيث أنه من المهم وضع ذلك في الاعتبار وعدم التقيد بطريقة موحدة في التربية والتعامل.

الاختلافات التربوية بين الأبناء

تحدثنا في السابق عن اختلاف شخصية الأبوين مع كل طفل داخل الأسرة، وهو ما يجعل كل منهم له شخصيته المختلفة وسماته التي تميزه عن غيره من إخوته. وسنتكلم فيما هو قادم عن أهم الاختلافات التربوية التي يكون لها عظيم الأثر في تشكيل الشخصية حسب ترتيب الطفل داخل العائلة. وهذه الاختلافات هي كما يلي:

  • يحظى الطفل الأكبر باهتمام من قبل والديه يفوق الاهتمام الذي يحصل عليه إخوته الآخرين. وعادة ما تعتري الوالدين حالة من التوتر والترقب على مدار تعاملهما مع الابن الأكبر، حيث أنه يعتبر حقل التجارب الأول لهما. وحتى لو كان الأبوين يتعاملان بحرص مع الإخوة الآخرين، فإن الخوف والقلق سوف يزول تماما من قلبيهما ولن يكون على نفس القدر من الترقب.
  • لا ينصب جل اهتمام الوالدين بتفاصيل حياة الطفل إلا على الطفل الأكبر، حيث يكون هناك الوقت الكافي الذي يسمح بذلك، بخلاف لو زادت المسؤوليات وأصبح هناك أكثر من طفل يحتاج للرعاية، فهذا لا يعطي الأبوين الفرصة للتدقيق في جميع التفاصيل.
  • عادة ما تتميز تربية الأطفال اللاحقين للأخ الأكبر بالحكمة والهدوء، حيث أن الأبوين يصبحان على دراية بأن صغائر الأمور لا تسبب مشاكل كبيرة. وعلى سبيل المثال، لو سقط الطفل الأكبر على الأرض وأصيب بكدمة أو خدش فإن الأم تهرع إليه وكأن هناك مصيبة. وهذا قد يؤثر بالسلب على تكوين وتشكيل شخصية الطفل. أما عند التعامل مع الإخوة الآخرين فإنه يصبح معلوما أن هذه أمور طبيعية لا مفر من المرور بها.

شخصية الابن البكر

يؤثر ترتيب الطفل البكر على تشكيل شخصيته، حيث يتمتع بالعديد من الصفات التي غالبا ما يفتقدها أشقاؤه. وأهم هذه الصفات هي ما يلي:

  1. الميل الدائم إلى المثالية وحب التميز على جميع الأصعدة، والتي يكون نابعا من اهتمام الوالدين بصورة كبيرة به، حيث أنه يعتبر تجربتهم الأولى في التربية. وهذا يجعل الوالدين مهتمين بدرجة كبيرة بأدق التفاصيل التربوية، سواء ما يتعلق بالتربية الجسمانية أو النفسية. كذلك تكون تريبة الطفل الأكبر هي خليط من المحاولات والأخطاء والتمسك بالمثالية الذي يكون في الغالب مرتكزا على الاستعانة بكتب التربية المنتشرة.
  2. حب التملك والحصول على المزيد من الاهتمام في كل مراحل حياته. ويرجع السبب في ذلك إلى أنه يقضي الفترة الأولى من حياته بمفرده مع والديه ويحصل على جل اهتمامهما ووقتهما. وقد يؤدي ذلك أيضا إلى شدة تعلقه بالأبوين، والأم بصفة خاصة.
  3. القيادية التي تتملكه، لشعوره بأنه أكبر أشقائه وبأنه يقوم بدور الموجه والقائد. وقد يساعد الأبوين ابنهما على تقوية هذه السمة أو العكس، حيث يعتمد ذلك على أسلوب التربية وطريقة التعامل مع الأطفال داخل المنزل. وعادة ما تؤدي هذه الصفة إلى أن يصبح الابن الأكبر مائلا إلى حب السيطرة على إخوته وتقديم الرعاية لهم، وهو ما يجعلهم في حاجة دائمة إلى مساعدته وتقديم يد العون منه.
  4. حب النجاح والنظام والتفوق في جميع مناحي الحياة، وأهمها المجال الدراسي، وذلك سعيا لأن يكون مثاليا كما تعود منذ الصغر.
  5. الحكمة والشعور بالمسؤولية، حيث أنه يولد في أسرة من البالغين وليس هناك أطفال آخرين يحيطون به، وبالتالي فهو يتعامل كما الكبار ويشعر دوما بأنه مثلهم.
  6. الشعور بالمسؤولية تجاه المحيطين به، وخاصة إخوته الصغار، حيث أن أبويه لهما الكثير من التوقعات وينتظران منه الكثير. وهذا يجعل الطفل الأكبر يسعى دوما في كسب ثقة أبويه والمحيطين به وإشعارهم بأنه يمكن الاعتماد عليه وتوكيل المزيد من المهمات له. وغالبا ما تظل هذه السمة ملاصقة للأخ الأكبر فيختار دوما مجالات دراسة أو عمل تتطلب حمل الكثير من المسؤوليات.
  7. الشعور بافتقاد الاهتمام من قبل الأبوين في وقت ما، مثل الوقت الذي يأتي فيه أخ أصغر. وهنا يجد الطفل أنه لم يعد متربعا وحده على عرشه وأنه أصبح هناك من يقاسمه مكانه. وهذا يجعله يمر بفترة من عدم الاستقرار الذي يترجمه إلى مجموعة من السلوكيات الغريبة عليه، مثل محاولة لفت الأنظار بالبكاء والأنين ورفع الصوت وتقليد أخيه الأصغر في كل شيء وعناد أبويه، وهكذا.

شخصية الابن الأوسط في ترتيب الطفل

ترتيب الطفل شخصية الابن الأوسط

يؤثر ترتيب الطفل الأوسط داخل أسرته على سماته الشخصية. وعادة ما يتميز ببعض الصفات التي نوردها فيما يلي:

  1. عدم السعي إلى المثالية مثلما يفعل الطفل الأكبر، وذلك لأن أبويه يكونا قد اكتسبا خبرة كافية عند التعامل مع أخيه الأكبر، وبالتالي فإنهما لا يسعيا إلى الدقة في تعاملهما معه، كما أن وقتهما يكون مقسما على الطفلين، ولا يحصل الطفل الأوسط على الوقت والاهتمام اللذان حصل عليهما شقيقه الأكبر.
  2. السعي في إرضاء المحيطين به، وذلك لأنه لا يحصل على الاهتمام والرعاية التي يحظى بها الشقيق الأكبر، وهو يرى أنه بإرضاء المحيطين به سيحصل على الاهتمام الذي يفتقده.
  3. الشعور الدائم بالتجاهل والتغافل من قبل الوالدين والمحيطين به، وذلك لأنه يرى الأخ الأكبر له مكان مميز والأخ الأصغر كذلك وهو لا يجد ما يميزه. ويدفع هذا الشعور الطفل الأوسط إلى تكوين جماعات الأصدقاء والسعي في البروز وإثبات ذاته فيها.
  4. الميل الدائم إلى الثورية، وذلك بسبب افتقاده للكثير من احتياجاته النفسية. وهذا يجعله يتمرد بعض الشيء على والديه وجميع أفراد أسرته ويعاندهم ويصمم على تكوين مجموعة من الأصدقاء، حتى ولو لم يرضى أفراد الأسرة عن ذلك.
  5. الشعور بسيطرة الأخ الأكبر وعدم الاستغناء عنه وكأنه الأب الثاني داخل المنزل.
  6. التعاون بشكل قد يفوق تعاون الأخ الأكبر، والذي اعتاد العيش واللعب بمفرده لمدة من الزمن، على الرغم من أن الطفل الأوسط يحتفظ لفترة من حياته بشخصيته التنافسية ويحاول جاهدا إثبات ذاته.
  7. الاهتمام بأفكار مثل العدل والإنصاف، حيث أنه يفتقدهما في الغالب ولا يشعر بكيانه داخل الأسرة.
  8. يكتسب الطفل الأوسط نفس السمات الشخصية التي يتميز بها الطفل الأكبر إذا ما سعى الوالدين إلى إعطائه نفس القدر من الاهتمام والوقت تماما كما فعلا من طفلهما الأول، ويؤثر أسلوب تربيتهما له على تكوين شخصيته بشكل كبير. وليس بالضرورة أن يكون الطفل الأوسط مختلفا كثيرا عن أخيه الأكبر، بحسب الأسلوب التربوي الذي ينتهجه الأبوين.
  9. عادة ما تظهر مهارات الطفل الأوسط في وقت متأخر من حياته، على الرغم من أن هذه المهارات تؤهله للعمل بمجالات تحتاج إلى التفاوض والمرونة والسيطرة. وعندها يحصل على ما يحتاج من اهتمام.

صفات الابن الأصغر

للطفل الأصغر سمات شخصية تغلب عليه بسبب أسلوب التربية الذي عادة ما يختلف عن أسلوب تربية إخوته الكبار. وأهم هذه السمات الشخصية هي:

  1. السعي إلى المزيد من الاستقلالية والحرية وأخذ المساحة الشخصية الكافية، وذلك لأنه في الغالب يعتاد على ذلك منذ الصغر بسبب أسلوب معاملة أبويه له، والذي يعطيه هذه المساحة.
  2. عدم الالتزام بنفس القواعد التي يلتزم بها الإخوة الكبار، وعدم التقيد بأي منها، فهو الطفل المدلل الذي لا يحاسب على أخطائه ومن حقه أن يفعل ما يحلو له. كذلك يكون الأبوين قد أنهكوا في تربية الإخوة الكبار وأصبحوا متمكنين كذلك من أساليب التربية، وقد يؤثر عامل السن الذي- مع تقدمه- فلا يسمح بالتركيز الشديد في جميع التفاصيل.
  3. الاجتماعية وكراهية الانعزال وحب الاجتماعات والحفلات والذهاب كثيرا إلى خارج المنزل.
  4. السعي إلى اجتذاب اهتمام الآخرين والشعور بامتيازه على إخوته، لأنه دائما محط اهتمام الوالدين داخل المنزل.
  5. حب التملك والأنانية التي يعتمد قدرها على أسلوب تربية الأبوين، حيث أنهما عادة ما يعودانه على الحصول على كل ما يبتغي ولا يرفضان له طلبا. وقد يصل به الأمر إلى الاحتيال والتلاعب بالغير حتى يحصل على ما يريد.
  6. القدرة على جذب انتباه المحيطين وكسب حبهم، حيث أنه يتمتع بشخصية فريدة ساحرة محبوبة.
  7. الشعور بالأمان والطمأنينة لأنه يحصل على مكانة خاصة كتلك التي يحصل عليها الابن الأكبر. ولهذا قد تكون هناك صفات مشتركة بينهما.
  8. حب الدراسة والعمل في مجالات ترفيهية لا تتطلب الكثير من بذل الجهد، وذلك لأنه اعتاد على عدم تحمل مسؤوليات كبيرة، وبالتالي لا يمكنه العمل إلا في المجالات الحرة.

صفات الابن الوحيد

ترتيب الطفل صفات الابن الوحيد

لسنا نتحدث هنا عن ترتيب الطفل داخل الأسرة، ولكن نتحدث عن أهم السمات الشخصية التي تميز الابن الوحيد، وهي:

  1. التمتع بنفس صفات الابن البكر، لأنه نشأ محاطا بالبالغين الذين يعمد إلى تقليدهم منذ الصغر، إلى جانب أنه يفوق أقرانه ويسبقهم لأنه الشخص المتكلم المبدع الناضج الذي يعلم ما يقول وما يفعل.
  2. التمتع بذكاء منفرد ومهارات كثيرة فائقة في مجالات شتى، حيث أنه لا يمر بتجربة وجود أخ آخر، بل يظل اهتمام أبويه منصبا عليه طوال الوقت.
  3. الثقة بالنفس والشعور بالاستقلالية، لأنه يقضي معظم أوقاته وحده.
  4. التمتع ببعض السمات الشخصية التي يتمتع بها الطفل الأصغر، حيث أن له نفس المكانة تقريبا داخل العائلة.

هذه هي أهم الفروق الفردية التي تنشأ عن ترتيب الطفل داخل عائلته أو أسرته. وننوه في الختام على أنه ليس بالضرورة أن يتصف أي من الأبناء بصفات سيئة بسبب ترتيبه، بل من الممكن تفادي ذلك عن طريق التحكم الجيد في أسلوب التربية وتوحيده على جميع الأبناء. يكفي معرفة الأساليب الجيدة والسيئة في التربية والتمييز بينها للوصول إلى ذلك.

سارة الدالي

مترجمة وكاتبة، تخرجت في كلية اللغات والترجمة الفورية بجامعة الأزهر الشريف. محبة للقراءة والكتابة في جميع المجالات، وخاصة مجال الرواية.

أضف تعليق

14 − ستة =