إن بناء الثقة بين الشركاء قضية لا بد أن تُعطَى الأولوية والاهتمام الكافي قبل كل شيء وحتى قبل البدء في الشراكة، والثقة كما يعرفها الخبراء هي “توقع الإيجابية العالية لدينا نحو شخص آخر عند التعرض للمخاطر أو الشدائد” فالشدائد هي التي تكشف وتبين لنا معادن الرجال كما قالوا قديما، والشركاء في العمل يتعرضون لمستويات عالية من التحديات (المخاطر) التي بدورها تستوجب بناء الثقة مع الشريك؛ حتى يتم اجتياز المحن والتغلب على التحديات، وبدون الثقة التي تقوم على النوايا الحقيقية الحسنة تجاه الآخرين لن تنجح علاقاتك معهم؛ وينتج عن ذلك أشكال عديدة من فساد العلاقات كالغش وخيانة الأمانة والمشاعر الزائفة والكذب والخداع والتضليل والتي تؤدي في النهاية إلى فشل تلك الشراكة، ومن هنا نتبين أن الثقة بين الشركاء هي العامل الأساسي في إنجاح العلاقات بينهم، ومن أجل بناء الثقة بينك وبين شريكك يتوجب عليك اتباع النصائح التالية.
نصائح من أجل بناء الثقة بينك وبين شريكك
مطابقة الفعل للقول
إن هذه الخطوة هي من أهم خطوات بناء قاعدة من الثقة بين الشركاء، وهي أن تفعل ما تقول أنك ستفعله حتى ولو كان شيئا بسيطا، وإذا لم تفعل فقد كسرت حاجز الثقة بينك وبين شريكك، ومع تكرار الفعل تنعدم الثقة تماما وتبوء العلاقة بينكما بالفشل الذريع، وفي الإسلام وصف القرآن الذين يخالف فعلهم قولهم بأنهم منافقون “يقولون ما لا يفعلون”.
الالتزام بالوعود
من أجل أن تستمر العلاقة طويلا بين الشركاء لا بد من التزام كل شريك بما وعد؛ حتى يمكن الاعتماد عليه، وإذا تغيرت الظروف وعجزت عن الوفاء بما وعدت فلا تتردد في إخبار شريكك بالحقيقة وشرح الأمور تفصيلا له حتى تعيد بناء الثقة بينكما، وعليك أن تتعلم من هذا الموقف حيث لا تعطِ وعودا تعجز عن الوفاء بها، ولا تحتقر وعدك حتى لو كان صغيرا فقد يكون الشريك الآخر قد بنى عليه آمالا أكبر مما تتخيل.
الصدق
يعتبر الصدق هو أقصر الطرق للوصول إلى قلب وعقل الآخرين، وهو السياسة الأفضل للتعامل مع الآخرين على أساس من الثقة الكاملة، وقد يكون الصدق خيارا غير مرغوب فيه أو أنه قد يكون على حسابك الشخصي، ولكنه يبقى هو الطريق الأمثل لبناء علاقة قوية بين الشركاء؛ لأن الحقيقة إذا ظهرت يوما ما بخلاف ما أظهرت لشريكك ينكسر حاجز الثقة بينكما على الفور، وبالتالي قد تعجز عن بناء الثقة بينكما مرة ثانية.
الاعتراف بالخطأ
من الأفضل للحفاظ على الثقة بينك وبين شريكك الاعتراف بالخطأ إذا وقع منك، فقد يحدث أحيانا أن تكذب على شريكك دون قصد؛ وهنا يتوجب عليك الاعتراف بهذا الخطأ مع شرح الدوافع التي دعت لهذا الخطأ، وقدرتك على الاعتراف بالخطأ وسيلة ناجحة لكسب ثقة الآخرين بك، ولا تنسَ الاعتذار عن هذا الخطأ وإبداء الندم الخالص الصادق على هذه الذلة، واحرص على عدم تكرار ذلك أبدا؛ لأن شريكك إذا اكتشف أنك أخطأت مرة أخرى دون أن تخبره فسوف تتآكل الثقة بينكما وقد يؤدي ذلك إلى فشل العلاقة.
حفظ الأسرار
حتى تحتفظ بجدار بناء الثقة قويا بينك وبين شريكك عليك بالاحتفاظ بأسراره وعدم البوح بها أبدا إذا لم يسمح لك بذلك؛ لأن ذلك يعتبر خيانة للثقة التي بينك وبينه، وقد يترتب على ذلك من الأضرار التي لا تتوقعها والتي قد تؤثر على حياته المهنية أو الشخصية، ويجب أن تعلم أن حفظ أسرار الآخرين من أهم الاختبارات الأخلاقية التي قد تتعرض لها لإظهار مدى عمق العلاقات الإنسانية بين الشركاء.
الولاء والانتماء
المقصود بذلك هو الاستعداد لحماية الشريك والوقوف إلى جانبه عند الحاجة وعدم التخلي عنه أو خذلانه عند الشدائد، وهذا أمر لا بد منه من أجل بناء الثقة مع الآخرين بصفة عامة، ويعتمد ذلك على الإيثار أي الاهتمام بمصالح وشئون الغير كما لو كانت مصلحتك الشخصية بل تفضيلها على مصلحتك الخاصة، وهذا الأمر أو ما يسمى (الإيثار) دعا إليه الإسلام في قول النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.
السيطرة على المشاعر وقبول النقد
يمكن لأي شخص بمهارة أن يكتسب احترام وإعجاب الآخرين وثقتهم من خلال التحكم في العواطف والمشاعر؛ لأنه لا يمكنك الوثوق في شخص متقلب المشاعر، وقد أثبتت دراسة أجريت على 500 من المديرين التنفيذيين أن الذين ينظمون مشاعرهم ويتحكمون فيها يكتسبون ثقة الناس أكثر من غيرهم، فإذا طغت عليك المشاعر وخشيت من انفلاتها عليك بالاسترخاء لتخفيف التوتر والصمت قليلا لتتمكن من إعادة توجيه عواطفك في الاتجاه الصحيح دون تسرع أو تخبط، كما يجب عليك لتتمكن من بناء الثقة مع الشركاء قبول النقد أو ما يسمى بالتغذية الراجعة سواء كان هذا النقد سلبيا أو إيجابيا؛ لأنه قد يظهر لك عيوبا أنت تغفلها، ولا بد من الاعتراف بالأخطاء وقت ظهورها والعمل على إصلاحها.
التواصل مع الآخرين
إن التواصل مع الآخرين وخصوصا الشركاء أمر لا بد منه لكي تستمر الثقة بينهم، فعلى سبيل المثال لابد من الاستماع إلى أفكارهم فضلا عن الإنصات إلى مشاعرهم وكذلك تفهم احتياجاتهم، ولكي تتمكن من بناء الثقة مع شركائك لا تحرص على أن تكون أنت المتحدث وهم يستمعون، بل يجب أن تفهم وجهات نظر الآخرين والاستماع إلى آرائهم دون عدوانية أو تعسف، وعليك أن تلتزم بتغيير سلوكك الذي يقطع التواصل مع شركائك؛ وبالتالي تنجح في إقامة بناء الثقة بينكما مرة أخرى.
المنفعة المتبادلة
عندما تسيطر على علاقتك بالآخرين روح المنافسة والبحث عن الفائز والخاسر ينكسر حاجز الثقة بينكما، ولكن على النقيض إذا فكر الشركاء بطريقة المنفعة المتبادلة والربح للجميع سيشعر الشريك أنك تبذل قصارى جهدك لتحقق له الخير كما تحققه لنفسك؛ وهنا يتعامل معك بنفس المفهوم ولا يفكر في مصلحته الشخصية فقط؛ وبالتالي تنجح العلاقة والشراكة بينكما.
الوضوح والتسامح
دائما يتوقع الشريكان من بعضهما البعض الكثير، والغريب في الأمر أنهما لا يظهران تلك التوقعات إلا بعدما يظهر أحدهما النقيض فيؤدي ذلك إلى فقد الثقة، ولن يتمكن الشريكان من بناء الثقة بينهما إلا إذا اتصفا بالوضوح والمصارحة، حيث يظهر كل واحد للآخر الدور المتوقع منه مع الاتفاق على الأهداف والغايات، ولا تنسَ أن تكون متسامحاً مع شريكك، وهذا يعني استعدادك للصفح عن هفواته وقبول أخطائه إذا اعترف بها وألا تقابل أخطاءه بالغضب والانتقام، وهذا من أعظم الأمور التي من شأنها استعادة ثقة الشركاء واستمرار العلاقة بينهما.
لا شك أن الشركاء يبحثون عن شريك قادر على كسب ثقة شريكه وعملائه بمهارة، وأصبحت عملية بناء الثقة بين الشركاء اليوم هي المحور الذي تقوم عليه الشراكة أو تتحطم لانعدامه، وقد تناولنا في هذا المقال أهم الخطوات التي يمكنك من خلالها بناء الثقة بينك وبين شريكك، ولكن يبقى أن تعلم أن هناك أمورا لا يمكن إغفالها مثل مشاركة الآخرين في مناسباتهم والموائمة بين أهدافك واهتماماتك مع تحديد القضايا المهمة والتحديات المتوقعة والمراجعة المستمرة للعلاقة بينكما والتي يجب أن تكون قائمة على الود والحب والتفاهم.
أضف تعليق