هل فكرة أن بركان يدمر العالم هي فكرة واقعية؟ في الواقع البراكين هي شقوق في القشرة الأرضية تخرج منها الصهارة، والتي تسمى وهي موجودة في باطن الأرض (ماجما) وحال خروجها للسطح تسمى (لافا)، وتتكون البراكين نتيجة الضغط الداخلي للصهارة على القشرة الأرضية وبفعل الاضطرابات الداخلية والحركات المفاجئة لطبقات الصخور والزلازل، ورغم كونها من أفظع الكوارث الطبيعية تدميرا لكن وجودها يضمن الاتزان الداخلي للأرض وتنفيس الضغط وتضيف المزيد من الصخور للقشرة الأرضية وتكوّن صخور مهمة اقتصاديا نارية كالبازلت ومتحولة كالرخام، وتكوّن وتربة خصبة غنية بالمعادن والعناصر المهمة لخصوبة التربة، كما تتكون حتى جزر كاملة من المواد البركانية، مثل جزر هاواي. أما عن خطورتها فلا تكمن خطورة البركان فقط في الحمم التي يلقي بها ولكن أيضا في كمية الرماد الهائلة التي تخرج من البركان مصاحبة للانفجار.
استكشف هذه المقالة
هل ممكن أن بركان يدمر العالم ؟
يقوم العلماء بتصنيف الانفجارات البراكين حسب قوتها إلى ثمانية مستويات من الخطورة، أكثرها ضعفا المستوى الأول وأقواها هو المستوى الثامن، وقد مرت الأرض ببراكين كادت بالفعل تدمر الحضارة عليها وسببت تغيرا كبيرا في المناخ ومعاناة لكل الكائنات على الأرض، ولنبدأ من المستوى الخامس حيث بركان سانت هيلين بأمريكا والذي تقدر قوته بأربعة وعشرين ميجا طن وهو أقوى 1600 مرة من قنبلة هيروشيما النووية، وإلى جانبه انفجار بركان فيزوف الذي دمر مدينة بومباي الإيطالية بالكامل في نفس المستوى.
وفي المستوى السادس انفجار بركان كاراكتوا في إندونيسيا عام 1883 وكانت قوته 200 ميجا طن أي أقوى من قنبلة هيروشيما 13 ألف مرة وكان صوت هذا البركان هو أقوى صوت سمعته البشرية على الإطلاق حتى إنه كان مسموعا في أستراليا وتولدت موجات تسونامي بارتفاع ثلاثين مترا دمرت الجزر المجاورة لجزيرة الانفجار التي دُمرت هي الأخرى بالطبع وتسبب الانفجار في مقتل 120 ألف نسمة في الحال، وتسببت كمية الرماد البركاني الخارجة منه في حجز أشعة الشمس وانخفاض درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.2 درجة مئوية لمدة أربع سنوات وكاد بركان يدمر العالم بالفعل!
وفي المستوى السابع انفجار بركان تمبورا على جزيرة في إندونيسيا أيضا عام 1815 والذي تسبب في خروج كمية من الرماد تقدر ب400 مليون طن والذي حجب الشمس عن دائرة قطرها 600 كيلومتر من موقع الانفجار لمدة يومين وانخفضت درجات الحرارة العالمية وساد الشتاء العالم لمدة عام حتى إن الثلج كان يتساقط في نيويورك في شهر يونيو، مما تسبب في هلاك المحاصيل وحدوث المجاعات.
وكان ذلك البركان الذي انفجر منذ 75 ألف عام في إندونيسيا وكان من المستوى الثامن، وكاد ينهي حياة البشر القليلين الموجودين حينها على الأرض، وهو بركان توبا العظيم، وكان أقوى 3000 مرة من انفجار بركان سانت هيلين وتسبب في خروج كمية من الرماد أكبر مئة مرة من رماد بركان تمبورا ودفن ذلك الرماد دولة لوكسمبورج تحت طبقة سمكها كيلومتر من الرماد ودفنت الأرجنتين تحت متر من الرماد وتسبب في دخول الأرض في شتاء لمدة عشر سنين وانخفضت درجات الحرارة العالمية 15 درجة مئوية وكادت مقولة أنه بركان يدمر العالم تتحقق.
أخطر بركان في وقتنا الحالي
إن أكثر البراكين المحتملة ليحدث لها انفجار من المستوى الثامن في وقتنا الحالي هو بركان يلوستون الموجود في حديقة يلوستون الوطنية في الولايات المتحدة، ولقد حدث له بالفعل ثلاثة انفجارات من المستوى الثامن كان آخرها منذ 640 ألف سنة، ويمكن لحجم الماجما المختزنة بداخله أن تدفن بلد كامل بحجم هولندا تحت كيلومتر من اللافا ورغم ضعف احتمالية انفجاره إلا أنه إذا حدث ذلك ستكون النتيجة دمار الحياة في الولايات المتحدة وهروب ملايين اللاجئين إلى دول العالم المختلفة، ودمار بلد كبير ومهم مثل الولايات المتحدة له آثار هائلة على العالم، ولنقل إن الرماد إذا تسبب في شتاء لمدة عشر سنين مثلا بركان توبا فسيؤدي ذلك لهلاك المحاصيل وحدوث مجاعات هائلة على مستوى العالم، ورغم ضعف احتمال انقراض البشر بسبب الانفجار إلا أن العالم بعد الانفجار سيكون مختلفا تماما عن العالم قبله.
كيف تنجو من انفجار بركاني؟
هناك بعض التدابير التي تزيد من احتمال النجاة عند حدوث انفجار بركان يدمر العالم ، ومنها البقاء داخل المنزل أو داخل أي مبنى وإغلاق النوافذ والأبواب جيدا، ووجود مخزون جيد من الطعام والماء والاحتياجات الأساسية ليكفي طول مدة البقاء بالمنزل، والانتباه دوما لوسائل الإذاعة مثل الراديو لمعرفة إذا ما كان الوقت ملائما للخروج من المنزل، وبالطبع لمعرفة المكان المناسب للهروب إليه والذي يعاني بشكل أقل من آثار الانفجار إذا تطلب الأمر.
إن سيناريوهات نهاية العالم كثيرا ما داعبت عقول المؤلفين والمخرجين وأنتجت الكثير من الأفلام التي تتحدث عن هذا الأمر، وإن انفجارا كهذا إذا حدث سيكون أكثر درامية وتأثيرا من الأفلام، لن نجد كلاما لوصفه، سيصفه فقط حال العالم بعده، وحتى ذلك الوقت، استمتع بالعالم حولك واحفظ ملامحه جيدا لنحكي عنه للأجيال القادمة التي قد لا تراه، واسع أن تكون مع النصف الذي سيحكي الحكاية لا الذي يحكى عنه.
الكاتب: أسامة سعد
أضف تعليق