بالتأكيد سمعت من قبل عن برج بابل وطريقة بنيانه الأسطورية، التاريخ كالمحيط كلما تعمقت فيه كلما وجدت ما يدهشك، وأثناء بحثك قد تكتشف أنك آمنت وصدقت بمحض خرافات وأساطير لم يكن لها يوما وجود، فهل برج بابل واحد من تلك الخرافات أم انه كان حقيقة ملموسة لم تجد طريقها الصحيح إلينا فتخبطت وضلت طريقها داخل روايات نسجها عقل راويها!
لقد تم ذكر برج بابل في مواضع عديدة منها لوح (آي-ساكلا) الذي يعود إلى عهد سلوقس الثاني ويُظهر وصف مفصل للبرج، كما ذكره المؤرخ الشهير (هيرودتس)، كما ذكر العديد من الرحالة برج بابل ولكنهم اعتمدوا على ما ذكره هيرودتس، ولكننا هنا سنشير إلى ما ورد في التوراة والقرآن عن ذلك البرج.
برج بابل في التوراة
جاء في سفر التكوين بالتوراة أنه بعد أحداث الطوفان وبعد الارتحال إلى الشرق استقر الجميع في أرض (شنعار) وعاشوا فيها، ومن ثم اقترحوا بأن يبنوا من الطين مدينة وبرجا لهم يجتمعوا فيها حتى لا يتفرقوا أبدا وكانوا وقتها يتحدثون نفس اللغة ، ولكن الرب نزل من السماء ورأى قيامهم ببناء المدينة والبرج وعلم نيتهم في أن يكونوا شعب واحد ولسان واحد وقد أرادهم تعمير الأرض كلها والانتشار فيها، فقال (هلم ننزل ونبلبل لسانهم) بمعنى جعلهم يتحدثون لغات مختلفة فلا يفهم كل منهم لسان الآخر وهكذا تم الكف عن بناء المدينة والبرج، ومن هنا كانت بداية اختلاف اللغات وتم تفريقهم في الأرض، وسمي برج بابل من البلبلة.
عارض القرآن فكرة البلبلة المذكورة في التوراة أن الناس كانوا يتحدثون نفس اللغة ثم تتم بلبلتهم واختلفت لغاتهم فقد ذكر الله تعالى في سورة الروم آية 22 أن اختلاف ألسنة الناس كانت منذ بدء الخليقة.
عند تحليل نص الرواية نجد أن البناء لم يكتمل فقد بلبلهم الرب قبل اكتمال البناء وافترقوا في الأرض، وتم التشكيك في الرواية وصحتها فقد تم تدوين أسفار التوراة بعد عهد (نبوخذ نصر) وبالتالي نلاحظ الفاصل الزمني الكبير بين الأحداث المذكورة وتاريخ تدوينها، وكذلك تأثر المدونين للتوراة بالسبي البابلي والفظائع الدموية التي عايشوها واقتناعهم أن الرب أمر بقتل الأطفال والنساء والشيوخ.
برج التوراة في القرآن
لم يتم ذكر أسم برج بابل بشكل صريح في القرآن الكريم، ولكن تم ذكر حادثتين في القرآن الكريم نسبها البعض لبرج بابل، أولا ما ورد في سورة النحل أية رقم 26 بأنه كان هناك قوم ظالمين أتاهم الله العذاب بأن هدم ما بنوه من أساسه وسقط فوق رؤوسهم، وقد تم تفسير تلك الآية بأنها تشير إلى (نمرود) الذي تجبر في الأرض، وأن النمرود هو الملك الطاغية الذي وقف أمامه سيدنا إبراهيم يحدثه عن الله عز وجل وقارن الطاغية نفسه بالله وأنه يستطيع إحياء الموتى ولكن وقف عاجزا عندما أخبره إبراهيم أن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتي أنت بها من المغرب.
ثانيا كانت حادثة فرعون مع نبي الله موسى عندما أمر فرعون وزيره هامان أن يبني له من الطين صرحا عاليا لكي يرى إله موسى, ولكن البعض قالوا أن الآية ذكرت أمر فرعون بالبناء ولكن لم تذكر هل تم البناء بالفعل أم لا كما لم تذكر مصير ما تم بناءه إذا بُني بالفعل كما أن تفاصيل تلك الأحداث وقعت في مصر.
وبالتالي لم نجد جواب شافي وواضح لحقيقة وجود برج بابل من عدمه وظل لغزا حتى الآن ينتظر من يستطيع فكه.
أضف تعليق