هل جرّبتَ يوماً أن تصل إلى درجةٍ من الطمأنينة مكّنتك من النوم في السفر ؟!!. ربّما كانتْ هي المرةُ الأولى التي تكتشفُ فيها أنَّ لديكِ رصيداً من القلقِ يكفي لمائة عامٍ مقدّما!. أو أنّك على الرغم من سعادتِك بشغف البدايات في تلك التجربةِ؛ أضاعَ كلَّ ما بقلبِك من حماسٍ وما بقلبك من مشاعر جنونية تلك التقلّبات التي أعلنت الحربَ على بطنِك بطريقةٍ شرسة. كنتَ بخيرٍ منذ عدّة دقائق بالضبط قبل أن يُطلَب منك ربط الأحزمة جيّداً والاستعدادُ للإقلاعِ ومِن ثَمَّ ها هي الطائرةُ تبدأ رحلتها الجوية؛ لتجد نفسك ما بين القلق والتوتر والاكتئاب والأرق، وكلٌّ يطحنُك بين قسوتِه عليك واستغلالِ رهبتك من التجربة. على كل ما ذكرنا؛ هل ما زلت تفكّر في النوم في السفر ؟! تعالَ لِنرى كيف يمكنك التغلّب على كل هذه الصعوبات لتنعَمَ بالهدوءِ إلى أن تصل بسلامٍ إلى وجهتك. هيا خذ نفسا عميقاً ثم اربط الأحزمة، ولنبدأ الرحلةَ إذن!.
النوم في السفر : نصائح وإرشادات
أعراضٌ وعواقب قد تمنعك من النوم في السفر
اضطرابات الجهاز الهضمي، آلامُ المعدة ومغص البطن، الأرقُ والقلقُ، وحالة من الشعور بالاكتئاب والملل والضجر، إدرارُ البول وإزعاجه كل بضع دقائق، والشعور بالخمول والكسل وغيرها من متاعب بدنية ونفسية غالبا ستصيبك عند السفر.
الاستعدادُ مسبقَاً لأجلِ التمكن من الراحة و النوم في السفر
في البدايةِ عليكَ أن تعرفَ أنّها ستكونُ عقبةً أيسرَ إذا قررتَ الاستعدادَ من قبلها بالفعل. ولكي تصبحَ على هذا القدر من الجاهزية والراحة قبل الموعد المحدد فعليكَ اتباع بعض الخطواتِ البسيطة التي تختصر عليك الطريق؛ فإليك ما يلي:
- حاوِل جاهداً أن تعرف بالضبطِ توقيتَ البلد الذي تنوي التوجّهَ إليه ثم ضبطِ ساعة يدِك قبلها بيومين على الأقل حتى تتمكّن من إعداد نفسك للتأقلم على التوقيت الجديد ونظام اليومِ الذي سيكون مفروضاً عليك بعد ساعات.
- حاول تأخير أو تبكير موعد نومك نوعاً ما حسبَ مواعيد المكان الجديد كي تتغلبَ على إضاعة الوقت والمجهودِ بعد الوصولِ إلى الوجهة الجديدة.
- اصنَع لنفسِك في خيالِك نظاماً افتراضياً يجعلُك وكأنك وصلتَ بالفعل ثم تناول الوجبات ومارس أنشطتك اليومية على أساسه.
- حاول التغلب مُسبقاً على صعوبات تغيير الساعة البيولوجية لجسمِك بالتعرض بعض الوقتِ للضوء بكميّةٍ جيدة.
ها قد وصلنا إلى الطائرة ودنَوْنا من تجربتنا الجديدة حيث النوم في السفر
هل أنت مستعدّ؟ تعالَ نرتّب الأمور ونضعها في نطاقها الصحيح حتى نتمتّعَ ببالٍ مطمئنٍ ونومٍ هادئٍ لا إزعاجَ فيه ولا أرق؛ فإليكَ بعض النصائح لنطبقها سويّاً الآن:
- اسعَ جاهِداً إلى أن تصل مبكّراً قبل موعدِ الطائرة بنحو 3 ساعات كي تستطيع اختيارِ مكانٍ مناسب _ يُفضّل البعض أن يكون بجوار شباكِ الطائرة حيثُ لا أحد يوقظك من نوْمك لكي يتمكن من العبور ثم الدخول مجددا وهكذا؛ مما يتسبب في إزعاجك_.
- احرص في اختيار مقعدك على أن يكون بعيداً عن إزعاج المحركات في المقاعد الخلفية.
- لا تكُن ضيّق الأفق كهؤلاءِ الذين يُخيّل إليك من ملابسهم أنهم في حفل زفافهم منذ الإقلاع وحتى الهبوط؛ فيصعب عليهم مجرد الحركة بسبب تعقيد ملابسهم.
- ارتدِ ثياباً واسعة ومريحة كي تتمكن من النومِ في هدوء ولُطف.
- لا يفوتُك أن تجلب معكَ بعض المتعلقات البسيطة والبالغة الأهمية في ذات الوقت، والتي تساعدُك على أن تنعزل بعض الشيء عن الضوضاء من حولِك. سدادات الأذن وعصابة العينين ووسادة الرقبة هم خيرُ رفاقٍ في رحلتك!.
احذر تناولَ المنبّهات كالنسكافيه والشاي وغيرهما قبل موعد الطائرة بوقتٍ كافٍ؛ فأنتَ الآن في أشدّ الحاجة إلى ترك الانتباه جانباً. - تناول السوائل والمياهُ مهمٌّ جداً لك ويناسبك أكثر في هذا الوقت تجنّباً للجفاف.
- ليس من الجيّد بالمرةِ أن تتصوّر الطائرةَ مطعماً، فلنْ يجنيَ متاعبَ ذلك أحدٌ غيرُك. معدتُك الآن في أشدّ الحاجة إلى الهدوء والراحة.
- سماعاتُ الرأسِ كفيلٌة أن تصنع لك جوا خاصاً خالصاً من الحركة والتنقل وكل دواعي الإزعاج. احرص على اصطحابها مع أغنياتك وأصواتِك الهادئة المفضّلة حتى تساعدَك على الاستقلال بذاتِك ومن ثمّ تحقيقُ النوم في السفر .
- لا بأسَ ببعض التمارين التي تُبقي جسدك في حالة استرخاءٍ لأكبر وقتٍ ممكن وكذلك تمارين التنفّس.
- اصنع مساحتَك الخاصّة بك بإبلاغ مضيفات الطيرانِ أنّك ستكون نائماً لبعض الوقتِ فلا توقظك إحداهنّ عند طلب شيءٍ ما أو تقديم الوجبات.
- اتفق معهنّ مسبقاً على أن تأخذ الوجبات قبل أو بعد النوم.
- البعضُ يُفضّلون أسلوباً أكثر فعالية وأسرعَ تنفيذا وإن كان ليس مضموناً بشكلٍ كلّيّ؛ وهو تناول الحبوب المنوّمة التي تجعلُك نائماً بفعلِ موادها الفعالةِ لفترةِ السفر. لكنّها قد تكون ممتدة المفعول أكثر مما تحتاجُ إليه فتصل إلى المطارِ ولم تزل نائماً أو تتحول الحبوبُ التي تضطر إليها إلى حالة إدمانٍ لها.
- إذا كانت فترة الرحلة طويلةً لمدة عشر ساعات مثلاً أو أكثر فجهّز نفسك للاستيقاظ مرة أو مرتين لتنشّط جسمك ثم تعود إلى النوم مجدداً مقسّماً مدة النوم في السفر إلى أجزاء مناسبة.
- قم ببعض التمارين العضلية وأنت في مقعدك أو إذا شئتَ ماشياً في الطائرة.
وأخيراً وصَلنا!
حمداً لله على سلامتك أخيراً وقد تمكنّا من التغلب على الأرق وحققنا إنجازاً مهمّاً لكثيرٍ من المسافرين لأول مرة أو للمرات الأولى؛ وهو النوم في السفر .
الآن عليكَ أن تستعدَّ لإنهاء إجراءات الوصولِ ثم التوجّه إلى غرفتكِ في الفندق الذي نويتَ الإقامة به أو في سكن عملكَ لتضع أمتعتك وتهنأ بالنوم الطبيعي بعيداً عن ذاك الذي اضطُررت إليه وأنت في السماء.
وإليك كذلك بعض التوجيهات البسيطة:
- خذ حماماً دافئاً يعيدُ إلى جسمك هدوءَه وحيويَته.
- لا يكُن نومك عميقاً إذا وصلتَ نهاراً حتى تتمكن من النوم عند حلول الليل وتتأقلم منذ البدايةِ على النظام الطبيعيّ والمسار العادي لليوم. ساعتان في هذه الحالة تكفيا جدّاً.
- إياك أن تستقبلَ وصولَك بتناول وجبةٍ دسمة تمنعك من النومِ بهدوءٍ أو اليقظة في اطمئنان!.
- اضبط نظامَ نومِك ومواعيد استيقاظك ووقت عملك حسب التوقيت الجديد وعوّد نفسك عليه. لا بأس إن كان متعباً فقط في أول يومين.
- الآنَ انتهت ساعات السفر، وما قبله من استعداد وما في خلاله من محاولة النوم في السفر وما بعده من الاستجمام. الآن عُد إلى نشاطك وطبيعتك.
وبرغم متاعِبه.. هل السفرُ مُتعة حقاً؟!
الإجابةُ وبكل تأكيد هي: نعم بالطبع، فإن السفر فيه اكتشافٌ لأرض الله هنا وهناك واستمتاعٌ بجمالِ الكونِ المسخّر لنا والانتفاعُ منه في سبيل جلب الرزق والتمتّع به إن كان سياحة.
إن السفر ثقافةٌ نفتقدُ انتشارها في أوساطنا حيث الفكرة المسيطرة بأنه فقط لمن يملكون فراغاً في وقتهم وليست لديهم مسئوليات؛ فبالعكس أرى أنه ضروريٌّ أكثر لهؤلاء الذين يحملون هموماً ومسئوليات حيثُ يعطيهم بعض الراحة ويمنحهم شيئاً من إذابة المشكلات والمتاعب.
أضف تعليق