النوستالجيا أو الحنين إلى الماضي هي حالة طبيعية تُصيب الكثير من الأشخاص تشعرهم بالسعادة تجاه ذكريات عاشوها في الماضي، فأغلب الأشخاص الذين يعيشون تحت ضغط وتعب وإرهاق ومشاكل نفسية يشعرون براحة وسعادة عارمة عندما يسرحون في ذكريات قديمة من الماضي تُذكرهم بقصص وحكايات سعيدة مع أهلهم وأصدقائهم وجيرانهم لأنهم في الغالب يفتقدونها في الوقت الحالي وغير قادرين على إعادتها بكامل تفاصيلها، لذا تُساعدهم النوستالجيا على تغير حالتهم المزاجية والشعور بسعادة عابرة لأنها غالبا ما تكون مؤقتة ويرجعون مرة أخرى لحياتهم الطبيعية.
استكشف هذه المقالة
عن النُوستالجيا
النوستالجيا هي حيلة يسعى بها العقل للحصول على مُتعة وسعادة يحتاج إليها عندما يمر صاحبه بحالة من الضيق أو الاكتئاب، ويعيشها بعض الأشخاص بصورة تجعلهم يتذكرون بعض الأحداث السعيدة والحياة البسيطة التي كانوا يعيشونها متقاربين وسعداء مع بعضهم البعض بعيدًا عن وسائل الاتصال الحديثة والتكنولوجيا والتطورات والتعقيدات ومواقع التواصل الاجتماعي التي ادمنها مليارات الأشخاص والتي ساعدت على تفريق الأشخاص بدلًا من تقريبهم من بعضهم، فمعظم الأشخاص الذين يلجئون إلى النوستالجيا يفتقدون الحياة التي كانت تضم أفراد العائلة بجانب بعضهم البعض حول مسلسل تلفزيوني أو برنامج إذاعي أو حول طاولة ممتلئة بالطعام ليتناولوا الوجبات الغذائية سويًا، ويتمنون استعادة هذه الحياة حتى ولو من خلال بعض الذكريات السعيدة والمؤقتة.
النوستالجيا التاريخية
ترجع بدايات كلمة النوستالجيا إلى القرن 17 عندما استخدمها طالب في كلية الطب بجامعة بازل السويسرية يُدعى (يوهانس هوفر) لكي يصف الألم الذي يعشيه بعيدًا عن موطنه الأصلي وحنانه إليه، ورغبته العارمة في أن يعود إلى دياره، ثم استخدمت مرة أخرى في القرن 18 في البلاد الأوروبية لكي تُعبر عن الحنين إلى الماضي وذكرياته السعيدة.
وقيل أن استخدام مصطلح النوستالجيا كان يُعبر عن حالات مرضية أصابت بعض الأشخاص بسبب التعلق الشديد بالوطن والبعد عنه، ولم تكن مجرد مشاعر بسيطة يكنها الأشخاص المهاجرين بل وصلت هذه الحالة بالكثيرين إلى الوفاة؛ بسبب التفكير الشديد الذي جعل العقل يسحب الدم الموجود من كل أجزاء الجسم حتى يتوفى الشخص. وفي نهاية القرن 18 اعتقد (هوفر) أنه في حاجة إلى استخدام مُصطلح جديد يُعبر عن شدة التعلق بالماضي وأحداثه وأشخاصه فاستخدم لفظ النوستالجيا، وبحلول منتصف القرن 19 توقف استعمال هذا المصطلح كلفظ طبي وأصبح يُطلق على الحنين إلى الماضي بشكل عام.
نوستالجيا الأدب
النوستالجيا في الأدب هي عبارة حالة من الحزن تأتي لبعض الأشخاص بسبب اغترابهم وبُعدهم عن وطنهم وأهلهم، وقيل هو الشعور بالاشتياق والحنين إلى أزمنة ماضية وقلوب تملئها الحنان ولحظات تغمرها السعادة والفرحة وحياة تبدلت ولم تعود كما كانت عليه في السابق.
ويرى بعض أساتذة الأدب أن أفضل معنى لمصطلح النوستالجيا هو ما عبر عنه القائد (بيرون) حينما وصف الحنين إلى الماضي وذكرياته والخيال الذي يعيشون فيه بسبب اغترابهم عن وطنهم في الوقت الذي خرجوا فيه لاستعمار العديد من البلاد، وعلى الرغم من خروجهم للاستعمار واستعمال أكثر الأساليب عُنفا وقسوة ووحشية ألا أنهم كانوا يُعانون من ضغط النوستالجيا وشدة الحنين إلى العودة إلى أوطانهم.
النُوستالجيا في علم النفس
يُعرف علم النفس مصطلح النوستالجيا بأنه حالة عاطفية تُصيب معظم الأشخاص وخاصة كبار السن والأشخاص الذين يشعرون بالوحدة، لذا فيقومون فيها باسترجاع الكثير من الذكريات واللحظات السعيدة التي مرت عليهم في الماضي، والبعد عن التفكير في أي أفكار سلبية، وهي من الحالات التي يستخدمها العقل لكي يُساعد الشخص على رفع حالته المعنوية وتحسين نفسيته وحالته المزاجية.
ويزيد الإحساس بالنوستالجيا عند الشعور بالوحدة أو عند شعور أي شخص بأن حياته ليس لها أي قيمة أو أنه كان قديما ذو منصب وجاه وأصبح في فترة أخرى عاطلًا، فتعمل هذه الذكريات على تحسين مزاجه بشكل كبير عندما يتذكر أمجاده، وتجعله يريد التواصل مع الأشخاص التي كان يعرفهم قديمًا، ويرغب في زيارة أماكن تحمل ذكريات سعيدة.
النوستالجيا في الموسيقي
يُعبر مصطلح نوستالجيا الموسيقي عن حالة يعيش فيها بعض الأشخاص تذكرهم بالموسيقي والأغاني التي كانوا يستمعون إليها بشكل خاص في فترة المراهقة، فالأغاني والموسيقي في هذه الفترة لها ذكريات خاصة مع الكثير من الأشخاص مع كل كلمة فيها وكل لحن، فهي لست مجرد ظاهرة من الظواهر الثقافية ولكنها نوع من القيادات العصبونية التي تجعل الشخص مهما تطور وكبر وسمع أغاني وموسيقي مختلفة يُردد أغاني المراهقة ويستمتع بموسيقاها أكثر من أي شيء آخر مهما كان ذوقه عالي.
فالاستماع إلى الأغاني وكلماتها يعمل على تشجيع القشرة العصبية والسمعية والإندماج بشكل قوي مع الأغاني، مما يعمل على تحفيز وسعادة مراكز المتعة التي توجد في الدماغ وتدفق الكثير من الهرمونات التي تجعل هؤلاء الأشخاص مرتبطين ببعض الأغاني مهما مر عليها وقت طويل.
على الرغم أن النوستالجيا تساعد الكثير من الأشخاص في تحسين حالتهم النفسية وتخلصهم من الحزن والاكتئاب لفترات مؤقتة، ألا أنها تعتبر ضارة إذا توقف الشخص عند ذكريات الماضي ولم يخطو خطوات هامة ومؤثرة نحو المستقبل. فالكثير منا يستمتع بذكريات الماضي ويتمنى أن يعود إليها مرة أخرى ولكن ماذا عن المستقبل؟ّ المستقبل هو الأساس ويُمكنك تذكر الماضي ولحظاته السعيدة ومحاولة تكرار النجاحات التي عيشتها فيه مرة أخرى لكي تظل حياتك مبهجة وتحارب جميع فترات الاكتئاب التي تمر بها بزيادة نجاحاتك.
أضف تعليق