هناك طريقتين يتم إتباعهما في النصر على الأعداء ، الأولى هي أن تكون لك قوة مادية أكثر منه، والثانية هي المكر، أي أن تفاجئ عدوك بخطة ماكرة وذكية وغير متوقعة، والغريب في ذلك هو أن الطريقة الثانية هي الأكثر فاعلية، على الرغم من افتقارها للقوة المادية، وإذا أطللنا من شرفات التاريخ، لوجدنا الكثير من القصص المثيرة عن الخطط العسكرية التي حققت انتصارات عظيمة، ولم يكن ذلك النصر بسبب وفرة العتاد العسكري وكثرته أو عدد المقاتلين، بل إنها كانت الحبكة والتخطيط الذي يتسم بالذكاء والدهاء والجرأة في التنفيذ، فمثلا، في فتح القسطنطينية عام 1453 ميلادية، لم تكن محاولة القائد محمد الفاتح هي المحاولة الأولى لفتحها، بل سبقتها عدة محاولات فاشلة لأن هذه المدينة كانت مدينة شديدة التحصين، واستطاع محمد الفاتح فتح هذه المدينة عن طريق خطة جريئة وماكرة تمثلت في نقل السفن الحربية برا إلى الجانب الأخر من البحر الأقل تحصيناً فكانت هذه مفاجأة للأعداء زعزعت قواهم وأفقدتهم توازنهم وجعلته يستولي على المدينة. وسوف نستعرض في هذا المقال بعض العوامل التي تساعدك في النصر على أعدائك.
أهم طرق النصر على الأعداء
الثبات الانفعالي
يجب عليك أن تكون هادئا أمام أعدائك وأن تحافظ على عدم الانفعال أمامهم، وذلك لأن الانفعال إن دل فإنما يدل على الضعف، هذا فضلاً عن أنه إذا حاول الأعداء أن يستفزوك وانفعلت أنت عليهم سوف يدركون بعدها أنهم أصابوا فيك جانب حساس من شخصيتك، وعلى وجه العموم من أجل تحقيق النصر على الأعداء، يجب عليك أن لا تبدي للأعداء أي موطن من مواطن ضعفك، حتى لا يستغلوا معك هذه الصفة أسوأ الاستغلال.
التعامل بحظر وسرية مع الأعداء
حاول أن تخفي لعدوك أي مشاعر حتى مشاعر كراهيتك له أخفيها وحاول أن تظهر له الصداقة وتستمع إليه، وذلك لأن الصديق يقدم لك الحلو من الكلام، أما العدو فلن يجاملك في الحوار وسوف يبدي في حواره عيوبك أمام عينيك، حاول السماع إليه أكثر كي تستطيع أن تقرأ ما بداخله وقلل أنت من المخاطبة الكثيرة معه، وأخفي كل ما بداخلك تجاهه، وبهذه الطريقة يكون عدوك أمام كالكتاب المفتوح، مع جهله عما بداخلك، وتعد هذه الخطوات من الخطوات الهامة في النصر على الأعداء.
عدم الرغبة في الانتقام والتحلي باللين قبل القوة
يجب عليك أن تتحلى أمام عدوك باللين مع الحزم والقوة، ففي هذه الحالة يراك عدوك متفهم معه، واحظر كل الحظر من الرغبة في الانتقام، حيث تشير الدراسات إلى أن الإنسان الذي يرغب في الانتقام تصيبه حالة من الهستيريا والجنون المؤقت التي تلغي عقله وتجعله لا يفكر إلا في الانتقام، فهو بذلك لا يدرك الحقائق، وتكون خسارته خسارة فادحة أكثر من الشخص الذي يريد الانتقام منه، إنك لا تعرف ما هي التغيرات النفسية والفسيولوجية التي تحدث داخل نفسك بتفكيرك في الانتقام وربما دمرت هذه الرغبة أشخاص كثيرا أهمهم أسرتك، لذا يجب عليك عندما تشيط نفسك رغبةً في الانتقام أن تحاول التفكير في أي أفكار أخرى أو أن تمارس أي نشاط تحبه حتى تنقضي هذه الفترة العصيبة، وبعدها أجلس مع نفسك وفكر في ما كان سيحدث لو انسقت وراء نفسك ووراء شيطانك ووراء تلك الرغبة، فكر في فكل الذي كنت سوف تخسره، وفكر في موقفك الراهن وأنت سالم من أي أذى أو أي خسارة، فهكذا تكون النتيجة، وهكذا نستطيع النصر على الأعداء بالتحلي بالعقل وبالنفس المتسامحة.
الصبر وتحمل أذى الأعداء
إذا تعرضت إلى الأذى المتكرر من أعدائك، عليك التحلي بالصبر ولا تتعامل معهم بمثل معاملتهم ولا تظهر لهم ضعفك أو تأثرك بأذاهم، بل كن قويا متحملا، ومن تجارب أعدائك في الإيذاء بك، حاول أن تدرس إستراتيجية وخطط العدو في التعامل معك وفكر في استراتيجيات وخطط مضادة، وكن مع عدوك كالحمل الوديع، حتى لا يفكر في أنك يوما ما سوف تنقض عليه وترد إليه ضرباته، فعنصر المفاجأة يربك العدو ويفقده توازنه. فكر فيما لديك من نقاط قوة تستطيع أن تردع بها عدوك، وفكر فيما عند العدو من نقاط قوة ونقاط ضعف وادرس هذا بدقة وقم بتنفيذ خطة محكمة يكون الهدف منها هو ردع العدو بضربة موجعة وهو في غفلة عن ذلك، وفي فترة تخطيطك يجب عليك أو توهمه أنك لا تفكر في أن ترد على ما يفعله معك وحدد ساعة الصفر التي سوف تنقض فيها عليه، وبعد ذلك أنظر ماذا كان تأثير هذه الضربة على عدوك، ولا تكون منتقما فهذه الضربة تكون بمثابة إنذار لعدوك بمبدأ أنه كما هو لديه القوة فلديك أنت الآخر القوة وكما هو لديه المكر فأنت أمكر منه، وإن كانت الظروف تضرك للتعامل معه كأن يكون هذا العدو زميل عمل أو منافس لك في مهنتك أو مجال عملك، تعامل معه بمنتهى الهدوء وبمنتهى حسن الخلق هنا سوف يدرك عدوك قيمتك وسوف يحترمك، وربما اتخذك صديقا، فالعفو عند المقدرة يعد من أخلاقيات النصر على الأعداء.
التسامح والمغفرة
للعداوات تأثيرها السلبي على أنفسنا على حياتنا، فإن قدم عدوك مبادرة للصلح وبداية صفحة جديدة فلا ترفضها، وحاول أن تنسى ما حدث منه، وتعامل معه بقلب صافي وأنسى الماضي، فإن ذلك سوف يكون له تأثيره الكبير على تحول العلاقة تحولاً كبيرا، ولتكن تجاربك السابقة مع عدوك تجربة ومدارسا تستفيد منه في حياتك، ويعد التسامح من أسمى الأخلاقيات التي أمرنا بها الله عز وجل بها، لذا فحاول أن تعفوا وأنت قادر وتجاوز عن أخطاء الآخرين، وحاول أن تركز النظر على مزاياهم بدلا من عيوبهم، فهذه الحياة قصيرة ولا تستدعي أن نحارب بعضنا البعض أو أن نعادي بعضنا البعض، أو أن يحمل بعضنا الكراهية والحقد والحسد للبعض الآخر، وعلى وجه العموم لا يكمن النصر على الأعداء في قوتك أو ذكائك أو دهائك بل يكمن فيما بداخلك من قوة وأخلاقيات وعقل وحكمة تجعل عدوك يحترمك قبل صديقك ويشهد لك بما أنت أهل له.
خاتمة
هناك طريقتنا يتم إتباعهما في النصر على الأعداء، أولاهما هي القوة المادية، والثانية هي المكر الذي يتمثل في أن تفاجئ عدوك بخطة غير متوقعة تتسم بالمكر والدهاء والذكاء، والشيء العجيب هو أن الطريقة الثانية هي الطريقة الأكثر قوة وفاعلية، على الرغم من افتقار الثانية للقوة المادية، فإذا نظرنا نظرة تاريخية عن الانتصارات الكبيرة التي تحققت عبر تاريخ، نجد أن عنصر الدهاء والمكر والمفاجأة كان هو العنصر الهام والرئيسي في تحقيق هذه الانتصارات، ومن أخلاقيات النصر أن لا نعتبره انتقاما وتشفي من العدو بل يجب أن تعتبره ردعا لأعدائنا مع تحلينا معهم بالأخلاق الطيبة والمعاملة الحسنة، فأي عدو تعاملت معه بهذا المنطق، سوف يحترمك أشد الاحترام ويشعر بضآلة نفسه أمامك، ويعلم أنه كما هو لديه القوة فأنت الآخر لديك القوة التي تفوق قوته، ولقد استعرضنا في هذا المقال العوامل التي يمكنها أن تمكنك من النصر على أعدائك وتمثلت هذه العوامل في الثبات الانفعالي والتعامل بحظر وسرية مع الأعداء وعدم الرغبة في الانتقام والتحلي باللين قبل القوة والصبر وتحمل أذى الأعداء والتسامح والمغفرة.
أضف تعليق