الموازنة بين العائلة والشريك أحيانًا تكون صعبة، ففي البداية أنت تعيش بين عائلتك وتتشكل بطباعهم وتتربى بينهم وتنشأ ثم يأتي شخص آخر يأخذك منهم هكذا وتكون أنت هنا في حيرة، فمن جهة لا تريد أن تغضب أسرتك أو تجعلهم غير راضين عنك وفي نفس الوقت تريد أن تقضي أكبر وقت ممكن مع شريك علاقتك، ولا تريد لعلاقتك مع أهلك أن تضعف أو تتوتر، ولا تريد أن يتهمك شريك العلاقة أنك تقوم بالتودد إلى أهلك وقضاء أكبر وقت ممكن معهم فكيف إذن تستطيع الموازنة بين العائلة والشريك؟ لابد أن الأمر مربك للجميع ومن أجل ذلك ثمة مشاكل ومشادات كثيرة تقوم وثمة احتقانات وترسبات تتكون داخل نفوس العائلة أو شريك علاقتك بسبب رغبة كل طرف في السيطرة عليك أو الاستحواذ على الجزء الأكبر منك ومن وقتك، وحرص كل طرف على عدم إفلات الزمام من يده تمامًا، فماذا تفعل في هذا المأزق المحير؟ وكيف تتصرف لأجل حفظ الموازنة بين العائلة والشريك؟
إليك بعض هذه النصائح والتي عليك العمل بها للموازنة بين العائلة والشريك في العلاقة، والاحتفاظ بود ورضا كل منهما دون التقصير مع طرف دون الآخر أو دون إغضاب طرفًا منهما بسبب شعوره بعدم اهتمامك به بسبب الطرف الآخر، ودون العمل على رضا طرف على حساب رضا الطرف الآخر.
دليلك إلى الموازنة بين العائلة والشريك
حدد أولوياتك
لا يمكنك فهم هذه النقطة، ولكن الوقت محدود، فاليوم به 24 ساعة فقط، والأسبوع به سبعة أيام والشهر به أربعة أسابيع، وهكذا.. يعني ذلك أنك لا يمكنك فعل كل الأشياء التي تريدها لأنك محكوم بوقتٍ معين، ولا يمكن تجاوز هذا الوقت، وبفعل شعور الإنسان بمرور الزمن فيجب عليك أن تحدد أولوياتك، مثلاً العائلة والشريك في المقدمة، هواياتك الرياضية أو القراءة أو مشاهدة الأفلام أو الاستماع للموسيقى، أصدقاءك الآخرين حسب أولويتهم، المقربين ثم الأقل قربًا وهكذا، وكم مرات جلوسك معهم في الأسبوع مثلاً.. فإن كان بشكل يومي يجب أن تقلل ذلك لتجعله بشكل أسبوعي، أو مرتين في الأسبوع على الأكثر.
وهكذا يجب أن تحدد أولوياتك وحسب أهمية الأشياء والأشخاص في حياتك عليك أن تتعامل، فيمكنك أن تجلس للعب البلاي ستيشن يوميًا مع أصدقاءك، ولكنك بذلك ستكون مقصرًا مع أشياء أهم مثل العائلة وشريك العلاقة.
اجعل وقتًا لكل طرف
عند الموازنة بين العائلة والشريك لا يمكنك إعطاء كل وقتك لطرف دون الآخر، يجب عليك أن تحدد وقتًا معينًا لكل طرف، ربما يكون لديك عملك صباحًا، ثم ستذهب للغداء مع شريك علاقتك، إذن ليلاً ستجلس مع عائلتك وربما ستتناول العشاء معهم، وإن كنت بعد العمل ستتناول الغداء مع أسرتك.. فإن هذا سيعني أنك ستسهر مع شريك علاقتك وهكذا يجب أن تتعامل على الدوام.
اليوم هو بداية الأسبوع إذن اليوم بأكمله للعائلة لتبادل الأخبار والجلوس معهم إذن آخر الأسبوع محجوز للسهر مع شريك العلاقة، وهكذا.. بحيث لا يشعر أحد الأطراف أنك تقوم بإهماله لصالح طرف آخر أو تهتم بالطرف الآخر على حسابه وبهذا تكون قد حققت الموازنة بين العائلة والشريك في العلاقة العاطفية.
لا تتغيب عن الأوقات الهامة
إذا كان تحقيق الموازنة بين العائلة والشريك قد يتم من خلال تحديد الأولويات ومن ثم تنظيم الأوقات وتوزيعها بين كل منهما بحيث لا تشعر العائلة أن شريك علاقتك يأخذ كل وقتك ولا يشعر شريك علاقتك بأن العائلة تستحوذ على الجزء الأكبر منك، فإن هناك أوقات لا يمكن التغيب فيها مطلقًا لأنك تقضي وقتًا عند طرف بسبب مسألة الأولويات وتنظيم الوقت هذه، فمثلاً عند حفل تخرج أو مناقشة دكتوراه عند أحد أفراد العائلة لا يمكن التغيب أبدًا عن موقف كهذا، بأي حجة حتى وإن كان لديك موعد مع شريك علاقتك فلا يمكن على الإطلاق تفويته لأي سبب لأن هذا حدث مصيري ولا يتكرر باستمرار عند هذا الشخص، أيضًا عند مرض أحد أفراد العائلة لابد أن تكون بجواره، وعند وجود حفل زفاف عند أحد أقاربك من الدرجة الأولى أو الثانية، لا ينبغي أن تتغيب أيضًا فلابد أن تحضر مع جميع أفراد أسرتك والدك ووالدتك وأشقائك، أيضًا على الجانب الآخر لا يمكنك التغيب عن مناقشة رسالة ماجستير أو دكتوراه لشريك علاقتك أو حضور مباراة مهمة سيلعب بها إن كان رياضيًا أو حفلة موسيقية سيكون أحد العازفين فيها إن كان موسيقيًا، يجب أن تكون بجواره حينها ولا يشغلك أي شيء عن الحضور بجانبه ومؤازرته ودعمه في موقفٍ كهذا كذلك الأوقات الصعبة يجب أن تكون فيها بجواره ولا تتركه مثل إجراء عملية جراحية ما أو مثول أمام محكمة أو أشياء من هذا القبيل، يجب أن لا تتركه وقتها على الإطلاق، وهذه رغم نصائح الموازنة بين العائلة والشريك في العلاقة العاطفية إلا أنه لا يمكن بأي حال التغيب عن أي وقت من الأوقات التي يكون حضورك فيها واجبًا.
اترك وقتًا شاغرًا على أي حال
عند تنظيم وقتك وترتيب أولوياتك يجب أن لا تنسى أن تترك وقتًا لنفسك، فحتى لا تتعرض لأزمة الروتين القاتل وأن تسير حياتك في محاولة الموازنة بين عائلتك وبين شريك علاقتك وتقسيم الوقت بينهما، لذلك اترك وقتًا شاغرًا ربما تريد أن تجلس مع نفسك قليلاً، أن تسترخي ولا تفكر في أي شيء مطلقًا أو تسمع الموسيقى أو تشاهد فيلمًا، ربما تريد أن تجلس وحدك في مقهى دون أي شخصٍ معك، ربما تريد زيارة صديق لم تزره منذ مدة، ربما مشوارًا تود إجراءه وتؤجله منذ زمن، اترك هذا الوقت للطوارئ دائمًا واجعله لقضاء الأشياء غير المعتادة وذلك للقضاء على الروتين والملل الذي قد ينتابك من فعل الأشياء نفسها مع الأشخاص أنفسهم، صحيح أنه لا يمكن أن تكون أنانيًا ويجب أن تشارك المحبين لك سواء عائلتك أو شريك علاقتك أو أصدقائك أوقات الفرح والحزن وأوقات المرح والجدية على حدٍ سواء إلا أنك ستظلم نفسك إن لم تعطها هي أيضًا حقها من وقتك ومن أعصابك وتفكيرك واهتماماتك، لذلك.. يجب عليك أن تعطي وقتًا جيدًا لنفسك لفعل ما تحب دون ضغط من أحد، واحرص رغم ذلك على أن لا يخل ذلك بمنظومة الموازنة بين العائلة وشريك العلاقة العاطفية التي تنتهجها.
لا تجعل أحدًا يؤثر على قراراتك
الموازنة بين العائلة وشريك العلاقة أمر واجب حتى تتجنب الصدام، وأيضًا حتى تحرص على رضا الطرفين، ولكن في مقابل هذا لا تجعل أحدًا يؤثر على قراراتك ولا تجعل حرصك على رضا الطرفين وعلى الموازنة بين العائلة وشريك العلاقة ينسيك أنك شخص مستقل وحر ولا ينبغي لأحد أن يؤثر على قراراتك لصالحه بل ينبغي أن يكون هناك لديك رأي سديد مبني على وجهة نظرك ورؤيتك من حيث المناسب لك أم لا وقدرتك على معرفة الصحيح من الخطأ حتى لا تصبح ضحية الابتزاز العاطفي الذي قد يمارسه كلا الطرفين عليك لاستمالتك لصالحه.
فمثلاً إذا أخذنا قرار العيش مع شريك علاقتك كنموذج لمسألة التأثير على القرارات الفردية وخضوعك للابتزاز العاطفي الذي قد يمارسه أحد الأطراف عليك سواء العائلة أو شريك علاقتك، نقول أن قرار العيش مع شريك علاقتك هذا، هو قرار سديد ولا يمكن لأحد أن يلومك عليه، ربما قد يسقط البعض فريسة للتأثير على قراره أو جعله مترددًا بشأنه من العائلة بسبب إصرار العائلة على السيطرة على ابنها وعدم تركه للذهاب بعيدًا عنها أو الاستقلال بحياته، ولكن قد لا يعرفون كما يجب أن تعرف أنت أيضًا أن يومًا ما لابد تستقل بحياتك وتعيش بعيدًا عنهم، وأنك قد كبرت بما يكفي لاتخاذ هذا القرار وأنك لا يمكن أن تظل دومًا ابن العائلة المدلل الذي لا يمكن الاعتماد على نفسه أو الاستقلال بحياته أو اتخاذ قراراته بنفسه.
على الجانب الآخر أيضًا لا يمكنك بخصوص هذا القرار أن تخضع للضغط من شريك علاقتك بأن تذهب للعيش مع عائلتها مثلاً أو بالقرب منهم أو أن لا تذهب لزيارة عائلتك كل فترة مناسبة، ولا ينبغي أن تخضع لأي رأي من جانب شريك العلاقة يعمل على توتر العلاقة بينك وبين عائلتك أيضًا إن كنت تقوم بالمساعدة المادية لعائلتك فإن هذا واجب عليك إن كانت حالتهم المادية لا تسمح لهم بالعيش في المستوى السابق لأن لهم حق عليك، ولا ينبغي على شريك العلاقة أن يعمل على إثارتك ضد أهلك أو أن يتدخل في علاقتك معهم بأي شكل، ولا يجب من أجل كسب ود شريك العلاقة أن تقوم بإهمال عائلتك أو تقليل الاهتمام بك.. أيضًا لعائلتك عليك حق.
لا تهمل حياتك الأخرى
بالطبع الحياة ليست تدور حول العائلة وشريك العلاقة ومحاولة الموازنة باستمرار بين العائلة والشريك، وإذا كنا قد نصحنا بترتيب أولوياتك وتنظيم وقتك فإننا نؤكد على أهمية العائلة وشريك العلاقة بنفس القدر، لكن لا ننفي الأهمية عن باقي الأشياء، فأصدقائك وهواياتك واهتماماتك الأخرى على درجة كبيرة من الأهمية أيضًا وخصوصًا الأصدقاء الذين ولا بد أن لا تقصر معهم خصوصًا أن هناك بعض الأصدقاء الذين لا يجب أن تقصر معهم بسبب مواقفهم العظيمة والتي فاقت أحيانًا مواقف العائلة نفسها وشريك العلاقة نفسه في الدعم والمؤازرة، ولذلك لا ينبغي أن تجعل العائلة وشريك العلاقة ومحاولة الموازنة بين العائلة والشريك يجذبانك إلى هذه المحاولات وتنسى دور أصدقائك واهتماماتك التي كوّنت شخصيتك وجعلتك ما أنت عليه الآن.
نقصد أن نقول أن بالطبع العائلة التي ربتك وأنشأتك ولم تدخر جهدًا ولا مالاً من أجل أن تصبح أفضل لها فضل عليك وشريك العلاقة الذي يعطيك مشاعره ووفاءه وإخلاصه ويساندك ويؤأزرك على قدر من الأهمية بالنسبة لك، فإن ذلك لا يجعلك تنسى باقي الأشياء في حياتك.
خاتمة
لا يستطيع أحد الموازنة بين العائلة وشريك العلاقة بشكل مثالي، لكن من الممكن أن تقوم بأفضل شيء مقارب لذلك طالما تسعى نحو إرضاء الطرفين ولا تريد إغضاب أحد منك، أيضًا كلا الطرفين سواء من العائلة أو من شريك علاقتك إذا ما أرادوا إسعادك فإنهما لن يكونوا متطلبين أو لحوحين أو لم يقوموا بإجراء أي ضغط عليك، بل سيكون كلا منهما سعيدًا طالما رآك سعيد، والعائلة لابد أن لا تقوم بالضغط عليك من أجل التقصير مع شريك علاقتك والعكس.. المقصد أنه يجب أن يتعاون الجميع من أجل الحفاظ على علاقتهم ببعضهم ولا يعملوا على إفساد الأمور بينك وبين أي أحد حتى ترضيهم، بل يجب أن يتعاون الشريك معك لإرضاء عائلتك وتتعاون عائلتك لعدم التقصير مع شريك علاقتك لأن هذا فعلاً ما سيعمل على إنجاح الموازنة بين العائلة وبين الشريك، وسيعمل على إسعادك أنت أيضًا وتخفيف الضغط من عليك.
أضف تعليق