المناقشات السياسية عادة ما تلقى قبولا ورواجًا لدى معظم الناس خصوصًا من يتبنون رؤية سياسية معينة ويريدون الترويج لها أو التصادم مع الأشخاص الذين يتبنون رؤية سياسية مغايرة وبالتالي تجد نفسك موضوعًا في موقف الرؤية السياسية المغايرة هذه وتجد نفسك مطالبا بالاشتراك في المناقشات السياسية العقيمة من هذا النوع، فكيف تستطيع الهرب من مثل هذه المناقشات السياسية وما هي وسائل التهرب ولماذا يخوض الناس مثل هذه المناقشات أصلا؟ هذا ما سنتعرف عليه بالفعل في السطور التالية من خلال هذا المقال.
استكشف هذه المقالة
لماذا يخوض الناس المناقشات السياسية؟
في المناقشات السياسية تحديدًا يحب الناس أن يكون كل الناس يرون نفس رؤيته ويعتنقون نفس معتقده ويؤمنون بنفس ما يؤمن به لأن عادة الآراء السياسية لا تعنى بنمط الحياة الشخصي بقدر ما تعنى بالأمور التي تجمع الناس في الأحوال الاقتصادية والمجتمعية ونظام الخدمات وممارسة العمل العام وغيرها، لذلك يرى كل شخص يؤمن بمبدأ سياسي معين أو ينضم لجماعة أو حزب سياسي أن حزبه ومعتنقه هم الأصح ومن هذا المنطلق يحب الناس أن يجروا المناقشات السياسية انطلاقًا من هذا الاعتقاد أن جميع الناس الذين ليسو على مبدأه ومعتقده هم في ضلال إما عن جهل وإما عن كبر وتشوش وإصرار على عدم رؤية الحقيقة لذلك تخرج عادة المناقشات السياسية من حيز النقاش الموضوعي إلى الشخصنة والتجريح الشخصي وبالتالي هي الأولى من حيث التهرب من خوضها والفرار منها.
لماذا يحب من أمامك جرك لمناقشة سياسية؟
عادة ما يحب الناس وضع الآخرين في قوالب، إن لم تكن يميني فأنت يساري وإن لم تكن يساري فأنت يميني إن لم تكن إسلامي فأنت علماني وإن لم تكن رأسمالي فأنت شيوعي، وإن لم تكن ديمقراطي فأنت ديكتاتوري وتريد أن تقمع الناس وتحجر على حرية التعبير وغير ذلك، بالتالي يحب الناس جرك إلى المناقشات السياسية لهذه الأسباب التالي ذكرها:
- اختبار عقيدتك السياسية والاطمئنان أنك تعتنق نفس المبدأ الذي يعتنقه.
- التعبير والتنفيس عما يجيش في صدره من حقد على العامة الذين لا يرون الحقيقة الجلية التي يراها هو والتي تتجسد في وجهة نظره السياسية والتي إن اعتنقها الناس وطبقت ستحل كل الأمور من تلقاء نفسها.
- تحقيق انتصار وهمي عليك بإفحامك لأنك من الجهة المقابلة ويجب عليك إيضاح كم أنت شخص سطحي وتافه مثلك مثل كل من يعتنقون المبدأ المغاير له، وبالتالي يتم هزيمة عقيدتك السياسية المتمثلة في شخصك.
- الشماتة فيك إن كانت عقيدتك السياسية هي السائدة وبالتالي فضح تهافت هذه العقيدة بتوضيح ما آلت إليه الأمور بعد غلبتها وهذا ناتج عن انصراف الناس عن عقيدته هو السياسية.
لماذا يتوجب عليك الهروب من مثل هذه المناقشات؟
- استخدام هذا الشخص أدوات غير موضوعية للنقاش تصل إلى الشخصنة والتجريح في شخصك واتهامك بعدم الفهم وربما يمتد الأمر للاحتقار أو يمتد للتكفير والتخوين، كل هذا ممكن وجائز لأن المعتنق لمنهج سياسي تجده يكن الحقد للجميع.
- هدف هذا الشخص من النقشات السياسية هو إقناعك وأي مناقشة قائمة على رغبة كل شخص في إقناع الآخر ساقطة من أساسها لأن النقاش قائم على عرض الأفكار المغايرة وبيان نقاط المغايرة والاختلاف ومن ثم تقريب وجهات النظر، أما النقاش القائم على الإقناع دون استعداد لسماع الطرف الآخر لا تسمى مناقشة من أساسه.
- لن يكف هذا الشخص عن محاولاته لإقناعك ولا جرك لمثل هذه المناقشات السياسية، وإن كف هذه المرة فسوف يفتح معك مناقشة أخرى حينما يراك المرة القادمة فمن الأفضل أن يستوعب أنك لست الشخص المناسب لكي تكون طرفًا في مناقشة من هذا النوع.
- ربما تخسر هذا الشخص بسبب مثل هذه المناقشات وكما قلنا تمتد للإهانة والتجريح وتعمد التقليل من الشخص الذي أمامك وإصراره على إتباع الباطل، لذلك من الأفضل الانسحاب منها.
كيف تستطيع الهرب من المناقشات السياسية بذكاء؟
والآن بعد أن تحدثنا عن الأسباب والدوافع التي تجعلك تنفر من المناقشات السياسية وتصر على الهرب منها الآن نتحدث عن كيفية الانسحاب والهروب من هذه المناقشات:
الصمت
الصمت أكبر رد يحمل في طياته الإحباط على ما يقوله أي شخص والهروب من المناقشات السياسية يعني الصمت ويعني أنك غير مبالي ولا تهتم كثيرا بما يقوله هذا الشخص أو ربما تتظاهر بأنك لا تستمع لما يقول أو تركز فيه لذلك أحد أسلحتك للهروب من المناقشات السياسية هو الصمت.
موافقة الشخص على كل ما يقول
من وسائل التهرب من المناقشات السياسية أيضًا هو أن توافق على ما يقوله هذا الشخص حيث أنه في الغالب يكون لديه كلمتين يرغب في إفراغهما فحسب، وينتظر منك معارضة حتى يبدأ في سن أنيابه ونهش ذكائك وتفكيرك المتدني والذي يجعلك تعارض موقفه السياسي الناصع الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أما أن توافقه فهو مربك بالنسبة له وبالتالي تستطيع مواجهة مثل هذه المناقشات بموافقته على كل ما يقول.
استدراجه لنقطة هامشية
إن كان بالك طويلا بما يكفي فتستطيع استدراجه لنقطة هامشية، مثل إن كان مثلا ينتقد موقف سياسي معين لشخص من الجهة المقابلة المعارضة لرؤيته والتي يظن أنك تنتمي إليها فتقول له: “هل رأيت نوعية الملابس التي يرتديها هذا الرجل؟” وكلما أراد أن يرجع لصلب المناقشة استدرجه لهذه النوعية من الملابس واسأله عن إن كانت جيدة أم لا ويمكنكما أن تشتبكان في النقاش حول الملابس.
المزاح وتناول الأمر بطريقة مضحكة
هذه درجة قاسية من التهرب من المناقشات السياسية ولكن لابد منها وهي المزاح وتناول الأمر بطريقة مضحكة ولكن إن كنت تخجل في إحراجه وإخباره أنك لا تهتم بمثل هذه الأمور فعليك أن تتناول الأمر بطريقة ساخرة حتى يعرف أنه لن يحقق مبتغاه وهو الانتصار الوهمي بعد معارضتك ومن ثم الرد على معارضتك وإفحامك.
تظل تسأله في أسئلة تافهة
ملاحقة الشخص الذي يناقشك بالأسئلة التافهة أفضل عقاب له، مثلا عندما يتحدث عن تصرف أصدره الحزب الذي لديه اسأله أسئلة من نوعية: “ولماذا يقوم الحزب بفعل مثل هذا؟” و”ما جدوى هذا التصرف؟” “هل تعتقد أن وراء هذا التصرف الفنان فلان الفلاني؟” و”عندما يسألك ما علاقة الفنان فلان فلاني؟” تقول له أنك لا تعرف لقد سمعت أنه له علاقة بالأمر، مما يجعله يرتبك مباشرة، أي أن المقصود هو أن تسير بالمناقشة عكس ما يتوقع هو.
تخبره أنك لا تهتم
المحطة الأخيرة من محطات تجاهل المناقشات السياسية وتخبره أنك لا تهتم وقتها سوف يخرس تماما ويعرف أنه قد اختار الشخص الخطأ لصب جام غضبه عليه.
تترك له المكان وتذهب
عليك أن تعرف أن الشخص الذي يعرف أنك لا تهتم ومع ذلك مستمر في الحديث ومحاولة جرك لمثل هذه المناقشات هو شخص أخرق ومن الأفضل ألا تتواجد معه في مكان واحد والحل الوحيد لهذا الشخص الأبله أن تترك له المكان وتذهب.
خاتمة
المناقشات السياسية من الأمور التي لا نستطيع خوضها بموضوعية وتحضر وذلك بسبب فساد مناخ ممارسة العمل السياسي من أساسه في أوطاننا العربية لذلك من الأفضل تجاهلها والانسحاب منها بأي ثمن.
أضف تعليق