المطبخ الشامي هو مطبخ بلدان سوريا ولبنان وفلسطين، يمتلك كل شعب أطباق طعام تعبر عن ثقافته وتميزه عن غيره من الشعوب، وبالرغم من انتشار ثقافة الوجبات السريعة بجميع دول العالم، إلا أن عدد من الدول مازال محتفظ بالوصفات التي تميزه، بل ونجح في نشرها عالمياً بصورة كبيرة ومؤثرة، ويعتمد البعض على مكونات محددة في الأطعمة الخاصة به والبعض الآخر يعتمد على البهارات والتوابل والأعشاب، وخاصة أنها استخدمت أيضاً كعلاج لبعض الحالات البسيطة مما شجعهم على إضافتها للأطعمة كنوع من أنواع الوقاية، وفي حالة المطبخ الشامي بصفة عامة والسوري بصفة خاصة فإنه اعتمد على الزيوت ومكونات الطبخة بصفة أساسية، واستطاع خلال السنوات الماضية أن يحقق نجاح عالمي لينافس بشكل أوسع ويجذب العديد من ربات البيوت لتطبيق الوصفات السورية باعتباره طعام صحي وشهي وخاصة مع انتشار لمطاعم السورية بالعديد من البلدان.
المطبخ الشامي وتاريخه العريق
تاريخ المطبخ السوري
يعتبر المطبخ السوري من أعرق المطابخ العالمية، حيث أنه يضم أكلات متنوعة وأصناف من كل منطقة بسوريا سواء المناطق الجبلية أو في المدن الساحلية أو الريفية، من أشهرهم دمشق وحمص وحلب وحماة ومنطقة الجزيرة، والرقة والبادية، ودير الزور، والسويداء واللاذقية وريف دمشق مما جعل المطبخ الشامي غني بأطباقه العديدة الشهية، حيث يشتهر بالعديد من الأطباق والحلويات والمخللات.
عوامل تطور المطبخ السوري
استمد المطبخ السوري عراقته من التاريخ السوري باعتبارها تمتلك واحدة من أقدم عواصم العالم مما أعطى المطبخ السوري مخزون حضاري تأثر وأثر في المطابخ الأخرى العالمية، ليستفيد الطهاة السوريون من مطابخ غيرهم ليحسنوا ويغيروا ويضيفوا لمسات وطعماً مميزاً للعديد من الوجبات الموجودة وقتها، ويشير البعض إلى أن أحد أبرز المطابخ التي أثرت في المطبخ السوري والشامي هو المطبخ التركي – العثماني والمطبخ الفرنسي ومطابخ الدول المجاورة مما انعكس عليه بشكل إيجابي، ويعتمد المطبخ السوري على المواد الطبيعية والطازجة في تحضير الوجبات المختلفة، لينتج عنها تحضير مائدة ممتلئة عامرة بما لذ و طاب بالعديد من الأصناف، بأقل وقت وجهد ممكن، ويبتعد الطهاة السوريون عن المشروبات الروحية، كما يبتعدون عن النكهات الصناعية، بهدف الحفاظ على صحة الأفراد بالإضافة إلى التزامهم بتعاليم الدين الإسلامي الذي يتبع تعاليمه معظم أفراد الشعب السوري بعكس مطابخ أخرى، ويعتبر عام 1979 نقطة فارقة في تاريخ المطبخ السوري نتيجة افتتاح مركز التدريب السياحي و الفندقي خلاله، حيث سمح المركز للدارسين بدراسة فن الطهو والحلويات ليسمح بتخريج أمهر الطهاة متسلحين بالعلم ومثقفين وعلى قدرة للمنافسة العالمية، كما توالت المراكز المماثلة بجميع محافظات سوريا خلال السنوات الماضية لتساعد على انتشار تعاليم المطبخ السوري.
عوامل انتشار المطبع السوري بالوطن العربي
حسن المعاملة والابتسامة والنكهة المختلفة والنظافة والجودة والسعر المعتدل تعتبر أبرز 6 أسباب لنجاح المطاعم السورية التي انتشرت مؤخراً في جميع بلدان ومدن الوطن العربي بالإضافة إلى الدول الأجنبية، وبالرغم من أن محلات الحلوى الشامية انتشرت منذ أوائل القرن العشرين، إلا أن المطاعم الشامية بصفة عامة والسورية بصفة خاصة توسعت خارج سوريا في أعقاب الثورة السورية فبراير 2011 مع لجوء العديد من السوريين للإقامة بالدول العربية وغيرها من الدول الأجنبية، وبما أن الشعب السوري يحب العمل اتجه للاستثمار في الدول التي يعيش بها ومن أبرز الأنشطة التي توسع بها السوريون بكثافة هي المطاعم المتخصصة بالطعام السوري والذي لاقى استحسان العديد من الأفراد، وتبعها انتشار المواقع وبرامج الطبخ التي تقدم الوصفات الشامية كنوع من التجديد لربات البيوت ليحقق شهرة عربية وعالمية على حد سواء.
أشهر أكلات المطبخ السوري
وتختلف الأكلات السورية من منطقة إلى أخرى بحسب تنوّع طبيعة المنطقة كما ذكرنا، إضافة إلى المكونات المستخدمة ووصفة التحضير المعدلة بذوق كل ربة منزل، ويعتبر المكدوس، الشكنليش، التبولة والفتوش من أشهر الأكلات السورية على الإطلاق، كما تشتهر فتة الحمص، الشاكرية، المقلوبة، المكمورة، حراق إصبعه، المجدرة، سلطة الشمندر والسمبوسة والمقبلات التي تزين مائدة الطعام طول العام بصفة عامة وشهر رمضان بصفة خاصة ومنهم بابا غنوج السوري والكبة والفلافل السورية، ولا يقتصر المطبخ السوري على الوجبات فقط بل يشمل العديد من الحلويات أبرزها البوظة السورية، البقلاوة، البالوظة، الكنافة النابلسية، حلى السميد، البرازق، أصابع الصنوبر، والقطايف الشامية، بلح الشام، الحلاوة الحمصية، والمعمول الذي يعتبر حلوى القهوة وهي الأكثر انتشاراً حيث تقدم إلى جانب أنواع القهوة المختلفة، كما يتميّز ببعض حلي الكاسات مثل الأرز بالحليب والمهلبية، ولم ينسى المطبخ السوري المشروبات حيث اشتهر بشراب التوت الشامي الأسود والعرقسوس وقمر الدين واللبن العيران والتمر هندي.
مميزات الأكل السوري
يتميز الطعام السوري بالتنوع بشكل كبير في الوجبات حيث تختلف باختلاف المنطقة التي نشأ بها الصنف وخاصة مع اختلاف طبيعة كل منطقة من المناطق السورية، بالإضافة إلى أنها تعتمد بشكل كبير على الزيوت النباتية، مما يجعلها وجبة خفيفة على المعدة بشكل عام إلى جانب أنها لذيذة المذاق، ويتميز بالاعتدال في استخدام التوابل بعكس المطبخ الهندي أو المطبخ الخليجي، إضافة إلى اعتماده على إبراز النكهات بمكونات الطبخة، والتي تتكون أغلبها من خضار ولحم.
وجبات اشتهر بها المطبخ الشامي
الكبة
طبخة شامية تتواجد بسوريا ولبنان وامتدت إلى مصر وغيرها من الدول العربية مع انتشار المطاعم السورية، وترجع جذورها إلى الحضارة الآشورية وتعتبر من أفخم الأكلات لأنها تتكون من البرغل واللحم والمكسرات، وتعد واحدة من الأكلات التي تحتاج إلى وقت وجهد من القائمين عليها، وكانوا قديما يستدعون الرجال بالبيوت الدمشقية لمساعدة النساء وتتنوع من منطقة لأخرى فبعضهم يقدمها مقلية وآخرون يقدمونها صينية وآخرون، ومع التطور التكنولوجي الكبير فقد ظهرت آلات خاصة لطحن الكبة ومزجها مما أدى للتخفيف عن السيدات أثناء عمليات تحضيرها.
المنسف
تعد واحدة من أشهر وجبات المنطقة الواقعة بين العراق والأردن و سوريا وفلسطين والتي يطلق عليها بالدية الشام، ويشتهر الأردنيون أكثر بإعدادها، وخاصة أنها الطبق الوطني بالمملكة، لارتباطها بالثقافة الأردنية وعادات بادية الشام ارتباطاً وثيقاً فنجده في جميع المناسبات سواء الأفراح والولائم أو الأحزان كالعزاء، ويستخدم المنسف لبن الرائب أو ما يطلق عليه لبن الجميد مما يميزة عن باقي أنواع الطبخ العربي، يؤكل المنسف بالأيدي وهي طريقة لها أهمية خاصة بهذه المناطق.
اليبرق أو ما يطلق عليه ورق العنب
من الأكلات ذات الأصل العثماني حيث تعني باللغة التركية ورق الشجر ويقصد بها ورق العنب (الكرمة) وتشتهر بها كلا من سوريا ولبنان ويتم تحضيرها بعدة طرق بالبعض يقدما بالأرز وآخرون باللحم وآخرون بالخضار.
تجربة المطبخ السوري تعتبر من أكثر التجارب العربية نجاحاً وخاصة مع النزوح السوري للعديد من الدول، ويجب إعادتها في العديد من الدول العربية وخاصة الطبخ المغربي والمطبخ الليبي والمطبخ السعودي وذلك عن طريق افتتاح مراكز تدريب متخصصة لتخريج دارسين متخصصين مثقفين بجميع أنواع المطابخ العالمية للمنافسة معهم بالإضافة إلى التوسع باستثمارات خارجية بالدول المجاورة كخطوة أولى للتوسع العالمي عبر افتتاح مطاعم متخصصة بأكلات دولة المنشأ والاعتماد على النظافة وحسن المعاملة واستخدام مكونات طازجة مضمونة لمجابهة محلات الوجبات السريعة، إضافة إلى استخدام شبكات التواصل الاجتماعي للتعريف بهذه المطابخ وتشجيع ربات البيوت بالدول الأخرى على تجربتها كأحد أنواع التجديد والابتكار.
أضف تعليق