حديثنا اليوم عن المذاكرة للأبناء في المنزل، ففي خضم الحياة علينا أن نكون أبا وأما ومدرسا لأبنائنا من أجل ضمانة تربيتهم بشكل سليم وعدم التقصير معهم في أي شيء وأنا كمدرس دائما ما أتعاون مع البيت في تربية الطفل وتعليمه، والمنزل الذي يترك ابنه لي بشكل كامل كي أعلمه أعاني معه أشد العناء حيث أن منظوماتنا التعليمية في معظمها تعتمد على طرق تقليدية للتعليم ومهما حاولنا التحديث أو التطوير أو الاستعانة بالوسائل العصرية تظل المنظومة الضاربة بجذورها في أعماق الأرض تطل علينا لتذكرنا أن الأمر يستلزم الكثير من المجهود، بالتالي أعرف دائما التلميذ الذي يذاكر له أبواه في المنزل لأنه يتطور بمرور الوقت ويلتزم ونلمس تحسنا نسبيا في مستواه أما الذي يعتمد على المدرسة وحدها فمهما حاول معه المدرس فإنه سيتقدم ببطء، لذلك سنتحدث اليوم على نصائح المذاكرة للأبناء كيف يمكننا أن نذاكر لأبنائنا دون أن يثقل هذا علينا وعليهم؟
استكشف هذه المقالة
حقائق حول المذاكرة للأبناء
قبل أن تشرع في المذاكرة للأبناء عليك أن تعرف بعض الحقائق حول الدراسة والتدريس للأطفال وأن الأمر ليس بهذه الوضعية التي تتخيلها:
ليس كل الأطفال بنفس المستوى
تريد أن يصبح طفلك مثل فلان؟ تريد أن تقارن طفلك بابن فلان؟ هذا هو الخطأ بعينه، للأسف لا يوجد هذا الكلام في قاموس الأطفال فمعنى أنك تقارنه بفلان أو تقول له لماذا لا تصبح مثل فلان فهذا يعني أنه فاشل يجب أن تعي أنت أن ليس كل الأطفال بنفس المستوى ولا يمكن أن يكون الناس نسخ من بعضهم وليس أن فلان استوعب هذه المسألة وابنك لم يستوعبها فهذا يعني أن الطريقة التي تم توصيل المعلومة بها لا تصلح له ولا تناسبه كما أنه قد يحتاج إلى بعض الجهد وهكذا، لذلك عليك أن تعي هذا.
الكمال لله وحده
ألاحظ ذلك في أولياء الأمور على الدوام ليس عند المذاكرة للأبناء فحسب أنهم يريدون ابنهم كاملا ويفكرون بأن الدرجات الدراسية هي منتهى التفوق، ويتضايقون حينما يخطئ ابنهم في نقطة أو ينسى قاعدة أو معلومة، ويريدون الأمور كاملة تماما بحيث يريدون الابن عبارة عن روبوت ناطق يستطيع حفظ المعلومات واستذكارها بسرعة عالية ولكن للأسف لا يهتمون إن كان الابن يتحسن أم لا لذلك عند المذاكرة يريدون أن يكون الطفل فائق الذكاء سريع الاستيعاب بحيث حينما يذاكر له سيجد أينشتاين جديد تحت يده، وهذا بالطبع خطأ كبير.
من حق الأطفال أن ينعموا بالترفيه
يعتقد العديد من الآباء والأمهات أنهم يجب أن يحرموا أبناءهم من الترفيه وممارسة الأشياء التي يحبونها من أجل المذاكرة وتحصيل الدروس وهذا خطأ كليا، لا يمكن أن تحرم الطفل من متعه في الحياة وتطالبه أن يحب المدرسة والدراسة لأنه سيراها الحائل الذي يحول بينه وبين المتعة بالتالي أنت هكذا تضغط عليه أكثر، اخلق طريقة للتوازن بين هذا وذاك، لكن لا تحرم الطفل من الترفيه، اسمع.. سأقول لك، إن أتى الأمر أنك لن تقوم بـ المذاكرة للأبناء أصلا مقابل أن ينعم بترفيهه اليوم فافعل ذلك.
لا تكن مثل والديك
هل تذكر حينما كنت تلميذا وكان والديك يلحان عليك بالمذاكرة بكافة السبل وكانا يعنفانك ويوبخانك؟ هل تذكر شعورك وقتها؟ هل كنت تحب والديك وقتها وتحب ما يفعلونه؟ هل كانت هذه هي الطريقة المثلى إذا وجعلتك تذاكر وقتها؟ إذا كانت الإجابة بنعم فلا ريب أنك معقد نفسيا لأن التوبيخ والتعنيف ليست الوسيلة المثلى على الإطلاق والإلحاح المتواصل بالمذاكرة كأن الطفل الصغير كل مهمته في الحياة هي المذاكرة فحسب طوال الوقت كأنه ينفذ حكما بالأشغال الشاقة لا تربي طفلا ذو شخصية وعقلية خلاقة وذكاء حاد، أما إن كانت الإجابة بـ “لا وهذا ما أرجحه فعليك إذا أن تتجنب أن تصبح مثلهما في تعاملك في طريقة المذاكرة للأبناء .
نصائح المذاكرة للأطفال
والآن سنتحدث حول المذاكرة للأطفال والمذاكرة للأبناء في السن الصغيرة أصعب بكثير من الكبار لأن الكبار يكونون واعون تماما لما يدرسونه وأهميته نوعا ما ويمكن التفاهم معهم ولكن الأطفال يجب عليك أن تقوم بمحاولة استمالتهم للمذاكرة قدر الإمكان ولذلك إليك هذه النصائح من أجل المذاكرة للأبناء بأفضل طريقة ودون ملل.
هيئ الجو المناسب للمذاكرة
قبل أي شيء هيئ الجو المناسب للمذاكرة، عند المذاكرة للأبناء لا تكون عشوائيا وفوضويا بل كن منظما حتى يتعلم ابنك منك النظام، ولا يوجد شيء اسمه مذاكرة على السرير أو أمام التلفاز، المذاكرة لها وضعها الخاص حتى تعود الابن من البداية على أن يعطِ كل ذي حقٍ حقه، عليك أن تظهر المذاكرة كشيء مهم. وليس شيئًا ثانويا أو هامشيا.
حدد وقتا معينا للمذاكرة
عليك بتحديد وقت معين للمذاكرة، مثلا ساعة أو ساعة ونصف ويستحسن ألا يزيد عن هذا حتى تعطي فرصة للطفل أن يمارس هواياته ويسترخي ويستريح، لا ينبغي أن تستلمه بعد مجيئه من المدرسة لكي يأكل ثم يذاكر حتى ينام، هذا عذاب متواصل ولا يمكن لطفل أن يعيش في مثل هذا الجو أو يجبر عليه ويخرج بنفسية سوية، اجعله يحب المذاكرة كما أن ذلك سيعلمه أيضًا تنظيم الوقت، لذلك حدد وقتًا معينا للمذاكرة لا وقتا معينا للترفيه، اجعله يشعر أن الأصل أن يلعب ويرفه عن نفسه ويمارس هواياته أما الدراسة فهي جزء من الترفيه أيضًا ولكنه جزء جاد قليلا.
توقف عند الشعور بالملل وعدم الاستيعاب
لا يمكن أن يكون الأمر تحصيل حاصل أو مجرد سد خانة لذلك عند شعورك عند المذاكرة للأبناء أنهم لا يستطيعون أن يستوعبوا أكثر أو أنهم يشعرون بالملل توقف على الفور، إما أن تتوقف بشكل نهائي إن كنتما قد ذاكرتما قدرا جيدا أو تتوقفا لأخذ استراحة محددة أيضًا، 10 دقائق أو ربع ساعة على الأكثر ثم الاستئناف، لكن إياك أن تشعر أنه يشعر بالملل وتستمر كأنك لم تلحظ، الصحة النفسية للطفل أهم بكثير من درس يفهمه أو مسألة يحلها جبرا وبالضغط على الأعصاب.
العصبية لا طائل منها
هو ليس غبيا، أنت عصبي وصراخك يوتره ويربكه ويجعله يخاف، لا بأس أن يخطئ على الإطلاق، يخطئ وتصوبه، وتوجهه، وتقومه، لا عيب في ذلك، حتى ونحن كبارا لا زلنا نخطئ ولا زلنا نهمل ولا زلنا نقوم بتصرفات طفولية لذلك أن تواجه هذه التصرفات الطفولية بعصبية فهذا خاطئ جدا تماما، وحتى أنت حينما توظفت لأول مرة هل كان لديك خبرة عن وظيفتك أو كنت متمرسا مثلما أنت الآن؟ لذلك لا تخرج شحنتك النفسية في وجهه فتنقلها إليه عقدا نفسية، كن هادئًا وبسيطا واترك مساحة ومجال للخطأ.
استخدم أساليب مبتكرة
لا تكن تقليديا وكن مبتكرا قدر الإمكان، واستخدم أبسط الأساليب للإفهام واجعل هناك مكانا للطرفة وللدعابة في حديثك واقبل دعاباته ولفتاته الذكية ولا تقمع تساؤلاته بدعوى أنها بعيدة عن موضوع الدرس، اتركه يسأل وأجب على تساؤلاته بصبر، وما لا تعرفه استفسر عنه وابحث على الإنترنت واستخدم أبسط صيغة ممكنة لتوصيله.
تعامل كأنك تتعلم هذه الأمور لأول مرة
الأهم من المذاكرة للأبناء واستيعابهم واستعدادهم أن تكون أنت مستعدا لهذا، لا يمكنهم أن يستوعبوا منك وأنت تفعل هذا مجبرا أو مكرها لذلك تعامل كأنك تتعلم معه أو أنكما تكتشفان الأشياء سويا، استمتع أنت نفسك بالأمر وعامل ابنك كأنك زميله تذاكران سويا، الأطفال عموما يكرهون السلطة ولو رأيت تمردهم غير الواعي على السلطة في المدارس والممثلة في المدرسين والمشرفين لعرفت أنهم يفضلون الصحبة على السلطة، لذلك تعامل كأنك صديقه.
طرق تشجيع الأطفال على المذاكرة
كيف يمكنك أن تشجع الأطفال على المذاكرة؟ عند المذاكرة للأبناء يجب أن ترى الأمر من رؤيتهم، بالطبع أي شيء يفعلونه في لعبهم ومرحهم ولهوهم أحب إليهم من هذه الدروس المملة والمذاكرة الثقيلة، لكن كيف تجعل المذاكرة نوع من أنواع الترفيه؟ أن تشجعهم على المذاكرة، وكيف يمكنك تشجيعهم؟ بأن تعرف مدخل كل واحد فيهم، وكيف تعرف مدخل كل واحد فيهم؟ مثلا من يحب الكرة أدخل له الأمر في إطار رياضي ومن يحب التلوين اجعل له المذاكرة كرنفال ألوان ومن يحب الموسيقى غنِّ له الدروس أو قم بأدائها على شكل ألحان مشهورة. وما هي طرق التشجيع الأخرى؟
استخدم الملصقات في المذاكرة للأبناء
استخدم الملصقات عند المذاكرة للأبناء لأنهم يحبون هذه الأشياء، قم بشراء الملصقات وقم بلصقها على الكتب والكراسات، قم بإلصاق ملصق على كل درس تنهونه، وقم بإلصاق ملصق على كل قطعة إملائية تقومون بإملائها، وملصق على كل مسألة تحلونها، وهكذا.. الوسائل هذه قد تراها لا قيمة لها لكن عند الطفل مهمة جدا.
استخدم هدايا تحفيزية
استخدم هدايا تحفيزية بسيطة عند المذاكرة للأبناء، قم بشراء البونبوني مثلا أو ألعاب بسيطة من أجل تحفيزهم أو قم بشراء لعبة بنهاية الأسبوع كتحفيز له لأنه يبلي حسنا في المذاكرة على مدى الأسبوع الفائت وهكذا، الهدايا التحفيزية هذه تجعل الطفل يتفانى في المذاكرة والتحصيل والاستيعاب، الأمر بالنسبة له سيصبح تحدي وأشبه بالمسابقة سيتفوق فيها دائما على نفسه.
استخدم الأسلوب القصصي
الأطفال يحبون الأسلوب القصصي، لا تترك موضعا يمكن أن تحكي فيه قصة من أجل إفهامهم وتبخل بها، كم مرة حكيت قصة لطفلك ووجدته مشدوها منجذبا منبهرا؟ الحقيقة أن كل الناس يحبون القصص ويتسلون بها، لذلك استخدم الأسلوب القصصي من أجل توصيل المعلومات بصورة أكبر.
استخدم الإنترنت
استخدم الإنترنت من أجل الإلمام بالدروس بشكل أكبر واستخدم الإنترنت من أجل البحث عن قصص لها علاقة بالدرس الذي ستدرسونه واستخدم الإنترنت من أجل أن يشاهد تجربة عملية أمامه في مادة العلوم وهكذا، فضلا عن الاستفادة في المذاكرة للأبناء ستفهمه أيضًا أن الإنترنت يمكن أن يكون له فائدة أهم من الألعاب وشبكات التواصل.
شجعه كلما قام بشيء
قم بتشجيعه، امتدحه واثنِ على أدائه وقدرته على الاستيعاب، مهما كان الشيء الذي قام به بسيطا، أعتقد أن مرة من المرات نسيت شكر الطالبة على كتابتها للدرس وتزيين شكري بالنجوم والرموز التعبيرية عن السعادة وغيرها، في اليوم الثاني بعثت لي أمها في كراسة المتابعة للتلميذة تلومني لنسياني هذه الأمور لأن البنت غضبت ولأن هذه الكلمات البسيطة والنجوم والموز التعبيرية تشجعها فوق ما نتخيل نحن بكثير، لذلك لا تتوقف عن تشجيع ابنك.
خاتمة
المذاكرة للأبناء ممكن أن تكون عبئا وممكن أن تكون متعة كبيرة لك وله وبيدك أن تجعلها عبئا وضغطا وبيدك أيضًا أن تجعلها نشاط ترفيهي ممتع.
أضف تعليق