الغضب الصحي لن يكون مفيدًا إذا كان الشخص في حالة من عدم السيطرة على هذا الغضب، ولذلك في الكثير من المواقف الحياتية يكون لبعض الناس عدم وعي بنتائج الغضب، سواء الإيجابية أو السلبية، ولأن الغضب في العادة يكون في إطار إشكالية سلبية، فهو لم يأخذ نصيب جيد من التقدير، فالشخص الغضوب بالنسبة للكثير من الناس هو شخص منبوذ، أو شخص غير مرغوب فيه، فمثل هذا الشخص يكون لديه عادة عجز في القدرة على السيطرة على الغضب، ولذلك يخسر كل من حوله، لأنه يتكلم معهم بأسلوب سيء، وبطريقة أحيانًا مهينة، ليصل الأمر إلى خلاف ويتجنبه الناس، في هذا المقال سيتم التحدث عن شيئين مهمين، هُما كيف يكون الغضب شيء إيجابي، وما هي الأشكال الإيجابية للغضب، أما الشيء الثاني هو كيفية التحكم في الغضب حتى يستخلص الإنسان الفائدة من الغضب.
استكشف هذه المقالة
غضب الحليم عادة إيجابي
الأمر ليس قاعدة، ولكن الشخص الهادئ حسب بعض الأبحاث هو بطبيعته شخص محب للسلام، وغير مرحب بفكرة العيش في مكان يسوده كراهية وغضب وحقد، أغلب الأشخاص في العالم كذلك، ولكن هناك البعض من يكون لديهم قابلية للتعامل مع المواقف الصعبة بغضب إذا تطلب الأمر، لكن الوصول لمرحلة الغضب عند الهادئين بطبعهم يُمثل أزمة، لذلك في الحالات التي يكون فيها شخص معروف بهدوء طبعه، غاضب جدًا، هذا النوع من الغضب يكون حقيقي، وحسب التقارير يكون هذا النوع من الغضب محترم، لأن جميع من يعرفون هذا الشخص يعرفون أنه بعيد كل البعد عن اللجوء لمثل هذا الأسلوب، وأنه لم يصل إلى هذه المرحلة من الاستفزاز أو الغضب إلا إذا كانت هناك كارثة حقيقية، وعادة غضب مثل هذا الشخص يكون غضب صعب جدًا وغير متوقع، لكنه الغضب الصحي ، والذي من بعده يصمت الجميع ويعيد تقييم الأمور في غضب الشخص الحليم والهادئ، وفي العادة يكون لديه كل الحق.
الغضب الصحي حقيقة دفاعية
في تعريف الغضب عن كتاب ” الغضب الصحي Good angry ” للكاتب “ديفيد بوليسون”، أن الأمر يبدأ بحدوث شيء غير طبيعي لشيء تهتم به، في البداية يشعر الإنسان بعدم تقبل الأمر، وهذا الأمر سيؤدي إلى زيادة في معدل الأدرينالين في الجسم، وهذا يدفع العقل لنطق كلمات، أو فعل أفعال تدل على عدم تقبل الأمر الغير الطبيعي الذي يحدث للشيء الذي تهتم به، أي كان هذا الشيء، مشاعر، أشياء مادية، أقرباء، أفكار، كل ما يهتم به الإنسان سيدخل هذه الخانة، هذا هو الغضب.
في بعض الأحيان، بعض الأشياء تستحق رد الفعل هذا، مثال؛ لو كان هناك شخص يضايق شخص آخر بالكلمات، بصورة متكررة، هناك نظريتان في التعامل، الأولى تدعو للتجاهل التام، والنظرية الثانية تدعو للمواجهة، في النظرية الأولى هناك احتمالان، الأول أن يتراجع الشخص مع الزمن، ويفقد شغفه بمضايقة الشخص الآخر، والاحتمال الثاني هو التمادي، وفي هذه الحالة سيكون الحل هو النظرية الثانية وهي مواجهة هذا الشخص، حالة المواجهة هذه يمكن أن ندعوها الغضب الصحي ، لأن الشخص المتضرر هو شخص يتعرض بالفعل لأذى قد يكون نفسي أو جسدي، والغضب في هذه الحالة هو دفاعي وليس هجومي، وسيلة ردع ليس إلا.
الغضب الصحي لمرضى القلب
قد يكون الأمر مفاجأة، ولكن حسب ورقة بحثية قام بها طبيب نفسي يُدعى “ديفيسون” مع زملاؤه عام 2000، عن مرضى القلب ومدى تأثير الغضب عليهم، تم اكتشاف أن نوبات الغضب، وإمكانية إخراج المشاعر السيئة والأحاسيس المجروحة في صورة عنف لفظي أو جسدي، يساعد مرضى القلب في الحفاظ على ضغط الدم في صورة جيدة لفترة أطول بعد هذه النوبات، وبصورة أخرى عرفوا الأمر على أن الحزن الصامت يسبب الجلطات ويساعد على ارتفاع ضغط الدم، أما الغضب بطريقة ظاهرة فهو يأخذ وقت أقل بكثير، وربما مجهود أكثر، ولكن تأثيره الطبي على فاعله أفضل بكثير من الذين يحولون غضبهم إلى صورة صامتة.
الشخص الغاضب عادة صريح
ميزة صحية أخرى للغضب وهي أن الشخص الغاضب في العادة يكون شخص صريح، وهذا لأسباب عدة، منها؛ أن الشخص الغاضب لديه قضية تجعله في حالة من عدم التحكم في كلماته وأفكاره، ولذلك لن يكون لديه القدرة أبدًا على تجميل الأمور، ومعظم ما يقوله في وقت غضبه هو يشعر به بالفعل، ولكن يجب التأكد تمامًا أن ليس كل ما يقوله الناس في وقت الغضب هو حقيقة، فمشاعر الغضب تجعل بقية عواطف الإنسان في حالة عشوائية.
قد يصل الأمر إلى أن أحدهم يتحامل على أحد يحبه بشكل مهين، أو قول كلمات غرضها الأساسي هي أذية الآخر كنوع من أنواع الدفاع النفسي، أو مظاهر أخرى كثيرة للغضب تجعل الشخص الغاضب لا يقصد ما يقوله بشكل كلي، بل من الممكن أن يقصد جزء ضئيل جدًا، ولكن الغضب يجعله يبالغ في وصف ما يشعر به، ولذلك العُرف في البلاد العربية، هو طبية قلب الشخص الغاضب، وهذا الأمر جزء منه حقيقي، لأن الشخص الغاضب، ما يفكر فيه يقوله، وهذا يجعله شفاف، لا يتعامل بخبث.
كيفية السيطرة على الغضب
من أهم طرق الوصول إلى الغضب الصحي هي فكرة السيطرة على الغضب، ولأن تعريف الغضب نفسه أنه عدم القدرة على السيطرة على المشاعر والأعصاب، لابد من وضع حدود للنفس عند الغضب لمحاولة السيطرة على الكلمات والأفعال، فيكون الغضب مفيدًا، ولذلك في النقاط التالية سيتم سرد أهم الفئات والأشخاص الذين يجب أن يسيطر معهم أي شخص على غضبه.
السيطرة على الغضب مع الأهل
من أهم الأشخاص الذين يجب أن يتم التعامل معهم بحذر في حالات الغضب هم الأهل، والبداية من الأب والأم، وضع حدود للغضب على الأب والأم يجعل الغضب صحي وسليم ويمكن أن يوضع في خانة الاعتراض الشديد، فلا يجب إطلاقًا مد اليد على الأب أو الأم، في أي حالة من الحالات، وفي حالة الاعتراض لا يجب أن يكون الأمر فيه تقليل أو إهانة إليهم، بل يجب أن يكون الاعتراض منطقي، وإن تطرق الأمر إلى استخدام الصوت العالي، فلابد أن يكون له حجة حتى يُفهم مِنهم، أيضًا الغضب بين الأزواج لا يُفضل أن يصل إلى الإهانة بأي نوع من الإهانات، الغضب على الأبناء، لا يفضل أن يكون بالضرب أو بالشتم أو بالتقليل منهم، وجرحهم بالألفاظ السلبية، لأن هذه الألفاظ قد تشكل الكثير من أفكارهم السلبية فيما بعد.
الغضب الصحي في العمل
السيطرة على الغضب في العمل من أهم الأشياء التي يجب تعلمها، وهذا ببساطة من أجل الحفاظ على العمل، توجيه الغضب في العمل يُمكن أن يكون في عدة صور، أهمها ممارسة رياضة عنيفة، مثل الملاكمة، أو الجري أو التايكوندو، أو الذهاب إلى الصالة الرياضية بعد العمل أو في الوقت المناسب، هذه الرياضات ستوفر للشخص أن يخرج الطاقات السلبية الموجودة من العمل، أيضًا حسب كتاب “العلاج بالطبيعة” للكاتبة “فلورينس ويليامز” إن المشي لمدة 30 أو 40 دقيقة يوميًا في مكان به أشجار أو خضرة أو مكان طبيعي، مدة كفيلة جدًا أن تتعامل جيدًا مع غضب الإنسان خصوصًا لو كان الشخص يتفاعل بكل حواسه مع الطبيعة.
أخيرًا الغضب الصحي أمر لابد منه، فلو كان أحدهم لا يغضب، فهو لديه شيء غير طبيعي في جهازه العصبي، ولكن بالطبع السيطرة على الغضب، هو الخيط الرفيع الذي يفصل بين الغضب الغير صحي و الغضب الصحي .
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق