الكون مليء بالعديد من الغرائب الكونية ، ومهما تعمق الإنسان في دراسة الكون سيظل جاهل وكأنه طفل صغير يبحث عن لعبته الصغيرة بين أكوام من القش. ولكن حتى الآن استطاع العلم أن يتعرف على بعض الغرائب الكونية واندهش حين عرفها وفهمها، وذلك بفضل التلسكوبات التي تمكن من إرسالها إلى خارج مدار الأرض لأن بعض الأشعة مثل الفوق بنفسجية والرونتغن لا تخترق الغلاف الجوي الذي يحمينا منها، لذا لزم أن تكون التلسكوبات في الفضاء الخارجي حتى تلتقطها وتكون أقرب إلى تصوير الفضاء بشكل أفضل وإعطاءنا مجالاً للدراسة. وفي هذا المقال بعضاً من الغرائب الكونية حديثة الاكتشاف التي تجعلك تتقرب من ذلك الكون الفسيح خطوة تجاه تعلمه ودراسة نظامه.
تعرف على بعض من الغرائب الكونية الأخاذة
الكوكب المظلم
نحن نعرف أن الكواكب والنجوم هي أجرام سماوية مضيئة لأنها تعكس الضوء والحرارة الصادرة من النجم الأكبر أو الأقرب في مجموعتها، كما هي حال الأرض لأنها تعكس 37% من ضوء الشمس الواقع عليها. أما ما عثر عليه العلماء الفلكيين هو واحداً من الغرائب الكونية وهو كوكب يبعد عن الأرض مسافة 750 سنة ضوئية. المميز بهذا الكوكب كونه مظلم تماماً كالفحم الأسود وتمت تسميته TrES-2b. هذا الكوكب في حجم كوكب المشتري ويبعد عن نجمه 5 مليون كيلومتر فقط لا غير، مما يعني أن درجة حرارة الكوكب تتعدى 1200 درجة مئوية. من شدة حرارة هذا الكوكب يرسل أشعة تحت حمراء، ومن دراسة هذه الأشعة وجد العلماء أنه يعكس واحد بالمئة فقط من مقدار الضوء الساقط عليه من النجم الذي يدور حوله وهذا يعني أن باقي الضوء يستطيع الكوكب أن يمتصه. يقول الفلكي من جامعة هارفرد “دافيد كيبينيغ” أن الكوكب ليس بثقب أسود حتى يمتص الضوء ولا توجد مادة تمتلك تلك الخواص سوى الناتريوم وفي شكله الغازي وهي مادة نادرة جداً، فلابد أن هناك تفاعل كيميائي غير معروف يسمح بامتصاص كل كمية هذا الضوء.
قمر مسطح
يعتبر قمر ميثونه من الغرائب الكونية العجيبة والغير مفسرة، وهو قمر تابع لكوكب ساتورنوس بخلاف القمر الأخر المسمى تيثيس. هذا القمر يقدم ثلاثة تحديات للعلم: أولهم أن محيط القمر لا يتجاوز الثلاثة كيلومترات وهو لا يمتلك جاذبية كافية، ثانيهم أنه قمر غير “مدور” بسبب قلة جاذبيته ولكنهم رغم ذلك “مكور” وهو أمر يصعب تفسيره، التحدي الثالث في كون القمر أملس بشكل دقيق ولا يمتلك أي فوهات مثل باقي الأقمار، فمما هو مكون؟
كوكبان يتراقصان بالنار
أسمعت يوماً التعبير القائل “يلعب بالنار” أي إنه يلعب بما قد يؤذيه ويؤذي من حوله أيضاً؟ هكذا هي حال هذان الكوكبان. الكوكب الأول هو كوكب غازي يسمى “كيبلر 36 سي” والكوكب الثاني هو كوكب صخري يسمى “كوبلير 36 بي”. كليهما يدوران في مدار واحد حول النجم “كيبلر 36” وهو نجم يبعد عن أرضنا 1200 سنة ضوئية. كل واحد من هذان الكوكبان يحتاج إلى أسبوعين من الزمن ليكمل دورته حول النجم، ولأنهما يسيران في نفس المدار تقريباً فهما يلتقيان ببعضهما البعض كثيراً جداً وعلى مسافات قريبة للغاية، تجعل خطر الاصطدام محتمل جداً مما سيؤدي إلى عواقب خطيرة لا نستطيع معرفتها بالكامل. حتى الآن لم يصطدما وهذا غريب بحد ذاته لكنهما يتراقصان كل فترة قصيرة مع بعضهما، ومن يعرف ما سيحدث! المشكلة في اختلاف الكوكبان تماماً عن بعضهما إذ إن كثافة الكوكب الصخري أكبر من كثافة الكوكب الغازي ثمانية مرات، كما أن الكوكب الغازي لا يوجد في مكانه المفترض لأن ذلك النوع يوجد بعيداً عن النجم الحار في المناطق الباردة جداً، أما الصخري ففي مكانه المضبوط، هذا الاكتشاف من الغرائب الكونية العجيبة.
كواكب عجوزة وشمس شابة
ليتمكن أي كوكب في الفضاء من البقاء على قيد الحياة والازدهار يجب عليه أن يدور حول شمس أو نجم يوفر له العناصر الأولية الأساسية والثقيلة، تماماً كما تفعل الأرض حول الشمس. أما من الغرائب الكونية هنا هو اكتشاف كوكبين عملاقين ويزيدان في الوزن عن المشتري (أكبر كواكب مجموعتنا) بمقدار 0.8 و2.9 على الترتيب. وهما يدوران حول شمس تمتلك واحد بالمئة فقط من مقدار العناصر الثقيلة التي تمتلكها شمسنا نحن. إذاً هل النظرية من الأساس خاطئة وإن الكواكب لا تحتاج إلى شموس قوية أم إن هناك حدث غير ذلك المفهوم هناك فقط؟!
نجمتان ترقصان رقصة الموت
كما تتراقص الكواكب سنجد في الغرائب الكونية تراقصاً للنجوم ولكن الخطر هنا يصير أكبر. هذان النجمان يتراقصان بدوران كل واحد حول الآخر دورة كاملة كل ساعتين ونصف. وهما من نوع “القزم الأحمر” وهذا النوع يمثل 80% من نجوم مجرة درب التبانة. بحسب رأي العلماء فإن النجمان يكونان بعيداً عن بعضهما وبسبب مجال مغناطيسي معين تقربا حتى وصلا إلى هذه المسافة القصيرة، ولو أنهما تقربا أكثر لتصير الدورة أقل من دقيقة سيحدث اصطدام ثم التحام بينهما.
أكبر ألماسة بالكون
الألماس هو في الأصل كربون وهو من أهم المعادن الموجودة على كوكب الأرض أو خارجه. ماذا لو قلت لك أن من الغرائب الكونية وجود كوكب كامل عبارة عن ألماسة كبيرة؟ على بعد 4000 سنة ضوئية يوجد كوكب يدور حول النجم “بولس” وهو نجم نيتروني فائق السرعة، يدور عشرة ألاف لفة حول نفسه في الدقيقة الواحدة. بجانب النجم كوكب من باقيا نجمة توأم للنجمة بولس، بحيث عندما انفجرت النجمة بولس سلخت الطبقات العليا للنجمة التوأم بجانبها لتتبقى نواة النجمة فقط لتصبح كوكب. وكان من المفترض أن تبتلع النجمة النيترونية هذه النواة منذ زمن بعيد ولكن بسبب كثافة هذه النواة أصبحت صلبة، إذاً لابد أنها مكونة من الكربون لتصبح بذلك أكبر ألماسة في الكون.
من الغرائب الكونية، كوكب من الفلين
على بعد أربعة ألاف سنة ضوئية اكتشف العلماء كوكب وأسموه TrEs-4b والغريب بهذا الكوكب أنه أكبر من الكثافة المطلوبة ليصبح بذلك غير قابل للوجود من الأساس. حجمه يزيد 70% عن المشتري أما وزنه فيساوي 75% من الوزن الكلي للمشتري، مما يعني أن كثافته تساوي 0.3 غرام في كل سنتمتر مكعب وهي نفس كثافة الفلين. نظرية العلماء تفسر الأمر بالحرارة الكبيرة للكوكب لأنه يتعدى 1300 درجة مئوية مما يجعله يشبه البالون المنتفخ. وهو مكون من غاز الهيدروجين والهيليوم ومن المفترض أن تزول طبقاته الخارجية بفعل الانتفاخ ولكن توجد قوى تمنع هذا التفسخ.
نجم يحير العلماء من الغرائب الكونية
SDSSJ102925+172927″” هو نجم بمجرة درب التبانة عمره لا يقل عن 13 مليار عام أي إنه تكون بعد الانفجار العظيم بعد 700 مليون عام فقط. مما يعني أنه قديم وعجوز كما الكون نفسه، الغريب بهذا النجم أنه يحتوي على أقل كمية من العناصر الثقيلة التي وجدها العلماء بين جميع نجوم الكون المكتشفة حتى الآن. إذ إنه يملك أقل 20 ألف مرة من العناصر التي تمتلكها شمسنا وهو لا يمتلك عنصر الليثيوم تقريباً، على الرغم من أنه أهم عنصر بعد الهيدروجين والهيليوم. فإذا كانت نظرية الانفجار العظيم صحيحة فلابد له أن يحتوي على خمسين مرة أكثر من الليثيوم، ولا يوجد تفسير حتى الآن لهذا الأمر.
من الغرائب الكونية أن تكون الأقمار شموس
الكوكب يدور حول الشمس والقمر يدور حول الكوكب، هذا مبدأ واضح ومعروف للجميع. ولكن ما اكتشفه الفلكيان الهاويان كيان وروبيرت كان له حساباً أخر، إذ تمكنوا من رصد كوكب ضخم في منظومة “KIC 4862625” والتي تبعد خمسة ألاف سنة ضوئية عن أرضنا. هذا الكوكب يدور حول شمسين وهذا ليس بالأمر الغريب فتوجد ستة كواكب أخرى بهذه الطريقة، أما الأمر الغريب هو الشموس التي تدور حول هذا الكوكب وكأنهما أقماره، بحيث وجدوا شمسان واحدة تساوي 1.5 من وزن شمسنا نحن والأخرى تساوي 0.4 تدوران حول الكوكب الأكبر في القطر من كوكب الأرض بستة مرات وأكبر وزناً 160 مرة، فأطلقوا عليها مجموعة “PH1”.
مجرة مربعة
مجرات الكون كلها إما دائرية أو بيضاوية أو حتى حلزونية، ولكن أن تكون مربعة الأضلاع فهذا ما لم يصدقه الفلكي اليستير غراهام وهو ينظر لها بأم عيناه. LEDA 074886″” هي مجرة تبعد عنا مسافة 70 سنة ضوئية وهي مربعة الأضلاع في شكلها الخارجي ولا يعرف العلماء كيف يفسرون الأمر، وإنما يضعوا نظرية عن اصطدامها بمجرة أخرى من النوع الحلزوني، أو لكوننا نراها من زاوية معينة فقط بالنسبة إلى الأرض.
أكبر المجرات من الغرائب الكونية
كان العلماء تعرفوا بالصدفة على أكبر المجرات المعروفة لدينا حتى الآن وهي مجرة NGC” “6872 ولكنهم لم يعرفوا مدى كبر حجم هذه المجرة الهائل سوى من وقت قريب. هذه المجرة تبعد عنا 121 مليون سنة ضوئية وترسل ضوء بنفسجي، وهي أكبر من مجرتنا خمس مرات. وسبب هذا الحجم هو اصطدامها بمجرة أخرى والتحام الاثنين معاً مما دفع النجوم إلى البعد عن مركز المجرة مسافة 500 ألف سنة ضوئية.
من الغرائب الكونية أن تدور المجرات حول مجرة واحدة
الأرض تدور حول الشمس وتفعل مثلها الكثير من الكواكب والذين يكونوا معاً المجرة، ولكن هل المجرات كلها تدور حول بعضها أو بطريقة منظمة؟ هذا الأمر لم يخطر ببال العلماء سوى حين شاهدوا بأنفسهم مجرة “اندورميدا” وهي المجرة الأقرب لنا بالنسبة لباقي المجرات. هذه المجرة تقترب منها مجرات أخرى كثيرة وهي 27 مجرة قزمة، ومن أصل ال27 توجد 13 مجرة تتبع مجرة أندروميدا كالأقمار حول الأرض. وتسير المجرات في مدارات قطرها 12 تريليون كيلومتر بنفس طريقة سير الكواكب حول الشموس.
أكبر ثقب أسود بالكون
الثقوب السوداء منتشرة حول الكون في الكثير من المجرات وتمثل في الغالب 0.1 من الوزن الكلي من المجرة وتكون على حلزوني وفي سحابة كونية كبيرة. إلا إن هذا الثقب الأسود بالذات ضرب كل الأرقام القياسية والمعروفة بين كل الثقوب السوداء، وهو يقع في مجرة NGC 1277″” ورغم أنها مجرة يصعب رؤيتها إلا إن العلماء تمكنوا من حساب مقدار هذا الثقب ليصل وبدهشة إلى مقدار 17 مليار شمس مثل شمسنا مجمعين. وهو مختلف في كونه موجود في سحابة كونية صغيرة وشكله صفيحي وليس حلزوني كما إنه يمثل 14% من الوزن الكلي للمجرة بسبب حجمه الهائل، ويبعد عنها 220 مليون سنة ضوئية.
الخلاصة عزيزي القارئ أن الكون يقدم تحديات علمية للبشر كل يوم ليصير معه تثبيت النظريات أمراً مستحيلاً، والغرائب الكونية المكتشفة تثبت أن الإنسان أقل من معرفة أسرار الكون وألغازه. اوسيبقى فقط يتمنى ويجهد للوصول إلى فهم روعة خلق هذا الكون ولن يصل إلى المنتهى على ما أظن.
أضف تعليق