لا شك طبعًا أن العمل والترفيه يُعتبران من الأمور الهامة للغاية والفارقة في حياة كل شخص، فإذا كنت ستعمل أنت في حاجة إلى الترفيه للتخفيف عن نفسك، وإذا كنت ستلجأ إلى الترفيه فإنك بكل تأكيد لن تقضي اليوم بأكمله في وضع الترفيه والتخفيف عن نفسك، إذ أنه عليك أن تعمل أولًا وتضمن أنك قد قمت بالكثير من الأمور الهامة التي جعلتك تتعب وتستحق ذلك الشكل المثالي من الترفيه، على العموم، في النهاية ثمة علاقة توازن يجب أن تكون موجودة بين كلا الأمرين، وبعض الناس لا يقدرون على المُضي قدمًا في تلك العلاقة مما يؤدي إلى حدوث المشاكل الحياتية، على العموم، في السطور القليلة المُقبلة سوف نضع الإجابة على سؤال في غاية الأهمية، كيف يُمكن خلق التوازن بين عمليتي العمل والترفيه مع ضمان منح الحق لكل فئة منهما؟ السطور القادمة تُجيب على ذلك السؤال بوضوح.
أهمية العمل والترفيه
منذ أن خلق الله الأرض وضع فيها ما يُمكن أن يكون مُسببًا لحالة من التوازن، ففي اللحظة التي وجد فيها العمل كان ثمة وجود للترفيه، وهذه الأمور يُمكن القول إنها فطرية تمامًا، إذ أنه ليس هناك نبراس أو قانون إلهي يُرشد إلى الترفيه بأي شكل من الأشكال الموجودة له، صحيح أن ذكر العمل قد ورد بكثرة لكنه كان ذكرًا مُجردًا، أنت فقط تعرف أنه ثمة أهمية للعمل تكمن في جلب الاحتياجات الهامة للشخص وأسرته وكذلك تحقيق المنافع العامة لهذا العمل، لكن الترفيه جاء من أجل أن يمنح الراحة لهذا الشخص المُنغمس في العمل كي يُمكن لاحقًا الاستمرار في العمل الذي يقوم به، وكأننا نتحدث عن طاقة مُعينة تُكتسب من الترفيه، حيث أن الشخص إذا أدرك أن الحياة بأكملها نوع من أنواع العمل الجاد فمع الوقت سيمل ويترك هذا العمل، لذلك في المنتصف من كل ذلك يظهر الترفيه كعلاج له، بيد أن السؤال الهام الذي يبقى مطروحًا، كيف يُمكن خلق الموازنة المنطقية بين كلا الفعلين بحيث لا يكون لهما تأثيرًا سلبيًا على بعضهما البعض؟
كيفية عمل توازن بين العمل والترفيه ؟
الآن نحن نعرف الكثير عن العمل والترفيه والعلاقة المتواجدة بينهما، لكن يبقى سؤالنا الهام مُتعلقًا بكيفية خلق حالة من التوازن التام بين كلا الأمرين، وذلك الأمر يُمكن أن يحدث من خلال العديد من الطرق، أهمها تخصيص الأوقات.
تخصيص أوقات مُحددة
أول طُرق التوازن بين العمل والترفيه أن يتم تخصيص وقت مُحددة لكل فئة منهما، إذ أنه ثمة وقت يُمكن للشخص فيه الترفيه عن نفسه وثمة وقت يجب عليه العمل ولا شيء غيره، وطبعًا إذا تركنا هذا الأمر للأهواء الشخصية والظروف والحالة المُتقلبة فلن يكون هناك موازنة على الإطلاق، لذا فإنه من الأفضل أن يُحدد منذ البداية أن النهار مثلًا للعمل والليل للترفيه، هذا إذا ما كنا نتحدث عن الترفيه اليومي، وإذا كنا نقصد الترفيه الأسبوعي فمن الأفضل أن نجعل أيام مثل الخميس والجمعة هي أيام الترفيه الرسمية التي يتم فيها الانقطاع تمامًا عن العمل، ولا ننسى الترفيه السنوي الذي يكون في شهر أغسطس ويُمكن فيه أخذ العائلة والذهاب إلى أحد المصايف وقضاء عطلة الصيف وسط أجواء مثالية، في النهاية تبقى فكرة الترفيه قائمة وممكنة بشكل مثالي حال تخصيص الوقت المُحدد لها منذ البداية.
إدراك حقوق وواجبات الأمرين
من الأسباب الرئيسية التي لا تجعلنا نُقيم فكرة الموازنة بالشكل المثالي لها أننا لا نُدرك أساسًا حقوق وواجبات كل أمر من الأمرين، بمعنى أننا نُرفه عن أنفسنا في وقت الفراغ ووقت العمل يكون للعمل، هكذا فقط دونما إدراك لما نفعله بالأساس ودون أن يكون لدينا شعور بأنه حق أو واجب، نحن لا نُدرك أي شيء فيما يتعلق بهاذين الأمرين، فقط نحن نؤمن أن الإنسان مخلوق ليعمل ويُمكن أن يستغل الفراغ في الترفيه والترويح، لكن هل هذا كل شيء؟ أليس هناك حقوق للعمل يجب القيام بها حتى يُصبح الترفيه لاحقًا من الواجبات أو الأمور التي تستحقها؟ الأمر يبدو معقدًا، لكن في النهاية أنت مُطالب بالقيام بعملية الإدراك هذه ثم بعد ذلك تُقرر توزيع العمل والترفيه والاستفادة منهما.
السعي لتحقيق أقصى استفادة منهما
قبل أن تبحث في فكرة التوازن بين العمل والترفيه عليك أولًا أن تحصل على الاستفادة القصوى من كليهما، فالعمل ليس طريقًا تحصل منه على المال فقط والترفيه ليس طريقًا لإراحة نفسك من معاناة العمل، الأمر ليس بهذه السهولة، بل يُمكن عزيزي القارئ أن يُصبح العمل نفسه جزء رئيسي من الترفيه إذا عملت بالوظيفة التي تُحبها ومارست الشيء الذي يُمكنك القيام به فعلًا وليس الشيء الذي تُجبر عليه، أيضًا الترفيه يُمكن الحصول منه على فائدة، فإذا افترضنا أنك ستُمارس لعبة من الألعاب كجزء من الترفيه، فالأفضل بالطبع أن تجعل هذه اللعبة هي كرة القدم وأن تكون في شكل ترفيهي ورياضة في نفس الوقت، وطبعًا النماذج كثيرة، لكن في النهاية أنت وحدك من يُمكنه الخروج بالاستفادة من كلا الأمرين.
عدم إغفال الأسرة للموازنة بين العمل والترفيه
الأسرة ركن رئيسي وهام للغاية في رحلة توفيقك بين العمل والترفيه ، فأنت لن تكون قادر على الموازنة إلا عندما تكون تلك الأسرة جزء رئيسي من تفكيرك في هذا الأمر، قبل ذلك عليك أن تُحدد، هل الأسرة جزء من الترفيه أم أنها جزء من العمل؟ بمعنى أنها تُجهز لتكون مسئولية ثقيلة عليك أم هي جزء من الوقت الذي تُريد أن تعيشه طوال الوقت؟ ببساطة، لكي تنجح عملية التوازن هذه يجب أن تجعل من الأسرة ركن هام، لا هو رئيسي ولا هو فرعي، المهم أن تكون لها مكانة هامة، ومن الأفضل طبعًا أن تكون الأسرة جزء من الترفيه نفسه، فعندما تُحدد موعد لعطلة صيفية للترفيه عن نفسك يجب أن تضع في فكرتك أن هذا الموعد لن يكون ترفيهيًا بنسبة مئة بالمئة إلا عندما تكون الجزء حاضرة، ستكون أساس الترفيه بالمعنى الأدق.
فن الترويح عن النفس
هل عملية الترويح عن النفس فن؟ البعض بالتأكيد قد يتعجب من ذلك ويعتبره درب من دروب السخرية اللفظية، فجميعنا يعرف أن الترويح من قِبل الشخص على نفسه أو حتى المُحيطين به يبدو أمر سهل وعادي، لكنه في الحقيقة فن يجب الاقتراب منه أكثر وتعلمه إن جاز التعبير، وهذا الأمر يحدث عندما تقوم برؤية الأشخاص السعداء حولك وكيف أنهم يُرفهون عن أنفسهم بطُرق مبتكرة وحديثة وفي نفس الوقت يحصلون على الفوائد التي يريدون الحصول عليه من الترويح بشكل عام، إجمالًا، نحن نتحدث عن الترويح الذي يجعلك تحظى بمقدار أكبر من المتعة، وربما الاقتراح الذي ذكرناه قبل قليل هو الأقرب مصادقةً لهذا الأمر، فعندما تُريد الترويح برياضة لا تُروح برياضة مُضرة أو شيء مُضيع للوقت والأموال والصحة، بل اختر الشيء الذي يُحقق لك غرضك ويضمن لك الفائدة، اختر رياضة كرة القدم مثلًا، فالترويح عن نفسك بممارستها أفضل بكثير من الاكتفاء بمشاهدتها.
ختامًا عزيزي القارئ، كما هو واضح طبعًا مما سبق ذكره فإن العمل والترفيه يظهران وكأنهما نقيضين لا خلاص منهما، فإذا كنت ستبحث عن الترفيه فلا يُمكنك الهرب من العمل، وإذا كنت ستعمل بجد وتؤدي ما عليك فإنك بلا شك سوف تحتاج إلى الجانب الترفيهي بشكل محوري ورئيسي، وما يقع على عاتقك فقط أن تقوم بالتنظيم بشكل يخدم كلا الأمرين.
أضف تعليق