العلاقة مع الأصدقاء تشكل جزءًا كبيرًا في حياتنا، فبعض الأشخاص تمثل لهم الأصدقاء عائلة أخرى، أو ربما يعتبرونها عائلتهم الأصلية، فمفهوم العائلة ليس دائمًا يقع على أولئك الذين تربطك بهم صلة قرابة، بل من الممكن أن يقع على بعض الأشخاص القليلين الذين تجد منهم العون والسند، والذين تجدهم كلما احتاجت إليهم.. وكم من صديق توفرت فيه تلك الخصال أكثر من قريب أو أخٍ أو أخت، و العلاقة مع الأصدقاء كانت ولا تزال من أهم العلاقات التي قد يحظى بها المرء، فالإنسان بطبعه لا يستطيع أن يعيش وحيدًا ففي كل مكانٍ يحتاج أن يجد أنيسًا له، ففي البيت يجد شريك الحياة، أو الأم والأب، أو إخوته، وأبناءه، وفي الخارج يبحث دائمًا عن صديق يسير معه في دربه، فالحياة من دون أنيس موحشة جدًا، كما أن الإنسان بحاجة دائمًا إلى أذن تسمعه، وقلبٍ دائم الانشغال به، فهو باحث أول عن الاهتمام، يتلمسه في كل علاقاته أيًا كانت، فمثلًا في سن المراهقة يظل المرء يفكر أن علاقته مع أصدقائه ستستمر عمرًا كاملًا، أو لن تفنى.. ويجعل لهم الأولوية على كثير من الالتزامات العائلية وغيرها، ولكن مع الوقت، وعندما ينضج المرء شيئًا فشيئًا يتلاشى تمسكه بكثير من الأشياء، كما تتلاشى تلك الحرارة والتوهج في كثير من العلاقات، ربما يرجع ذلك إلى نضجه، أو يرجع إلى انشغاله، ولكن من الطبيعي أنه كلما كبر المرء زاد تعلقه بأسرته وعائلته، وهذا هو النقيض بعض الشيء مما كان يفعله قبل ذلك!
نصائح للحفاظ على العلاقة مع الأصدقاء بعد الزواج
كيف يؤثر الزواج على العلاقة مع الأصدقاء ؟
نجد هذا الموضوع في مشاهد يومية كثيرة أمامنا، فمثلًا تجد الفتاة ما إن تتزوج، أو بمجرد أن ترتدي خاتم الخطبة، فإنها تنعزل تدريجيًا عن علاقاتها الاجتماعية الأخرى.. وقد يرجع هذا لأسباب كثيرة، ربما إلى ضعف شخصية الفتاة وتسلط الرجل الذي يحب أن يشعر أنه يمتلكها منذ اليوم الأول من الخطبة، أو قد يرجع إليها فقط أنها وجدت فيه الذي يغطي احتياجاتها فوجدته صديقًا، فاستغنت به عن صديقاتها، أو قد يرجع إلى تلك المسئوليات التي تلتزم بها من تحضيرات قبل الزفاف، أو المشاكل المعتادة في تلك الفترة.. والعجيب أنه ربما تجد بعض الأهل يمنعون ابنتهم عن المحادثات الطويلة مع صديقاتها، أو الخروج معهم مثل السابق بحجة أنها قد أخذت منحنى جديد في حياتها، وأنه من الممكن أن صداقتها بالبعض قد تضر حياتها الزوجية، ولكن بعيدًا عن صحة هذا الكلام أم لا، أين شخصية الفتاة؟ وأين الوفاء الذي تكتب به عهود الصداقة، من الطبيعي أن تشغلنا الحياة، وتأخذنا المسئوليات الكثيرة التي تمنعنا من التواصل بنفس الفعالية مع الكثير من الأصدقاء، فهذه تعتبر الحالة المقبولة التي يمكن التغاضي عن التقصير فيها، ويجب مغفرتها بمجرد السؤال، أو تحري الأعذار إن لم يستطع ذلك، والمبادرة بالسؤال من جهة الطرف الآخر، ولكن ما لا يغفر أن يتم هجر صديق وفي لأجل علاقة، ربما إن انتهت الصداقة ستبقى وحيدًا للأبد، ولن تجد الصديق مرة أخرى، وربما لن تجد أي صديق بعد ذلك.. لا عجب أن تلك الفتاة التي تقلل علاقتها مع أصدقائها قبل الزواج بإرادتها أو رغمًا عنها، ربما تنعدم تمامًا بعد الزواج رغمًا عنها، لأن البنت تختلف عن الرجل الذي ربما يقضي بعض الوقت مع أصدقائه خارج المنزل، فهي تحمل عبء المنزل وحدها، كما أنها لا تجد وقت فراغ إلا نادرًا، فهي تعتبر امرأة عاملة بدوامٍ كامل.. ولكن الرجل يختلف بعض الشيء عن المرأة، فهو بطبعه لا ينغلق تمامًا، كما أن طبيعة مهامه بعد الزواج تترك له الوقت حتى يقابل أصدقائه، ربما قد يبتعد عنهم لأنه يقضي معظم وقته في العمل، أو لأنه يجد راحته في البيت أكثر، فنحن نعلم جيدًا أن للرجل وقتان وقت في العمل، ووقت يرتاح فيه من العمل، وفي كل الحالات نجد الشريك له العامل الأكبر في علاقة الآخر مع أصدقائه، فقد يكون متحفظًا كالمرأة بعد الزواج فإنها تقضي وقتها كله بين واجبات المنزل وواجبات الأطفال اليومية، فهي ترغب في قضاء هذا الوقت مع زوجها الذي ربما يقضيه مع أحدٍ آخر.. وأيضًا الزوج ربما يكره خروج زوجته من المنزل كثيرًا قبل أن تنجز مهام بيتها التي لا تنتهي فيبتعد الاثنان تدريجيًا، ولكن على النقيض ربما قد يهمل أحد الشريكين الآخر فيلجأ إلى تعويض ذلك النقص أو الحاجة إلى الاهتمام في قضاء بعض الوقت مع الأصدقاء.. ولذا نستنتج من هذا الأمر أن علاقة البعض مع أصدقائهم ماهي إلا علاقة تعويض نقصٍ بالنهاية، لأنها لو كانت علاقة تحتفظ بأهميتها لما انعدمت أو ظهرت فقط في أوقاتٍ معينة، ربما تقل لأن الظروف تقتضي ذلك، ولكنها لا تنعدم كما لو لم توجد!
هل تضر العلاقة مع الأصدقاء العلاقة الأسرية؟
ربما تكون بعض العلاقات لها تأثيرًا سلبيًا على العلاقة الأسرية بشكل عام، والعلاقة الزوجية بشكل خاص، فربما جلسات الأصدقاء المتكررة والكثيرة لدى الزوج تثير غضب زوجته، أو ربما تبعده عن بيته، وعن اهتمامه بعائلته، دون أدنى تقصيرٍ من الزوجة، وفي المقابل ربما علاقة الزوجة مع صديقاتها لها تأثير سلبي أيضًا، فقد تعطيها إحداهن نصيحة لمشكلةٍ ما قد تضر بعلاقتها الزوجية، ولكن يبقى تكوين العلاقات الجيدة مع الأسرة ككل لها تأثير جيد على صحة الأسرة التي يجب أن تبقى بعيدًا عن العزلة، حتى تحافظ على صحة أطفالها من الانطواء، ومن تلك الآثار السلبية التي ربما قد تلحق بيهم نتيجة تلك العزلة المفروضة من قبل الأب والأم. وأيضًا احتفاظ الزوج أو الزوجة بأصدقائهم ليس أبدًا دليلًا على قصور في العلاقة، أو نقصٍ بها، فهذا هو الصحي، والذي يجب أن يحدث، فكل علاقة يجب أن تحتفظ بمكانتها وبقدرها المناسب، فلا تأخذ حيزًا أكبر من حجمها، كما أن نقصها قد يكون خسارة كبيرة إن كانت بالفعل علاقة جيدة، كما أن احتفاظ الأزواج على صداقاتهم القديمة بعد الزواج يدل على العقلية الواعية المتفهمة من الشريك، والتي تجعله يدرك تمامًا أهمية الخصوصية، وأن الصديق جزء من الشخصية التي يجب أن يتقبل بها شخصية شريكه.
كيف تحافظ على العلاقة مع الأصدقاء بعد الزواج؟
ربما يجب علينا في البداية أن نحدد ما إذا كانت العلاقة بالبعض تستحق أن نتمسك بها أم لا، فقد ذكرنا أن بعض العلاقات قد تضر بصحة الأسرة، أو أن لها تأثيرًا سلبيًا على علاقة الزوج بزوجته أو الزوجة بزوجها، لذا فيجب على المرء أن يكن حذرًا في اختيار أصدقائه الذي يجب عليهم التمسك والاحتفاظ بهم… وبعد هذا يجب على المرء إطلاع شريكه بأهمية وجود صديقه، وأنه مهم بالنسبة إليه، ربما تلك الخطوة يجب أن تأخذ قبل الارتباط بأي شخص، كأن يقول له ما يريد وما يأمل أن يكون في العلاقة، حتى يعرف كل من الطرفين صفات واهتمامات الشخص الآخر.. ثم يأتي بعد ذلك دور الشخص نفسه، ربما عليك أن تتذكر دائمًا ما فعله صديقك لأجلك من مساعدة ليجعلك هذا تضعه في خطتك، وعلى قائمة مهامك.. بأن تتصل به من حينٍ إلى آخر، أو تقوم بالاطمئنان عليه، أو زيارته، أو تحديد موعدٍ شهري إن لم يكن أسبوعي لمقابلته، وتجديد العلاقة! ومن الرائع أيضًا أن تظل الصداقة كما هي قبل وبعد الزواج، ربما تظل المكانة في القلب رغم قلة الحديث، ولكن من النادر أن يظل الصديق محتفظًا بواجباته التي عليه اتجاه صديقه والتي كان يفعلها قبل الزواج دون تقصير في علاقته بأسرته!
الصداقة التي تحتفظ بخصائصها النقية من أكثر تلك الأشياء جمالًا في هذه الحياة، لذا فإنها تستحق أن يحافظ عليها المرء لأنه ربما لن يجد بديلًا لها وعنها، فسيكون فقدها خسارة سيندم عليها فيما بعد، كما أن أي علاقة لا يجب أن تكون الوحيدة في حياة الإنسان، لأنها وإن انتهت سيكون المرء خاويًا وستكون لديه فجيعتان، فجيعة فقد علاقة كانت تستحوذ عليه لفترة ليست هينة من الوقت، وفجيعة أنه أصبح فارغًا من كل شيء لا يجد ما يلهيه عما فقده، فالتوسط في الأمور هو الأسلم دائمًا.
أضف تعليق