تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الطب البديل » العلاج بالحجامة : هل للحجامة أثر طبي مثبت بالدراسات فعلاً؟

العلاج بالحجامة : هل للحجامة أثر طبي مثبت بالدراسات فعلاً؟

العلاج بالحجامة تقنية ذات أصل شرقي قديم، لكن هل العلاج بالحجامة له أثر علاجي مثبت فعلاً؟ هذا ما نناقشه في السطور المقبلة مع عرض وجهتي النظر.

العلاج بالحجامة

ظهرت آثار العلاج بالحجامة علي أجساد أبطال السباحة والجمباز في دورة الألعاب الأولمبية 2016، وكان أشهر هؤلاء الأبطال الذين تركزت عليهم الأنظار، هو مايكل فيلبس، صاحب الأرقام القياسية في المسابقات العالمية، وأثار ذلك حالة من الجدل في الأوساط العالمية وخاصة العربية، حيث ينظر إلي العلاج بالحجامة على أنه جزء من العلاج الشعبي أو ما يسمي بالعلاج البديل وهو علاج لم تثبت كفاءته حتي الآن، ولا توجد دراسات كافية حول نتائجه، ويرجع سبب الجدل في العالم العربي إلي التاريخ الإسلامي حيث تثبت الأحاديث الصحيحة المروية عن النبي محمد (صلي الله عليه سلم) إنه احتجم وأوصى أتباعه بالحجامة. فضلا عن وجود أثار مصورة من الحضارات القديمة الفرعونية، والآشورية، والصينية، تثبت استخدام الحجامة منذ آلاف السنين.

العلاج بالحجامة بين الحقيقة والوهم

الأساس العلمي للحجامة

يقول مؤيدو العلاج بالحجامة أن خروج الدم الفاسد المتراكم في خلايا الجلد يشبه تنظيف مرشحات المداخن في المصانع، مما يؤدي لتنشيط جهاز المناعة وزيادة مقاومة الفيروسات والبكتريا؛ بسبب تجدد كرات الدم وتنشيط الدورة الدموية والجهاز التنفسي، وينتج عنها التخلص من الجلطات الصغيرة التي تسبب انسداد الشرايين، مما يساعد على تفادي الجلطات وأمراض القلب والضغط، ويفضل إجرائها بعد جلسات الاسترخاء والسونا.

أسلوب العلاج بالحجامة

تعتمد الحجامة بشكل أساسي على سحب الدم الفاسد من الطبقة العليا في الجلد، وذلك باستخدام كاسات زجاجية توضع على مواضع معينة لتخديرها، ثم تزال، ويشرط الجسم لإحداث خدوش بسيطة به باستخدام المشرط، وتوضع الكاسات الزجاجية مرة أخرى؛ ثم يسحب الهواء من داخل الكأس عن طريق مضخة موضوعة به، ليقوم الضغط بسحب الدم خارج الجلد، وبعد عدة دقائق يتجلط الدم الخارج من الجلد، ويقوم الحجام بإزالته بالمناديل، وتشريط أماكن أخرى في الجسد.

تعتمد أماكن الحجامة على نوع الشكوى بحيث تكون بجانب المكان المؤلم، مما يسمح للجسم بإنتاج دم جديد غير ملوث، ولكن بصفة عامة تشمل جميع أنحاء الجسم من الأمام والخلف بما فيه الوجه والذراعين، ويمكن إعادة عمل الحجامة أكثر من مرة على نفس الموضع في نفس الجلسة.

محاذير قبل وبعد العلاج بالحجامة

توجد تعليمات عامة لمن يريد عمل الحجامة مثل: عدم الأكل قبلها بأربع ساعات، وعدم بذل مجهود بدني قبلها وبعدها بيوم، وعدم تناول الموالح والأطعمة الدسمة والألبان. قبل الجلسة مباشرة يقوم المحتجم بالاستحمام بالصابون أو أي منظف طبيعي وبعدها يبقى بملابسه الداخلية السفلى فقط، ويرخي جسمه قدر الإمكان لفترة نصف ساعة، على مشمع من البلاستيك يستخدم خصيصا للحجامة لمرة واحدة فقط، وبعدها يتم التخلص منه نهائيا. بعد الحجامة، يدهن المحتجم جسمه بالزيت للمساعدة على إغلاق المسام بعد خروج الدم، ويشرب محلول سكري مثل: العصائر، ويبتعد لعدة ساعات عن الشاي والقهوة؛ لمساعدة الدم على امتصاص الحديد من الطعام، ويفضل الاستحمام بعدها بيوم بدون صابون. لا تخضع المرأة الحامل، ولا مرضي الكبد، وسيولة الدم، ولا الضغط المنخفض، ولا المريض الذي يغسل الكلى، ولا من لديه أجهزة طبية داخل جسمه، لأي علاج بالحجامة بسبب كثرة المحاذير الطبية ومن أهمها عدم قدرة الجسم على تعويض الدم المسحوب منه في تلك الحالات. تستخدم جميع الأدوات في الحجامة لمرة واحدة فقط خاصة المشارط الطبية؛ حتى لا يختلط دم مريض بشخص معافى وتنتقل الأمراض مثل: فيروس سي وغيره. تتوقف الحجامة فورًا إذا أحس المحتجم بأي أعراض للدوخة، أو بدأ الشعور بالغثيان، أو البرودة الشديدة، أو ارتفاع درجة الحرارة بشدة لدرجة التعرق الشديد.

وجهة نظر معارضي الحجامة

يقول الكثير من المعارضين، أن العلاج بالحجامة لم يخضع لقدر كاف من الدراسة والبحث والفحص، وأن أغلب الدراسات متحيزة ولا تتحدث عن أضرار الحجامة، خاصة الدراسات والأبحاث الصادرة من علماء الصين، حيث تعتبر الحجامة جزء هام في الثقافة الشعبية هناك، وما زال الكثير من أطباء الصين يعملون بها.

يرد المعارضون على فكرة أن تخليص الجسم من الدم الفاسد، تساعد على علاج الكثير من الأمراض، أنه أثناء عملية التبرع بالدم، يتخلص الجسم من كمية أكبر من الدم، ومع ذلك لم يزعم أحد أن التبرع بالدم، يشفي من الأمراض المذكورة.

بالإضافة لما سبق، يؤكد المعارضون أن الشعور بالتحسن بعد الحجامة؛ سببه التوهم النفسي، وأنه لا يمكن فصل العامل النفسي عن التأثير العلاجي الحقيقي، أثناء إجراء الدراسات عن العلاج بالحجامة مما يصعب من الحكم على تلك الدراسات.

علاوة على ذلك، يشدد المعارضون على أن أقصي فائدة من الحجامة هي تخفيف الألم، وليس علاج الأمراض، حيث يمارس الرياضيون التدريبات البدنية لفترات طويلة، ويحتاجون لتقليل الشعور بالإجهاد؛ لذلك يلجأ أغلبهم للساونا والتدليك والاسترخاء وحمامات الثلج والحجامة، بدلا من تناول المنشطات التي تظهر في نتائج التحاليل، وينتج عنها استبعادهم من البطولات، وسحب الجوائز والميداليات التي حصلوا عليها.

الاعتراض الأقوى من جانب المعارضين كان على زعم علاج الحجامة لأمراض مختلفة المنشأ، مثل: الصداع الذي ينتمي إلى الأمراض العامة، والحساسية التي تنتمي إلى الأمراض الفيروسية، بل علاج الأمراض النفسية مثل القلق والأرق وعدم الانتظام في النوم!

جدل مستمر

يقوم الحجام بأخذ عدة دورات تدريبية في العلاج بالحجامة ومواضعها، واستخدام أدوات التعقيم، ولكن توجد نقطة مثيرة للجدل هنا، وهي أن أماكن التدريب غير معتمدة من وزارات الصحة وكليات الطب، حتى وإن حصلت على تراخيص من جهات أخرى في الدولة، فضلًا على أن جدوى الحجامة غير محدد حتى الآن، والسؤال المطروح هل تشفي الحجامة الأمراض، وما هي تلك الأمراض بالتحديد، أم تخفف الأعراض فقط، أم ماذا؟ لذلك ينظر بعض الأطباء للأمر على أنه نوع من الدجل الشعبي المختلط بالموروثات الثقافية، والبعض الآخر يعتقد في جدوى العلاج بالحجامة ولكن ليس لدرجة شفاء أغلب الأمراض، وخاصة الأمراض الخطيرة مثل القلب والسكر والضغط.

وجهات نظر أخري

قامت بعض الدول، مؤخرًا، بالترخيص للأطباء بمزاولة الحجامة تحت مسمي الطب التكميلي، فيري أصحاب وجهة النظر هذه أن أسلوب العلاج بالحجامة ليس له علاقة من قريب أو بعيد بالدم الفاسد، بل يعتمد على التخلص من المواد الكيميائية التي تسبب الالتهابات وحمض اللاكتيك، مما يؤدي لتقليل الشعور بالألم، وهي عامل مساعد للطب الحديث وليس دواء للشفاء. بجانب ذلك، بدأ الباحثون في كوريا الجنوبية في اختراع جهاز لقياس تأثير الحجامة على الحيوانات بعيدًا عن العامل النفسي الذي يسبب الجدل في الأوساط الطبية.

في الختام، يكاد يجمع الأطباء على فائدة العلاج بالحجامة في تخفيف الشعور بالألم علي يد شخص متمرس، مع التأكيد على ضرورة تعقيم الأدوات المستخدمة، وألا تستخدم إلا لشخص واحد، ويتم التخلص منها نهائيًا بعد ذلك، ولا يعني ذلك التوقف عن التداوي بالطب الحديث. يحتاج الأمر لمزيد من الأبحاث والدراسات، خاصة في الدول المتقدمة بعيدًا عن الرفض الشعبي الأوربي لاستخراج الدم بهذه الطريقة؛ لتحديد مدى فاعلية الحجامة والقواعد الصحيحة لتنفيذها، المشجع في الأمر أنه لا توجد أبحاث أوربية وأمريكية يعتمد عليها تهاجم الحجامة، فالمعارضة هناك تعتمد على الآراء الشخصية إلى حد كبير، وعدم اعتياد الشعوب هناك على تلك الطريقة في العلاج.

محمد محمود

حاصل على ماجستير في العلوم، تخصص كيمياء.

أضف تعليق

1 × 1 =