العقل الباطن كما يؤكد الجميع فهو مركز العواطف الذي لديه القدرة الكاملة على التحكم بسلوك وتصرفات الإنسان، فالعقل الباطن يشبهه البعض بأنه يعمل كذاكرة الكمبيوتر بحيث يقوم بتخزين كافة المعلومات والأحداث والأشياء التي يعتمد عليها ويستخدمها الإنسان في حياته اليومية، ويستحق بذلك العقل الباطن لقب أرشيف العقل نظرًا لدوره الكبير في استرجاع كم كبير من المعلومات والأحداث اليومية التي نمر بها ونتعرض لها في حياتنا، فبجانب ذلك فإن العقل الباطن لديه القدرة الكبيرة على تخزين وحفظ كل ما تعرض له الإنسان منذ بدايات طفولته وحتى أواخر عمره، وبالتالي فإن العقل الباطن يعتبر أرشيف ومذكرات حياة الإنسان، خاصة في ظل قدرته على حفظ الأحداث والأشياء التي يظنها العقل العادي شئ عادي ولا يستحق التركيز فيه أو أنه شئ عابر لا قيمة له، وكثيرًا ما يطلق البعض على العقل الباطن أنه العقل اللاواعي أو العقل اللاشعوري، وذلك بجانب اعتباره أنه الغريزة الجنسية والنفسية أيضًا لدى أي إنسان.
القوانين المتحكمة في عمل العقل الباطن
قانون التفكير المتساوي للعقل الباطن
مرات عديدة يحاول الإنسان أن يتذكر كلمة معينة أو موقف معين حدث له قبل ذلك لكنه لا يستطيع أن يتذكر ذلك، وبمجرد أن يبدأ الشخص في الانشغال بشئ آخر يجد نفسه يتذكر ما كان يحاول تذكره بشكل لا إرادي، وتعد هذه الطريقة هي الطريقة التي يعمل بها العقل الباطن، فنحن كبشر لا ننسى أي شئ على الإطلاق ولكن جميع الأحداث والمعلومات يتم تخزينها بشكل مستمر ويقوم العقل الباطن بهذه المهمة وذلك لحين القيام باستدعائها من قبل العقل الواعي للإنسان، وفي سبيل ذلك فهناك مجموعة من القوانين التي تتحكم في عمل العقل الباطن، ومنها “القانون المسئول عن التفكير المتساوي” والذي يتلخص في أن عملية التفكير في مجموعة من الأشياء والمعلومات ورؤية أشياء مثلها تشير إلى أنك سترى هذه الأشياء مرة أخرى، وهذا ما يعرف بالتفكير المتساوي.
قانون الجذب والانجذاب للعقل الباطن
كما أكدنا أن هناك قوانين تتحكم بشكل كبير في عمل العقل الباطن، فهناك الكثيرون الذين يشيرون إلى أن قانون الجذب والانجذاب يتلخص في عملية انجذاب الشئ الذي تفكر فيه بطريقة مغناطيسية سواء كان التفكير إيجابيًا أو سلبيًا، فمن المعلوم أن الطاقة البشرية لا يقيدها مسافات أو زمان، فقد يحدث أن نفكر في شخص ما أو نذكره في موقف معين، ثم نفاجئ عقب ذلك مباشرة بمقابلة الشخص الذي كنا نفكر فيه أو نذكره ، وهذا المثال يتكرر كثيرًا في حياتنا اليومية.
قانون المراسلات للعقل الباطن
من القوانين التي تتحكم أيضًا في عمل العقل الداخلي هو ما يعرف بقانون المراسلات، بحيث يؤثر العالم الداخلي للإنسان في عالمه الخارجي باستمرار وذلك وفقًا لقانون المراسلات ، فكلما كان التفكير والطابع الداخلي للإنسان يتسم بالإيجابية كلما انعكس ذلك إيجابيا على بيئته وعالمه الخارجي، والعكس فكلما اتسم عالمه الداخلي بالتفكير السلبي والاكتئاب كلما ظهر ذلك على عالمه الخارجي بطريقة سلبية.
قانون الانعكاس للعقل الباطن
على العكس من قانون المراسلات فهناك قانون آخر وهو قانون الانعكاس والذي يشير إلى أن العالم والبيئة الخارجية والمحيطة بأي شخص تؤثر تلقائيًا في تفكير وتوجه الشخص الداخلي، فكلما تعرض الإنسان لمؤثرات طيبة وإيجابية في عالمه الخارجي كلما أثر ذلك في عقله الباطن وخلق توجهات وتفكير إيجابي في العالم الداخلي للإنسان.
قانون التركيز للعقل الباطن
دائمًا ما يندرج هذا القانون تحت مسمى “ما نركز عليه نحصل عليه”، وهذا ما يحدث كثيرا في حياتنا اليومية، ويفسر البعض هذا القانون بأن عملية التركيز في الأشياء التي تدور حولنا، ستؤثر تلقائيًا في الحكم الذي نصدره على الأشياء وأيضًا يؤثر على شعورنا الداخلي وعلى العقل الداخلي أيضًا، ففي حالة التفكير في أشياء سلبية أو كئيبة ستنعكس تلك المشاعر السلبية على عالمنا الداخلي وعلى العقل الباطن أيضًا.
العقل الباطن تأثيره وتأثره
وفقًا لعدد من المتخصصين فإن العقل الداخلي يؤثر ويتأثر منذ بداية طفولة وعمر الإنسان، فمع اتجاه عدد من الأطفال لإخفاء بعض الأفكار والتصرفات وغيرها من المشاعر التي توجد في عالمه الداخلي لصعوبة أن يفصح الطفل عنها فيبدأ ذلك في تكوين ما يعرف باسم “الكبت” والذي يمكن تلخيصه في أنه مجموعة من المشاعر والأفكار والدوافع سواء كانت عدوانية أو حتى جنسية أو غير ذلك والتي تمنع المواد المكبوتة بداخل الإنسان من الوصول إلى العقل الواعي، وقد يتسبب عدم وصول تلك المشاعر والدوافع إلى العقل الواعي في الإصابة بحالات مثل القلق المستمر والغير مبرر والاكتئاب، وذلك كله يأتي نتيجة قيام العقل الداخلي بتجميع هذه الدوافع والمشاعر وتخزينها، لذا دائمًا ما ينصح بضرورة الاهتمام بالعقل الباطن وما يحدث بداخله، وإدراك الطريقة التي يتفاعل من خلالها العقل الباطن مع المدخلات الواردة إلى الإنسان الأمر الذي يسهل علينا فهم مخرجات العقل الباطن وتأثيره على الإنسان، وكثيرًا ما يتم تشبيه العقل الباطن ببرنامج الكمبيوتر الذي يتكون من مجموعة من المدخلات التي يأتي منها السمع والبصر ومجموعة أخرى من المخرجات وهي التصرفات والسلوك والألفاظ ويعتبر المتحكم في عملية المدخلات والمخرجات العقل الواعي من خلال قيامه بإعطاء إشارات إلى العقل الباطن كي يحصل على النتائج التي يرغب بها، لكن عندما تحدث تصرفات غير جيدة أو غير مبررة لسلوك الإنسان مثل العصبية أو الوسواس أو القلق فيكون العقل الواعي مطالب بإبعاد العقل الباطن عن هذه التصرفات، وبالتالي فإن تأثر العقل الباطن يكون من خلال مجموعة المدخلات التي تصل إليه وبالتالي يكون تأثيره مماثل بدرجة كبيرة لتلك التصرفات والتي تتمثل تأثيراته في التصرفات والسلوك والألفاظ التي تخرج من العقل الباطن.
حقائق واقعية عن العقل الباطن
- دائمًا ما يشار إلى أن العاقل الباطن هو المسئول والعنصر الأساسي لتصرفات الإنسان، خاصة وأنه يعمل باستمرار على جعل سلوك وتصرفات المواطنين تتماشي بدرجة كبيرة مع الأهداف والطموحات التي رسمها الإنسان لنفسه كي يستطيع تحقيق أهدافه.
- العقل الباطن يتميز بقدرته على الاستجابة للتأثيرات والتصرفات الإيجابية في العالم الخارجي للإنسان، وبالتالي يزيد العقل الداخلي من عمليات الثقة بالنفس لدى الشباب.
- يتميز العقل الباطن بقدرته الكبيرة على زيادة نشاطه بشكل ملحوظ كلما انخفض إجهاد العقل الواعي، لذلك دائمًا ما ينصح بعدم إجهاد العقل، خاصة وأن المعلومات والأفكار الإبداعية التي تتوالى على الإنسان تأتيه وهو في وضع استرخاء.
- العقل الباطن يعتبر أرشيف لحياة الإنسان بأكملها فهو يقوم بتخزين كافة ذكريات الإنسان بطريقة منتظمة وجيدة.
كلما زادت ثقة الإنسان في العقل الباطن كلما كان ذلك محفزًا للعقل الباطن ليكون أكثر قوة ونشاطًا ومحفزًا لتحقيق الأهداف.
العقل الباطن الذي يعتبره البعد مركز العواطف هو أحد الدعائم الرئيسية لتخزين حياة الإنسان على اعتبارها أرشيف هام، فكلما زادت التصرفات والأفكار الإيجابية في عالمنا الخارجي كلما أثر ذلك إيجابيًا في زيادة نشاط وتأثير العقل الباطن الإيجابية على تصرفات وسلوك الإنسان التي تصدر عنه، وربما تكرار التصرفات والمعلومات والتفكير في بعض الأشياء يحولها العقل الباطن تلقائيًا إلى عادة متكررة خاصة وأن العقل الداخلي لديه القدرة على اكتشاف لأمور التي ستنجح والتي ستفشل منها.