إن الطيف الكهرومغناطيسي هو اكتشاف يرجع لقرون قليلة مضت، وكان الضوء المرئي قبلها هو الضوء الوحيد المعروف للناس، وأول من درسه كان الإغريق حيث درسوا خصائصه وتصرفاته كالانعكاس والانكسار، ومنذ أن تم اكتشاف باقي أجزاء الطيف الكهرومغناطيسي حتى بدأ العلماء في استخدامه في استخدامات وتطبيقات متعددة علمية وصناعية وتطبيقات نستخدمها في حياتنا اليومية كوسائل الاتصال مثلا وفرن الميكروويف وتصوير الكسور بأشعة إكس، كما طرحت فكرة وجود أشعة لا نراها أسئلة فلسفية كثيرة عن ماهية الحقيقة ومدى حقيقة ما نراه ونعايشه ومدى دقة حواسنا وهل يمكن الاعتماد عليها للتعرف على العالم فعلا.
استكشف هذه المقالة
نبذة مختصرة عن الطيف الكهرومغناطيسي
إن الطيف الكهرومغناطيسي هو مدى واسع من الترددات والأطوال الموجية يمكن أن تتواجد فيها الفوتونات، وحسب التردد تكون طاقة الفوتون وتتحدد خصائصه وآثاره، وتمتد الترددات من واحد هرتز وحتى 25^10، ويمكن أن يكون الطول الموجي واسع بقدر الكون نفسه وحدود صغره هي طول بلانك. وتنتج الموجات الكهرومغناطيسية من الشحنات الكهربية المهتزة.
أنواع الطيف
إن الطيف الكهرومغناطيسي ينقسم لنوعين، طيف مستمر وطيف خطي. في الطيف المستمر تظهر كل الأطوال الموجية والترددات لكل أنواع الأشعة، ويمكن الحصول على هذا الطيف من الشمس مباشرة، أما الطيف الخطي فعند تصويره لا تظهر إلا خطوط معينة ذات ترددات معينة فقط وبينها مساحات سوداء للترددات غير الموجودة، وينتج هذا الضوء من التفاعلات الكيميائية ولكل عنصر طيف خطي محدد يمكن التعرف عليه من خلاله.
أنواع الموجات الكهرومغناطيسية
يبدأ الطيف الكهرومغناطيسي بأضعف الموجات وهي موجات الراديو ثم الميكروويف ثم الأشعة تحت الحمراء ثم الضوء المرئي ثم الأشعة فوق البنفسجية ثم أشعة إكس ثم أشعة جاما، وتزداد الطاقة من موجات الراديو وحتى أشعة جاما بزيادة التردد ونقص الطول الموجي.
الأشعة تحت الحمراء
تعد الأشعة تحت الحمراء أول أجزاء الطيف الكهرومغناطيسي غير المرئي اكتشافا، حيث اكتشفها وليام هيرشل في عام 1800 وهو يقيس درجة حرارة الألوان بإمرار ترمومتر على الألوان الخارجة من منشور ثلاثي، ووجد أن أعلى درجة حرارة توجد بعد اللون الأحمر رغم عدم وجود لون، فرجّح وجود ضوء ما غير مرئي يسبب تلك الحرارة.
وللخصائص الحرارية للأشعة تحت الحمراء فإنها تستخدم للرؤية الليلية حيث تمكننا من رؤية أي جسم أو كائن حي يصدر حرارة، وتمكننا من دراسة الكثير من الأشياء التي يصحبها تغير في درجة الحرارة مثل الأمراض وغيرها، كما تستخدم بعض أنواع الأشعة تحت الحمراء في علوم الفلك والرصد.
الأشعة فوق البنفسجية
وفي العام التالي اكتشف يوهان ريتر موجات تحث تفاعلات كيميائية معينة، وكانت بعد الأشعة البنفسجية، فكانت تلك الأشعة فوق البنفسجية. وللأشعة فوق البنفسجية آثار ضارة صحيا عند التعرض لها لفترات طويلة، لكن في نفس الوقت الموجات ذات التردد الأقل منها لها فوائد كبيرة للصحة، لذلك ينصح بالاستمتاع بأشعة الشمس في بداية النهار حيث توجد تلك الأشعة المفيدة ليستفيد بها جسمنا، ولحسن حظنا فإن الغلاف الجوي يمتص الأشعة فوق البنفسجية الضارة.
أشعة الراديو
في عام 1886 قام هاينريك هرتز بصناعة جهاز يولد موجات ذات تردد صغير جدا توقع ماكسويل من قبل أنها ممكنة الوجود فسعى هرتز لإثباتها، وبالفعل نجح في ذلك وصارت عندنا موجات الراديو والميكروويف و الطيف الكهرومغناطيسي التي نستخدمها الآن في استخدامات شتى.
فالميكروويف تدخل في الكثير والكثير من التطبيقات أشهرها فرن الميكروويف الذي يعتمد على اهتزاز جزيئات الماء داخل الطعام بفعل الموجات فتتولد حرارة لطهي الطعام، وموجات الراديو بالطبع تستخدم في البث الإذاعي والتليفزيوني باختلاف تردداتها وأطوالها الموجية.
أشعة إكس
اكتشفها العالم ڤيلهلم رونتجن أثناء إجراء تجربة واكتشف أنها تستطيع اختراق اللحم لكن لا تخترق العظام، وكان في البداية لا يفهم طبيعتها فظهر لها اسم X-ray وبالطبع جميعنا نعرف استخدامها في المجال الطبي، رغم أن التعرض لها بكميات غير محسوبة مدمر للغاية صحيا، حتى إن تعرض المرأة الحامل لكشف بأشعة إكس يمكن أن يؤثر على الجنين ويسبب له عيوبا خلقية.
أشعة جاما
واكتشفت أشعة جاما، آخر أشعة في الطيف وأقوى أشعة، أثناء دراسة إشعاع عنصر الراديوم، وكان يعتقد في البداية أنها جسيم مثلا جسيمات ألفا وبيتا لكن عرفنا لاحقا أنها موجات كهرومغناطيسية، وتتميز أشعة جاما بطاقتها العالية وقوة اختراقها العالية، وتحتاج لحجزها إلى حاجز من مادة الرصاص، والتعرض لها خطير إذ إن لها آثار مدمرة على الخلايا.
خصائص الطيف الكهرومغناطيسي
ويتكون الطيف الكهرومغناطيسي من مجالين متعامدين، مجال كهربي ومجال مغناطيسي، وتنتشر الموجات الكهرومغناطيسية في اتجاه عمودي على اتجاه المجالين، ويمكن أن ينتشر في جميع الأوساط وفي الفراغ أيضا على عكس الموجات الميكانيكية التي لا تنتشر إلا في الأوساط المادية كموجات الصوت، وتنتشر كل موجات الطيف الكهرومغناطيسي بنفس السرعة الثابتة وهي سرعة الضوء مهما اختلف التردد أو الطول الموجي أو طاقة الفوتونات.
موجات الطيف الكهرومغناطيسي أيضا تتفاعل مع المادة بطرق مختلفة تبعا لطاقتها، فإذا كانت طاقتها عالية مثل الأشعة فوق البنفسجية فتحدث ظاهرة تكوين جسيمات مادة وجسيمات مادة مضادة مطابقة لها، وإذا قلت الطاقة بعض الشيء لن يمكنها القيام بذلك ويمكنها القيام بالظاهرة الكهروضوئية، حيث تنبعث الإلكترونات من أسطح المعادن بتسليط ضوء مناسب عليها، وإذا قلت الطاقة أكثر تحدث ظاهرة تأثير كومبتون والتي أثبتت أن الضوء يتكون من جسيمات مادية تسمى فوتونات وفيها يصطدم الفوتون بإلكترون فتتغير طاقة كل منهما ومسار حركة كل منهما.
إن اكتشاف الطيف الكهرومغناطيسي ساعدنا على فهم العالم بشكل أكبر وفتح لنا آفاقا جديدة للابتكار والاكتشاف وسهّل لنا الحياة بشكل كبير وسمح لنا بمعرفة أشياء لم نكن نعرفها لأننا لم نكن نراها، ومن يعرف، ربما هناك أنواع أخرى من الموجات لم نرصدها بعد، وربما هناك أشياء أخرى لم نرها بعد، وهذا الفضول هو الذي يدفع البشرية قدما نحو الاكتشاف والمعرفة.
الكاتب: أسامة سعد
أضف تعليق