الطبيعة البشرية للإنسان هي ما يميز الإنسان عن باقي المخلوقات في الكون وذلك ليس لطبيعة جسدية ولا طبيعة فيزيائية ولكن لطبيعة داخلية في هذا المخلوق الذي يدعى الإنسان عن سائر باقي المخلوقات، والطبيعة البشرية تجعل من الإنسان هو الأعلى في مرتبة المخلوقات جميعاً مع أنه ليس الأقوى ولكن القوة ليست هي الفيصل في هذا الكون بل الذكاء والإنسان هو الكائن الحي الأذكى في هذا الكون حتى الآن. وهذا الذكاء ليس مجرد شيء بسيط يستهان به ولكن هذا الذكاء هو الذي جعل الإنسان هو سيد هذا العالم الذي يضم حاليا ما يزيد عن 7 مليار كائن بشري من جميع الأعراق والجنسيات المختلفة. نأتي في المقابل إلى الطبيعة الحيوانية والتي جزء منها يسكن الإنسان أيضاً والتي تتمثل في الغرائز والاحتياج المجرد من الذكاء والتفكير والمشاعر بل مجرد غريزة ليس أكثر، وهو ما يميز الحيوانات ولكن هذا أيضاً يميزنا كبشر بل وأحياناً يتحكم في البشر ويصير البشر أقرب إلى حيوانات بشرية ويتخلون عما يميز الطبيعة البشرية لمجرد أنه أمر فيه إرهاق ومسئولية. ولكن الحياة البوهيمية التي يعيشها هؤلاء الغريزيين فقط الذين لا يهتمون سوى بالأكل والشرب والجنس يجدون أنفسهم في الأخير يتعاملون مع الأشياء كأنهم حيوانات يتقاتلون ولا يتفاهمون ولا يتحاورون بل فقط يركضون خلف الغريزة بشكل حيواني مطلق، وهذا ليس مجرد كلام بل هناك شعوب تعيش بهذه الطريقة فعلاً والذي يدفعها لذلك هو الفقر والاحتياج حيث يكون الإنسان في هذه البلاد لا يجد ما يشبع الغريزة الأولية فتتحول حياته إلى حياة تشبع أولياته، فيعيش ليس إلا ليصبح هدفه الأسمى هو كيف يعيش.
الطبيعة البشرية والطبيعة الحيوانية في داخلنا
الخير والشر
الطبيعة البشرية تميل إلى الخير دائماً ولكن الطبيعة الحيوانية في المقابل لا تميل إلى الشر قدر أنها تميل إلى السيطرة بأي طريقة من الطرق وهذا دائماً يؤدي إلى الشر والنزاع. بمعنى أن معظم أنواع البشر يكرهون الشر ويسعون نحو الخير فتجد مثلاً في جميع الحضارات ومع اختلاف الشعوب هناك اهتمام بالأب والأم خاص وتقدير لهم دوناً عن باقي العلاقات فهذا نوع من الخير يشترك فيه أنواع كثيرة من البشر، لكن في المقابل هناك حالات شاذة في كل مكان والبشر تفعل العكس ومع الأبوين بالأخص أو مع العلاقات عموماً، هؤلاء تكون النزعة الشريرة في داخلهم لها أسباب معينة لا أحد يدركها ولكنهم في الحقيقة هم لا يتبعون الخير أبداً بل يجرون خلف نزواتهم بشكل غير مقبول. الحل هنا حتى لا تسيطر الطبيعية الحيوانية هو أن تدرك أنك إنسان والإنسان بطبعه يحب الخير لنفسه وللجميع. أما الحسد والحقد طبيعة حيوانية حيث أنها غيرة حيوانية أما الغيرة البشرية فهي تختلف، لأن الإنسان الناضج عندما يشعر بالغيرة تجده يبدأ يعمل على نفسه ليحسن من نفسه ويصير مثل من أشعره بالغيرة أما الحسود والحقود هذا فتجده يبحث على طريقة ليؤذي الذين يشعروه بالغيرة وهذا ليس طبع بشري بل هذا طبع شرير.
المشاعر
المشاعر هي من أكثر الأشياء التي تميز الطبيعة البشرية والمشاعر تختلف تماماً عن الغرائز الموجودة في الإنسان والحيوان، لأن المشاعر موجودة بشكل متطور في الإنسان فقط وعلاقات الحب على سبيل المثال لن تجدها بنفس الصورة المؤثرة في علاقات الحيوانات لأن عند الحيوانات الأمر ليس مجرد سوى جنس وعند البعض الأخر من الحيوانات مجرد ارتباط أزلي. أما عند الإنسان فالأمر ليس مجرد فعل جنسي بل الموضوع أكثر من ذلك حيث يوجد شيء في الطبيعة البشرية يدفع المرء للزواج وهو أساساً مبني على وجود مشاعر متبادلة بين الرجل والمرأة، فلم نسمع طوال حياتنا عن قصة حب بين ذكر وأنثى حيوانات بل سمعنا عن المعارك بين الذكور عند موسم التزاوج، فلا يوجد لديهم مفهوم الزواج بل مفهوم التكاثر وهو أمر يولدون به، مجرد شهوة تفيض في وقت معين في السنة في وقت يدعى موسم التزاوج. أما البشر لا يمتلكون وقتاً معيناً تتحرك فيه الغرائز بل يحتاجون إلى وقت لبناء علاقات. وهناك أنواع كثيرة من المشاعر المتبادلة بين البشر فهناك المشاعر الأخوية وهناك مشاعر الصداقة وأخرى مشاعر الأمومة والأبوة والحب وكل هذا لا يتوفر لدي الكائنات الأخرى التي تعيش على مفهوم الغرائز وسد الحاجة. لذلك فلنحمد الله على نعمة المشاعر التي تكون بداية التفاهم والحميمية والعلاقات الدائمة البناءة في تطور الإنسان والطبيعة البشرية لأن جزء كبير من سبب تطور الإنسان أنه هو الكائن الأكثر قدرة على التعبير عن أحاسيسه بين كل الكائنات الأخرى وهذا يجعله أكثر قدرة على الإبداع.
الإبداع
وهو من مميزات الطبيعة البشرية والذي يختلف عن باقي المميزات إذ إن الإبداع جعل الإنسان يسيطر على العالم وفي وقت قصير جداً، من حساب عمر هذه الأرض نجد أنها كبيرة عن عمر الإنسان بملايين السنين، وكمية الكائنات الحية جاءت ثم تركت الأرض وانقرضت كثيرة جداً ولكن الشيء المشترك في جميع هذه الكائنات أنها لم تسيطر على الأرض بصورة فعلية. ولكن الإنسان وبسبب الإبداع استطاع أن يطوع كل الأشياء فالإنسان هو الذي أبدع فكرة استخدام النار وقبل الإنسان لم يكن هناك شيء يدعى نار بصورة مقصودة وكانت الحرائق تحدث بصورة تلقائية من الطبيعة ولكن الإنسان هو الذي اخترع فكرة احتكاك الأحجار الذي يولد شرذمة نيران. ومن وقتها بدأ الإنسان في الإبداع ولم يتوقف فانتقلت الإنسانية من الزراعة إلى الصناعة في وقت قصير مقارنة بعمر الأرض بسبب أبداع الإنسان وحتى الأعمال الزراعية أصبحت اليوم ضمن قائمة أعمال الآلات الميكانيكية بدون الاستعانة بمجهود الإنسان، ومن هنا نجد الإنسان تربع على عرش الأرض أما باقي الحيوانات ما زالت كما هي حيوانات تعيش لأجل الحياة فقط لا غير.
السلام
السلام طبيعة بشرية نادرة حيث أن العالم الآن يعاني من الحروب معناه شديدة جداً وكل هذا بسبب خلافات سياسية ليس للمواطنين العاديين دخل فيها وإنما الفكرة كلها تعتمد على الحكومات والسياسات والسيطرة والمال. وإذا فكرنا ملياً في أسباب قيام الحروب سنجدها تتجمع في نفس الكلمتين “السيطرة والمال” فلن تجد حرباً قامت بالتاريخ إلا ولو كان الأمر يتعقل بالسيطرة على أجزاء كبيرة من الأرض والشعور بالقوة أو الحرب للنهب والحصول على الأموال بطرق خفية، وباقي الصيحات التي تتعلق بمحاربة عرق أو إقامة الحرية والعدل وتخليص البلاد المجاورة ما هي إلا لافتات تختفي وراءها الحقائق. إن كانت الحيوانات تفعل بالمثل وتتعارك على فرض سيطرتها وكسب غنائم وفرائس أكثر فما الذي سيفرق الإنسان عنها في حالة ثورته وقيامه بالحرب إذاً؟ ومن هنا ألصقنا السلام والحب والخير بالطبائع البشرية على مدى التاريخ حيث لا يعترض أي إنسان على وجه الأرض على هؤلاء الثلاث مهما اختلف دينه أو عقيدته ومن ضمن قائدي السلام في العالم هو غاندي الهندي ومانديلا الجنوب أفريقي الذي وحد البيض والسود في جنوب أفريقيا. ولذلك السلام في العالم الآن هو مطلب دولي في الظاهر ولكنه ليس مطلب حقيقي في الباطن لأن رؤساء الجمهوريات والجيوش يأخذون الأموال من وراء الحروب بطرق معروفة دولياً عن طريق النسب في صفقات السلاح التي تؤول إلى رؤساء الجمهوريات ومن هنا نجد أن السلام أضحى عملة نادرة الآن في العالم.
الخلاصة عزيزي القارئ أن الطبيعة الحيوانية في صراع أزلي مع الطبيعة البشرية، وإلى انتهاء عمر الإنسان على الأرض سيظل الحال كما هو عليه. فكل شيء على الأرض له نقيضه وإلا لأن يكون له معنى.
أضف تعليق