الطالب العصبي من أصعب أنواع الطلاب الذين يمكنك أن تقابلهم في حياتك، فهو يحتاج إلى مجهود دائم ومستمر أثناء التربية، وأثناء العملية التعليمية، وذلك رغبةً في الوصول إلى نتيجة في نهاية الأمر معه. فأنت لا تريد أن تخسره أبدًا، أو تجعله يشعر بأنه منبوذ عن أقرانه من الطلاب بسبب وجود مشكلة معينة معه كالعصبية، ومن هنا تأتي الصعوبة والاحتياج إلى المجهود الدائم. في هذا المقال سوف نتحدث عن الطالب العصبي وصفاته، وكذلك كيف يمكن التعامل معه بالشكل الصحيح في المواقف المختلفة.
دليل الوالد والمدرس للتعامل مع الطالب العصبي
ما هو السبب في هذه العصبية؟
إذا أردت أن تجد حلًا لأي مشكلة تواجهك، عليك أن تبحث عن الأسباب الجذرية لهذه المشكلة، وتبتعد عن تقدير الأمور بشكل شخصي بحت، أو بشكل مبني على افتراضات عامة. وفي حالة الطالب العصبي فعليك أن تبحث عن الأسباب التي أدت إلى أن يصبح كذلك، لأن كل سبب سوف يفرض عليك أسلوبًا معينًا في التعامل معه. قد يكون السبب في حالة العصبية يعود إلى هرمونات أو أمور طبية في المقام الأول، وهنا الأمر يعتمد على تدخل الطب في التعامل مع المشكلة.
وقد تكون العصبية موروثة عن أحد الوالدين في البيت أو كلاهما، وبالتالي خرج الطفل يحمل هذه الصفة السيئة في حياته هو أيضًا، فهو يراها من حوله طوال الوقت في المنزل، وبالتالي يبدأ في اكتسابها ويتحول إلى الطالب العصبي دون أن يشعر بوجود أي خلل في الموضوع.
أما الأسباب الأكثر تأثيرًا، والتي تحتاج إلى تعامل فعلًا، فقد تكون هي الأسباب التربوية، النابعة من طريقة التعامل داخل الأسرة، وأسلوب التربية الذي تعتمد عليه العائلة. فقد يبدأ الأمر من استخدام القسوة في تربيته، سواءً الضرب أو السب والصراخ الدائم. وقد يكون الطفل في احتياج للحنان لكنه لا يحصل عليه من الأسرة، وقد تكون المشكلة في التفرقة بين الأبناء. أو قد يكون سببًا عكسيًا وهو التدليل الزائد للطفل، مما يجعله راغبًا في الحصول على كل شيء، ويبدأ في التعصب إذا لم يحصل على ما يريد.
هناك أشياء أخرى تساهم في صناعة الطالب العصبي بعيدًا عن دور الأهل، مثل الأفلام التي يشاهدها الأطفال، والتي تصنع منهم أطفالًا يحبون العنف ظنًا منهم أنه شيء جيد. وهناك شيء آخر أن الموضوع يمكن أن يبدأ من المدرسة بكل أسف، نتيجة لأسلوب أحد المعلمين في التعامل مع الطفل، مما يجعله يتحول إلى العصبية.
التعصب والدرجات المختلفة
عليك أن تدرك أن العصبية تتدرج من شخص لآخر، فنحن جميعًا قد تكون لدينا صفة العصبية، لكنها لا تظهر على الجميع بنفس الدرجة. وبالتالي فإن الطالب العصبي قد لا يأخذ شكلًا واحدًا، إنما أشكال متعددة.
العصبية في الأساس هي حالة من التوتر والضيق التي تصيب شخصًا ما، بسبب مشكلة تحدث له، أو مواقف مختلفة يمر بها، وتأخذ شكل الشجار والصراخ مع من حوله، وعلى رأسهم الأشخاص القريبين منه. وكما ترى من التعريف فهي حالة تصيب أغلب الناس، مما يؤكد كلامنا في مسألة تدرج العصبية من شخص لآخر.
لذلك أول خطوة في التعامل مع الطالب العصبي هي تحديد درجة العصبية بالنسبة له، لأنه بناءً على ذلك سوف يتم تحديد الوسيلة المناسبة في التعامل، فما يصلح مع طفل هنا، لن يصلح مع طفل آخر. الآن بعد أن قمت بتحديد السبب في حالة العصبية لدى الطفل ودرجتها، يمكنك أن تبدأ في البحث عن الحلول المناسبة لهذه المشكلة، وسوف نقسّم هذه الحلول إلى جانبين: جانب يخص المنزل، وجانب يخص المدرسة.
التعامل مع الطالب العصبي في المنزل
يظهر الدور الأول في المنزل في مسألة التعامل مع الطالب العصبي في التأكد من أن الحالة التي يعاني منها ليست لأسباب مرضية، وذلك من خلال إجراء الفحوصات اللازمة على الطفل. وفي الحالتين إن كان السبب طبي أو نفسي، فالأسرة لها دور كبير جدًا في حل هذه المشكلة. يجب أن يبدأ الأهل في تقليل أسلوب العصبية في التعامل مع الطفل، لأن هذا يجعله يكتسب المزيد منها. كذلك أساليب القسوة في التربية يجب أن يبتعد عنها الأهل تمامًا. وفي حالة التدليل التي تحدثنا عنها، يجب ألا يعتمد عليها بشكل دائم حتى لا تزيد المشكلة.
يعتمد الأمر كذلك على عمر الطالب العصبي بالتحديد، فالتعامل معه في المرحلة الابتدائية سوف يختلف عنها في المراحل المتقدمة، لكن القاسم المشترك بين كل هذه المراحل في رأيي هو الاعتماد على لغة الحوار. فنحن نسعى إلى الابتعاد عن أي شيء يمكنه أن يخلق العصبية، وبالتالي فإن الحوار يمكن أن يساعد في ذلك بشكل كبير جدًا وفعّال أيضًا، وهذا هو المطلوب.
يجب أن يركز الأهل على احتياجات الطفل، حيث أن الطفل يحتاج إلى اهتمام من والديه، وفي الغالب إن حصل على ما يريد، سوف تقل جميع مشاكله ومن بينها العصبية. أحيانًا يجب مواجهة الطالب العصبي بمشكلته والحديث معه عن الأثر السلبي بها، سواءً على حياته الشخصية أو علاقاته الأسرية مع من حوله. وإن كان في عمر يمكّنه من تقبل هذا الكلام، فعلى الأهل أن يبدؤوا في وضع الحلول للمشكلة بالتعاون معه، لا سيما إن تمكنوا من إقناعه بوجود هذه المشكلة لديه بالفعل، وبالتالي سوف يشعر هو أنه يحتاج إلى إيجاد حل للمشكلة حتى يضمن مقدرته على التعامل معها، بحيث لا تؤثر عليه طوال حياته.
التعامل مع الطالب العصبي في المدرسة
كما يظهر للأسرة دورًا أساسيًا في التعامل مع الطالب العصبي فالمدرسة كذلك لها دور هام جدًا، ولا يقل في أهميته عن المنزل، لا سيما إن كانت مشكلة العصبية بدأت من المدرسة بسبب أسلوب تعامل أحد المعلمين للطفل.
وهنا عليك أن تدرك السبب الحقيقي للمشكلة كما تحدثنا في الفقرة قبل الماضية، وبعد ذلك تبدأ في وضع تصوراتك للحلول الممكنة لها. الحل الأول بالتأكيد سيكون الابتعاد تمامًا عن القسوة في العقاب أو التعامل، وتجنب استخدام العصبية مع الطفل، حتى لا تحدث حالة من عدم التقبل بين الطالب العصبي وأستاذه، وبالتالي سوف يرفض كل شيء منه في المستقبل.
النقطة الثانية هي أن تحاول قدر الإمكان الابتعاد عن فرض الأشياء عليه، ويمكن الاعتماد على لغة الحوار كوسيلة تعليمية أساسية في هذه الحالة. كذلك يمكن لك أن تبدأ في منح الطالب العصبي الفرصة للمشاركة في الأنشطة المدرسية الموجودة، وذلك سوف يساهم في إزالة العديد من الحواجز الموجودة لديه، ومن بينها العصبية في التعامل مع الآخرين، حيث سيجد نفسه مضطرًا إلى التعامل بهدوء مع من حوله. وأيضًا إذا سنحت الفرصة وكانت قدراته تؤهله لذلك، يمكنك أن تضعه في مواقف قيادية ومسئولة في النشاط، لأنه سوف يعرف بأن القائد يجب أن يكون أقل الأشخاص في العصبية، وسوف يسيطر على عصبيته في هذه الحالة حتى يكون قائد ناجح.
الطالب العصبي قد تكون مشكلته الأساسية هي العصبية فقط، وهذا يعني أن المطلوب هو التعامل مع هذه المشكلة ليصبح الطالب طبيعيًا قدر الإمكان في هذا الجانب. ومن خلال التعاون بين المدرسة والمنزل سوف نكون قادرين على الوصول إلى حلول في هذه المشكلة.
أضف تعليق