مصطلح الشعبية مصطلح موجود في علوم كثيرة نذكر منها العلوم السياسية ومباحث القانون والتّشريع وكذلك علم الاجتماع ويختلف كلّ علم في تحديد مفهوم الشعبية وتعريفه. ومن الواضح أنّه لا يمكن تحديد تعريف دقيق وقطعي للشعبيّة ولذلك لسنا بصدد تناول موضوع الشعبية من ناحية علميّة ولكن من ناحية واقعيّة عمليّة.
الشعبيّة من ناحية عمليّة
يظنّ الكثيرون أنّه حتّى تحظى بشعبيّة في محيطك يجب أن تكون صاحب قدرات ومواهب خارقة تتميّز بها عن الآخرين ويجب أن تتوفّر فيك صفات الكمال. إلاّ أنّ الواقع يدحض ذلك ويؤكّد العكس فهناك الكثير ممن يحظون بشعبيّة دون أن يكونوا ذوي مواهب . فما سرّ تلك الشعبية التّي يتمتّع بها هؤلاء؟
الشعبية .. ما تفسيرها وأين تكمن؟
في حقيقة الأمر الشعبية هي عبارة عن حكم ايجابيّ من المحيطين بك على عقليّتك ونفسيتك نتاجا لسلوكيات أو ردود فعل تحدث منك تلقى قبولا عند الناس. فان كان غالبيّة المحيط الذّي تعيش فيه يقدّرون شخصك ويعتبرون عقليّتك عقليّة بارزة ونفسيّتك نفسية متميّزة فإنّه من العاديّ أن يتمّ التفاف الجمبع حولك وتختلف الأشكال والأنماط في ذلك.
أشكال وأنماط التمتع بشّعبيّة
أنماط التمتّع بالشعبية عدّة منها القيادة الفكريّة والقيادة المشاعريّة وتبني المصالح. أما القيادة الفكريّة فهي تمتّع بشعبيّة متأتية من نباهة فكريّة وقدرة على الاقناع وقدرة على الخطاب الجماهيريّ المؤثّر وهي الحالة التّي تعني غالبا ممارسة سلطة معنويّة تلقتها الناس بالرضى والتسليم، أما القيادة المشاعريّة فهي نوع من التمتّع بالشعبيّة التّي تنتج عادة من قرابة ما سواء كانت عرقيّة أو قبليّة أو غيرها ومظاهرها غريزيّة بحتة، وبالنسبة للشعبيّة المتأتية من تبني المصالح فهي الشّعبية التّي تتكون بعد مداومة حثيثة على رعاية شؤون الناس سواء كانت رعاية معنويّة أو ماديّة: معنويّة كتقديم النّصيحة أو مواسات المنكوبين والمتأثرين بأمر ما أو مادّية كتقديم الدّعم الماليّ أو الوقوف أما الحاكم والسّلطة دفاعا عن مصالح فرد أو مجموعة دون انتظار مقابل من أجل القيام بذلك الفعل.
كيف تحصل على هذه الدّرجة
ولو أنّه لا يمكن اصطناع مثل هذه الأشياء لكن يمكن لمن له قدرة عقليّة متميّزة على التّحليل والتّفكير وابداء الرّاي المقنع ويمكن لذوي الاحساس المرهف مّمن لا يستطيعون تلافي مشاكل النّاس والتّدخّل فيها أن يحصلوا على شعبيّة اذا ما برزت أعمالهم وأفكارهم وتداولها الناس في حديثهم. لذا فعلى كلّ من يتوفّر فيه أحد الشّرطين اللذين سبق ذكرهما ويريد أن يحضى بشعبيّة أن يثمّن أعماله وأفكاره بابرازها للناس بالتّواصل معهم من خلال الاتصال الحي المباشر بهم وبناء قاعدة من المؤيّدين والمعجبين بك تكون منطلقا للدعاية لأفكارك وأعمالك فيسهل انتشار صداها في المحيط الذي تريد التمتّع بشعبيّة فيه.
أمر لا بدّ من التّحذير منه
لا يجب الخلط بين من لا يتمكّن من صناعة شعبيّة له وبين من لا يحبّه الناس فليس بالضّرورة أنّ كلّ من فشل في هذا الأمر أنّه مكروه أي غير مرغوب فيه كما أنّه لا يعني أنّه ضيّق الفكر وضيّق الاحساس فقد يكون العكس ولا تتمكن من بناء شعبيّة نظرا لاختلاف وجهات النّظر والرؤى بينك وبين المحيط الذّي تعيش فيه وهذا قد يحدث. كما أنّه يجب على من تمكّن من بناء شعبيّة أن لا يغترّ ويحسّ بالفخر ويذهب به إلى الكبر لأنّ التكبّر آفة تذهب كلّ شيء وقد تفني سنوات في بناء شعبيّة وسمعة ثمّ يذهبها موقف واحد يظهر فيه تكبّرك على النّاس.
أضف تعليق