الشريك المستهتر في العلاقة العاطفية يكاد يكون من أسوأ الأشياء التي تعكر علينا صفو الحياة وتصيبنا دومًا بالتوتر والقلق والضغط النفسي والعصبي، والشخص المستهتر قد يصبح كذلك بسبب عدة عوامل خارجية مثل الوضع العام أو الأحوال المعيشية المتدنية أو الأحوال الاقتصادية والاجتماعية السيئة أو غيرها وقد يصيب هذا البعض بالحزن أو الغضب بينما يصيب البعض الآخر بالعبثية والشعور بعدم جدوى من الحياة مما يترتب عليه استهتاره بكل الأشياء وعدم أخذه حمل أي شيء على محمل الجد، أو قد تكون الأسباب المؤدية إلى كونه شخص مستهتر هي عوامل أخرى داخلية كطبيعة الشخصية أو الظروف النفسية التي مر بها أو النشأة الأسرية التي تربى فيها والتي كانت مختلفة وأدت إلى استهتاره هذا، ولكن من سوء حضنا أن نقع في حب شخصٍ مستهتر مثل هذا الشخص يكون غير قادر على تحمل المسئولية على الإطلاق، مما يترتب عليه معاناتنا مع هذا الشخص ومع التعامل معه والذي يشبه التعامل مع طفلٍ صغير، وبالتالي نجد أنفسنا نتحمل عبء العلاقة لوحدنا، دون أي شعور من الشخص الذي يشاركنا بالاسم فقط هذه العلاقة بينما هو في الحقيقة مجرد خيال لا نراه في اتخاذ أي قرارات ولا في تحمل أي مسئولية.
دليلك إلى التعامل مع الشريك المستهتر
من هو الشريك المستهتر ؟
الشخص المستهتر في العلاقة لا يرى إلا نفسه ولا يراعي إلا مزاجه ولا يعبأ بأي شيء، شخص يعيش الحياة دون اكتراث بمستقبله، وهذه ليست مشكلة فهو وحده من سيتحمل مسئولية تصرفاته، ولكن المشكلة الحقيقية هو ارتباط شخص آخر به مما سيجعل من استهتاره نقمة ستصب بنيرانها عليه وعلى شريكها في العلاقة أيضًا، إذن فاستهتاره هذا ليس ذو ضرر محدود، بل ضرره يطال غيره أيضًا. ولآن مرآة الحب عمياء مثلما يقولون، فإننا لا ندرك خطورة الموقف إلا بعد التورط في حب هذا الشريك المستهتر بما يجعل فكرة إنهاء العلاقة معه شيء غير وارد وغير مطروح من الأساس، لذلك إليك بعض الأمور التي يجب أن تجربها من أجل الحد من استهتار هذا الشخص، والعمل على تقويمه وجعل استهتاره بالحد المعقول الذي يستوي به العيش معه.
ثنائية الثواب والعقاب
مثلما أوردنا سابقًا أن الشريك المستهتر أشبه بالطفل الصغير الذي لا يود تحمل مسئولية شيء ولا يرغب في أخذ قرار ولا تخطيط لمستقبل علاقة ولا أي شيء، ولذلك كما تكون تربية الأطفال تكون العلاقة بهذا الشكل مع الشريك المستهتر، فبهذا يجب على الأشخاص الذين في علاقة مع شريك مستهتر أن يكونوا واعين لمتى يمكنهم مكافأة هذا الشخص ومتى يمكنهم إنزال بعض العقاب عليه، ويكون الهدف من هذه الإجراءات هو تدريب هذا الشخص على تحمل المسئولية واتخاذ القرارات والقيام بواجباته كشريك في علاقة، وتمرينه على الجدية والالتزام.
لذلك ينبغي على الأشخاص الذين في علاقة أن يبدؤوا بممارسة هذه الطريقة مباشرة ولو بشكلٍ بسيط، كوعد مثلاً لهذا الشريك المستهتر بالإتيان بهدية يحبها له إن قام بفعلٍ معين، أو معاقبته بالخصام لفترة وجيزة إن لم يكترث لأمرٍ معين هام في العلاقة، يجب أن يتعلم هذا الشريك أن الحياة لا تجري بعشوائية أو بفوضوية مثلما يعيش هو وأن علينا بعض الواجبات التي يجب أن نؤديها خاصة تجاه شريكنا في العلاقة، فإن لم يتفهم هذا جيدًا فإن الحياة معه تصبح جحيمية، ولن تنجح علاقة تمشي على قدم واحدة بأي شكل، ولو قاومت وسارت فإنها لن تستمر ولابد أن تنتهي هذه العلاقة إن آجلاً أو عاجلاً بسبب أنها علاقة من طرف واحد، طرف يتحمل كل المسئوليات وطرف لا يلقي بالاً لأي شيء ولا يتحمل أي شيء ويرفض أداء الالتزامات التي عليه، وبالتالي إن تحمل الطرف المتحمل للمسئوليات فترة فإنه سينفجر وسيترك العلاقة وسيمضي قدمًا ملقيًا هذه العلاقة السخيفة وراء ظهره ولن تنجح توسلات هذا الشريك المستهتر بأي شكل في استعادته مرة أخرى مهما قدم من وعود بتحمله للمسئولية أو بالتزام الجدية وأداء الواجبات، لأن الطرف الآخر يعلم جيدًا أن استهتاره الذي فشل في انتزاعه في السابق لن ينجح في انتزاعه الآن، وستعود الأمور كما كانت عليها في السابق، وبشكل أكثر حدة، وأشد وطأة.
لذلك، يجب ضبط الأمور منذ البداية وإجراء المحاولات من أجل تقليل الاستهتار عن هذا الشخص وتمرينه على تحمل المسئوليات ولو تدريجيًا، حتى لا تسوء الأمور فيما بعد، وتصل لمرحلة لا يمكن فيها استدراك الأخطاء أو معالجتها.
تكليفه بالأمور البسيطة في البداية
التعامل مع الشريك المستهتر وإلزامه بواجباته لا ينبغي أن يكون دفعة واحدة، كما أشرنا سابقًا أن الأمور لابد أن تتم بالتدريج فلا ينبغي أن نقوم بتحميله المسئولية كاملة في البداية، من الممكن إلقاء بعض الأمور السهلة التي من الممكن عملها مثل تحمل نفقة سهرة ما، أو اختيار مكان الخروج، أو اصطحاب شريكه في العلاقة لشراء شيءٍ هام، أو حمل مشقة اتخاذ قرار، أو حتى الإدلاء برأي.. ذلك وأن الشريك المستهتر مثل الطفل يحب أن يتمتع بكل المزايا دون أي تكلفة، لمجرد فقط أنه في علاقة، ولا حتى يتحمل عناء الإدلاء برأي في أي خطوة مصيرية في العلاقة.. ولا اتخاذ قرار جاد يتحمل تبعاته ومسئولياته، دائمًا وأبدًا يكون الشريك المستهتر هو الشخص الذي لا يجب عليه أن يفعل شيئًا مطلقًا، بينما يجب أن يفعل له الآخرون كل شيء، ولن يجد أقرب من شريكه في العلاقة كي يتحمل مسئوليته ومسئولية العلاقة بالكامل، وبهذا الشكل لن تستمر العلاقة لأن هناك طرف سيستنزف وطرف لن ينتقص منه شيء.. لذلك لابد من تمرين هذا الشريك المستهتر على تحمل المسئولية وعلى احتواء شريكه في العلاقة والتخفيف عنه وحمل الهم عنه حتى تتوازن المسألة وتصبح هذه العلاقة متوازنة بالقدر الكافي لاستمرارها.
لذلك، طريقة التدريج مع الشريك المستهتر قد تجدي نفعًا وهو إشعاره بأنه عليه أن يفعل شيئًا، ولو شيئًا صغيرًا لفترة معينة في البداية، ثم شيئًا فشيئًا يتم إلزامه بباقي واجباته بالقدر الذي لا يشعر به معه أنه يحمل ثقلاً كبيرًا على كاهليه، حتى يصل في النهاية إلى تقاسم واجبات العلاقة مع شريكه، وبذلك يسود التعاون والتوازن سابق الذكر إلى العلاقة ويصبح هناك فرصة للاستمرار والتواجد في علاقة صحية سليمة.
تعامل بلا مبالاة أيضًا
هاهو ذا حل آخر يبرز إليك للتعامل مع الشريك المستهتر، وهو التعامل بالمثل، لماذا تضطر أنت أن تضغط نفسك وأعصابك مقابل شخص لا يأبه إطلاقًا لأي شيء ولا يكترث لأي شيء؟ حسنًا هذه هي الحقيقة.. وأنت ستكون الخاسر إذا استمررت في إعطاء هذه العلاقة كل شيء دون أخذ أي شيء سوى عدم الاكتراث واللامبالاة والتواكل، لذلك يجب عليك أن تتوقف عن العطاء كنوع من أنواع إشعار هذا الشريك المستهتر بطريقته المستفزة ودفعه هو نفسه لإدراك الأمر، تخرجان دائمًا لأنك من تحدد الموعد والمكان وربما من تتحمل مسئولية الإنفاق أيضًا، وربما تنتظره في المكان المتفق عليه بالساعات لأنه مستهتر ولا مبالي ويتأخر كثيرًا؟ حسنًا.. لا تحدد شيئًا.. لا تعرض عليه الخروج أصلاً ودعه يتعامل مع هذا بنفسه، هل تبدأ أنت دائمًا بالاتصال به، والاطمئنان عليه؟ لا تتصل.. ولا يصيبك القلق على هذا الطفل الكبير، لن يحدث له شيء.. فقط قوِّ قلبك قليلاً عليه واتركه يوم أو يومان أو ثلاثة بدون اتصال، تجاهله، سيأتي هو وسيحادثك، تأكد أنه سيأتي.. هل تدري لماذا؟ لأن أحد مصادر العناية به ورعايته في الحياة أصبح وجوده مهددًا، بل سيستغرب لماذا لم تبدأ وتكلمه كعادتك؟ ما الذي تغير؟ ربما طرح هذه الأسئلة على نفسه هي ربما ما ستوصله لطريقته السخيفة المستفزة من الاستهتار واللامبالاة والتواكل، ربما سيعرف وقتها أنه شخص لا فائدة منه ولا جدوى وأن وجوده في علاقة يعد عبئًا على الطرف الآخر لا محالة ويشكل ضغطًا نفسيًا وعصبيًا عليه، وأنه في هذه العلاقة يلعب دور الشريك المستهتر باقتدار.
ربما هناك نوع من الشريك المستهتر أكثر بجاحة قليلا، سيأتيك راسمًا الملامح الغاضبة على وجهه ويتساءل لماذا لم تتصل به، لا ترتعش ولا ترتعد ولا تضعف، يتوقف مستقبل هذه العلاقة على هذه اللحظة، إن رأى فيك الاهتزاز والارتعاش والضعف، فإنه سيدرك قوة تأثيره عليك وسيزيد في استهتاره ولا مبالاته وابتزازك عاطفيًا أكثر وأكثر، قل له بكل بساطة: عفوًا كنت مشغولاً قليلا، لماذا لم تتصل أنت وتطمئن علي؟ ألم يكن من الوارد أن مكروهًا قد حدث لي!؟
هنا أنت ترمي الكرة في ملعبه وتدفعه هو للدفاع بدلاً من الدخلة الهجومية التي يدخلها عليك، ها أنت تطلب منه التبرير والدفاع عن نفسه بدلاً من تصنع الغضب، ربما وقتها سوف يشعر أنه من حقك عليه أن يسأل عنك عند غيابك، وأنه ليس فرضًا أن تتصل أنت كل مرة، يجب أن يتصل هو أيضًا.
احذر أيضًا من الكلام المعسول الذي سيفاجئك به، هذا الصنف من البشر يميل إلى المحاباة والرد بكلام معسول من أجل كسب تعاطف الطرف الآخر وابتزازه عاطفيًا، لا تتراجع ولا تقع فريسة لهذا الخداع لأن ذلك سيجعله ثابتًا على طريقة تعامله المستهترة اللا مبالية، استمر في أسلوبك الجديد من التعامل بالمثل، حتى يعي هذا الشريك المستهتر ويحس أن هناك أشياء في الحياة يجب عليه أن يعطيها اهتمامه.
لا تتوسم النجاح في علاقة ستستمر على هذا النحو
إن استنفذت كل محاولاتك ولم يبقى محاولة وحيدة حتى لإثناء هذا الشخص وجعله يتراجع عن طريقة تعامله هذه، فعليك أن تنسحب في هدوء.. ولتعلم جيدًا أن شخص لا فائدة في تغييره مثل هذا.. لن تنجح علاقة معه أبدًا.. وإن استطعت التحمل لفترة فلن تستطيع التحمل فيما بعد، ولن تكون الحياة سعيدة مع شريك مستهتر مثل هذا، وستواجه الضغوط النفسية والعصبية وستجد نفسك محاصرًا من كل الجوانب، وإن تحملت لمدة عام، فستنهار في العام التالي.. لذلك انجُ بنفسك وانسحب بشكل مبكر، قد يكون هذا قرارًا صعبًا، وتنفيذه أصعب والتأقلم عليه بعد ذلك أصعب خصوصًا في بداياته، لكن ما ستعرف أنك صنعت أفضل ما يمكن عمله مع هذا الشخص، وربما استطعت تغييره بالفعل بهذه الصدمة التي لم يكن ليتوقعها أبدًا.
احرص على اختياراتك فيما بعد
ربما نقع في حب الشريك المستهتر في لحظة مجنونة، لحظة نفقد فيها شعورنا بالمستقبل ونفقد فيها قدرتنا على حساب الأمور بطريقة عقلانية، هناك بعض الأشخاص الذين يتميزون باستهتارهم ولا مبالاتهم وإعراضهم عن تحمل أي مسئولية والوفاء بأي عهود، بعضهم فقط من لديه قابلية للتغيير، من الممكن مع بعض المحاولات استطاعة تغييره واستطاعة تقدمه للأمام، واستطاعة جعله شخص أفضل يبالي ويتحمل المسئولية ويعي جيدًا الواجبات التي عليه أن يؤديها والالتزامات التي من المفترض أن يفي بها تجاه شريكه في العلاقة، وهناك للأسف البعض الآخر والذي يتأصل فيه طباع الاستهتار والعبث والإعراض عن تحمل المسئولية أو الوفاء بأي التزامات أو وعي أو إدراك لأي واجبات تجاه نفسه وتجاه شريكه في العلاقة وتجاه العلاقة نفسها، هذا النوع من الناس للأسف لن يتغير بأي شكل، وأي محاولة لتغييره أو تقويمه أو توجيهه أو إمداده بطاقة إيجابية أو تحفيزه لجعله أفضل وأن نصنع منه شخص كبير وواعي ومدرك للدور الذي هو فيه يستطيع تحمل المسئولية ويستطيع إلقاء اللامبالاة والاستهتار جانبًا، أي محاولة لصنع هذا ستبوء بالفشل إن آجلاً أو عاجلاً حتى وإن تظاهر هذا الشخص بالتغيير أو برغبته في التغيير، وحتى مع اعترافه باستهتاره وعدم اكتراثه بكثير من الأمور الهامة والذي تستحق منه اهتمام أكبر من هذا ومبالاة بأشياء لابد أن يبالي بها ويكترث لها، فإنه لن ينجح في تغيير نفسه لأنه يستريح إلى هذا الوضع، يستريح طالما وجد من يرعاه ويعتني به بلا مقابل سوى بعض المشاعر والتورط في علاقة مع شخص مستهتر مثله، لماذا يتخلى شخص عن الدعة وعدم الالتزام وإلقاء المسئولية على الآخرين، هذه الأشياء المسببة لراحة البال وهدوء الأعصاب، ويذهب برجليه إلى تحمل المسئوليات والوفاء بالالتزامات وتأدية الواجبات؟ ولطالما وجد هذا الشريك المستهتر الشخص الذي يحمله مسئولية حياته فإنه لن يتغير أبدًا.
لذلك.. يجب عليك إنهاء هذه العلاقة مع هذا الشريك المستهتر للأبد ويجب أن يكون هذا درسًا لك في علاقاتك فيما بعد أن تتوخى الحرص والحذر وأن لا تقع في حب شريك مستهتر مرة أخرى، بل يجب عليك أن تكون انتقائيًا في اختياراتك حتى لا تتورط مرة أخرى، وحتى تحافظ على ما تبقى من مشاعرك وسلامك النفسي وهدوء أعصابك الذين استنزفوا من قبل وتم استغلالهم وابتزازك عاطفيًا مما دمرهم تمامًا بسبب شخص مستهتر أناني لا يعي إلا تنفيذ رغباته ول يعبأ برغبات الآخرين، ويستخدم العاطفة كقوة في يده لتحقيق وتنفيذ رغباته.. ولا أعتقد أن هذه علاقة صحية أبدًا التي يكون فيها شخص مستنزف يعطي كل شيء، وشخص آخر رائق البال مرتاح دائمًا يأخذ كل شيء ولا يكلف نفسه عناء منح أي شيء أبدًا.
خاتمة
الشريك المستهتر من أسوأ شركاء العلاقات التي من الممكن الارتباط بهم والدخول معهم في علاقة، بعضهم قد يكون قابلاً للتغيير وهذا جيد، ولا بأس به.. بل على العكس ربما بعد التغيير سيكون أفضل مما كان عليه في السابق وستجده يتفانى في منح كل ما لديه ويبلغ أعلى معاني الإيثار والعطاء ويبذل كل ما في وسعه لكي يراك سعيدًا ولكي يخفف عنك ويجعلك مرتاحًا وغير مستنزف ولا يستخدم المشاعر كسلاح في يده كي يستنزفك بها أو كأداة لتحقيق رغباته والحفاظ على راحة باله واستقرار حياته، بل يستخدم المشاعر كدافع له هو للتفاني في العلاقة وتحمل مسئولياتها وأداء كل الواجبات والالتزامات التي عليه، كما أنه يطمح إلى تحقيق خطة مستقبلية للعلاقة يسعى لتنفيذها والعمل على ذلك. وهناك البعض الآخر الذي يغلب عليه طبعه المستهتر اللا مبالي ولن يكون هناك أي فرصة لتحقيق أي شيء في الحياة وسيكون مرتكن على شريكه في العلاقة متواكل عليه في كل شيء، وهذا لن تنجح العلاقة معه بأي شكل ويجب إنهاء العلاقة معه في أسرع وقت.