تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » الشخص المسالم : كيف تكون شخصًا مسالمًا في حياتك ؟

الشخص المسالم : كيف تكون شخصًا مسالمًا في حياتك ؟

الشخص المسالم هو الشخص الذي يأخذ كل الأمور التي تعرض عليه بشكل مسالم تمامًا، ولا يقوم بارتكاب أي نوع من الحماقات مهما كان، نعرفك هنا كيف تكون مسالمًا.

الشخص المسالم

الشخص المسالم من بين أنواع الشخصيات المختلفة التي نتعامل معها ونألفها سواءً المتعب أو الجيد أو اللافت للأنظار أو الذي تستحيل الحياة معه، تأتي الشخصية الخفيفة الأقل ضوضاء وظهورًا، حتى أن البعض قد لا ينتبه لها ولا لوجودها ويتآلف ويتعامل معه كأنه أمرٌ مسلمٌ به، هي الشخصية المسالمة أو الشخص المسالم الذي يمر كطيفٍ عابرٍ على من يمر عليهم، لكن هل حقًا كل الشخصيات المسالمة جيدة؟ هل هم مثلٌ يُحتذى به ونستطيع أن نضعهم في خانة أفضل الشخصيات التي ستتعامل معها في حياتك؟ ربما نعم وربما لا فالقرار يكون في النهاية لك.

الشخص المسالم : كيف تكونه ؟

كيف يبدو الشخص المسالم للآخرين؟

لماذا نطلق عليه شخصًا مسالمًا؟ من السلم أو السلام ربما؟ لأنه من الشخصيات الهادئة التي تحاول ألا تلفت الأنظار، أو ربما يخشى أن تطاله ألسنة لهب أي حربٍ مشتعلة؟ هل يخاف الحروب فيتجنبها أم هو الذي يطفئها ويخمد نيرانها؟ في البداية قد يبدو البعض عاجزًا عن رؤية الشخص المسالم أو ملاحظة وجوده، بعض الأشخاص المسالمين يمرون في حياة الناس بدون أثرٍ يُذكر، لكن الحقيقة أن الأشخاص المسالمين عندما تعرفهم وتنتبه لهم وتتقرب إليهم يتركون أكبر أثرٍ فيك وتصبح عاجزًا عن نسيانهم، ربما الشخص المسالم لن يلفت الأنظار في مكانٍ عام لكن الأنظار في لحظةٍ واحدةٍ قد تتعلق به وتلحظ وجوده الهادئ عندما يظهر ضده، الشخص العصبي أو العدواني أو الهجومي مثلًا! يقولون أن الأشياء تُعرف بأضدادها وكذلك الشخص المسالم .

صفات الشخص المسالم

من أهدأ الشخصيات التي من الممكن أن تقابلها في حياتك وسيبدو أكثرها حلمًا ورزانةً وقبولًا للعقل والمنطق وتغليبهما على العاطفة، يفكر أولًا ثم يفعل يسأل أولًا ثم يضرب، هذا إن كان يضرب بالطبع فلست أتوقع أن تجد شخصًا مسالمًا يفقد أعصابه فينقض على الناس ركلًا وضربًا، لا يعني أنهم لا يفقدون أعصابهم ولا يرتكبون الأخطاء ولا يصابون بنوبات الغضب فذلك أبعد ما يكون عن أي إنسان وكلنا بشر، لكنهم أقدر الشخصيات على التعامل مع كل ذلك والتنفيس عن الطاقة بالشكل الصحيح وتقديم العقل على العاطفة، الشخص المسالم من أذكى الشخصيات لأنه يستخدم الذكاء للابتعاد عن المشاكل والعواصف وللخروج بنفسه سالمًا من أي موقف.

الشخص المسالم وتعامله مع الآخرين

يستخدم الذكاء مع من أمامه للتغلب على موقفٍ من الممكن أن يشتعل إلى ما لا نهاية، لكنه يستطيع الإمساك بزمام الأمور وتحويل مجرى الحوار إلى نقطةٍ أكثر هدوءًا واستقرارًا، من الشخصيات المؤثرة في قلوب وحيوات من حولها ومن تعاملوا معها ويجعلك تدرك دائمًا أن هناك خيارًا آخر، أن الاستسلام للغضب أو الاستفزاز أو الحاجة لإثبات الذات بالقوة ليس إلا تصرفات مراهقة لست بحاجةٍ فعليةٍ لها، كذلك فهو من أكثر الناس تصالحًا مع نفسه وتقبلًا لها وثقةً بنفسه ومعرفةً بحقيقتها وقدرها.

السلمية بين الجيد والسيئ

من كل ما سبق قد يبدو الشخص المسالم رائعًا وإن حصلت على أحد أولئك المسالمين في حياتك فأنت محظوظٌ بلا شك، لكن السلمية قد تأخذ مجرى آخر مع البعض أو بمعنى أدق تتحور لأشياء أخرى كالجبن والتخاذل والضعف ويُطلق عليها خطأً أنها سلمية أو أن الضعيف أو الجبان أشخاصٌ مسالمون، لكن الحقيقة أنهم لا يمتون للمسالمين بصلة وأن تجنبهم الخوض في الصراعات والحروب وتخاذلهم عن الخروج للأضواء ليس نبعًا من الذكاء وتقدير الذات وإنما من الخوف والضعف والجبن وتحقير الذات أحيانًا، إن الفرق شاسعٌ بين من يتجنب الدخول معك في صراعٍ يدري أنه سيكون الفائز فيه لكنه يفضل أن يكون الطرف المسالم وبين أن يتجنبك خوفًا منك ورهبةً من نتائج لا يدري كيف ستكون وزعزعةً في ثقته بنفسه.

الطفل المسالم

الشخص المسالم عندما كان طفلًا كان واحدًا كأي واحدٍ منا، وُلد صفحةً بيضاء تمامًا ثم صقلته البيئة من حوله بين الأسرة والمجتمع والعناية والتربية التي تلقاها والأفكار التي زرعت فيه والسلوكيات التي اتبعها وواظب عليها وترسخت فيه مع الوقت، وكغيره من الشخصيات يبرز دور الوالدين جليًا في صنعه وإنتاجه ذلك الناتج وجعله ما سيكون عليه في كبره، شخصًا مسالمًا، كون السلمية عملًا عقليًا بشكلٍ أوليٍّ فلا نتوقع أن يخرج طفلٌ مسالمٌ لأبوين لا يستخدمان العقل ولا يتمتعان بالذكاء.

دور الأبوين

حقيقة الشخص المسالم أنه عندما كان طفلًا تغذى على فكرة أهمية العقل وتفضيله على القلب والمشاعر والعضلات، تلقى تربيةً ودروسًا في الحياة أعطته القدرة على استيعاب أن القوة الكبرى كامنةٌ في العقل وأن أضعف إنسانٍ جسدًا قادرٌ على التغلب على جيشٍ بأكمله بعقله فحسب، كذلك كُفل لذلك الطفل الاحترام وتقدير ذاته وإنجازاته وحصل على الاهتمام الذي يحتاجه وتطمح إليه نفسه الطفولية، حصل على التقدير في صغره من أبويه ووجد عقولًا متفتحةً تتقبل أسئلته الطفولية، تناقشه في أخطائه قبل معاقبته وتعطيه المساحة للكلام والتعبير عن نفسه وكينونته، ومن الذكاء وتقدير الذات نتج الشخص المسالم.

الشخص المسالم المرضي

على صعيدٍ آخر كانت السلمية المَرضية أو الخاطئة كالجبن والتخاذل والضعف والخوف، طفلٌ تمت السيطرة على حياته ببساطة، عاش حياته في الظلام وتحت جناح الخوف والرهبة، لم يأخذ ما احتاج من الرعاية والاهتمام لم يجد القدوة المناسبة لم يجد المساحة لنفسه، وكان أصغر وأضعف من أن يقاوم كل ذلك وحده فجنح إلى الاختباء والتخاذل حتى ترسخا بداخله وأصبحا كل ما ملك من شخصيته، ضحيةٌ أخرى من ضحايا الأبوة الاسمية.

كيف تصبح شخصًا مسالمًا؟

البعض يولدون هكذا! ينشأ الشخص المسالم منهم من طفولته في بيئةٍ راقيةٍ ومتحضرةٍ وسلمية، تقدر الذات والعقل والذكاء وتنبذ العنف ولغة العضلات البحتة، لكن السلمية ليست سلوكًا مقتصرًا على الشخص المسالم كما أن الغضب ليس سلوكًا مقتصرًا على الشخصية العدوانية فكلنا نصاب بالغضب، وكلنا من الممكن أن نتحلى بالسلم وننبذ العنف.
يحتاج اتباع الشخص الأسلوب السلمي في حياته إلى التدريب والتعود وتهذيب النفس وترسيخ المبادئ الصحيحة بداخلها، السيطرة على الغضب وعلى الرغبة في افتعال المشاكل عندما تتعرض للاستفزاز ليست لحظة تفكيرٍ وتروٍ لأغلبنا لكنها كذلك بالنسبة للشخص المسالم، وإن أردت أن تصبح مثله فعليك تعلم السيطرة على غضبك.

استخدم عقلك

أن تقدم العقل على عاطفتك وتتفكر في كل شيءٍ قبل أن تشرع في فعله أو ارتكابه، فبعض النتائج التي نحصل عليها لا تحمد عقباها ونعود للندم، الذكاء نعمةٌ من الله وكلنا نحمل درجاتٍ متفاوتةٍ منه لكن من قال أن الذكاء كان مادة خام صُبت في عقولنا صبًا ونحن أسرى مقاديرها! الواقع أن جزءًا كبيرًا من الذكاء يُكتسب وكلٌ قادرٌ على اكتسابه بطريقته الخاصة، الذكاء كالعضلات يحتاج للتمرين والاستخدام والتطوير والتغذية بالعلم والتأمل والتفكير، العقل لم يُخلق لنا للتأملات في احتياجاتنا التافهة البسيطة أو بديهيات حياتنا، وإنما أوتينا العقل لنستعمله في التفكر والتأمل في الكون وإيجاد أسراره وحل ألغازه، فمن لم يستخدم العقل في ذلك لا يلم إلا نفسه!

الشخص المسالم من أفضل الشخصيات التي قد نتعامل معها أو تمر في حياتنا وتترك فيها بقعةً مضيئة، يكاد مرورهم لا يُحس كمرور نسمةٍ باردة، فسلامٌ عليكم طبتم أينما كنتم يا أصحاب النثرات اللؤلئية.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

تسعة عشر − 1 =