لا شك أن الشخص المتشائم يحتاج إلى العلاج السريع لتخليصه من تلك المشاعر المحبطة، وكثيرا ما يمر أحدنا بتلك المشاعر السلبية المتشائمة في حياته أو في بعض المواقف فيشعر بالضيق والاكتئاب والاضطراب، والشخص الإيجابي المتفائل يستطيع أن يتغلب على تلك المشاعر بإرادته القوية وثقته بنفسه، أما الشخص المتشائم السلبي يفشل في ذلك؛ فتسيطر عليه تلك المشاعر السلبية وتحطم حياته وتجعله يعيش حياة مضطربة قلقة مليئة بالخوف والضيق وغير ذلك من الأعراض التي تتملكه وتظهر على شخصيته وسلوكه؛ ثم تنعكس على حياته الخاصة والأسرية والعملية؛ لذلك فقد صنف العلماء التشاؤم على أنه من أخطر الأمراض العصبية التي تصيب الإنسان، ويجب أن يتلقى المصاب به العلاج المناسب لتخليصه من المشاعر السلبية المحبطة، ويتناول هذا المقال تعريف التشاؤم وأهم أسبابه ثم الأضرار الناجمة عنه وأخيرا طرق علاج الشخص المتشائم .
طريقة علاج الشخص المتشائم بشكل جدي
مَن هو الشخص المتشائم؟
يمكن تعريف الشخص المتشائم بأنه شخص يبالغ في تقييم المواقف والظروف التي يمر بها في حياته، ويتوهم حدوث أشياء بعيدة عن الواقع تماما وينساق خلف تلك الأوهام دون أن يقدم على عمل نافع أو ناجح؛ وبالتالي يؤدي به ذلك إلى الفشل وتوقع النتائج السيئة قبل حدوثها مقيدا نفسه بها؛ ولذلك يعيش المتشائم في عزلة نفسية واجتماعية منطويا على نفسه لا يرغب في الاختلاط مع الآخرين، كما أنه يرى الأمور من نظارة يائسة سوداء يوجه اللوم إلى نفسه على أمور لم يرتكبها، وغالبا ما يتصف هذا الشخص المتشائم باكتئاب نفسي أو اكتئاب بيولوجي ومما يميز صاحب هذا النوع الأخير أنه يشعر بحالة كبيرة من الضيق والتشاؤم والمشاعر السلبية السوداء في الصباح عند الاستيقاظ من النوم؛ وذلك بسبب اضطراب المرسلات العصبية الدماغية، وفيما يلي أسباب حدوث التشاؤم.
أسباب التشاؤم
إن الشعور بالأفكار السلبية والاستسلام لها والعيش في جو من التشاؤم المسيطر لا بد أن تكون له أسباب أدت إلى تمكن تلك المشاعر من هذا الشخص، ومن أهم أسباب التشاؤم ما يلي:
1- انعدام الثقة بالنفس: قد يكون السبب الرئيسي وراء التشاؤم هو انعدام ثقة هذا الشخص بنفسه؛ حيث لا يتمتع بروية وحسن تدبر للأمور بل ينساق وراء الانفعالات والمشاعر العفوية دون أن يكون واثقا من قدراته وإمكانياته في تغيير الواقع أو النجاح في الحياة؛ ولذلك يعيش الشخص المتشائم حبيسا لتلك المشاعر السلبية السوداء دون أن يفكر في التغلب عليها أو التخلص منها.
2- سلوك الآخرين: قد يكون سلوك الآخرين نحو الشخص المتشائم سببا من أسباب تمكن تلك الأفكار السلبية من ذاته، ومن ذلك الانتقادات اللاذعة والتهكم والسخرية من تصرفات الآخرين خاصة من الأقارب والوالدين أو المعلمين؛ لأن مثل هذه الانتقادات السلبية التي تركز على نقاط الضعف لدى الإنسان تؤدي إلى فقدان الشخص ثقته بنفسه وسيطرة مشاعر التشاؤم والفشل عليه.
3- الانطوائية: إن انطواء الإنسان على نفسه وعدم مشاركته للآخرين في المناسبات الاجتماعية المختلفة قد يؤدي ذلك إلى النظر للحياة بمنظار أسود يرى الحياة مظلمة قاتمة ليس فيها ما يسعده أو يساعده على النجاح.
4- مقارنة الشخص بغيره: إن مقارنة الشخص بغيره تؤدي إلى بناء الشخص المتشائم ؛ لأن الآخرين لا يرون فيه إلا الجوانب السلبية فيتصرف بتلك الطريقة ويعيش هذا الوهم الذي أرداه له الآخرون.
5- الجبن: يعتبر الجبن من الصفات الداعمة لشعور التشاؤم وتقويته؛ لأنه تمنعه من الإقدام والتشجع على فعل الأمور الإيجابية أو التخلص من الصفات السلبية الضارة.
أضرار التشاؤم
لقد أثبت العلماء والباحثون أن للتشاؤم أضرارا عديدة، كما أنه يعد من أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان؛ حيث أثبتت دراسة أمريكية في جامعة دوك أن الأشخاص المتشائمين تزداد نسبة وفاتهم في الأربعين سنة الأولى أكثر من المتفائلين بنسبة تصل إلى 42%؛ لذلك فإن الشخص المتشائم أقصر عمرا من الشخص المتفائل بسبب الأضرار الكثيرة التي تصيبه من جراء الصفات السلبية والتشاؤمية، ومن أهم أضرار التشاؤم ما يلي:
- ارتفاع ضغط الدم: يسبب التشاؤم الكثير من الحالات العصبية والمزاجية غير السوية ومنها التوتر والإجهاد الذي يصيب صاحبه بارتفاع الضغط ومخاطره الكثيرة.
- اضطراب الجهاز الهضمي: دائما ما يشعر الشخص المتشائم باضطراب في المعدة وعسر الهضم وحموضة معدية وغير ذلك من مشاكل سوؤ الهضم.
- مشاكل زوجية: من المشاكل الغريبة التي يصاب بها الشخص المتشائم عدم القدرة على ممارسة العلاقة الحميمية مع الزوج؛ وبالتالي يؤدي ذلك إلى مشاكل أسرية عديدة وخلافات بين الزوجين لعدم شعور أحدهما بالآخر مما قد يؤدي إلى الانفصال والطلاق.
- التوتر والضيق الدائم: يشعر الشخص المتشائم بأنه يجد صعوبة في تحقيق أهدافه أو النجاح في حياته؛ وبالتالي فهو يتصف بالتوتر والقلق المستمر وسوء الخلق وسيطرة الحزن على قلبه.
- انخفاض الروح المعنوية: يتميز الشخص المتشائم بانخفاض كبير في الروح المعنوية وعدم قدرته على التركيز في عمله لخشيته من الفشل فيه وسيطرة تلك المشاعر السلبية عليه.
طرق علاج التشاؤم
إذا كان التشاؤم والاستسلام للمشاعر السلبية المحبطة مرضا خطيرا يهدد سلامة وأمن المجتمع وليس الأفراد فقط فلا بد من علاج نافع لهذا المرض الخطير، وفيما يلي أهم الطرق النافعة لعلاج الشخص المتشائم وتخليصه من ذلك المرض اللعين:
1- الإيجابية: إن التصرف بإيجابية وشجاعة وعدم التردد في السلوك النافع والإقدام على الأعمال الطيبة يؤدي إلى التخلص من التشاؤم والقضاء عليه؛ حيث يستطيع الشخص المتشائم أن يثبت لنفسه عكس المشاعر السلبية التي يشعر بها وبالتالي يتخلص منها نهائيا، كما يجب مخالطة الإيجابيين والطموحين والمشاركة في المناسبات الاجتماعية المختلفة.
2- تعزيز الثقة بالنفس: يجب أن يتأمل الشخص المتشائم قدراته ومهاراته ونجاحاته السابقة لكي يقوي ثقته بنفسه؛ وبالتالي يتمكن من التغلب على المشاعر المحبطة من خلال التركيز على جوانب القوة لديه وتدعيمها والعمل على إظهارها.
3- القراءة والاطلاع: إن تنمية مهارة القراءة والاطلاع على قصص وسير السابقين من الناجحين في شتى المجالات تمكن الشخص المتشائم من الاقتداء بهم والسير على نهجهم وتخليص نفسه من صفات المتشائمين.
4- الابتعاد عن الأمور السلبية المزعجة: يجب على الشخص المتشائم بمساعدة المحيطين به أن يتخلص من الأفكار والأحداث السلبية المزعجة التي مرت به سابقا وتركت آثارا سيئة في نفسه؛ لأن تذكرها يزيد من قيمتها ويجعله تحت سيطرتها، أما نسيانها يدعم ويعزز من ظهور غيرها.
5- عدم المقارنة بالآخرين: إن مقارنة الشخص بالآخرين وخاصة صغار السن يؤدي إلى إصابتهم بالأفكار السلبية والشعور بالتشاؤم والاكتئاب لشعورهم بالفشل والإحباط من تحقيق آمال الآخرين أو الأهل فيهم؛ وبذلك يتمكن هذا الشعور من الشخص المتشائم ويصعب علاجه فيما بعد.
6- الاسترخاء: يجب على الشخص المتشائم أن يلجأ إلى الاسترخاء والهدوء؛ لكي يتمكن من تأمل المواقف والأحداث بموضوعية وتمعن والوصول إلى قرار سليم وسلوك إيجابي بعيدا عن الانفعالات أو المبالغة أو إعطاء الحدث أكبر من حجمه.
7- العناية بالصحة: إن العناية بالصحة والنوم مبكرا لإعطاء الجسد حقه من الراحة الكافية يؤدي بالضرورة إلى الراحة النفسية، كما يجب ممارسة الرياضة لأنها تساعد على التخلص من المشاعر والطاقة السلبية الضارة، وكذلك الاستيقاظ مبكرا من أسباب شعور الإنسان بالنشاط والحيوية والقدرة على الإنتاج والعطاء.
8- كن طموحا: يجب تشجيع الشخص المتشائم على التعبير عن ذاته والبحث في داخلها عن طموحاته بل والعمل على تحقيق تلك الطموحات؛ ليتخلص من المشاعر المحبطة اليائسة القاتمة التي تؤثر في حاضره ومستقبله.
لقد تناول هذا المقال أهم الطرق التي من خلالها يتم التغلب على التشاؤم، ولكن إذا لم تنجح تلك الطرق فيجب عرض هذا الشخص على طبيب نفسي لتلقي العلاج المناسب؛ فقد يكون هذا التشاؤم نابعا من الاكتئاب البيولوجي الذي يحتاج إلى علاج دوائي، كما لا يجب أن يستهين الشخص بالمشاعر السلبية المحبطة؛ لأنها إذا استفحلت وتمكنت منه فسوف يصعب علاجها أو التخلص منها فيما بعد.
أضف تعليق