الشخص البخيل مكروه ، والبخل هو طبع مذموم في الإنسان وقد نبذته جميع الأديان، وللأسف لا يفهم معظم الناس الفرق بين الحرص والبخل، فبعضهم يعتقد أن الحرص هو البخل والبعض الآخر يرى البخل على إنه حرص. والفرق بين الحرص والبخل شيء بسيط جدًا. الشخص البخيل نتعامل معه كل يوم. يمكن أن يكون التعامل مباشرًا أو غير مباشر. الشخص البخيل يمكن أن يكون أحد أقاربنا أو أصدقائنا أو رؤسائنا أو مرؤسينا أو حتى شخص عابر في وسائل المواصلات أو غير ذلك. لذلك يجب علينا أن نعرف كيفية التعامل مع الشخص البخيل أو بمعنى أدق “طبع البخل”.
الشخص البخيل : طريقة التعامل الصحيحة معه
البخل: هل صفة مورثة أم مكتسبة؟
جميعنا عندما نرى شخص بخيل، نجد أول تعليق يخطر على ألسنتنا أن ذلك ناتج تربيته. ولكن يجب علينا أولاً أن نعرف ما هو البخل من وجهة نظر علم النفس. الشخص البخيل هو الشخص الذي يملك المال ولا ينفقه حتى في المواقف التي تحتاج إلى الإنفاق ولا يخرج ماله ليتمتع به. ويرجع صفة البخل في علم النفس بنظرية التعلق حيث أن جمع المال يصبح الهم الأول في الحياة، ولكن حينها لا يوجد غاية من جمع المال إلا جمع المال فقط بدون إنفاقه.
وعند تحديد ما إذا كان البخل هي صفة موروثة أو مكتسبة، اتجه الناس وعلماء النفس إلى إنها مكتسبة. وأرجح العلماء السبب إلى عدة عوامل منها التربية، فالتربية هي المكون الرئيسي لشخصية الإنسان، وإذا كانت التربية غير سوية نتج عنها شخصية غير سوية أيضًا، لذلك إن كان الوالدان قد ربيا الطفل على البخل أو كما نسميه الحرص الزائد والتعلق الزائد بالأشياء وعدم مشاركة الغير في الألعاب والإنفاق على الفقراء، أصبح الطفل شخصًا بخيلاً حتى على نفسه وذويه. وأيضًا يمكن ربط سبب البخل بالجبن. فالشخص البخيل دائماً خائف من المستقبل أو من الناس فيتجه إلى أن يبخل على نفسه حتى يستطيع تملك كل ما يستطيع ليبني لنفسه قوة مادية تمكنه من مواجهة الزمن كما يزعم.
يلاحظ طبع البخل على الشخص منذ الطفولة وخصوصاً عند مواقف مشاركة ألعابه مع الآخرين أو حتى مع أخوته فتجده حينها غاضباً أو مجبوراً على ذلك. في ذلك الوقت يمكن للآباء الأسوياء أن يصححوا هذا السلوك. يمكن أيضاً أن يصاب الطفل بمرض البخل مع زملاءه في الدراسة، والبخل هنا ليس بخل المال فقط بل يمكن أن يتحول إلى بخل دراسي في عدم مساعدة الغير دراسياً حتى يظل أفضل منهم وحينها يتحول الشخص من شخص بخيل أي شخص وصولي ينتظر عثرات الغير ولا يساعدهم حتى يقفز إلى مكانة أعلى.
البخل حرص!
الشخص البخيل عند مواجهته ببخله تجد أول رد عنده أن هذا ليس بخل بل إنه حرص. فوجب علينا تعريف كليهما على حدة لنعرف الفرق ونحكم على الشخص من خلاله. الحرص هي صفة محمودة وقد حثنا عليها ديننا. وهي صفة تقع بين الإسراف والبخل فهي صفة وسطية بين صفتين متطرفتين. الحرص هو وضع المال في المكان الصحيح بالقدر الصحيح والتوقيت الصحيح. والإنسان الحريص ليس ببخيل فهو يؤدي كل التزاماته المادية تجاه من وجبت تجاههم هذه الالتزامات كالأهل والفقراء وحتى نفسه ولكن كل شيء بمقدار. والحرص أو كما يسمى أيضاً الاقتصاد تعتمد على عاملين أساسيين وهما الوسطية والحكمة.
البخل هي صفة متطرفة من الحرص أو الحرص الزائد. فهي تفتقد لكلا العاملين “الوسطية والحكمة”. وهي نابعة من الخوف من الناس والمستقبل لذلك اقترنت هذه الصفة بالإيمان الضعيف حيث وجب على كل الناس أن تعرف بأن الله هو الرزاق. ومن شدة قباحة هذه الصفة، نهت عنها الديانات لأن هذه الصفة هي منع الإنفاق ومنع تأدية الالتزامات المادية سواء من الناحية الاجتماعية والدينية كما أنها تولد الكره والعداوة تجاه هذا الشخص البخيل.
الشخص البخيل وكيفية التعامل معه
الشخص البخيل هو مريض نفسي لكل ما ذكرناه مسبقاً. فالحرص الزائد الناتج من الخوف الزائد والانغلاق على الذات ماهو إلا مرض نفسي يجب التعامل معه والعلاج منه. الشخص البخيل يمكن أن يصبح ضحية بخله، فيمكن له ألا ينفق على نفسه في حالة تستوجب ذلك مما يؤدي لأن يتعرض لمشكلات أكبر مما هو فيها فتؤثر بالسلب على حياته أو صحته أو عائلته وفي أي حال من تلك الأحوال سيكون هو الضحية وسيدفع ثمن ذلك.
كما ذكرنا أننا يمكن أن نقابل ونتعامل مع هذه الشخصية البخيلة في أي من تعاملاتنا اليومية، وفي تلك الحالة يمكنك أن تتصرف بطريقتين: إما أن تتعايش معه ولا تؤثر أو تتأثر به ويكون الرابط بينكما هو المصلحة أو أنك تكون إنسان مؤثر إيجابي وتحاول أن تتعامل معه بطريقة تغير من سلوكه للأفضل.
لنتجه إلى طريقة التعامل مع الشخص البخيل
- أول خطوة يمكن أن نفعلها مع هذا الشخص هي أن نصارحه بسوء خصلته. فالبخل طبع منبوذ وهو ببخله يكون مكروهاً ومنبوذاً.
- يجب علينا أيضاً ألا نسامحه على هذا الطبع وأن نكون حادين مع هذا الشخص في حالة ثباته وعدم محاولته في تغيير نفسه.
- عند محاولة هذا الشخص أن يغير من نفسه، وجب علينا إعطاءه الثقة والأمان، فالشخص البخيل ضحية انعدام الثقة والشعور بالأمان.
- كما هو موجود في علم النفس أن يمكن للشخص أن يصبح ذا سلوك سيء عندما يراه الناس بهذا السلوك وإن لم يكن فيه مسبقاً كما يمكن أن يتخلى عن السلوك السيئ في حالة أن الناس حوله أنكرت ذلك. فالتشجيع والاتهام الباطل هما عاملان أساسيان في التحلي أو التخلي عن سلوك ما. فالشخص البخيل يمكن أن يتخلى عن بخله إذا اعتمدته الناس بصفة الكرم وأشعرته أنه ذو أهمية في قضاء حوائجهم وبذلك يولد لديه الشعور بالثقة وأنه ليس بالمنبوذ أو المكروه وسيتصرف بعيداً عن تلك الصفة الشنعاء.
- الشخص البخيل يجب أن يفهم عواقب تصرفه بهذا السلوك. فعليه أن يعرف أن لا أحد سوف يقبل له اعتذار أو حتى يشعر بالأسف تجاه مكروه أصابه، وأن الدنيا خُلِقَت لنعيش فيها مترابطين.
- يجب على الشخص البخيل أيضاً أن يعي جيداً تعاليم دينه حتى يعرف كم هي سيئة ومكروهة تلك الصفة. وعندما يعي دينه جيداً، سيعرف الفرق بين الحرص والبخل وسيعرف كيف يتصرف في ماله والحقوق المالية التي يجب عليه أن يوفيها تجاه نفسه ومجتمعه ودينه ووطنه. كما يجب عليه أن يعرف فضل مساعدة الناس.
وأخيراً وبعد أن استعرضنا ماهية البخل والشخصية البخيلة وكم هو ضحية جهله بالأمور وعدم ثقته في نفسه وضعف إيمانه، قد وجب علينا أن نأخذ طريقة التعامل معه التي تم ذكرها بإيجاز على محمل الاهتمام حتى نستطيع أن نجعل منه الشخصية السوية التي تفيد مجتمعها ودينها، كما وجب علينا أيضاً ألا نراهم غير ضحايا لهذا السلوك وهذا المرض. ومن هنا تنبثق أهمية نشر الوعي الخاص بالسلوك المجتمعي والوعي الديني من خلال القنوات المشروعة لتلك الخطوات.
أضف تعليق