تتساءل الكثير من الزوجات عن سبل التعامل مع الزوج المعاق وما هي الأمور التي من الواجب توفيرها له ليعيش حياة هانئة عادية قدر الإمكان لا يستشعر فيها الضجر ولا الضيق ولا أية مشاعر نفسية ومعنوية مؤرقة تزعجه طوال الوقت، وكذا طريقة التعامل المثلى التي تؤهل الزوجة لأن تحيا هي الأخرى حياة مستقرة لا تمل من أية أوضاع صحية لزوجها قد تؤثر سلبًا على رغد العيش أو نمط الحياة الأسرية والتعامل فيما بينهما وكذا مع الأبناء والأقارب والآخرين، وفيما يلي بالفعل نسلط الضوء على هذا الأمر ونسرد تفاصيل أكثر حول آلية التعامل مع الزوج المعاق بطرق إنسانية تضمن له سعادته وكرامته واحتياجاته، وكذا تضمن للزوجة المثابرة والاستقرار، كما نوضح تفاصيل تتعلق بالإعاقة الذهنية لأولئك الزوجات اللاتي يتساءلن كثيرًا حول آلية وسبل التعامل مع الزوج المعاق ذهنيًا وعقليًا، وما يجب عليها توفيره والقيام به على مدار اليوم لضمان الأمن والأمان له في المقام الأول، وكذا ولها وللأبناء من أي ضرر قد يلحق بهما.
استكشف هذه المقالة
ما هو مفهوم الإعاقة ؟
قبل الحديث عن آلية التعامل مع الزوج المعاق أيًا كان نوع إعاقته، فإننا بدايةً يجب أن نعرف الإعاقة وفق ما اتفقت وأجمعت عليه المؤسسات والمنظمات الدولية المختصة بهذا الشأن، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية التي عرفت الإعاقة على أنها حالة العجز التي تصيب الجسم في وظيفة حيوية ما سواء جسمية أو عقلية ذهنية، وتتسبب في تقيد حركة الإنسان وقدرته على ممارسة نشاطاته اليومية وإدارة شؤون حياته نتيجة قصور عضلي أو فكري ما، وأنه في حال كانت الإعاقة ذهنية نجد أن الشخص يصعب عليه الاعتناء بنفسه ورعاية مصالحه وأهل بيته وأسرته، وكذا يكون من الصعب ممارسة حياته الزوجية بسلاسة أو أن يكون مكتفيًا ذاتيًا بخدمة ذاته وتوفير متطلباته المادية والمعنوية.
وأضاف تعريف منظمة الصحة العالمية والمؤسسات المختصة، أن هذا المعاق على اختلاف نوع إعاقته يكون في حاجة ماسة لتدخل الآخرين من أجل مساعدته خاصة في حالة الزوج المعاق والابن المعاق الذي لا يمكنه الحراك وتوفير حاجياته من الطعام والشراب إلا في وجود زوجة أو أُم تحميه وتراعي متطلباته، وأضافت أن علوم النفس الحديثة باتت أكثر انتشارًا وأصبحت التوعية الثقافية في الندوات والمؤتمرات تصل لكل أسرة معاق وتمكنها من التعامل مع ابنها أو التعامل مع الزوج المعاق وفق استراتيجية وخطة تربوية واضحة المعالم من أجل تدعيم مهاراته ومواهبه وتقويه معنوياته ليستغلها الاستغلال الأمثل، وفي المقابل نجد من لا يلتزمون بهذه النصائح والإرشادات يعانون أوضاعًا صحية متأخرة سواء جسدية أو ذهنية ويكونون غير صالحين لإقامة أسرة أو الاندماج في المجتمع بشكل مناسب.
التعامل مع الزوج المعاق
إن الزوج المعاق في حاجة دائمة للاهتمام والمتابعة في مختلف شؤون حياته؛ وهو ما يفرض على الزوجة نمط حياة معين ييسر لهذا الزوج المعاق أن يحيا حياة هانئة مناسبة، وكذا الزوجة أن تحيا حياة مستقرة قدر الإمكان، وفيما يلي نسلط الضوء على سبل التعامل مع الزوج المعاق على اختلاف هذه الإعاقات:
الزوج المعاق حركيًا
عند التعامل مع الزوج المعاق حركيًا، لا شك أنه يحتاج الكثير من المساعدة والإعانة معظم الوقت، إلا أنه من المهم جدًا عدم الإسراع بتقديم المساعدة إلا في حال طلبها هو من تلقاء نفسه إذا لم يكن الأمر من الخطورة بمكان ما يستدعي التدخل المباشر؛ إذ أن التدخل الفردي دون طلب منه يعطيه إحساسًا بالعجز والضعف والشفقة من الآخرين وهو أمر مؤلم جدًا نفسيًا في حال طلب المساعدة من زوجته أو أولاده، يجب تنفيذها بحذافيرها كما طلبها بالتحديد بلا زيادة أو نقصان، خاصةً وأنه يحدد ما يريده بالفعل وبما يراعي حالته النفسية والمعنوية والحركية بالطبع، وما عدا ذلك يعتبر إهانة له لا يتقبلها معظم الوقت وقد تترك في نفسه جرحًا غائرًا.
- يجب الاهتمام بتوفير الجهاز أو الكرسي المخصص له؛ خاصة وأنه هو السند والعكاز الحقيقي الذي يتحرك به ويستشعر انفراده واستقلاليته وعدم تطفله على الآخرين أو تشكيل أي عبء عليهم، كما يجب الانتباه لعدم إزاحة الكرسي أو أية أداة يستعملها وإبعادها عن طريقه حتى لا يتضرر من هذا الأمر.
- عند طلب الزوج من زوجته المساعدة على نقله أو تحريكه من مكان لآخر، يجب عليه تعلم مسكات معينة يمكنها من خلالها تقديم أفضل مساعدة وبمجهود مناسب، ويفضل الحمل من تحت الإبطين للحصول على النتيجة المرجوة، وكذا عند وجوده في حيز ضيق لا يجب تقديم المساعدة إلا بحرص وحذر حتى لا يتسبب له ذلك في إصابات أو تشوهات أو جروح.
- عند الرغبة في مساعدة الزوج المعاق حركيًا فإنه من الواجب ومن الذوق أن يتم تنبيهه قبل التعامل معه بشكل مباشر أو مفاجئ، حتى لا يشعر بانه لا يملك قراره وأنه عاجز ومعاق؛ فهذا الأمر يتسبب في مشكلات نفسية بالنسبة له.
- عند التواجد في مكان مزدحم، يجب تنبيه الآخرين بلطف كي يمهدوا الطريق من أمامه، وكذا تركه يتصرف ببساطة وبحرية دون متابعته بأنظارهم؛ حتى لا يتضرر الشخص ولا يعوقه هذا الزحام عن الحصول على ما يريد ويستشعر بكونه كائنًا غريبًا عن المجتمع، وما يعود عليه نتيجة هذا التفكير من أضرار نفسية كبيرة.
- على الزوجة أن تتعلم كيفية التعامل معه بالنسبة لمكانه وموقعه منها وكذا وضعه الحالي، فمثلًا مراعاة الارتفاع المناسب للاقتراب منه ومساعدته، أو مراعاة طريقة الحركة أو دفعه أو نقله لمكان أعلى منه أو أسفل منه أو طريق منحدر يسير عليه بكرسيه، وكلها أمور تستدعي الانتباه حتى لا يتعرض هو لأذى جسدي نتيجة تغافل تنبيهه، أو أذى نفسيًا نتيجة الإفراط في الاهتمام بمساعدته.
- إن من الأمور الشائعة التي ينبه عليها الأخصائيين كثيرًا، أنه عند محادثة الزوجة مع الزوج المعاق يجب أن تكون واقفة من أمامه لا من خلفه، فهو يحب من يحادثه وجهًا لوجه، ومخالفة ذلك يجعله في حاجة للالتفات الذي يتنافى مع طبيعة حالته وبالتالي يشعر بضجر وألم نفسي أو حتى ألم عضوي نتيجة محاولته البائسة.
- يفضل مصافحة الزوج المعاق حركيًا، وعدم التعامل معه بشيء من الشفقة وكأنه عاجز تمامًا وأنه شخص شاذ عن باقي المجتمع حتى في أبسط الأمور مثل السلام والمصافحة.
- يجب على الزوجة أن توحي لزوجها بمدى قدراته وأنه القائد في المنزل وفي الحياة، ولا يجب أبدًا أن يصدر عنها أي تصرف أو لفظ يشعره بعكس ذلك حتى لا يتأذى كثيرًا.
- يجب إعطاء الزوج المعاق مساحة كافية للتعامل بحرية واستقلالية مع كرسيه والعكاز الذي يستعمله؛ إذ أن أية محاولة لاستغلالهما في أشياء أخرى أو في تحريكهما دون إذنه يشعره بالتعدي على حرماته وحريته الشخصية.
الزوج المعاق سمعيًا
إذا كان الزوج المعاق يعاني مشكلة في السمع، فإن هنالك واجبات عديدة تقع على عاتق الزوجة في التواصل معه، وهذا التعامل يفرض حسب نوع الإعاقة وشدتها وهل هي في أذن واحدة أم اثنتين، ومن ثَمَّ توخي الانتباه والاهتمام في توصيل الرسالة وفق ما يناسب حالته.
- يجب على الزوجة تجنب محادثته عن بُعد؛ إذ أنه لن يسمع لها، وإذا استمع فقد تكون الرسالة مشوهة، وكما أوضحنا أنه يجب تخير الوضع المناسب لمحادثته وتوصيل الرسالة له وفق نوع ومدى إعاقته.
- فيما سبق كان الحديث حول الإعاقة السمعية غير الكاملة، أي في أذن واحدة أو في الأذنين ولكن بقدر يسير، أما في حال كانت الإعاقة كاملة فإن الزوج المعاق يحتاج من الزوجة تعلم لغة الإشارة التي يتعلمها هو أيضًا، كما أن التحدث بحركة الشفاه أيضًا له دور كبير في الربط بين الإشارة والفم؛ ليتمكنا فيما بعد من التعايش سويًا ببساطة مقبولة.
- يجب على الزوجة في كل الأحوال التحلي بأخلاق الصبر والرضا بقضاء الله، وعدم إظهار التأفف والضجر أمامه في حال لم يستطع سماعها أو التجاوب مع نداءاتها المتكررة، وتراعي أنه يعاني أكثر منها وأن إعاقته تلك تسبب له أضرارًا نفسية ومعنوية أكبر بكثير مما يعود عليها من الضجر والملل، كما أن الأمر قد يتضاعف معه لتسبب له أضرارًا جسدية نتيجة عدم استيعابه لتنبيهات وتحذيرات الآخرين في مواقف بعينها.
- لا شك أن الصوت المنخفض كما الصوت العالي لن يوصلا أية نتيجة معه، إذ أن مشكلته في السمع بشكل عام وليس في مستوى الصوت؛ ولذا لا يجب بأي حال من الأحوال إظهار محادثته بصوت مرتفع في محاولة لإسماعه، إذ أن ذلك يترك ندبات نفسية بداخله ويجعله ينفر من التعامل مع زوجته ويستشعر نوعًا من رفض المجتمع له ويبدأ في العزلة والاكتئاب.
- على الزوجة أن تحاول جاهدةً التعامل مع زوجها المعاق وفهمه دون تدخل من طرف ثالث أو اللجوء لشخص آخر يفسر لها هذا النقاش؛ إذ أن تلك الطريقة تسبب له إحراجًا وجرحًا نفسيًا غائرًا هو في غنى عنه وعن النقاش ككل.
الزوج المعاق بصريًا
لا شك أن الزوج المعاق بصريًا أيًا كانت درجة الإعاقة مكفوف كليًا أم جزئيًا أم ضعف بصر.. إلخ، كلها دلائل على كونه إنسانًا طبيعيًا للغاية فيه من الوظائف الحيوية والحواس والعادات والتقاليد وكل أمور حياته ما يشبه زوجته تمامًا، والفرق الوحيد فقط هنا هو حاسة البصر، وعلى هذا الأساس يجب على الزوجة معاملة زوجها وألا تشعره بأي نقص أو عجز؛ ما يؤثر سلبًا على حالته المزاجية والمعنوية والنفسية.
- عند الحديث مع الزوج المعاق بصريًا، يجب مراعاة عدم التكلم بصوت مرتفع والتعامل معه بندية لعدم خشيته أو وما على شاكلة ذلك؛ حتى لا يتألم ويشعر بعظم عجزه وإعاقته.
- عند خروج الزوجة مع زوجها في مكان غريب لأول مرة، يجب عليها الاهتمام بوصف المكان والوضع العام فيه من حركة وسكون وأشخاص وقوانين ولوائح المكان وتصرفات الأشخاص وغير ذلك من أمور مهما كانت دقيقة؛ حتى لا يتألم الزوج في قرارة نفسه ويشعر أنه كالطفل يسير مع والدته وليس من حقه السؤال ولا المعرفة ولا ولا ولا، وهذه كلها أمور تسيء له نفسيًا ومعنويًا بقدر كبير.
- يتألم معاقي البصر كثيرًا حال رغبة الآخرين في تقديم المساعدة لهم من غير طلبهم ذلك؛ إذ أن هذا التصرف يجعله يفكر كثيرًا في كونه حالة شاذة وليس من السهل التعايش وسط الآخرين، وأنه معاق وعاجز وليس بإمكانه الاعتماد على نفسه وأنه في حاجة دائمة لمساعدة الآخرين وفرض نفسه عليهم، وقد يصل به التفكير حد إيذاء النفس بحجة أنه لا يستحق هذه الحياة.
- يفضل أن تترك الزوجة زوجها المعاق بصيرًا ليعتمد عليها هو ويسند على كتفها أو يمسك بيديها وليس العكس؛ إذ أن محاولة الزوجة الإمساك بزوجها وتوجيهه وإرشاده بشكل مفرط يضره نفسيًا ومعنويًا بقدر كبير.
- في حال كان يسير بمفرده في المنزل يجب تنبيهه إذا كان على وشك الاصطدام بشيء أو التعرقل فيه، كما أن على الزوجة الانتباه والحذر دومًا وإماطة أي شيء يعوق حركته ويؤذيه، وهذا الأذى لا يكون جسديًا فحسب، بل يكون نفسيًا بقدر أكبر ويفكر فيه ليل نهار.
ملحوظات هامة
يجب الحرص على توفير كافة الأدوات التي قد يحتاجها الزوج المعاق في حال غياب الزوجة، وهذه الأغراض قد تكون هاتفًا أو كوب من المياه أو علاج ما يحتاجه أو غير ذلك من أمور، مع مراعاة توفير البدائل لذلك وعدم إشعاره بكونه معاقًا وعاجزًا عن الوصول لحاجياته بمفرده.
- يجب الحرص على إعطاء كل شخص قدره وسنه وعمره والتأدب في الحديث معه مهما كان نوع ودرجة إعاقته، حتى لا يشعر أن إعاقته جعلته أقل كرامةً وقدرًا من آخرين في مثل سنه، ولربما كانوا زملاءه في يوم من الأيام.
- يفضل للزوجة مناداة المعاق بِاسمه ومراعاة إشاعة جو من البهجة والفرح والسرور داخل المنزل قدر الإمكان، وعدم تصدير جو الكآبة والألم والضجر والملل وما إلى ذلك من مشاعر سلبية تؤذيه في المقام الأول وتؤذيها والأبناء.
- تعامل الزوجة مع زوجها المعاق لا يتوقف فقط على تقديم المساعدة وتوجيه التنبيهات وأن تكون عونًا له، بل يجب أن تثقف نفسها في سبل التعامل مع الزوج معنويًا أيضًا، وأن تكون واعية بخطورة كل حركة وكل تصرف قد يقدم عليه هو أو تقدم عليه هي أو أحد الأبناء بدون فهم، وآثار ذلك النفسية والجسدية على الزوج المعاق أو الأب المعاق، ولا شك المعاملة الحسنة هي المطلوبة في جميع الأحوال ما دام الطرفان قد ارتضيا الحياة معًا، ويجب على الزوجة طوال الوقت أن تحسن من حالته المزاجية وتشعره بأنه سند حقيقي لها، وأنها ليس عبئًا ولا يشكل عائقًا على سعادتها واستقرارها ما دامت قد وافقت على أن تكمل حياتها في هذا الإطار.
زوجي معاق عقليًا
لا شك أن الإعاقة الذهنية تعد من أصعب الأمور التي يمكن للآخرين التعايش معها، لا سيَّما إذا كانت من الدرجة الشديدة التي يكون الزوج معها عدوانيًا، وفيما يلي نوضح تفاصيل أكثر حول حالة الزوج المعاق عقليًا، وسبل تعامل الزوجة معه، وغير ذلك من أمور:
- قبل كل شيء يجب أن نعلم بأن الأشخاص المعاقين عقليًا يمكنهم الزواج والإنجاب بشكل طبيعي للغاية، إذ أن الإعاقة العقلية لا علاقة لها بالقدرات العضوية للمعاق، ولكن مما لا شك فيه أيضًا أن تلك الزيجات لابد وأن تتم في إطار قانوني وتربوي مناسب حتى لا يتعرض أي من الطرفين لمشكلات حياتية تؤثر سلبًا عليهما في المستقبل.
- تختلف طبيعة التعامل بين الزوجة وزوجها المعاق عقليًا حسب نوع ودرجة هذه الإعاقة، والتي قسمها العلم إلى درجات متفاوتة فيما بينها تختلف باختلاف نسبة ذكاء كل شخص، لكن وقبل كل شيء يجب أن تعلم الزوجة قبل موافقتها على الزواج أنه معاق عقليًا لترضى أو ترفض كما تريد، حتى ولو كانت هي الأخرى تعاني من نفس هذه الإعاقة.
- اتفق أهل العلم على أن من حق الشخص المعاق عقليًا الزواج وإرضاء رغباته العاطفية وغيرها، ولكن بشروط ما، وذكروا منها ضرورة ألا يكون الطرف الآخر مصابًا هو الآخر بنفس الإعاقة؛ حتى لا يرتكبا أية أخطاء جسيمة قد تودي بحياتيهما، وأنه لابد من وجود عاقل يدير الأمور.
- يفضل أن يكون الزوج المعاق عقليًا من الدرجة البسيطة التي يمكن معها التعايش دون عدوان وأذى يوجهه للآخر أو لأبنائه فيما بعد.
- يجب على ولي أمر الزوجة أن يتفحص حالة الزوج جيدًا ليوافق على إعطائه لابنته من عدمه قبل أن تتحرك الأمور جديًا نحو إتمام الزواج، حتى لا يؤذي ابنته أو يؤذي هذا الزوج المعاق حال طلبت الابنة الانفصال لإصابته.
- يجب على الزوجة لزوج معاق عقليًا أن تحسن رعايته والاهتمام به وتقبل حالاته المزاجية وتصرفاته الغريبة الغامضة والغير مقبولة في أحيان عديدة، وما دامت قد أقرت بالموافقة على الارتباط به من الأساس؛ فإن عليها الالتزام بكافة حقوقه تجاهها وأن توفيه كل وأي شيء يطلبه في حدود المستطاع وبما لا يخالف الشرع ولا القانون ولا العادات والتقاليد، كما أن عليها ضرورة مراعاته وتوجيهه ونصحه وإرشاده بما لا يسيء له أو يجعله في موقف مهين أو مشين، وأن تكون الرحمة والرأفة هي أساس المعاملة فيما بينهما.
ملحوظة هامة: يجب على الدولة تطبيق قوانين وبنود منظمة الصحة العالمية في هذا الأمر، والتي تنصح بعدم زواج المعاقين عقليًا من درجات شديدة؛ إذ أن ناتج هذه الزيجة في غالب الأمر يكون معاقًا أيضًا نتيجة عوامل وراثية ما، ولقد أصبحت الأسر -ونحن في الربع الأول من الألفية الثالثة- واعية بما فيه الكفاية وتوافرت لهم الكثير من العلوم والمعارف والخبرات حول هذا الأمر، من حيث التعامل مع ذويهم المرضى وأبنائهم المعاقين، وكذا تعامل الزوجة مع الزوج المعاق عقليًا وذهنيًا وحركيًا، وكل هذه الأمور سهل كثيرًا في تنفيذ وتطبيق القوانين وعدم الانصياع للرغبات الشخصية التي تتسبب في إنتاج أجيال ضعيفة ومعذبة في حياتها، وهو ما لا يرضي الله ما دمنا قد ملكنا العلم الكافي الذي يمنعنا من ذلك.
أمور يجب تجنبها مع الزوج المعاق
يعاني الكثير من الأزواج المعاقين من بعض المشكلات التي تلحق بهم نتيجة سوء فهم الزوجة أو تعنتها معهم لسبب أو لآخر، ولا شك هذا الأمر عواقبه وخيمة على كلا الطرفين، ويعتبر القانون تلك الأمور جرائم محظورة ويعاقب عليها كنوع من الاعتداءات، وفيما يلي نوضح بعض تلك المحظورات:
الاعتداء الجسدي
لا يجب على الزوجة بأي حال من الأحوال الإساءة الجسدية لزوجها المعاق بضمانة عدم قدرته على رد الفعل، وهذا الاعتداء لا يقتصر فقط على الضرب، بل له أشكال عديدة مثل دفع الكرسي المتحرك والأدوات التي يستعين بها أو طرحها أرضًا أثناء استخدامه وحاجته لها، وما إلى ذلك من أمور تعود بآثار جسدية عليه.
الإهمال
إن من سبل الإساءة المحظورة شرعًا وقانونًا، أن تهمل الزوجة لزوجها المعاق الذي هو في حاجة ماسة للمساعدة أو طلب العون، ويدخل في هذا الباب رفض مساعدة الزوج المعاق وتنفيذ طلباته وطاعته والامتناع عن الامتثال لأوامره ونواهيه، كما يدخل تحت هذا البند أيضًا إهمال الزوجة القيام بواجباتها الإنسانية من حيث تدفئة زوجها أو وقايته من الحرارة أو تنظيف جسده وملابسه وإطعامه ورعايته الصحية والحرص على تزويده بالعلاج اللازم على وقته كما أمر الطبيب، وما إلى ذلك من مهام واجبة عليها.
الإساءة المعنوية
قد تلجأ الزوجة في بعض الأحيان للإساءة إلى الزوج المعاق بتصرفات مشينة نفسيًا ومعنويًا من خلال التقليل من شأنه بشكل مباشر أو غير مباشر، والإيحاء إليه بضعفه وعجزه وقلة حيلته وعدم قدرته الاعتماد على نفسه، ويدخل في هذا الشأن الألفاظ الساخرة منه وتصرفاته وحالته ووضعه ومتطلباته وطريقة تعامله مع الآخرين، كما أن الزوجة قد تسيء معنويًا إلى الزوج المعاق بأن تلغي شخصيته وتتحدث نيابةً عنه أمام الآخرين وتظهر مدى ضعفه وقلة حيلته وأن وجوده كعدمه سواء، كما لو كانت هي رب المنزل وقائده وما إلى ذلك من أمور.
التهديد
يعتبر التهديد من الأمور الشائعة التي يتعرض لها المعاقين كثيرًا لا سيما الزوجة أو الزوج المعاق وذلك نتيجة أن الطرف الآخر سأم الحياة معه أو كرهها أو يريد الانفصال أو غير ذلك من غايات وضيعة، وقد يكون التهديد بتشويه صورته أمام الآخرين أو فضحه وإحراجه بأسرار ما أو بالإساءة إليه جسديًا ومعنويًا، أو حتى التهديد بالعزل عن الأهل والأصدقاء والجيران بحجج مختلفة واهية، كما قد يكون التهديد بالامتناع عن تنفيذ مهام ومتطلبات ما يحتاجها الزوج المعاق خلال يومه.
الاعتداء المالي
وهذا المصطلح يشير إلى تعمد الزوجة الإساءة إلى الزوج المعاق من خلال سرقة ماله وتوظيفه وصرفه في غير ما يريد هو، وذلك لضعفه عن التحكم والسيطرة على واقع الأمر، وهذا التصرف يترك بنفسه ألمًا شديدًا ويشعره بمدى قساوة الإعاقة وضعفه، كما أن هذا المال قد يكون مخصصًا لعلاجه بينما هي تحصل عليه لتضيعه في سفاسف الأمور.
الاعتداء اللفظي
الاعتداء اللفظي هنا لا يمثل فقط مشكلة نفسية ومعنوية للزوج المعاق، بل إنها إساءة مباشرة من سب وقذف وإهانة وعيب وألفاظ خادشة للحياء وللكرامة يتلقاها الزوج المعاق كثيرًا حال كانت الزوجة كارهة لحياتها معه وغير متأصلة بعادات وتقاليد وأخلاقيات تمنعها عن ذلك، ويدخل تحت بند الاعتداء اللفظي كل من التهديدات والألفاظ المخيفة والمهينة.
الاعتداء العقائدي
هذا المصطلح يشير إلى ما يتعرض له الزوج المعاق من زوجته والمحيطين به من تأفف من مساعدته لممارسة الشعائر الدينية والصلوات في المسجد أو مساعدته في الوضوء طوال الوقت، وما إلى ذلك من أمور تصل بهم حد الضجر منه ومنعه الخروج أو منع مساعدته، كما أن من الاعتداءات العقائدية ما يفسره الآخرون زورًا من أن ذنوبه هي ما سببت له ذلك كعقاب من الله، خاصةً إذا كان قد أصيب بإعاقة حديثًا في حادث ما، وهذه كلها أمور مكروهة ومحظورة وكاذبة باسم الدين والشرع.
الخيانة
لا شك الخيانة من أسوأ الأمور التي قد تقع فيها بعض الزوجات ضعيفات الإيمان نتيجة عدم قدرة الزوج على ممارسة حياته الزوجية بشكل طبيعي وأنها لا تستشعر معه الأمان والسند والزوج الذي يُعْتَمَد عليه بحق؛ فتسلك طريق الخيانة الذي لا شك يمثل اعتداءً صارخًا على حرمة الزوج المعاق وعلى حرمة الأديان والقانون والشرائع جميعها.
تبقى مسألة الإعاقة سواء الحركية أو الذهنية من أكثر الأمور التي تشغل بال الكثير من الأسر التي رزقها الله بأبناء هكذا ويريدون تزويجهم ليجدوا فيما بعد من يهتم بهم ويراعيهم، ولكن يبقى الزوج المعاق أيضًا موضع حيرة لكل زوجة لا تدرك ولا تعي كيفية التعامل معه وإرضاءه نفسيًا وجسديًا وعقليًا وتوفير كافة متطلباته لتضمن له حياة هانئة، وتضمن كذا لنفسها حياة مستقرة آمنة بعيدًا عن المنغصات والمعوقات التي قد تكدر صفو حياتيهما لعدم وجود توافق، أو لعدم قيام الزوج بواجباته تجاه أسرته وزوجته على أكمل وجه، وهنا يجب أن نفرق بين الإعاقة الجسدية التي يمكن معها التعايش والإنجاب وتكوين أسرة ما وفق الحالة الصحية للمريض، وبين الإعاقة الذهنية التي تختلف مستوياتها من شخص لآخر إما شديدة أو متوسطة أو بسيطة، حيث يختلف كل شخص عن الآخر من حيث القدرة الذهنية والعقلية وإدارته للأمور وقدرته على التحكم والقيادة والتوجيه والتصرف، وهنا يجب على أولياء الأمور مراعاة كل تلك المعايير قبل تقرير زواج ابنهما المعاق من عدمه، وكذا تقدير أهل الزوجة لذلك.
أضف تعليق