الرهاب الاجتماعي هو ذلك الشعور المعتاد بالخجل المتزايد الذي يواجه أولئك الذين يقابلون أناس جدد ويتولد عن ذلك الخجل شعور متزامن بالخوف يشبه ذلك الشعور بالخوف الذي يصاحب الذين يخشون المرتفعات الشاهقة والعناكب وغيرها، ومن الجدير بالذكر أن الخوف من مقابلة أناس جدد قد يكون أمراً طبيعياً إذا ظل في حدوده الدنيا أما عندما يجعلنا نتوقف عند الاستمتاع أو يجعلنا نجد صعوبة في القيام ببعض الأمور المهمة حينها يتحول الخوف إلى رهاب اجتماعي، ولكي يتسنى لنا معرفة الفرق بين الخوف الطبيعي والرهاب الاجتماعي سوف نستعرض أعراض الرهاب الاجتماعي والتي تنقسم إلى أعراض نفسية كأن يكون المريض بالرهاب الاجتماعي قلقاً من أن يجعل نفسه أضحوكة أمام الآخرين كما تنتابه حالة من القلق الشديد قبل الذهاب لأي مناسبة عائلية أو اجتماعية ويقوم باستعراض كافة المواقف المخجلة التي قد تواجهه في أثناء تلك المناسبة وخلال المناسبة لا يستطيع التفوه بأي أمر من الأمور التي يرغب في التحدث بها وبعد انقضاء المناسبة يشغل نفسه كثيراً بالتفكير في ردة فعل الحضور حول طريقة تصرفه، وبالإضافة إلى الأعراض النفسية السالف ذكرها هناك أيضا الأعراض العضوية والتي تتجسد في إصابة المريض بالرهاب الاجتماعي بجفاف شديد في حلقه وخفقان في قلبه مع الشعور بعدم انتظام ضربات القلب وارتجاف الأيدي والتعرق، ولكي يتخلص الفرد من رهابه الاجتماعي عليه اتباع الخطوات التالية:
أساليب مواجهة مشكلة الرهاب الاجتماعي
مواجهة الأفكار السلبية
الرهاب الاجتماعي يتغذى بالأساس على الأفكار السلبية التي تراود المريض تلك الأفكار التي تجعله يرى الأشياء دائما من منحى تشاؤمي ويبالغ دوماً في تقييم المواقف والظروف؛ فالأفكار السلبية هي ذلك الوهم الذي يقوم بتحويل اللا شئ إلى حقيقة لا يوجد شك بها وتتزايد قوة تأثير الأفكار السلبية عندما يكون المريض لا يثق في نفسه ولمواجهة الأفكار السلبية يجب على المريض أن يواجه تلك الأفكار سواء كان سيقوم بذلك منفرداً أو بمساعدة المقربين منه، ومواجهة تلك الأفكار يقتضي أن يقوم المريض بتحديد الأسباب التي تجعله يخاف من مواجهة الآخرين وما السبب من وراء ذلك الرهاب الاجتماعي وبعد تحديد الأسباب بشكل تفصيلي يقوم المريض بعدها بتحليل تلك الأسباب خطوة بخطوة كأن يقوم مثلا باستعراض مناسبات اجتماعية مرت دون أي مشكلات تُذكر وبالتدريج سيستطيع المريض تبديل تلك الأفكار السلبية بأخرى إيجابية.
السيطرة الجيدة على عملية التنفس
الرهاب الاجتماعي يسبب العديد من التغيرات التي تحدث لجسم المريض بسبب القلق مثل التنفس المفرط والذي يخل بتوازن الأكسجين وثاني أكسيد الكربون ويؤدي إلى المزيد من الأعراض العضوية للقلق مثل زيادة معدل ضربات القلب والشعور الزائد بالاختناق والدوخة، وأن تتعلم السيطرة الجيدة على عملية التنفس يعني أن تبطئ من تنفسك وبالتالي تتحكم في الأعراض الجسدية للقلق مما يساعدك على البقاء هادئا في المناسبات الاجتماعية عندما تكون محط لأنظار الجميع، وللسيطرة على تنفسك يمكنك القيام ببعض تمارين التنفس كأن تقوم بالجلوس بشكل أكثر راحة على أن يكون ظهرك في وضع مستقيم وأكتافك مسترخية ثم تستنشق الهواء بشكل بطئ وبعمق عن طريق الأنف لمدة أربع ثواني ثم توقف تنفسك لمدة ثانيتين وتخرج الزفير ببطء عن طريق فمك لمدة ست ثواني، وعليك بالاستمرار في التنفس عن طريق الأنف وإخراج الزفير من الفم لتحافظ على نمط تنفس هادئ ومعتدل، وبالإضافة إلى تمارين التنفس السالف ذكرها يُمكن كذلك لمريض الرهاب الاجتماعي أن يلجأ لتمارين اليوجا والاسترخاء حيث تساعد تلك التمارين على استرخاء العضلات وبالتالي عدم التشنج في المناسبات الاجتماعية كما أن تلك التمارين من شأنها أن تصفي الذهن وتجعل مريض الرهاب الاجتماعي أقل تشوشاً.
بناء شبكة علاقات جديدة
الرهاب الاجتماعي هو مرض ضعيف ويمكن مواجهته بأقل السبل وكما يتغذى الرهاب الاجتماعي على الأفكار السلبية فهو يتغذى كذلك على ضعف المريض وعلى وحدته وعدم ثقته بذاته وفي حال تعزيز وبناء شبكة علاقات اجتماعية جديدة سيختفي هذا المرض بالتدريج ومع الوقت سيخرج من حياتك نهائيا ولكن يجب الحذر منه واتخاذ كافة الإجراءات الاحتياطية، ومن سبل محاربة الرهاب الاجتماعي بناء شبكة علاقات جديدة وإيجابية هذه الشبكة يمكن للمريض تكوينها من خلال حضور دورات تدريبية على المهارات الاجتماعية كما يمكن للمريض تكوينها في أثناء التطوع لفعل شيء إيجابي مفيد وإيجابي للمجتمع حيث سيستطيع من خلال تلك الأنشطة الانخراط مع الناس والانضمام لأصدقاء أكثر إيجابية يمكنهم وقتها أن يشاهدوا الجانب المشرق من شخصية المريض وكذلك تقويم الجوانب السلبية وإصلاحها.
تغيير نمط الحياة إلى الأفضل
إذا قمنا بافتراض أن الرهاب الاجتماعي هو صديق سيئ للمريض يصاحبه حيث يذهب ويعكر عليه صفو حياته فإن تغيير نمط تلك الحياة هو الطريق المثلى للتخلص من هذا الصديق الثقيل؛ ومن الأمور التي تساعد على تغيير نمط الحياة نحو الأفضل؛ الحد من شرب المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل الشاي والقهوة والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة وذلك لأن تلك المشروبات تزيد من أعراض القلق كما يجب الابتعاد عن تناول المشروبات الكحولية والإقلاع عن التدخين وذلك لأن النيكوتين يعد محفز قوي للقلق ويعد الحصول على القسط الكافي من النوم من الأمور الجيدة التي تجعل المرء هادئاً وأكثر راحة كما أن النوم بشكل صحي يجعل المخ أقل إرهاقاً وبالتالي أقل تشوشا، بالإضافة إلى ما سبق تعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام من الأمور التي تجعل المريض يتمتع بجسد هادئ وعقل منظم.
طلب الاستشارة من الطبيب المختص
الرهاب الاجتماعي في مراحله المتطورة يمكن أن يتحول إلى هلع وفي هذه الحالة يكون المرض قد استفحل بشدة وتحول إلى مرض نفسي عُضال لن تنفعه الإرشادات السابقة وإنما يجب طلب العون من الطبيب النفسي المختص ولكن يجب أن يتأكد المريض أن الطبيب لن يستخدم مع حالته الأدوية فقط؛ فالرهاب الاجتماعي لا يشبه مرض الاكتئاب والذي من الممكن أن يزول بالأدوية وإنما يجب أن تنتفي أسباب المرض أولا حتى يُغادر المريض، ولذلك يجب على الطبيب أن يستعين بالأدوية جنباً إلى جنب مع العلاج المعرفي السلوكي والذي يتم عبر جلسات جماعية يعقدها الطبيب من أجل تعزيز ثقة المريض بنفسه ويستخدم خلالها الفيديو والمقابلات الوهمية وغيرها من المواقف التي تجعل المريض يخاف من العالم الواقعي والهدف من هذا العلاج هو أن يثق المريض في قدراته الاجتماعية ويتأكد أن العالم الخارجي ليس كما يراه في ذهنه، أما العلاج بالأدوية فيرتكز على تناول حاصرات بيتا وهي مجموعة واسعة من المركبات الكيميائية تعمل على منع تدفق الأدرينالين الذي يحدث بسبب الخوف ويستطيع هذا المستحضر التأثير على الأعراض الجسدية للقلق مثل ارتجاف الأيدي وعدم انتظام ضربات القلق، ويمكن كذلك تناول مضادات الاكتئاب وذلك للتأثير على الأعراض النفسية للرهاب الاجتماعي.
جملة القول أن الرهاب الاجتماعي ليس بالقوة الذي يجعلك تهاب مواجهته؛ فكل ما عليك القيام به هو اتخاذ خطوة واحدة فقط صوب العلاج تلك الخطوة سوف تجعلك تشعر بأنك أقوى وسوف تعزز من ثقتك بذاتك وبعد تلك الخطوة سوف تبدو كل الخطوات سهلة وسوف يختفي هذا المرض من حياتك، ولكن الخوف من مواجهته سوف يجعلك تخسر الكثير فكل موقف مررت به وخشيت مواجهته يزود من قوة هذا المرض ويجعل عملية التخلص منه أكثر صعوبة.
أضف تعليق