تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الصحة النفسية » الرغبة في الصراخ : كيف نتخلص من مشاكلنا عن طريق الصراخ ؟

الرغبة في الصراخ : كيف نتخلص من مشاكلنا عن طريق الصراخ ؟

هل كنت تعرف أن الصراخ هو علاج نفسي معروف للتنفيس عن الغضب والمشاعر السلبية؟ في الحقيقة الرغبة في الصراخ التي تنتابنا قد تكون مؤشرًا على وجود خلل نفسي ما.

الرغبة في الصراخ

الكثير من الناس في أحيان كثيرة تأتي لديهم الرغبة في الصراخ بشكلٍ ملح وبطريقة ليست طبيعية، وفي الغالب يتم كبت هذه الرغبة باستمرار، لأن هذا بالنسبة للآخرين سيكون درب من دروب الجنون. ولكن المشكلة أننا نفاجأ بعد ذلك بمشكلة صغيرة جداً جعلت نفس هذا الشخص يتعصب جداً ويبدأ في الصراخ بصورة هستيرية مما يسبب له المشاكل غالباً، لأن أحد لا يفهم أن هذا الصراخ القوي ليس سببه الموقف الذي حدث بل السبب الرئيسي هو الرغبة في الصراخ التي تم كبتها داخل النفس البشرية. هناك قانون في الفيزياء يقول إن “الضغط يولد الانفجار”، هذه المعلومة حقيقية جداً فيما يتعلق بالمشاعر أيضاً. ولذلك في هذا المقال ستتعرف عزيزي القارئ على المشاعر التي تدفعنا إلى الرغبة في الصراخ حتى تكون الأسباب واضحة أمامك لتعرف كيف تميزها وتتخطاها. لأنك ببساطة إن عرفت المرض عرفت العلاج، فتابعنا حتى تتعرف على كل الحالات النفسية التي تجعلك تفعل ذلك.

كيف تؤشر الرغبة في الصراخ على وجود مشكلة نفسية ؟

الكبت النفسي

هناك كتاب مشهور للعلامة والعالم النفسي فرويد يدعى “الكبت النفسي“. مجمل هذا الكتاب يوضح للناس حالات التحليل النفسي التي جاءت إلى فرويد في عيادته، وكانت كلها غالباً حالات شاذة وعنيفة. وكان الأساس هو الكبت النفسي أو الانغلاق على المشاعر التي يشعر بها الشخص وعدم التعبير عن هذه المشاعر في وقتها، لتتراكم هذه المشاعر السلبية على بعضها لينتج لنا في الأخير شيء اسمه “العقدة النفسية”. من ضمن الأعراض الشائعة في كل حالة مرض نفسي أو كبت نفسي عادة تكون الرغبة في الصراخ، ولذلك الموضوع هنا يعد عرض لمرض. فالكبت النفسي نفسه لم ينتج من الهواء بل نتج عن القمع وأحياناً من الضرب وكل حالة تختلف عن الأخرى. ولكن في النهاية يتكون لدى المريض عقدة نفسية وحتى الصراخ لن يكون علاج وقتها لأنه تم كبته. ولذلك وللأهمية أريد أن أنوه على أهمية عدم كبت مشاعرك على الإطلاق، بل يجب عليك أن تفرغ مشاعرك في شيء وسنقول لك كيف تفعل هذا في أخر المقال.

الشعور بالوحدة

من ضمن المشاعر المميتة للنفس البشرية هي الوحدة، فلا جدل حول أن الكائن البشري هو كان اجتماعي. لذلك عندما يشعر الشخص أنه وحيد فهو هنا يصارع نفسه ويصارع الآخرين، وينقسم الشخص على نفسه ليصير شخصين. شخص يريد أن يتفاعل مع المجتمع وفي المقابل شخص يكره المجتمع ويتكلم مع نفسه كثيراً. شخص ناقم على المجتمع الذي لا يعلم كيف يكون داخله وشخص أخر يريد أن ينتهي من هذا الصراع الداخلي. ومن هنا النفس البشرية تريد أن تشتكي والأفكار التي تزاحم العقل تريد أن تخرج، ولكن إلى من تخرج والإنسان وحيد؟ ولذلك غالباً الشخص الوحيد يريد بشدة أن يصرخ دائماً وهو غالباً يفعل ذلك في مكان ما ولكنه لو لم يفعل ذلك سيكون نوع من الكبرياء. وحين يقاوم إحساسه بالتدريج، الرغبة في الصراخ ستزيد إلى أن يتحول هذا الشخص إلى شخص عنيف ضد المجتمع لأن بداخله طاقة لا يعرف كيف يخرجها. ولذلك أي احتكاك سلبي مع المجتمع سيجعله عدواني ليس بسبب الموقف بل بسبب كبته لشعوره.

لشعور بالفقد

الكثير من الناس يفقدون أشياء عزيزة عليهم ولكن الفقد الأكثر صعوبة وألماً هو فقد الأشخاص، هنالك أشخاص فقدانهم يعد توقف لعقرب الزمن والحياة. ويبدأ الشخص في الشعور بالوحدة الشديدة بدون هذا الشخص، وهو يتصور أنه لن يراه بعد الآن. وهذا الموضوع يظهر جلياً في موت الأب عادة، فالأب هو ظهر المنزل سواء لزوجته أو لأبنائه، فالأب صمام الأمان المحكم طالما يعيش إذا الكل يشعر بنوع من الأمان لن يدركونه سوى بفقدانه. وهناك أمثلة أخرى كثيرة تؤثر جداً في شخصيتنا من ناحية الفقد، ولذلك وبعد كمية اللغط الذي يتكون داخل النفس البشرية في هذا الوقت، سيكون لدى الشخص رغبة عارمة في الصراخ وأحياناً كثيرة يظهر هذا في الجنازات. وأحياناً أخرى يظهر في صورة صراخ وغضب مستمر لدي الأشخاص الذين يشعرون بالفقد، لأنهم يشعرون دوماً أنهم وحيدون دون فلان الذي فارق الحياة. ومن الممكن أن فقدان الفرص أيضاً يسبب نفس الصراخ ولكنه يكون عابر، حيث بعد الضغط والمحاولات الشديدة لإنجاح شيء ولكن على الرغم من ذلك يفشل تجد أحدهم صب كل غضبه في صرخة عالية مخيفة.

الحزن الشديد

وهذا من ضمن أصعب أسباب الرغبة في الصراخ، وهو غالباً يكون مصاحب لحالات الاكتئاب. وهناك نوعين من الحزن، نوع معروف سببه ونوع أخر غير معروف سببه. بالنسبة للنوع الأول فهو غالباً يكون عابر وغير مؤثر ولن يشعر الشخص فيه بالرغبة إلى الصراخ، ولكن النوع الأخر والذي هو الحزن غير معلوم السبب يكون هو المشكلة. وكمثال هناك دراسة حدثت في 2016 على الجينات وعلاقتها بأنها قد تكون سبباً في الاكتئاب، والمفاجأة كانت أن فعلاً هناك جينات تكون مسئولة عن حالات الحزن طويلة الأمد. ولذلك فإن الحزن أحياناً الغير معلوم سببه يكون أمراً جينيًا، مجرد أن طبيعة جسدك تفرض عليك الحزن والأمر يكون متوارث لا أكثر. وفي مثل هذه الأنواع تكون الرغبة في الصراخ عرض ملازم دوماً للشخص، وحتى بعد الصراخ لن يهدأ الحزن إلا قليلاً ومن ثم ستجد الشخص عاد لمرحلة الحزن ثانياً وسيصرخ أيضاً، وهكذا تكون دائرة مغلقة من الحزن والصراخ. المشكلة هنا أن مثل هؤلاء يعتبرهم الآخرين بأنهم مبالغين أو مجانين، ولو كنت تقرأ هذا المقال فلا تحكم على الأمر بسرعة لأنه يكون وفي أوقات ليست بالقليلة خارج إرادتهم.

الرغبة في الصراخ أثناء الألم

هناك غالباً وأنت داخل مشفى ستسمع كثيراً صوت صرخة في وسط هدوء المشفى المطلق. وهنا تكون الرغبة في الصراخ مصحوبة بدافعين، الأول هو التعبير عن مدى الألم الذي يشعر به المريض والثاني هو أن الصراخ يريح المريض نفسياً. حيث أنه يشعر بأن هذه الصرخة تخلصه من جزء من الألم. وهنا الأمر لا يكون عن رغبة نفسية قدر أنه يكون رغماً عن المريض الذي لا يقدر على الاحتمال. وكمثال بسيط على هذه الحالة هي السيدة الحامل التي تصل لمرحلة المخاض حيث يحدث لها انقباضات الولادة المعروفة، لنجد المرأة تصرخ بشدة غير مسيطرة على نفسها أو على فمها هي فقط تريد أن تصرخ من الألم.

التعبير عن الصراخ بصورة غير مؤذية للآخرين يحتاج نوعاً ما وعي وذكاء، لأن البشر غير معتادين على الشخص الذي يصرخ في وسط الشارع لمجرد أن جاءته الرغبة في الصراخ. ببساطة حاول أن تذهب إلى مكان بعيد لا يمكن لأحد أن يسمعك فيه وأصرخ بشدة فهذا سيكون رائع بالنسبة لك. ولكن لو افترضنا أن الرغبة في الصراخ جاءت لفتاة ليس لها الإمكانية أن تذهب في مكان بمفردها بعيد، هنا أيضاً يجب أن تستغل الفتاة أي مكان فارغ أو عندما تكون وحيدة داخل بيت أهلها وتصرخ. وصدقني أيها القارئ الأمر ليس جنوناً أن تصرخ، فالجنود بعد النصر يصرخون من انتشاء النصر واللاعبين يصرخون عند الفوز ولا أحد يتكلم معهم لأنهم يعرفون أن هذا طبيعي. وهنا أنا أقول لك أن الرغبة في الصراخ وقت الحزن شيء طبيعي.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

ستة عشر − إحدى عشر =