ليس هناك خلاف طبعًا على كون الرسوب الدراسي واحدة من أكثر الأشياء التي نهرب منها باستمرار ونُحاول ألا تكون مُلازمة لنا في حياتنا، لكن في النهاية نجد أن أكثر ما نهرب منه يكون أكثر ما يحدث لنا، حيث أن الرسوبالدراسي لا يترك أي شخص حتى ولو جاء في صورة بسيطة كالفشل فقط في سنة من السنوات وبشكل خاطف، إذ أنك بالتأكيد ستشرب في يوم من الأيام من هذا الكأس، لكن النقطة الهامة هنا أن تفعل ذلك وأنت مُجهز كل الجاهزية للتعامل معه، وهنا نحن نتحدث عن نفسيتك التي يُمكن أن تُدمر بشكل كبير حال حدوث الفشل أو الرسوب، وهو ما سيقودك إلى فشل أكبر أنت بالتأكيد في غنى تام عنه، ولذلك دعونا في السطور القليلة المُقبلة نتناول سويًا كيفية التعامل مع الرسوب الدراسي بالصورة المثالية الدقيقة وبأبسط طُرق مُستخدمة، فهل أنتم مستعدون لهذا الموضوع الهام؟ حسنًا لنبدأ.
استكشف هذه المقالة
ما هو الرسوب الدراسي ؟
في البداية يجب علينا التعرف على المقصود بمُصطلح الرسوب الدراسي أو المدرسي حتى نكون قادرين لاحقًا على التعامل معه بالصورة الدقيقة المُلائمة، فالرسوب يعني ضمنيًا السقوط أو التأخر، عندما تقول هذا الطالب قد رسب فأنت هنا تصفه بأنه لم ينجح في تخطي مرحلة من المراحل عندما سقط في المرحلة السابقة، إذ أن عملية الدراسة أساسًا تُشبه البناء المُكمل لبعضه البعض بصورة كبيرة، لكي تنجح في الوصول إلى الصف السادس الابتدائي مثلًا فإنه عليك تخطي الصف الخامس الابتدائي، أما إذا فشلت في تحقيق النجاح في الصف السابق فلن يكون من نصيبك الوصول، ومن هنا يوصم الرسوب أو الفشل ويتم اعتباره من الأمور السيئة التي يجب الهرب منها باستمرار.
فكرة سوء الرسوب الدراسي والكره الشديد له ومحاولة الهرب منه تنبع أساسًا من كونه يُضيع الجهد الكامل للسنة التي تسبقه، والحقيقة أنه ليس هناك أشد وأكثر سوءًا من إضاعة سنة في عمر البشر، أيضًا الرسوب يجعل الآخرين ينظرون لك نظرة سيئة بعض الشيء، أنت بالتأكيد لا تُريد تلك النظرة ولا تُريد أن ينظر إليك أي شخص بنوع من أنواع الاستهتار، ولهذا فإنه غالبًا ما يكون الهرب من الرسوب مقترنًا بالبحث عن الكرامة، وفي كل الحالات نحن لن نعاني عند الرسوب أكثر من مُعاناة أهلنا، فهم أيضًا يذوقون من نفس الكأس، ولكل هذا الرسوب آخر شيء تتمنى حدوثه لك.
الرسوب الدراسي وأسبابه
لا شك طبعًا أن حدوث الرسوب المدرسي أمر لا يأتي من قبيل الصدفة البحتة، وإنما تكون هناك بعض الأسباب التي يُمكننا الزعم بأنها تقودنا إليه، فكل شيء في هذا الكون يمتلك أسبابه بما في ذلك الرسوب، وأهم هذه الأسباب الإهمال والتقصير.
الإهمال والتقصير في المذاكرة
السبب البديهي لحدوث الرسوب المدرسي أن تكون عزيزي الطالب مُهلًا ومُقصرًا في أهم عملية يُمكن القيام بها خلال أداء حياتك كطالب، والحديث هنا عن المذاكرة، فبكل تأكيد نحن ندرس لنذاكر ثم ندخل الامتحان من أجل الاختبار فيما ذاكرناه، لكن البعض، بل الأغلبية في الحقيقة، يُهملون في عملية المذاكرة تلك ولا يقومون بها بالشكل المطلوب، وهذا لا يقود سوى للتقصير وعدم القيام بحقوق الطالب كاملة، وخلال الامتحانات ينعكس ذلك على الأداء ويظهر في صورة فشل وعجز عن الإجابة على الأسئلة، وأخيرًا يأتي الرسوب الذي يبدو بعد كل ذلك نتيجة منطقية ليس هناك أدنى اعتراض عليها.
الاستهتار بعملية الدراسة من أهم أسباب الرسوب الدراسي
بعيدًا عن الإهمال والتقصير فإنه من ضمن أسباب الفشل أيضًا أن تكون مستهترًا بعملية الدراسة بالكامل، أنت هنا لن تذاكر لأنك لا تمتلك وقتًا أو تُفضل شيء آخر عن المذاكرة، وإنما لأنك في الحقيقة تستهتر تمامًا بعملية الدراسة وتجدها بلا قيمة، وبالتالي لا تستحق الوقت والجهد، وإذا كنا سننظر للأمر من هذه الزاوية فسنجد أن البعض يظن فعلًا أن الدراسة عملية بلا جدوى بالوضع في الاعتبار حالة سوق العمل الآن وعدم نظره إلى الشهادات والبحث فقط عن القدرات والإمكانيات التي يُمكن الحصول عليها من طرق أخرى وليس فقط المذاكرة، وبغض النظر عن صحة هذه النظرة من عدمه فإنها تظل في النهاية أحد الأسباب القوية خلف الرسوب المدرسي الذي نتحدث عنه الآن.
اتباع فئة من الفاشلين
غالبًا ما يكون الرسوب الدراسي بسبب إهمال وتقصير وسوء الشخص الراسب، لكن دعونا لا ننسى في نفس التوقيت عنصر في غاية الأهمية والتأثير، وهو عنصر الأصدقاء، فهؤلاء أيضًا يُحددون رسوبك من عدمه، إذ أنه في حال اتباعك للفاشلين فإن الوضع لن يكون سوى الإصابة أيضًا بالفشل، والصاحب ساحب كما سيقولون، وإذا كان فاشلًا فإن طريقك الذي يسحبك إليه هو الفشل أيضًا، في النهاية أنت كطالب لن تكون لديك القدرة الكافية على تحديد مدى خطورة هذا الأمر، ولهذا نُحذرك منه هنا ونُذكرك بأنه ضمن الأسباب التي تجعلك في نهاية العام الدراسي أمام الرسوب المدرسي الأليم.
فقدان التركيز خلال الامتحانات
خلال الامتحانات، وإذا كنت غير مُقصر أو مهمل في مذاكرتك، فلا يُمكنك أيضًا ضمان النجاح وتحقيق أعلى الدرجات، بل يُمكن أن ينقلب الأمر تمامًا وتجد نفسك في النهاية أمام الرسوب المدرسي، وهذا سوف يحدث لسبب قد يبدو بسيط وليس له أي علاقة بالنسبة لك ولكنه مؤثر كل التأثير في الواقع، والحديث هنا عن فكرة فقدان التركيز خلال الامتحانات، فالطالب قابل للتعرض في أي وقت لمشاكل عائلية أو حتى مشاكل شخصية، تلك المشاكل ستجعله يفقد تركيزه حتى ولو كان مُعتادًا على المذاكرة وشديد الاهتمام بدروسه، لكن تلك المرحلة بالذات هي التي تُحدد كل شيء والفشل فيها يعني الفشل في كل شيء، يعني حدوث الرسوب المدرسي.
كيفية التعامل مع الرسوب الدراسي؟
الآن نحن بتنا نعرف جيدًا عن الرسوب الدراسي ونعرف الكثير من الأسباب التي تؤدي إليه، فقط ما نُريد التعامل معه الآن بصورة جيدة ردة الفعل التي تأتي بعد ذلك الرسوب وما يُمكن أن تقود إليه، ببساطة، نحن نبحث عن كيفية التعامل بطريقة مُثلى مع الرسوب، وهذا يحدث من خلال عدة طرق أهمها تقبل الأمر الواقع.
تقبل الأمر الواقع
ليس هناك شك في أن الطريقة المُثلى للتعامل مع الخطر أن تعترف أساسًا بأنه ثمة خطر، ونفس الأمر ينطبق على الرسوب الدراسي أو الفشل، فلكي تتعامل مع الفشل عليك الاعتراف بتواجده، وهو أمر سيحدث عندما تتقبل بأنك قد رسبت بالفعل وأنه ليس هناك أي شيء بيدك كي تعود إلى الوراء وتُعيد السنة مجددًا، وحتى لو كان بمقدورك إعادة السنة الدراسية فتلك الإعادة سوف تكون إعادة ثانية بعد إضاعة كامل من عمرك، وعلى الرغم من أن الوضع قد يبدو قاسيًا بعض الشيء إلا أن التعامل معه ضروري للغاية قبل الاستمرار في حياتك والبدء مجددًا، إذ أنه من الواجب عليك الانطلاق من نقطة حقيقية، والنقطة الحقيقية الوحيدة هنا أنك قد فشلت، وأن هذا الفشل قد أصبح أمرًا واقعًا.
البدء في التحسن السريع أهم خطوات التعامل مع الرسوب الدراسي
السرعة هنا سوف تكون سلاحنا الثاني الهام في التعامل في فكرة الرسوب المدرسي، ففكرة البدء في التحسن تُعتبر بالتأكيد أمر مفروغ منه، لكن التحسن السريع هو ما نبحث عنه هنا حتى يكون التعامل على قدر الفشل، كما أن إظهار نتائج التحسن بشكل أسرع يجعل من حولك، وخاصةً أسرتك التي تألمت لرسوبك، يشعرون بأن شيء ما سيتغير وأن الفشل لم يكن نهاية الكون كما كانوا يتوقعون، والتحسن السريع لن يكون بالتسرع الذي سيؤدي إلى الفشل مجددًا وارتكاب الأخطاء، وإنما الوقوف في البداية على أرض الواقع والانطلاق من نقطة ثابتة، الفارق هنا أن الانطلاق سوف يحدث بسرعة نسبيًا.
وضع خطة للتفوق الكاسح
التفوق الكاسح بكل تأكيد سوف يكون هدفنا بعد تحقيق الرسوب الدراسي ، ففي المحاولة التالية لن يكون من الملائم أبدًا الاكتفاء بمجرد المحاولة، وإنما لابد من العودة بصورة أكبر وأكثر تأثيرًا، العودة بشكل كاسح وقوي، وهذا طبعًا لن يتم بطريقة عشوائية متسرعة، إذ أنه لابد أولًا من وضع خطة لهذه المرحلة تتضمن نقاط انطلاق ونقاط توقف، أهم ما يُمكن فعله وأهم ما لا يُمكن فعله، الأشخاص الذين يجب الابتعاد عنهم أو أولئك الذين يُمكن التقرب منهم في هذه المرحلة، كل شيء يُمكن أن يُخطط له بشكل مُسبق سوف يكون موجود لدينا خلال عملية التعافي من الفشل الدراسي والتعامل معه، المهم أن يكون وضع الخطة به شيء من الخبرة، لذلك يُمكنك الاستعانة بآخرين على دراية بالأمر أكثر.
الاستفادة من الفشل
لا شك أن الأسوأ من الفشل ألا تُحقق الاستفادة القصوى من هذا الفشل، أجل عزيزي القارئ، يُمكن في أحيان كثيرة أن يكون الفشل بابًا للاستفادة لاحقًا، بل إن الأشخاص الناجحين في أي مكان وزمان لابد وأنهم قد مروا مُسبقًا بحالات من الفشل، لكن ما جعلهم ينجحون لاحقًا أنهم لم يُمرروا هذا الفشل مرورا الكرام وتوقفوا عنده للاستفادة منه، ولكي نكون منطقيين فإن أول شيء ستفعله بصورة تلقائية أنك لن تفعل ما كنت تفعله في التجربة الماضية التي انتهت بفشلك، بيد أن ما نطلبه منك بشكل إضافي هنا أن تبتعد عن كل شيء ارتبط بحالة الفشل تلك، الأصدقاء الفاشلين والأفعال السيئة التي قمت بها كذلك، ففي النهاية كل الأمور مترابطة، هي كتلة تقود إلى نتائج متراكمة، ونتيجة تخلصك من حالة فشلك سوف تظهر طبعًا بنجاح.
عدم تضخيم الحدث بشكل مُبالغ
من أجل الحالة النفسية الخاصة بك فإنه من الواجب طبعًا أن تتعامل مع الحدث دون تضخيم، صحيح أن الرسوب الدراسي أمر سيء جدًا ومُرهق لكن اعتباره نهاية الكون الشيء الأسوأ بكثير، إذ أنك حال القيام بذلك فسيبدو الأمر وكأنك تضع نهاية لحياتك، بعض الناس يُفكرون في إيذاء أنفسهم بالفعل والبعض الآخر يبتعدون عن كل شيء ينبض بالحياة، البعض أساسًا يُنهي رحلته التعليمية ويظن في قرارة نفسه أن كل شيء قد انتهى وأن الحالة التعليمية لم تعد مناسبة له، وكل هذا بالتأكيد يأتي بسبب التضخيم الذي يجب عليك الابتعاد عنه تمامًا طوال فترة الفشل الدراسي أو أي فشل بشكل عام، بل ومن الأفضل الابتعاد عن الأشخاص الذين يساعدون كذلك في حالة التضخيم هذه، هكذا سينجح الأمر بصورة كبيرة.
أضف تعليق