تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الصحة النفسية » كيف تتغلب على شعور الخوف من الموت الذي قد يأتيك فجأة؟

كيف تتغلب على شعور الخوف من الموت الذي قد يأتيك فجأة؟

يلازمنا جميعًا شعور الخوف من الموت وما يصاحبه من ذعر مرير يجعل الحياة صعبة وحزينة بشكل إضافي على صعوبتها وحزنها، فهل من وسيلة للتغلب على هذا الخوف؟

الخوف من الموت

يباغتنا جميعًا السهم الذي يرشق في أعناقنا وهو شعور الخوف من الموت الملازم لكل كائن حي واعي بحياته ويرى أسلافه ذهبوا في باطن الأرض بينما هو يضع في حسبانه أنه سيذهب مثلهم ولن يظل كثيرًا على ظاهر الأرض، لذلك لا تدري هل الحياة فترة مؤقتة في حياة الإنسان بينما العدم هو مصيره الأساسي وموطنه الأصلي، أم أن الحياة التي نحياها ما هي إلا فصل من مسرحية كبيرة تدار دون علمنا وهناك حياة أخرى بعد الموت ربما حيوات أخرى خضناها قبل حياتنا هذه ولكن ذاكرتنا الحالية غير مجهزة لاستيعابها؟ سنتحدث بالتفصيل عن كل ما يتعلق بهذا الموضوع في السطور التالية

لماذا قد نخاف من الموت؟

الخوف من الموت شيء طبيعي ولابد منه وما من إنسان لا يخشى الموت، كيف لا وهو يعرف أن كل إنجازاته وحياته الممتلئة والمزدحمة عن آخرها ستفنى وتذهب للعدم وربما لن يتذكرك أحد بعد موتك بأيام وسيأتي يوم من الأيام سيفنى أيضًا كل من عاصروك وستمحى كل آثارك التي كانت تدل على وجودك في الدنيا، وهذا قد يوحي إليك بعبثية هذه الحياة وانعدام أي قيمة أو جدوى لها،ولعل هناك عدة عناصر أخرى مسيطرة على الموضوع يمكن أن نجملها في النقاط التالية:

الموت حتمي

إحدى أهم دوافع الخوف من الموت هو أنه حتمي ولا مفر منه، هو النهاية الطبيعية لكل حي على وجه الأرض مهما حاول الفرار منه بل مهما حاول تأجيله أو تأخيره قليلا فلا مهرب منه ولا ملجأ إلا إليه، مهما حاولت أن تحرص على صحتك ستموت في النهاية، سواء دخنت أم لم تدخن، أدمنت على الكحوليات أم لم تدمن، أطلقت نفسك على أكل اللحوم والدهون والسكريات أم اتبعت الغذاء النباتي، مارست الرياضة أم استسلمت للكسل، كل هذه الأمور يمكنها أن تعجل بالموت نوعًا ما أو تؤخره، لكنها لا تستطيع أبدًا إبعاده عنك، دائمًا يوجد نهاية.. ولابد من المرور بها.

الموت مفاجئ

أسوأ ما في الموت أنه مفاجئ، والخوف من الموت دائمًا يجعلنا نخاف من الحياة، ونخاف من الإقدام على أي إنجازات أو البدء في أي مشاريع، يجعلنا نحاول أن نعيش اليوم بيومه فحسب، وأسباب الموت متعددة ولا تنتظر، بل إن كل شيء في عصرنا الحالي يعد سببا للموت، حتى الطعام والشراب، مجرد مرور الطريق، يمكنك أن تتفجر في عملية إرهابية وأنت ليس لك ذنب على الإطلاق، ربما وأنت تقود سيارتك على الطريق أو مسافرا بالقطار أو الطائرة، كل شيء يمكن أن يحدث لدرجة أنه من الاستثناء أن تنجو وتموت على فراشك، هذا ما قد يستدعي الخوف من الموت أكثر وأكثر.

الموت رحلة إلى المجهول

من محفزات ذعر الخوف من الموت أيضًا هو أن الموت رحلة إلى المجهول حيث ليس لدينا أي فكرة حقيقية عما سيحدث بعد الموت ولا يمكننا التنبؤ به على وجه التحديد أو استنتاجه أو تخمينه بحيث لم يعد أحد من الموت كي يخبرنا ما الذي حدث معه وهذا هو الجزء المرعب في المسألة، يا ترى كيف سيكون الحال بعد الموت وهل سيكون أفضل أم أسوأ؟ وإن كان هناك حياة أخرى، هل سينتابنا الحنين إلى حياتنا السابقة؟ أم سننساها كأنها لم تكن من الأساس؟ أم أن الحياة بعد الموت ستكون عذاب أبدي وجحيم سرمدي لا ينقطع؟ المسألة فعلا محيرة مما يجعل الخوف من الموت هستيريا لا تفارق الإنسان طالما تفتح وعيه في الحياة.

الموت فراق للأحبة

البشر مخلوقات عاطفية، شديدة التعلق بالآخرين، لا يمكننا أن نعيش حياتنا دون أن نتعلق بأشخاص آخرين سواء كانوا عائلة أو أصدقاء أو أحباء أو أبناء أو غير ذلك، كل ما يمكن للإنسان أن يقوم به من أجل شخص آخر قد يتبخر في لحظة بسبب عدم وجوده معه، ربما ما يفعله معه لن يلحق بأثره عليه بسبب الموت، كما أن فراق الأحبة لا يصيب الإنسان بالخوف من الموت فحسب بل يجعله يخاف على موت أحبته، بل ويخاف أيضًا على شعور أحبته من بعد موته ولوعتهم وحزنهم وكسر قلبهم من بعده، ويخاف إن كان مسئولا عنهم أو يقوم بسد احتياجاتهم أن يحيلهم للمشقة والتعب من بعده، كم هي الحياة سخيفة وباعثة على الخوف من الموت وكراهيته وبغضائه بسبب هذه النقطة فقط.

هل الحياة جميلة بما يكفي؟

لا أحد يعتقد أن الحياة جميلة بما يكفي أو أن الخوف من الموت ناجم عن الحياة المثالية الرائعة التي يعيشها الإنسان، ولا ريب أن كل ابن آدم مر على هذه الحياة من قبل فكر في الموت كبديل لمعاناته في الحياة ولو لمرة واحدة على الأقل في حياته عندما وضع في موقف صعب أو مر بمحنة عظيمة، ولكن جهلنا بالموت وكنهه وللأسباب التي ذكرناها سلفا ولتعلقنا الشديد بالحياة وتأقلمنا عليها كل هذا يجعلنا نخاف من الموت ونحب تواجدنا في الحياة مهما كانت صعبة أو مكسوة بالمعاناة لأننا أخيرا نجد متعة في عيشها وحتى في مشكلاتها وبحثنا عن حلول لهذه المشاكل ومحاولة تذليل الصعاب من أجل حياة أفضل أو بلفظ أكثر دقة بحياة أقل وجعًا.

ما هو أكثر شيء مخيف في الموت؟

الشيء الأكثر إخافة في الموت هو الألم الذي يصاحبه، ألم الفراق والدراما التي تصاحبه وأنك في لحظة تكون واعيًا وفي لحظة أخرى تكون بين يدي الله، فهل من الممكن أن تنتهي تلك الحياة الحافلة بالإنجازات والأحلام والطموحات والعواطف والمشاعر والانكسارات والهزائم في لحظة كأنها لم تكن من قبل؟ شيء لدى الإنسان يجعله يظن أنه قد خلق للخلود ولابد من أن يتعامل على هذا النحو لذلك الخوف من الموت ليس خوفًا من الانعدام فحسب بل خوفًا من انعدام القيمة وانمحاء الأثر في لحظة كأن الدنيا التي يناضل الإنسان من أجلها ومن أجل جعلها مكان أفضل للمعيشة والتي ظن نفسه خالدا فيها يمكن أن تنتهي في لحظة.

كيف تتخلص من شعور الخوف من الموت ؟

  1. القرب من الله هو بداية طريق السعادة، ونبذ الخوف من الموت يجب أن تكون قريبا من الله بالشكل الكافي إليك حتى تشعر أنك بجوار الخالق فتنال قبسًا من خلوده، واجعل أملك به كبيرًا.
  2. عش اللحظة كأنها وحدها فقط التي ستعيشها دون التعويل على المستقبل كثيرا ودون تحمل الكثير من المعاناة من أجل أي شيء.
  3. تعود ألا يكون لديك الكثير مما تخسره حتى لا يكون الخوف من الموت مضاعفًا، احرص على أن تكون على الدنيا خفيف.
  4. الحياة عبارة عن عرض مستمر من المعاناة يتخللها فاصل قصير من السعادة، لذلك الموت عبارة عن انتهاء العرض وأيضًا يجعلك هذا تحتفي على الدوام بالفاصل القصير وتكبره عندما يأتي لأنه لا يتكرر كثيرًا.
  5. فكر في الأمور الصغيرة دون الأمور الكبيرة، ركز همومك كلها في أن الشامبو خاصتك غير متواجد في الأسواق أو أن المقهى المفضل لك استبدل الشاي الأخضر المعتاد عليه بنوع آخر، أو أيًا من هذه الأمور البسيطة والعادية.
  6. الابتعاد عن العادات السيئة مثل التدخين وشرب الكحوليات والتي تشعرك بعبثية الحياة.
  7. اجعل حياتك منبعًا للإنجازات وستجد الخوف من الموت قد تبخر من تلقاء نفسه.
  8. كن ملهما للآخرين، عش كأنك لن تموت أبدًا وفي نفس الوقت كما قلنا ركز في اللحظة الآنية كأنك لن تعيش بعدها أبدًا، هي معادلة صعبة إن حققتها ستجد أن الخوف من الموت تلاشى من أعماقك ببساطة.
  9. ربما بعد الموت هو مكان لالتقاء الأحبة بشكل خالي من المعاناة والعذاب والصعوبات والمشقة التي يواجهها الناس في الحياة الدنيا، وأنك سوف تلتقي بأحبائك لقاء لا يعقبه فراق وسوف تعيش نعيمًا لا يتخلله صعاب، وسوف تتمتع بملذات لا يشوبها عذاب، ولن يكون هناك حروب ولا أمراض ولا انكسار للقلوب ولا أزمات نفسية ولا تقلبات.
  10. دوامة الحياة تستطيع أن تسحبك بداخلها بمجرد ما تتزوج ويصبح لديك أسرة وتسحبك مشاكل الحياة اليومية وتفاصيلها ومشاكل الأبناء التي تكبر كلما كبروا.
  11. بافتراض أن الموت سيئ وشيء يجعلك تخاف منه، هل ستظل بخوفك هذا حتى تموت؟ وهل الخوف من الموت سيمنع الموت؟ لنفترض أنك دخلت إلى مدينة ملاهي كبيرة لمدة ساعتين فحسب، هل ستستمتع بالألعاب والمرح والمتعة داخل مدينة الملاهي أم ستفكر أنك ستخرج والمتعة والمرح سينتهيان؟
  12. ضع أمامك حلما وإنجازا تريد إنجازه في حياتك، اجعل حياتك عبارة عن مغامرة ورحلة، اجعل الخوف من الموت لصالحك بحيث يكون حافزًا لك لتجربة كل شيء والذهاب لكل الأماكن والإحساس بكل المشاعر الممكنة.
  13. اترك أثرا لدى الناس حتى لا تنسى، ساعد الآخرين، لا تعش لنفسك فقط، اجعل من حياتك هذه نهرًا يرتوي منه الآخرين، الأنانية تحفز الخوف من الموت أكثر وأكثر، بينما العطاء يحاصره.

الخوف من الموت بشكل مرضي

أحيانا يزيد الخوف من الموت عن حده ليصبح حالة مرضية أو وسواس يستلزم العلاج والتدخل الطبي، ووسواس الخوف من الموت يجعلنا دائمًا خائفين ومنزعجين لا نقوى على فعل شيء ونترك حياتنا تمر من أمامنا دون أي تدخل منا، ونشعر بانعدام جدوى الأشياء وفقدان القيمة لأكثر الأشياء القيّمة في حياتنا حتى المشاعر العظيمة والأشخاص الأكثر خوفًا علينا والشخص المصاب بوسواس الخوف من الموت تكون انفعالاته السلبية سريعة دائمًا تجاه أبسط الأشياء، ويصاحب هذا الوسواس حالة من الأرق وفقدان الشهية وضيق في التنفس واضطراب في الجهاز الهضمي، هذا بالإضافة إلى الاكتئاب وجفاف الريق والتسارع في نبضات القلب والشعور بالغثيان وفقدان السيطرة على الأعصاب.

علاج حالة وسواس الخوف من الموت

يحتاج الشخص المصاب بحالة وسواس الخوف من الموت بشكل مرضي إلى جلسات نفسية لترويض هذا الوسواس وجعله طبيعيًا وقد يستلزم هذا الأمر التدخل الدوائي وذلك عن طريق تناوله الأدوية المهدئة حسب حالته وحسب ما تستلزم حالة المريض، المهم هو استجابة المريض للعلاج ووعيه بأنه مريض بوسواس الخوف من الموت.

خاتمة

الخوف من الموت حالة طبيعية جدا يجب أن تأتي للإنسان في شتى مراحل حياته ولكن هذا لا يجب أن يسيطر على الإنسان ويمنعه من مزاولة حياته ومراقبتها وهي تجري أمام عينه كما أن زيادة هذا الخوف تستلزم التدخل الطبي ولا يمكن إهمال مثل هذه الحالات.

محمد رشوان

أضف تعليق

سبعة + ثمانية =