الخرس الزوجي شبح يهدد البيوت الآمنة والزيجات السعيدة، لا يعني الخرس الزوجي أن الزوجان لا يحبان بعضهما ولكن هناك أشياء يجب أن تكون موجودة بجوار الحب حتى يصمد الحب في مواجهة واقع الحياة الزوجية الرتيبة والمملة والمليئة بالمتطلبات والأزمات والخلافات وتطبيع العادات سويا والاعتياد على الحياة الجديدة، لذلك قد يحدث الخرس الزوجي بين اثنين كانا يهيمان في قصة حب ملتهبة وقد يحدث في مرحلة مبكرة جدا عن ما يتخيلانه لذلك سنتحدث في هذا المقال عن أسباب الخرس الزوجي وعلاجه
استكشف هذه المقالة
لماذا يحدث الخرس الزوجي بين الأزواج؟
في البداية قبل أن نتطرق لعلاج الخرس الزوجي بين الأزواج نتحدث عن أسباب حدوثه وإليك أبرز أسباب حدوث الخرس الزوجي:
عدم التفاهم من البداية
لا يعني عدم وجود التفاهم بين الزوجين هو عدم وجود الحب في العلاقة أو تبخره حتى، فكم من محبين يلتهبون في نار العشق ولكن يفتقرون للحد الأدنى من التفاهم بينهم يعيقهم عن استكمال علاقتهم بطريقة صحية، لذلك يحدث أن يكون الحب موجودًا بين الزوجين بالفعل ولكن عدم وجود التفاهم من البداية بينهما مع صدمة الحياة الزوجية الجديدة وتحمل الأعباء والمسئوليات غير المعتادة يجعل الخرس الزوجي أمرا لا مفر منه ويصبح الحديث لمجرد الضرورة وتشعر أنك تزوجت شخصًا آخر غير الذي كنت تلتاع من شوقك إليه قبل الزواج وتعد الأيام التي تسبق ليلة الزفاف.
الأزمات المتلاحقة وعدم الوعي بخطورتها
ممكن للزوجين أن يصمدا في وجه الأزمات المتلاحقة التي تقض استقرار منزلهما الوليد لبعض الوقت ولكن دون الوعي أن هذه الأزمات يمكن أن تتحول لشغلهما الشاغل فيما بعد لذلك تقوم بالسحب من طاقتهما وتصبح هي جوهر الحياة الزوجية بالتالي يصبح الزواج مرادفًا للمشاكل والأزمات فحسب وهنا يلوح الخرس الزوجي في الأفق كشبح يهدد العلاقة ويلاشي الحب.
الخلافات وعدم حسمها أولا بأول
من الشائع بين المحبين في العلاقات سواء كانت ارتباط أو زواج رسمي أنهما لا يقومان بحسم الخلافات ولا يسعون لإيجاد حلول حقيقية لها، بل يقومون بقمع الخلاف فحسب دون النفاذ إلى جوهره والوقوف على سببه لذلك يصبح الخلاف كالنار أسفل الرماد، تنتظر أول فرصة لتشتعل من جديد، وبالتالي مع زيادة التراكمات لهذه الخلافات يتولد شعور لدى كلا الزوجين ببرودة الزواج وسخافته ومن هنا يبدأ الخرس الزوجي وينمو ويكبر حتى يصبح وحشًا يلتهم الزواج.
فتور العاطفة في لحظة من اللحظات
يحدث كثيرا مع الاعتياد وتنافي الحرمان الذي هو الوقود الرئيسي لاستمرار جذوة الحب أن يحدث فتورا طفيفا في العاطفة تجاه شريك حياتك، هذا يحدث على أي حال ولكن مع تراكم المشكلات والخلافات التي أشرنا إليها سابقًا تستمر هذه الحالة من الفتور وتطول وتتطور لتصبح خرسًا زوجيًا يخيم على المنزل ويمنع ساكنيه من التعامل في السابق ويصبح الأمر مجرد أداء واجب ليس إلا.
الإهمال وعدم الاهتمام
يأتي الإهمال وعدم اهتمام الزوجين كلاهما بالآخر من أهم أسباب الخرس الزوجي ومحركاته وكما قلنا فإن الفتور الذي ينشأ في العاطفة ينتج عنه إهمال وعدم اهتمام، وللأسف يُساق الزوجين إلى الإهمال دون الوعي بخطورته وتداعياته فيما بعد وكيف ينشأ في عقل كلا منهما انطباعات الآخر عن هذا الأسلوب في التعامل وهذه الحالة المخيمة من الفتور.
العيش في جزر منعزلة
لا ريب أنه من الوارد أن يعيش أشخاص تحت سقف واحد ولكنهم يعيشون في جزيرة منعزلة للأسف، يجلسان لصق بعضهما كل يوم وربما يأكلان من الطبق ذاته وينامان على الفراش ذاته ويجلسان على الأريكة ذاتها ولكن كل شخص يعيش مع نفسه وداخل ذهنه، لذلك هذا لا يسمى زواج ويجب على الزوجين أن يشاركا كافة تفاصيلهما سويًا، مع الاحتفاظ بالطبع باستقلالية كل شخصية عن الآخر ولكنه اسمه شريك حياة.
في أي مرحلة يمكن أن يحدث الخرس الزوجي ؟
عادة ما يحدث الخرس الزوجي في مراحل زوجية متأخرة حيث يتسبب الروتين اليومي الذي استمر لسنوات لعدم وجود أي دهشة أو تجديد في الحياة، وخاصة بعد انفلات مرحلة الشباب من بين أصابع الزوجين وشعور كلا منهما أنهما على أعتاب مرحلة الكهولة وبالتالي تزهد الرغبة عندهم في الحياة، بشكل عام وهذا وارد جدا ولكن للأسف يمكن للخرس الزوجي أن يحدث مبكرًا وربما بعد الزواج بشهور عندما تنزوي زهوة البدايات في ركن خفي ويجد الزوجان غير المدربان أنفسهما في مهب الريح يحملان على عاتقهما مسئولية منزل يجب عليهما إدارته والاهتمام والاعتناء به.
كيف نمنع تطور الخرس الزوجي من البداية؟
والآن كيف يمكننا منع تطور الخرس الزوجي وإخماد ناره الباردة من المهد؟ بدلا من الاضطرار إلى معالجته بعد أن تتفاقم المشكلة وتصبح كارثة يجب علينا علاجها بشكل معقد؟
عدم إحداث تراكمات
يجب علينا لتجنب الخرس الزوجي عدم إحداث تراكمات، حل الخلافات التي تحدث أولاً بأول، إطفاء النار وذر الرماد في الهواء، لا يجب أن نترك أثرا لأي خلاف.. لا نقول بالطبع أن نمنع الخلافات فالخلافات تحدث في كل منزل وبين أي اثنين في أي علاقة، ولكن علينا أن نحل الخلافات ولا نستخدم الابتزاز العاطفي من أجل حلها، بل يجب أن نبحث في أصل الخلاف بالعقل والموضوعية ونحله من جذوره، ذلك يجعلنا أكثر تواصلا وأقل انعزالا.
مشاركة حل المشكلات
يجب على الأشخاص دائمًا المتزوجين أن يشاركوا حل مشكلاتهم سويًا، يجب أن يتصدى كلا الزوج والزوجة لحل المشكلات دون إلقاء المسئولية على الآخر، هذا سيعضد أكثر من العلاقة ويجعلها أكثر حميمية وألفة بين الزوجين، لذلك إياك أن تعتمد على شريك حياتك في حل المشكلات أو التصدي للأزمات، جنبا لجنب أفضل بكثير.
الاهتمام والرعاية المتواصلة
الاهتمام والرعاية المتواصلة هذه كانت زمان أيام الخطوبة أما الآن فنحن لدينا بيت وأسرة وهذا خطأ كبير، لا يجب أن تغفل عينك لحظة على شريك حياتك، يجب أن تحيطه برعايتك وعنايتك وحنانك حتى آخر لحظة، هذه هي قيمة الاهتمام وأحد أهم مضادات الخرس الزوجي الذي يتسبب فيه بشكل مباشر الإهمال وعدم العناية والاهتمام.
كيف نعالج مشكلة الخرس الزوجي ؟
والآن سنتحدث في صلب المقال وهو كيف نعالج الخرس الزوجي ونقطع أوصاله؟ كيف يمكننا حل هذه المشكلة التي تهدد كل المنازل وتقض استقرار كل الأسر؟
الحديث بنبرة هادئة والتفاهم والحوار
لا يجب أن تصيح في وجه زوجتك، لا يجب أن تصيحي في وجه زوجك، لا يجب أن تحاصريه بالمشاكل والأزمات طوال الوقت وتشعريه أن الحياة الزوجية مرادف للجحيم وأنت لا يجب أن تلقي عليها الاتهامات وتتهمها بالنكد والسوداوية فتشعرها أنك لا تحس بها ولا تشعر بحالتها ومدى تضحيتها وتجحد وقوفها إلى جوارك وتنكر دورها في محاولة إقامة هذا البيت وتدعيم كيان الأسرة، لذلك الحوار هو الحل، التفاهم الدائم، الحديث بنبرة هادئة، استخدام ضمير الجمع نحن، لا يوجد في الحياة الزوجية “أنا” بل يوجد “نحن”، بالطبع ستواجهنا أزمات في حياتنا، مطالبين بالتزامات كثيرة، نتحمل مسئوليات ثقيلة، ولكن هذا لتمرير حال الأسرة والحفاظ على ثباتها، لكن جوهر الحياة الزوجية هو الود والسكن والحب والتفاهم، أما أن تصبح المشكلات هي جوهر الحياة الزوجية والأزمات وحلها هي الهدف الوحيد فأهلا بكابوس الخرس الزوجي نفتح له الأبواب على مصراعيها كي يدخل ويتربع بأمان.
خلق أحاديث رومانسية صادقة
في حالة حدوث الخرس الزوجي بالفعل، أي حديث رومانسي أو أي لمحة شاعرية بالطبع ستفسر على أنها تلميح لطلب شيء أو وجود كارثة ما، أو ستقابل باستغراب وتعجب، جرب أن تجلس مع زوجتك التي لا تتحدث معها إلا للضرورة منذ أمد وتغازلها أو تمتدح جمالها، سيكون رد الفعل مرتابا مرتبكًا، لكن عليك أن تخلق أحاديث رومانسية صادقة، وليس كل الكلام الرومانسي هو “أحبك” أو “اشتقت إليك” ولكن هناك أحاديث تفطر القلب من شدة صدقها ونفاذها بسرعة إلى داخل الوجدان مثل: “أعلم كم تعبتِ معي خلال الفترة الماضية، لا أدري كيف أرد لك هذا الجميل” أو جملة مثل: “أنت نعمة من نعم الله ولولاكِ لكنت ضائعًا” أو “لو لففت الدنيا شبرا شبرا، ما استطعت أن أحظى بزوجة مثلك تصونني وتحافظ علي” أو كلام من هذا القبيل سيحرك مشاعرها تجاهك وتشعر أنك تحس بها بالفعل وتشعر بتعبها وتضحيتها.
الاهتمام بالتواصل الجسدي
لا ريب أن الأشخاص الذين يعانون من الخرس الزوجي يجدون حساسية في التلامس ويرهبون من التواصل الجسدي، لذلك الحل الفعال للخرس الزوجي هو التواصل الجسدي المباشر، لمسة يد حانية أو حضن دافئ يستطيع طرد مثل هذه الحالات السخيفة التي يكرهها الجميع، لذلك التواصل الجسدي من أهم مضادات الخرس الزوجي.
الابتسامة
استقبلي زوجك عند عودته من العمل بابتسامة، استقبل زوجتك في الصباح عند الاستيقاظ بابتسامة، تناولا الطعام وأنتما مبتسمان، الابتسامة مفتاح القلوب، لا يمكن أن يكرهك شخص تبتسم في وجهه، لا يمكن أن لا يألف إليك شخص يرى البسمة دائما على شفتيك.
الخروج لمكان شاعري
ليس المقصود بالمكان الشاعري هو المطعم الفاخر أو المقهى باهظ الثمن، مشاهدة فيلم رومانسي مكان شاعري، جلسة على البحر أو على سور كورنيش النهر مكان شاعري، الجلوس على مقاعد الاستراحة في الشارع مكان شاعري، الخرس الزوجي يطرد عندما تغيرا الروتين.
الاهتمام بالمظهر
تجديد الملبس، الاهتمام بالمظهر، الاهتمام بالأناقة، حلق اللحية للرجال وارتداء الألوان الفاتحة وكذلك وضع مساحيق التجميل للنساء، وغيرها من هذه الأمور التي تشعران منها أنكما لا زلتما في ليلة الزفاف، كسر الروتين هو من أهم الأشياء التي تطرد الخرس الزوجي من المنزل.
الاعتراف بالخطأ والاعتذار
لا يوجد أسوأ من المكابرة في الخطأ والتمسك بالكرامة والكبرياء، هذا هو شريك الحياة، وربما الخرس الزوجي ناتج من عدة أخطاء حدثت وللأسف لم يتم معالجتها في وقتها بل أخذت تتراكم وتتراكم حتى تحولت إلى تلك الحالة المزرية، لذلك لا بد من أجل إيجاد حل وعلاج أن يعتذر المخطئ ويعترف بخطئه، هذا ليس عيبا على الإطلاق بل قوة وثقة بالنفس.
إحياء لذة البدايات
هل تذكران حينما تعرفتما على بعضكما في البداية؟ هل تذكران اللذة والشوق والمتعة التي كنتما تشعران بها حينما كنتما تلتقيا؟ لماذا لا تحييا هذه المشاعر العظيمة؟ لماذا حتى لا تذهبان لأول مكان التقيتما فيه؟ لماذا لا تعيدان لذة البدايات مرة أخرى وتتظاهران بأنكما تعرفتما على بعضكما للتو؟ هذا هو بالفعل ما يطرد الخرس الزوجي ويبعده عنكما.
خاتمة
الخرس الزوجي وحش قاتل يهدم البيت ويحوله إلى هيكل متماسك من الخارج ولكنه منهار من الداخل، يجعل الكآبة تخيم على المنزل وتشعر الإنسان بالتعاسة، لذلك لابد من أن يتكاتف الزوج والزوجة كلاهما لحل هذه المعضلة الأليمة.
أضف تعليق