الخدع السينمائية هي عبارة عن مؤثرات بصرية تدهش أعيننا نصدق سحرها لأنه يأتي من عالم العلم الواقعي والخاضع لنظريات فيزيائية وتطبيقات إلكترونية مكنت تلك الأفكار من التحول لواقع يتم تصويره وعرضه عبر الشاشة؛ فالفيزياء والكيمياء والرياضيات كلها تلعب دوراً أساسياً في علم الخدع السينمائية والمؤثرات الخاصة لذا يمكننا القول باختصار أن العلم يقود الفن. غالبا ما لا تفهم المؤثرات الخاصة على حقيقتها فهي ليست مجرد رؤى مبهرة من صنع جهاز الحاسوب، كما أن المؤثرات العملية والعمل الجسدي في موقع التصوير الذي يقوم به فريق صناعة الفيلم تعد أيضاً من العناصر الهامة في صناعة الخدع السينمائية .
أشهر الخدع السينمائية المستخدمة
الكروما
هي المفتاح السحري لتصوير كافة المشاهد التي يمكن تخيلها مع توفير الكثير من الوقت والمجهود والمال وهي الأبرز من بين الخدع السينمائية على الإطلاق، تعتمد فكرة الكروما بشكل أساسي على تصوير المشهد السينمائي المطلوب أمام خلفية خضراء اللون ثم يتم إدخال المشهد لبرامج الكمبيوتر وتحويل اللون الأخضر الموجود بالخلفية إلى الشفاف فلا يتبقى في إطار الصورة سوى الممثلون ثم يتم تركيب أي خلفية يريدها صناع الفيلم.
ترجع فكرة الكروما إلى أكثر من 100 عام مضوا حيث كانت تستخدم قديماً لإضافة بعض الملحوظات الجانبية على الشاشة دون الحاجة لكتابتها خصيصاً أثناء تصوير المشهد ولكن كانت الخلفية المستخدمة زرقاء اللون وكان ذلك قبل اختراع الكمبيوتر بكثير.
أما مع تطور تقنيات تصوير الأفلام وتعدد الخدع السينمائية وجد الصناع أن عين الإنسان حساسة بدرجة أكبر للون الأخضر عن بقية الألوان فعلى هذا الأساس تم تصميم عدسات الكاميرا بنفس الفكرة وبالتالي أصبح استخدام خلفية خضراء بدلاً من اللون الأزرق أفضل بكثير لأنه يضمن نقاء الخلفية في المشهد وبالتالي سهولة تحويلها للون الشفاف.
وبالطبع مع ابتكار الكروما كواحدة من أفضل الخدع السينمائية أصبح تصوير أي مشهد مهما كان مكانه سهلاً للغاية كما اعتاد صناع السينما على تجنب التصوير الخارجي في الشوارع قدر الإمكان باستخدام الكروما ووضع خلفية تحتوي منظر الطريق العام المطلوب، كما استفاد صناع الديكور من فكرة الكروما في تجنب تحضير الكثير من الديكورات المرهقة والتي تحتاج لوقت طويل وميزانية بالغة.
العيوب: ولكن لا يعيب فكرة الكروما كإحدى الخدع السينمائية سوى اشتراط الخدعة على عدم ارتداء الممثلين أو احتواء المشهد في صورته الأولية على أي شيء باللون الأخضر وإلا فستتم إزالته أثناء تعديل لون الخلفية وإذا كان من الضروري تواجد اللون الأخضر في المشهد فيمكن حينها الاستعاضة عن الخلفية الخضراء بأخرى زرقاء اللون.
كذلك قد تمثل الإضاءة أثناء تصوير المشهد صعوبة في تعديل الكروما حيث تؤدي إلى إحداث ظل للممثل على الخلفية المحيطة به مما يؤثر على عملية تغيير اللون كما أن تداخل الظل والضوء في المشهد يؤدي إلى تغيير مستوى إشباع الألوان في الكاميرا مما يغير درجة اللون الأخضر إلى درجة داكنة أكثر أو على العكس باهتة أكثر من المطلوب.
ومن أحد العيوب أيضاً بعض متطلبات المشهد التي تستلزم أثناء تصويره إدراك الممثل لشكل الخلفية المحيطة حيث سيطلب منه القفز مثلاً أو الإشارة لمكان ما أو الإمساك بسطح ما داخل المشهد، وحاول صناع العمل حل تلك المشكلة إما بتفادي ذلك الجزء أثناء كتابة النص السينمائي أو بوضع الهدف المطلوب مع تغطيته باللون الأخضر وتعديله لاحقاً عبر برامج الكمبيوتر أو الحل الأخير والأحدث وهو استخدام آلات العرض كتلك الموجودة في دور عرض الأفلام لتظهر الخلفية المطلوب وضعها في المشهد على الخلفية الخضراء ولكن بدرجة أقل وضوحاً بكثير بحيث يميزها الممثل أثناء التصوير ولكن في نفس الوقت لا تظهر على الكاميرا.
قاذف الكرات
في بعض الأفلام السينمائية والتي تتناول الحديث عن مواضيع ترتبط بكرة القدم أو أي رياضة أخرى مشابهة تستعمل فيها الكرة أو كالحديث عن سيرة أحد اللاعبين يحتاج فريق العمل أثناء التصوير إلى التقاط مشاهد عدة تحتوي على قذف للكرة لتصيب المرمى وتحرز هدفاً، وبالطبع لا يمكن الاعتماد على فريق التمثيل وحدهم في ذلك الأمر لأنه من غير المضمون بالمرة أن يحرز الممثل بالكرة هدفاً كالمراد تصويره في كل مرة حتى وإن كان محترف الأداء في تلك اللعبة.
قديماً كان فريق التصوير والإخراج يلجئون للممثل البديل (الدوبلير) وهو شخص لا يشترط به سوى أن يشبه الممثل الحقيقي من الخلف تماماً وكذلك يحترف اللعبة المطلوبة بحيث يقوم هو نيابة عن الممثل الأصلي بتصوير مشهد إحراز الهدف مع الحرص تماماً على ألا تلتقط عدسة الكاميرا وجه ذلك الممثل البديل، أما عن بقية اللقطات داخل نفس المشهد كبداية اللعب أو الاحتفال بتسجيل الهدف فيقوم الممثل الأصلي بتصويرها بنفسه حتى يظهر وجهه أمام الكاميرا مع القيام لاحقاً أثناء عملية المونتاج بدمج اللقطات سوية بالترتيب الصحيح ليبدو المشهد كله من أداء الممثل الأصلي.
ولكن حديثاً قام العلماء باختراع جهاز قاذف الكرات والذي يتم تعبئته بغاز النيتروجين لتحقيق أعلى ضغط ممكن ثم وضع الكرة في مقدمة الجهاز مع ضبط مقياس الضغط على القيمة المطلوبة تبعاً للمسافة التي ستقذف منها الكرة مع توجيه الجهاز ناحية المرمى ثم يطلق الجهاز فتقذف الكرة، ويعد قاذف الكرة أشبه إلى حد كبير بالبندقية ولكن مع تغير حجم الطلقة الصادرة فقط.
إطفاء المشاعل
من أشهر الخدع السينمائية أيضاً والتي تستخدم في الكثير من الأفلام هي الخدع المتعلقة بإشعال النيران عدة مرات؛ حيث أن المشهد السينمائي الواحد في معظم الأحيان يتم تصويره على عدة مراحل منفصلة وبالتالي فإن احتوى المشهد على حرائق أو اشتعال أو ما شابه فقط يتطلب الأمر من فريق التصوير أن يقوم بإطفاء النار في كل مرة ينتهي فيها الفريق من تصوير إحدى اللقطات.
ولكن إذا تم استخدام المياه في إطفاء النار المشتعلة فعندها ستبتل الأدوات التي من المفترض أن تشتعل في المشهد وبالتالي يصبح أمر إشعالها مرة أخرى مستحيلاً إلا بعد جفافها مما يلزم بالانتظار فترة طويلة أو بإحضار عدة نماذج متماثلة لتلك الأدوات لاستخدامها كل مرة فيشكل ذلك عبئاً ضخماً على ميزانية الفيلم.
ولتخطي تلك الأزمة ابتكر صناع السينما إحدى الخدع السينمائية البسيطة والتي تعد في غاية البساطة ألا وهي استخدام الجليد الجاف في إخماد النيران وهو عبارة عن غاز ثاني أكسيد الكربون ولكن في الحالة الصلبة، بمجرد تلامس الجليد الجاف مع البقعة المشتعلة يعمل على سحب غاز الأكسجين منها- وهو بالضروري وجوده لحدوث عملية الاشتعال- وبالتالي تنطفئ الشعلة مع الحفاظ على الأداة سليمة كما هي لإشعالها في وقت لاحق.
الطلقات المزيفة
تعد تلك الخدعة من أبسط وأشهر بل وأقدم الخدع السينمائية على الإطلاق، فحينما يحتوي النص السينمائي على مشهد يتطلب إطلاق أعيرة نارية على أحد الممثلين يتم حينها الاستعانة بطلقات مزيفة والتي تنقسم إلى نوعين:
- طلقات الصوت: يستخدم فيها سلاح خاص للصوت فقط بالضغط على الزناد يطلق صوتاً مماثلاً للصوت الصادر عن إطلاق رصاص بدون خروج أي جسم من السلاح ذاته، وتستخدم كإحدى الخدع السينمائية في حالة عدم الحاجة لظهور الإصابة الفورية أو النزيف على الشخص المصاب أو في حالة لا يشترط بها ظهور الممثل قبل وبعد الإصابة في نفس المشهد بحيث يقتصر تصوير المشهد على إطلاق العيار وصدور الصوت فقط.
- الطلقات المطاطية: طلقات صغيرة الحجم للغاية مصنوعة من مادة المطاط ويتم وضعها في سلاح ذو ضغط ضعيف نسبياً لاستخدامه في إطلاق العيار، وفي تلك الحالة يتم تركيب كيس به سائل أحمر اللون يشبه الدم على المنطقة المراد إصابتها مع تغطيتها بالملابس وعندما يتم الإطلاق تصيب الرصاصة المطاطية الكيس فينقطع ويخرج منه السائل الأحمر ليشابه النزيف تماماً، ولكن ضغط إطلاق الرصاصة في تلك الحالة لا يكون قوياً بالدرجة التي قد تسبب إصابة الشخص بحيث تكتفي الرصاصة باختراق الكيس والاستقرار بداخله وحسب.
المطاردات
لا يخلو الفيلم السينمائي من مشاهد المطاردات والحركات السريعة والتي قد يتم تصويرها باستخدام السيارات حيث تطارد بعضها البعض مما قد ينتهي بحادث مأساوي كارتطام السيارتين معاً أو انقلاب إحداهما، ولتنفيذ تلك المطاردة يتم اللجوء لبعض الخدع السينمائية والتي تشمل:
- مصمم المطاردات: وهو شخص قادر على قيادة السيارة بسرعة بالغة وفي نفس الوقت بحرفية شديدة بالنحو الذي يضمن تنفيذ المشهد كما هو مطلوب من دون حدوث أضرار للسائق أو للسيارة، وتستخدم تلك كواحدة من الخدع السينمائية بشرط خلو المشهد من حوادث الارتطام أو انقلاب السيارات.
- سيارات بدون سائق: وهو نوع خاص من السيارات يصمم خصيصاً لمثل تلك المشاهد أو يتم إضافة برنامج لنظام تشغيل السيارة يضمن التحكم بها عن بعد؛ فيقوم البرنامج بتحديد خط السير السيارة مع وضع الكاميرا في زاوية بعيدة بحيث لا يظهر عدم وجود سائق للسيارة من خلال المشهد، ويشيع استخدام تلك الخدع السينمائية في المطاردات الخطيرة كالتي تنتهي بسقوط سيارة من قمة جبل مثلاً.
- المحاكاة: وهي تعد من أقل الخدع السينمائية استخداماً، وتتضمن فكرة تنفيذها استخدام نماذج مصغرة من السيارات المطلوبة وصنع مجسم صغير يشبه تماماً الطريق المطلوب في المشهد ثم يتم التحكم بالسيارات عن بعد مع تقريب عدسة الكاميرا قدر الإمكان؛ فعند عرض المشهد يظهر الأمر وكأنها مطاردة حقيقية. ولكن بالطبع لا تنجح مثل تلك الخدع السينمائية دوماً ولذلك ومع تواجد حيل أخرى ابتعد صناع السينما عن تلك الخدعة مؤخراً.
برامج الكمبيوتر
لا تخلو صناعة أي فيلم من عمليات التعديل على جهاز الحاسب الآلي سواء على مستوى الصورة أو الصوت أو إضافة مؤثرات أو تعديل بعضها، ويتم ذلك من خلال برامج عدة مصممة خصيصاً لصناعة الأفلام والفيديوهات حيث توفر للمستخدمين مزايا عديدة مثل:
- مزايا الصورة: يمكنك دمج مشهدين معاً لعرضهما في نفس الوقت في حالات احتواء المشهد على شخصيتين يقوم بهما نفس الممثل، عندها يقوم طاقم العمل بتصوير المشهد مرتين مرة لكل شخصية مع الحفاظ على زاوية تصوير ثابتة في كلا المشهدين ثم يتم دمج المشهدين معاً فيظهر وكأن كلتا الشخصيتين تتواجدان بالفعل في نفس الوقت. كذلك يمكن استخدام تلك البرامج أيضاً لإضافة مجسم ما على المشهد إذا تطلب مثلاً وجود طائرة أو جبل كبير أو انفجار هائل.
- مزايا الصوت: في أغلب الأحيان لا تستخدم مثل تلك الخدع السينمائية إلا في الأفلام التي تحتوي على كائنات خارقة أو مخلوقات فضائية بحيث يرغب الصناع بتعديل صوت الممثلين ليظهر غريب وغير مألوف ومختلفاً بدرجة ملفتة عن صوت الإنسان العادي. أو تستخدم لإضافة صوت انفجار مثلاً.
أضف تعليق