برغم أن الحويصلة الصفراء من الأجزاء الدقيقة للغاية في جسم الإنسان إلا أنها مسئولة عن واحدة من أهم العمليات الحيوية داخله، ورغم أهميتها لعملية الهضم فقد تتطلب بعض الحالات المرضية استئصالها وبالتالي اتباع نظام غذائي مُختلف لتجنب مُضاعفات غيابها عن الجسم. وللتعرف على أهمية الحويصلة الصفراء وأهم الأمراض المُرتبطة بها، أسبابها، أعراضها، وكيف يُمكن علاجها وتجنبها، تابعوا معنا هذا الموضوع.
استكشف هذه المقالة
ما هي الحويصلة الصفراء ؟
الحويصلة الصفراء أو ما تُعرف بالمرارة، هي عبارة عن كيس ذي عنق يُشبه فاكهة الكُمثرى ويتميّز بحجمه الصغير يقع أسفل يمين الكبد، ويرتبط عنق الحويصلة الصفراء بالقناة الكيسية المؤدية للقناة الكبدية، وثلاثتهم يكوّنون ما يُعرف بالقناة المرارية العامة.
ماذا تفعل الحويصلة الصفراء لجسم الإنسان؟
تُعد الحويصلة الصفراء رغم صغر حجمها واحدة من أهم أعضاء الجسم الحيوية؛ حيث تدخر ما يتراوح بين 45 وحتى 60 مل من العُصارة الصفراوية التي يُفرزها الكبد بهدف هضم الطعام وبالتحديد الدهون الواردة إلى الجسم من خلال الطعام. وحينما ينتقل الطعام أثناء عملية الهضم من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة وخاصةً الأنثى عشر تقوم الحويصلة الصفراء بمجموعة من التقلصات بفعل الهرمون المعوي المعروف باسم الكوليسيستوكينين لإفراز عصارتها الكبدية الهاضمة للطعام والدهون.
حصوات الحويصلة الصفراء وأهم مضاعفاتها
تُوصف الحصوات المرارية بكونها كتل حجرية صغيرة تسد القناة المرارية العامة وأحيانًا ما يرتبط بها من خلايا، مما يؤثر بشكل سلبي على عملية الهضم ويُسبّب آلامًا مُبرحة للمصاب. وتُعد حصوات المرارة من الأمراض الأكثر شيوعًا بين النساء والبالغين من سن الأربعين وحتى الستين.
أعراض حصوات الحويصلة الصفراء
- ألم شديد ومُفاجئ أعلى يمين البطن قد يمتد حتى الكتف الأيمن من الخلف، ويزداد الألم أثناء التنفس بعمق أو القيام بنشاط أو حركة مفاجئة.
- قيء وغثيان يُصاحبه فقدان في الشهية.
- اصفرار الجلد “يرقان” نتيجة تسرّب الصفراء في الدم، مع دكانة لون البول ولون البراز الفاتح الناتجين عن على انسداد القناة المرارية بالحصى.
- حمى وارتفاع شديد بدرجات الحرارة يُصاحبه رعشة؛ نتيجة انثقاب المرارة وحدوث تسمم في الجسم، وهي من الحالات الخطيرة التي تتطلب مساعدة طبية كما هو الحال مع انسداد البنكرياس نتيجة انتقال الحصوات من الحويصلة الصفراء إليه.
أسباب حصوات المرارة
هناك عدة أسباب لتكون حصوات الحويصلة الصفراء نذكر منها ارتفاع نسبة الكوليسترول في الحويصلة الصفراء نتيجة تراكم العصارة الهاضمة مُقابل نقص الأملاح المرارية فيها مكونة هذه الحصوات كما يحدث في حالات زيادة الوزن أو تناول أقراص منع الحمل أو البدائل الهرمونية التي تُمنح للسيدات في سن اليأس أو المُعالجات هرمونيًا، والتي ترفع من معدلات الأستروجين وهو ما يرفع بدوره من معدلات الكوليسترول. الحميات الغذائية القاسية التي تُسبّب نزول سريع في الوزن أو تناول كميات قليلة من الطعام خلال اليوم مما قد يُسبّب الإمساك، وكذلك تكرار الحمل.
وأيضًا سوء التغذية الناتج عن تناول أطعمة غنية بالنشويات والدهون محدودة الألياف والمعادن والفيتامينات وبالأخص الكالسيوم والمغنيسيوم والفسفور وفيتامين سي وحمض الفوليك، مع عدم الاهتمام بتناول المياه بشكل كافي، خلل واضطرابات في انقباضات الحويصلة الصفراء أثناء عملية إفراز عصارتها مما يتسبب في تراكم هذه العصارة وتكوّن الحصوات، وكذلك معدلات بروتينات الكبد.
مضاعفات تكون الحصوات المرارية
ينتج عن تكوّن الحصوات المرارية وإهمال علاجها في الوقت المناسب مجموعة من المُضاعفات الخطيرة مثل التهاب جدار المرارة نتيجة التصاق واحتكاك الحصوات به والذي قد يصل إلى مُضاعفات أخرى تُهدد حياة المريض إن أهمل علاجه مثل: التهاب البنكرياس. إهمال علاج حصوات الحويصلة الصفراء لسنوات قد يصل بالمريض في بعض الحالات للإصابة بسرطان المرارة والذي لا يتم كشفه للأسف إلا حينما يستشري في أعضاء الجهاز الهضمي المجاورة.
التشخيص وسُبل العلاج
يتم تشخيص حصوات المرارة وما ينتج عنها من مُضاعفات من خلال فحص صورة الدم الكاملة، إلى جانب فحص وظائف الكبد معمليًا ثم فحصها بالأشعة هي ووظائف الحويصلة المرارية باستخدام الموجات فوق الصوتية، كما يُساعد فحص ERCPفي الكشف عن مدى وجود انسداد بالقناة المرارية بفعل الحصوات. وفي حال الشك في وجود سرطان مراري قد يتطلب الأمر سحب خزعة من الحويصلة الصفراء لتأكيد هذه الشكوك والتعرف على مرحلة تطور المرض لتحديد العلاج المُلائم.
أما بالنسبة لعلاج الحصوات المرارية ومُضاعفاتها فيتم أولًا من خلال وصف بعض الأدوية التي من شأنها تفتيت الحصى ليخرج في النهاية مع البول أو تفتيته باستخدام تقنية الموجات التصادمية في حال الحصوات الصغيرة. أما في حال الحصوات الكبيرة أو مع تحول الأمر إلى التهاب أو سرطان مراري فيُصبح الاستئصال الجراحي أو باستخدام المناظير هو الخيار الأفضل والأسلم في أسرع وقت ولنقل ما بين ثلاثة أيام وحتى أسبوع للتأكد من فعالية المضادات الحيوية والمسكنات المُضادة للالتهاب في تخفيف حدته قبل العملية.
عمليات استئصال الحويصلة المرارة
يُعد الاستئصال الجراحي للحويصلة الصفراء خيارًا طبيًا لا بد منه في حالات خطيرة كسرطان المرارة؛ وهو الآمن عن جراحات المناظير في هذه الحالة منعًا لتسرُّب الخلايا السرطانية لحدود أبعد داخل الجسم. ولكن خلال العقود الأخيرة أصبح استئصال الحويصلة المرارة بالمنظار من أنجح وأسهل وآمن الجراحات فيما يتعلق بحجم مُضاعفاتها.
ويبدأ منظار المرارة بتخدير المريض بشكل كامل ثم ضخ كمية من الغاز الكربوني للمساعدة على رفع ضغط تجويف البطن وتمدده، بما تتراوح بين لترين وحتى 4 لترات حسب استيعاب جسم المريض. بعدها يتم إدخال 4 أنابيب للبزل عبر شقوق جراحية بسيطة تتراوح بين الخمس والعشر مليمترات، مع تثبيت القناة والشريان المراري باستخدام مشابك أو خيوط جراحية خاصة، وكذلك تثبيت آلات سطحية على جسم المريض للتحكم في آلية عمل القلب والرئتين أثناء العملية مع التحكم في مستوى ضغط الدم العام وبداخل التجويف البطني.
بعد استئصال الحويصلة يتم تفريغها في كيس بلاستيكي من خلال الفتحة القريبة من السُرة أو الجانب الأيسر من الجسم لضمان عدم تسرُّبها إلى البطن وحدوث مُضاعفات خطيرة للمريض، ثم يتم تفريغ التجويف البطني من الغاز الكربوني وإغلاق الشقوق الجراحية بخيوط تذوب تلقائيًا ببطء.
ماذا بعد جراحات استئصال الحويصلة الصفراء؟
لا تتطلب جراحات استئصال المرارة خاصةً تلك التي تتم باستخدام المنظار فترة نقاهة أو مكوث طويلة في المستشفى، فأربعة أيام كافية ليعود المريض لممارسة حياته الطبيعية بشكل تدريجي مع تجنب الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من الدهون والكربوهيدرات. أما عن الآلام التي تُصاحب العملية فلا تخرج عن بعض الآلام محل الشقوق الجراحية أو آلام في منطقة الكتف بسبب الغاز الكربوني الذي تم ضخه أثناء إجراء المنظار.
وعادةً لا تنتج عن مناظير استئصال المرارة مُضاعفات خطيرة إلا في حالات نادرة أغلبها ناتج عن أخطاء طبية مثل: ثقب الأمعاء أو القناة المرارية، انسداد رئوي ناتج عن تسرّب العصارة الصفراء إلى القفص الصدري ثم الرئتين، خدش الأوعية الدموية الرئيسية مما يترتب عليه نزيف، مُضاعفات تتعلق بتجلط الدم لدى مرضى اضطرابات سيولة الدم، الوفاة في حالات نادرة للغاية.
ولأن الوقاية خيرٌ دائمًا من العلاج، فعليك عزيزي القارئ الاهتمام بصحة أعضاء جسدك وتجنب ما يؤدي إلى إصابتها بالأمراض من خلال مراقبة وضبط أدويتك إن وجدت مع تناول الغذاء الصحي.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق