الحمام البارد أو الاستحمام بمياه باردة لا تتعدى درجة حرارتها عن ثلاثين درجة مئوية، هو أمر يقشعر له البدن ولكنك لن تتخيل مدى أهميته بالنسبة لك. مهما كنت تعتقد أنك لن تحب الحمام البارد خاصة بأيام الشتاء القارصة، فقد يتغير رأيك عندما تقرأ هذا المقال، وتلك العادة الجديدة قد تغير حياتك كما لا تتوقع. فتابع معي فوائد الحمام البارد.
الحمام البارد بين الفوائد والأضرار
فوائد الحمام البارد على البشرة
لو وضعت أنت بنفسك كمية من الماء البارد أو قطعة ثلج على وجهك ستشعر أنه مشدود لفترة قصيرة ثم رجع لحاله الطبيعي، في الحقيقة هذا الشعور صحيح جداً وهو السبب في كون الحمام البارد أفضل للبشرة من الساخن. الفرق هنا يكمن في تأثير الحرارة على البشرة لأن الماء الساخن يزيل الأوساخ خارجياً بشكل أكبر ولكن معها الدهون والزيوت الطبيعية للبشرة أيضاً، أما الماء البارد فهو ينعش البشرة ويشد المسام لتتفتح فيزيل الأوساخ وينظف بعمق إلى الداخل ليمنع تراكم الدهون التي تتحول إلى بثور وحب شباب بالأخير. عملية شد الوجه هذه مفيدة جداً للبشرة ونضارتها وهذا كلام خبراء التجميل وأطباء الجلدية بالعالم. بعض المسكات تعتمد في الأساس على وضع قطعة من الثلج فوق الوجه ثم فركها، فما بالك لو أنك تفعل ذلك بطريقة غير مباشرة مرة في اليوم على الأقل.
فوائد الحمام البارد على الشعر
كما البشرة كذلك الشعر، لأن مسام الشعر هي الأساس وما دامت صحية ونظيفة كان الشعر أيضاً صحي ونظيف. الماء البارد أفضل في إزالة السموم والأوساخ من الشعر ليجعل الشعر أكثر قوة ولمعاناً. ولو أنكِ سيدتي جربتي غسيل شعرك وهو منحني ليكون الشعر أمامك وجهكِ، سيكون ذلك أفضل بكثير لزيادة الدورة الدموية بالشعر وتغلل المياه أكثر بين كل الخصلات.
فوائد الحمام البارد على المناعة
أنت تشعر بقشعريرة عند نزول المياه الباردة على جسدك، هذا بالضبط ما تحتاجه لتقوية مناعتك الداخلية لمجابهة الأمراض. أسمعت عن الذين يأخذون قطرات من السموم يومياً حتى يحموا أنفسهم من ي محاولة للقتل بالسم؟ هذا بالضبط ما تفعله مع الحمام البارد. لأن في ذلك الوقت يبدأ جسمك تلقائياً بزيادة خلاياه البيضاء لمقاومة تلك القشعريرة فيعزز بذلك مناعتك ضد الأمراض المختلفة، ويزيد من الدورة الدموية ويحسن الشرايين ويقوي القلب. أنا لا أقول إن عليك الاستحمام بماء مثلج ولكنه يجب أن يكون فاتراً ولا يتعدى الثلاثين درجة مئوية. كما ينصح الأطباء بالحمام البارد بعد لعب الرياضة وليس الساخن لأنه الأفضل في التعامل مع الجسم بعد النشاط الرياضي، فتكمل ما بدأته في رياضتك، ولك أن تعرف أن لاعب الكرة الإنجليزي الشهير “بيكهام” يأخذ حماماً من الثلج يومياً لتعزيز مناعته وجسمه ليلعب بشكل أفضل.
الحمام البارد وإنقاص الوزن
أترغب بإنقاص وزنك 5 كيلو غرام سنوياً بدون أي حمية غذائية أو حتى رياضة؟ إذاً واظب على الحمام البارد. وهذه النصيحة بحسب دراسة أجريت عام 2009 فوجدوا أن أغلبية المواظبين على الحمام البارد يفقدون 5 كيلو غرام سنوياً دون فعل أي شيء أخر، حتى إن كنت لا تصدق هذا الرقم فعلى الأقل تأكد أنه يساعدك على حرق الدهون. المنظومة تسير كالآتي: أنت تتعرض لمياه باردة، جسمك يعمل على التدفئة ليعيد استقرار الجسم، فيحرق الدهون ليحولها إلى طاقة حرارية، كما أنه يعمل على زيادة معدل الهضم والتمثيل الغذائي السريع.
فوائد الحمام البارد على آلام العضلات
قد تعتقد أن تدفق المياه الساخنة على جسمك تريح عضلاتك فأنت تعرف نصف الحقيقة، لأن المياه الساخنة حقاً ترخي العضلات والأوتار ولكنها لا تشفيها بالكامل. الحمام البارد هو صاحب النصيب الأكبر من الفوائد ويتعمد الرياضيين أخذ حماماً بارداً لمدة 20 دقيقة بعد الإجهاد البدني الرياضي الكبير الذي يبذله. في عام 1994 تمت دراسة 360 لاعب رياضي يواظبون على الحمام البارد يومياً بعد التمارين الشاقة جداً، فوجدوا أنه يساعد على تخفيف آلام العضلات في خلال أقل من أربعة أيام أفضل من أي نظام أخر.
فوائد الحمام البارد في التخلص من الإجهاد
الأهمية الكبيرة للحمام البارد تتمثل في تأثيره على الكيمياء الداخلية للجسم فيساعد بذلك على تخفيف الإجهاد الجسدي بشكل ملحوظ. عند التعرض لعامل محفز للجسم مثل البرودة المفاجأة تقل نسبة حمض اليوريا في الدم، بذلك ينقي الجسم منه ويساعد على زيادة عمل الكلى بكفاءة. كما أنه يزيد مضادات الأكسدة بالجسم وهي بالتالي تعمل على تنقية السموم المسببة للإجهاد والشعور بالكسل، وكما قلنا فهو يساعد على زيادة عملية الهضم لذلك هو مساعد على التخلص من التخمة والانتفاخ بشكل طبيعي رائع.
التخلص من الاكتئاب
هذه الفائدة تحتاج إلى تجربتها بنفسك لتقتنع تماماً بفائدة الحمام البارد للتخلص من الاكتئاب، المياه الباردة منشطة للأعصاب بشكل قوي جداً إذ ترسل كمية من الإشارات العصبية والنبضات الكهربائية إلى الدماغ في أجزاء من الثانية، وتلك الإشارات المتكررة تخفف من أعراض الاكتئاب وتعيد لك مزاجك المعتدل. يُقال إن أخذ حماماً كفيل بمساعدتك على التفكير السليم مع راحة البال لتأخذ قراراً مهماً بذهن صافي، فلو كان الحمام بمياه باردة ستجد أن الذهب في قمة صفاءه وتركيزه لأنه منتبه جداً لكل تلك الإشارات القادمة من كل النهايات العصبية المنتشرة في كامل الجسم. إن قلت لك أن الحمام البارد صباحاً أفضل من كوبي قهوة فأنا لا أبالغ. القهوة تعمل على زيادة التركيز لفترة وجيزة ثم تعمل سكرياتها والكافيين بداخلها إلى إعادتك إلى حالة من الاسترخاء والنعاس بعد زوالها، أما الحمام البارد فليس له أي أعراض جانبية ويجعل عقلك في قمة من التركيز والنشاط، جرب أن تأخذ حماماً بارداً في الصباح الباكر خاصة لو كان لديك امتحاناً أو مقابلة مهمة بالعمل، ستشعر الفرق بالتأكيد على مدار اليوم، جرب ولن تندم أبداً. وكلما كنت معتاداً على الأمر أكثر بمواظبة ستجد أنه يفرق أكثر في إدخال شعور الانتعاش والتفاؤل إلى ذهنك.
فوائد الحمام البارد على القلب
عند التعرض لصدمة باردة سيعمل جهازك العصبي اللاإرادي على زيادة سرعة تنفسك وإرخاء كل العضلات المسئولة عن عملية التنفس، فتتوسع الشرايين والأوردة وتنفتح الجيوب الأنفية وتتخلص من أي احتقان، مما سيزيد بالطبع نسبة الأكسجين الواردة. وعندما يتمتع جسمك بنسبة أكسجين كافية ستعمل الخلايا على تجديد نفسها وحرق الدهون وبالتالي الجسم كله سيبدأ في العمل، وهذا كله يؤدي إلى عمل القلب بشكل قوي وفعال ليكفي مطالبات الجسم من الدم خاصة العقل، والاستمرار بأخذ الحمام البارد سيساعدك يومياً على حماية قلبك من الخمول وتصلب الشرايين وجلطات وما إلى ذلك. كما أن كل تلك العملية تساهم في تحمك الأكبر بجهازك العصبي اللاإرادي فتقل بذلك إحساسك بالرجفة في الشتاء أو ضربات القلب السريعة أثناء أداء مجهود بدني أو عصبي لتكون أكثر قدرة على أخذ القرارات السليمة. وكل لاعبي الملاكمة أو الرياضات العنيفة يهتمون بتلك النصيحة جداً لأنهم يحتاجون لها في التحكم بشعورهم بالألم وبقاءهم مستمرين في المقاومة وأخذ قرارات سريعة سليمة.
فوائد الحمام البارد على الجهاز اللمفاوي
الجهاز اللمفاوي هو المسئول الرئيسي عن محاربة الأخطار التي تواجه الجسم خاصة إن كنا نتحدث عن أمراض مثل السرطان، وأي خلل بالجهاز اللمفاوي لا علاج له في أغلب الحالات. لتحافظ على هذا الجهاز وعمله باستمرار عليك بتقويته، وهو يعمل عند انقباض العضلات بشكل متكرر، ولا يوجد من يساعدك في هذا الأمر أكثر من الحمام البارد.
الحمام الساخن خطراً للمرأة الحامل
بعض الدراسات تؤكد أن المياه الساخنة والتي تتعرض لها المرأة الحامل بشكل مستمر تمثل خطراً على الجنين وقد تسبب في تشوه أثناء نموه داخل الرحم، لذلك يفضل الحمام البارد أو على الأقل المعتدل لتتفادى الأم هذه الأخطار المحتملة.
فوائد الحمام البارد في زيادة الهرمونات
الهرمونات بأنواعها المختلفة وأهميتها الكبرى للجسم تنتج من غدد موزعة في مناطق مهمة بالجسم. وتلك الغدد لها طريقة عمل وطريقة إفراز ويمكن أن تصاب بالخمول. لذلك الحمام البارد ينشط الغدد لتنتج كميات مناسبة من الهرمونات التي تشغل الجسم وتنظم أموره، وتلك الهرمونات هي التي نحيا وننمو من خلالها فتنظم عمليات الأيض وغيرها من العمليات الحيوية، كما أنها تسيطر على الحالة النفسية والمزاجية للإنسان لأنها تعمل على خلايا الدماغ. أقل نسبة تغير في كمية هذه الهرمونات ينتج عنها تغير كبير في جسم الإنسان، فاحرص على حمامك البارد.
الطريقة الصحيحة لأخذ حماماً بارداً
من بعد معرفتك بكل تلك الفوائد لابد لك أن تعرف بعض الطرق والعادات الصحيحة لتتمتع بكل تلك الفوائد بشكل صحيح:
- أولاً: التدريج هو الأهم فلن تتمكن أن تتحول فجأة من الاستحمام الساخن إلى البارد، خاصة إن كنت معتاد على درجات الحرارة العالية أو إن كنا بفصل الشتاء. لذلك قلل بالتدريج درجة حرارة المياه يومياً بعد يوم لتصل بالأخير إلى استحمام بمياه باردة معتدلة. بالطبع سيساعدك سخان ديجيتال إن كنت تملك واحداً، لتستطيع ضبطه كما تريد لتنقص منه كل فترة خمسة أو عشرة درجات. بعد أن تصل إلى قدرتك على الاحتمال، فاجئ جسدك بمياه باردة في المرة التالية وستعرف أنك لم تعد ترتعش منها بنفس الطريقة القديمة.
- ثانياً: اختيار المعاد المناسب، فمثلاً إن كنت تنوي النوم فيجب أخذ حمام ساخن لترخي كل عضلات وتنام، أما إن كان أمامك يوم طويل فالحمام البارد هو الأمثل. لا يجب أن تأخذ حمامك بارداً جداً وأنت خارج لتواجه برد الشتاء والصقيع بل اجعله معتدلاً، مع ذلك فإن التعود على الحمام البارد يجعل جسمك معادل لدراجات الحرارة الخارجية فلن تتعرض إلى لنزلات البرد والرجفة كما يفعل الآخرون في أيام الشتاء، لأن جسمك معتاد على درجات الحرارة المنخفضة ويعمل من تلقاء نفسه لتدفئتك سريعاً. وكل شيء يأتي بالتعود.
- ثالثاً: هذه الفوائد ليست سبباً لتهمل الحمام الساخن تماماً لأنه له فوائده في مكانه بالطبع. إذاً الاعتدال هو الأهم وبذلك تمتع بجميع فوائد كلا النوعين. اجعل الحمام البارد مرتين أو ثلاثة بالأسبوع والساخن باقي الأيام. وفي كل الأحوال بقاء درجة حرارة المياه متوسطة يمنحك نظافة وفائدة ولن تفقد بذلك قدرة احتمالك للحمام البارد.
أخيراً عزيزي القارئ لا يجب أن ترفض الفكرة قبل أن تجربها بداعي الخوف وعدم احتمال برودة المياه، فكر في كل الفوائد السابقة وستجد بداخلك ذلك الدافع الذي سيمكنك من التغلب على عادات القديمة لتحصل على عادة جديدة مفيدة. ابدأ اليوم صباحك بإنعاش وجهك بمياه بارده ولاحظ الفرق في نشاطك، حتى إن كنت لم تأخذ قسطاً كافياً من النوم وعليك أن تذهب سريعاً إلى العمل، ستكون المياه الباردة خير معين.
أضف تعليق