تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الصحة النفسية » الثورة النفسية : كيف تثور على ذاتك وتتغير بشكل فجائي ؟

الثورة النفسية : كيف تثور على ذاتك وتتغير بشكل فجائي ؟

التغير في الإنسان يسم بالهدوء في غالبية الحالات، لكن التغير الفجائي ليس كذلك، الثورة النفسية هي التغير الذي من الممكن أن يغير الإنسان رأسًا على عقب.

الثورة النفسية

الثورة النفسية هي ظاهرة قد يعتبر البعض أنها غير صحية ولكن الحقيقة أنها صحية جداً، وهي لا تقارن بالفصام النفسي أبداً حتى لا يختلط الأمر عليك. ولكن الثورة النفسية هي من ضمن العادات الصحية جداً لحياة الإنسان في المطلق ويجب على الجميع أن يدركوا هذا تماماً ودائماً بل ويدركون أهمية الأمر بالنسبة لهم، وأنها ليس مجرد مقال أو عنوان ولكن الحقيقة أن الثورة النفسية التي نتحدث عنها قد تغير حياتك بل وقد تغير حياة المجتمعات إن عرف الأفراد كيف يستخدمون هذه الإمكانية البشرية التي لا تتوافر في أي من الكائنات الحية سوى الإنسان فقط. ودعوني أوضح لكم ما هي الثورة النفسية ببساطة: هي المرحلة التي يصل إليها الإنسان فيكون قادراً أن يقول لذاته “لا” أو بمعنى آخر يعرف الإنسان كيف يفرق أفكاره وأفعاله السلبية عن نفسه ويصير بإرادته شخص إيجابي، وأهم مثال لدينا هو هؤلاء الذين يقرروا أن يقاوموا الإدمان. ويجب أن تعلم عزيزي القارئ أن هناك قائمة من 180 نوع من الإدمان حول العالم وأشهرها المخدرات وكل إنسان يدمن شيء معين وهؤلاء الذين يقاومون الإدمان هم من قاموا بثورة نفسية على إرادتهم الضعيفة وجعلوها قوية تستطيع أن تقاوم هذا الإدمان أو هذا الخطأ أياً كان. لذلك هذا الموضوع مهم جداً وحساس جداً لك لأنك تحتاجه فعلاً في حياتك.

الثورة النفسية وكيف من الممكن الاستفادة منها ؟

شر الإنسان

هذه النقطة جوهرية جداً في حديثنا عن الثورة النفسية لسبب بسيط، فحين يدرك البشر الشر بداخله سيحل الكثير من المشاكل وسيقصر الطريق علينا حتى نعرف كيفية البدء للتحضير لهذه الثورة النفسية. ولذلك عليك أن تفهم جيداً أن الجميع بداخلهم طبيعتين إحداهما شر والطبيعة الأخرى خير، وكما نعلم جيداً أن إرادة الإنسان وحدها هي التي تحدد الطريق الذي سيسلك فيه الإنسان في الحياة. ومن هنا نعاين الصراع الأزلي بين الشر والخير والذي يتمثل أحياناً في أشياء أخرى غير البشر، ولكن الحقيقة أن الشر والخير والصراع الأزلي هذا هو داخل كل واحد منا، بحيث يخرج الشر أحياناً في أوقات فلا نتدارك الأمر، وأحياناً يوجد عادة نفعلها بشكل يومي ونحن نعلم أنها تؤذينا ولكن نظل نفعل نفس الشيء، وأحياناً أخرى نفعل أشياء نؤذي بها آخرين ونميت ضمائرنا لئلا تجلدنا وأتكلم هنا بصيحة “نحن” لأن هذا وارد بين جميع الناس. وبيت القصيدة هنا أن يجب عليك أن تدرك أنك لست بملاك حتى تصل لفكرة أنك يجب أن تثور على نفسك أحياناً إن وجدت الشر الذي بداخلك، ونصيحتي لك ألا تصمت على شرك وترعاه بحجة أنه شيء عادي لأنه سيتطور مع الزمن حتى تجد نفسك مأسور في دائرة من الأشياء السيئة التي لم تكن تتوقع أن تكون داخلها في يوم من الأيام.

إدراك الأخطاء

يجب على كل شخص أن يدرك أخطاءه الشخصية قبل كل شيء حتى يستطيع تميز ما سيفعله مع ذاته من خطوات لإصلاح تلك الأخطاء. فمن الطبيعي ألا يقوم أحد بتحقيق نتائج ناجحة في أي مشروع استثماري عن طريق العمل العشوائي، ولذلك العمل العشوائي على نفسك هو أيضاً سيء جداً ولا أرشحه لك أبداً. لا تتعامل مع نفسك على أنك كلك على خطاً وأيضاً لا تتعامل معها على أنك دائماً على صواب وأنك لا تخطئ أبداً، فالاعتراف بالحق والخطأ على حد سواء فضيلة وليس عيب أو حرام بل هو أول الخطوات الصحيحة لأن تبدأ خطواتك في التصحيح والثورة النفسية على أخطاءك التي أنت تعرفها وأيضاً التي لا تعرفها، فهناك أنواع من الأخطاء: الأولى هي التي تعلمها أنت جيداً، أما الثانية فهي التي لا تراها والآخرون هم من يحدثونك عنها وأنت باستمرار تقول لهم أن هذا ليس حقيقي، ولكن بالطبع من الممكن أن يكون هذا حقيقي لذلك يجب عليك أن تختبر نفسك جيداً قبل أي شيء وأن تثق في نفسك وأن لا تتأثر بكلام الناس، وحين تكون صريحاً مع ذاتك ستكتشف حقيقة نفسك، وإدراك الأخطاء هو الشيء الصواب الذي سيجعلك واثقاً من نفسك دائماً لأن مهما قال الناس عليك فهم لن يعلمونك قدر نفسك ولكن الأهم أن تكون حقيقي وشجاع مع نفسك لأن تواجها بالحقائق حتى تبدأ ثورة نفسية ناجحة في حياتك تجعلك ناضج أكثر من ذي قبل.

عدم جلد الذات

يجب ألا تقسوا على ذاتك تماماً وأنت في طريقك إلى أن تثور على نفسك، وذلك لسبب بسيط لأن العنف النفسي الذي ستسببه لذاتك سيجعلك تكره هذه الثورة التي لن تشعر أنها في صفك قدر أنك ستشعر في الأخير أنك تحولت إلى كائن بائس يشعر بالذنب طوال الوقت. لذلك يجب عليك أن تكون حكيم جداً في التعامل مع نفسك ولا تعتبر نفسك تراب وسيء لأن هذا سيشعرك بالضعف وسيجعل إرادتك ضعيفة جداً في القدرة على التغيير والمثابرة التي ستحتاجها في عملية الإصلاح الذاتي التي ترنوا لها من الأساس، بل وستشعر أيضاً أن الخير والحياة الطيبة هي حياة مقيته وغير ممتعة ومليئة بالمشاعر السيئة. لذلك عزيزي القارئ أحذرك من جلد الذات ويجب أن تتعامل مع ذاتك في كل وقت على أنك جيد جداً ولكنك تعاني من بعض الأشياء السيئة التي يجب أن تتخلص منها والأمر بسيط ولكنه يحتاج إلى الاتزان فقط، فكن حكماً عادلاً في مباراتك ضد نفسك.

التخطيط للثورة

أن تخطط للثورة النفسية هو أمر غريب لأنك ستخطط كيف تتغلب على نفسك دون أن تخدع نفسك، فالأمر يعتمد تماماً في هذا الأمر على المواجهة والقوة الضاربة هي إرادتك التي ستكون بمثابة المنفذ الرئيسي لهذه الثورة. ولذلك يجب عليك أولا أن تحدد الأهداف التي تريد أن تثور عليها، بمعنى أنك تريد مثلاً أن تمتنع عن التدخين، إذاً فما هي الخطة؟ سأقول لك، في حالات الإدمان لا يكون الأمر عبارة عن عملية بتر، ولكن يجب أن يكون جاد في ذات الوقت بمعنى أنك لن تستطيع أن تمتنع عن التدخين مرة واحدة لأنك في النهاية ستجد نفسك في حاجة فسيولوجية له ولكن عليك القيام بالأمر مع شخص مختص يشجعك ويدعمك وفي ذات الوقت يكون رقيب عليك خارجي يشعرك بالمسئولية تجاه نفسك وأنت تثق فيه تماماً وتحترمه ومن ثم تبدأ أن تقلل تدريجياً جرعة السجائر التي تتناولها بشكل سريع حتى تصل لمعدل صفر سيجارة في يوم ثم الذي يليه. وهكذا كل ثورة نفسية لها خطتها الخاصة اجلس مع نفسك وحدد ما هي أدوات الثورة التي تحتاجها وابحث عنها حتى تكمل عملية النضوج النفسي بنجاح.

أخيراً عزيزي القارئ يجب عليك ألا تيأس من نفسك ولا تقول لنفسك أنه لا رجاء منك بالعكس هذا الشعور هو الذي سيدمرك أما إعادة التكرار والمحاولة من جديد ستجعل منك شخص مقاتل وسيجعل إرادتك حديدية قادر أن تخوض بها في أي ظرف سيء تقع فيه دون أن تخاف من نفسك أو أن تقول على نفسك أنك جبان ولن تنجح. دائماً ثق في نفسك وشجع نفسك حتى ولو الآخرون لا يفعلون ذلك لأنك عندما تثور على نفسك وتطورها فأنت هنا المستفيد الوحيد.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

تسعة عشر − سبعة عشر =