الثقافة السياسية تعد من أعظم أنواع الثقافات حالياً حيث أن السياسة هي غالباً الشيء الذي يمتلك العالم وكلها عبارة عن مصطلحات القليل منا يفهمها أو يعرف عنها مثل الديموقراطية الإمبريالية الدكتاتورية الليبرالية. مصطلحات كثيرة ومعظم الشعوب لا تفهم أياً من هذه المصطلحات. ولكن في الحقيقة هذا هدف من أهداف السياسة ذات نفسها حيث أن جهل الشعوب هو غالباً ما يبقى الحكومات في أمان والحكومات حتى لو كانت جيدة فهي لا تفضل تدخل الشعب، ولذلك دائماً توجد وسائل إلهاء عن السياسة بدعم سياسي في كل حكومة حتى تجعل الشعب لا يأخذ لباله مما يحدث على مستوى السياسة وإدارة الدولة ومنحنى الاقتصاد وكل هذه المشكلات أو الأشياء التي تهم الإنسان. وكل هذه التفاصيل تندرج تحت بند الثقافة السياسة ولذلك في هذا المقال سنحاول جاهداً أن نشرح لك ما هي الثقافة السياسية وما أهميتها وأهم النقط الهامة من حيث التاريخ السياسي وأثر الثقافة السياسية عليك شخصياً.
كيف تحظى بقدرٍ من الثقافة السياسية
أثر الثقافة السياسية على الحكام
بالطبع لن تشعر بالأمان وأنت يحكمك حاكم لا يفقه شيء في أصول الحكم أو مجرد حاكم عاطفي كل ما يأتي في عقله يقوله أو يفعله. وفي الحقيقة هذا كان واقع لمدة كبيرة من الزمن قديماً في نظام الخلافة الملكية حيث أن لكل ملك ابن يصير الملك من بعده. وهناك في التاريخ كمية أمثلة ليست بالقليلة أبداً عن الكوارث التي حدثت بسبب أن هناك ملك مجنون يحب أن يصطاد الناس فيطلق بعض العبيد في غابة ويجري خلفهم بالسيف والرماح ليصطاد العبيد كأنهم ظباء أو أرانب. وقس على ذلك الملوك مجانين النساء وما كان يحدث من مؤامرات على كل يمُلك من أخيه أو أمه أو عمه حتى يموت وينتقل الحكم إلى الأخر، كل هذا كان حقيقي من بضعة قرون ومات الملايين من الناس بسبب نزوات الملوك الذين كانوا لا يفعلون شيئاً في العادة بل الذين كانوا يقومون بإدارة البلاد فعلاً هم الوزراء الذين تحتهم. وهذا المثال توضيحي لقيمة كونك فاهم وعارف بأصول إدارة الدولة سياسياً لأنه تخيل معي لو دولة في الوقت الحالي يحكمها حاكم مثل هذا فما الذي سيحدث في عصر الحرية الذي نعيشه الآن، بالطبع ستحدث ثورة وحرب أهلية وانقلابات وموت ودمار. ولذلك قيمة الثقافة السياسية للحكام هي تعد أهم شيء في كونه حاكم لأن الفطنة والدبلوماسية والحكمة التي سيتعامل بها في إدارة مشكلات بلاده هي التي ستجعل بلاده ستتقدم إلى الأمان.
الثقافة السياسية حول تدخل الدين والسياسة
هناك دائماً مشكلة قائمة بين الدين والثقافة والسياسة، فالثلاثة لا يجتمعون غالباً والسبب بسيط لأن الدين قائم على فكرة الثبات وعدم التغير، أما السياسة فهي قائمة دائماً على المواكبة والتغير الدائم، أما الثقافة عندما تقترن بالسياسة فهنا يحدث التقدم والنهضة في البلاد عموماً والتي تعتمد في تقدمها على التغيرات الجذرية. ولكن لو نظرنا في العالم سنجد أن كل الحروب غالباً قائمة على نزاع طائفي ديني والقليل جداً قائم على نزاع حدودي وهناك القائم على النزاع الديني والحدودي معاً مثل فلسطين وإسرائيل، الأكراد والعراق، البوسنة والهرسك، والحقيقة هنا والتاريخ يحكم أن كل الأحكام الدينية قائمة على المصلحة أولاً، حيث أن السياسة تستخدم الدين في إخضاع الناس بحكم علوي إلهي لا أحد يستطيع أن يوجهه. ولذلك في العصور المظلمة كان البطاركة المسيحين هم السياسيين وفي نفس ذات الوقت كانوا ظالمين وكانوا يؤلهون أنفسهم، وحدث هذا بعد ذلك في الإسلام حيث صار الدين لعبة في يد السياسيين وأصبح الجميع حالياً يستغل الدين لأجل أن يقول للناس أن من يخالف أوامر الحاكم فهو يخالف الله. ومن هنا أصبح رجل الدين هو الحاكم الفعلي لأنه هو الأعرف بما يريده الله وبما أن الدين ثابت وغير متجدد وأحدث الأديان وجدت من قبل 1600 عام تقريباً فكيف سيكون الدين معايشاً للواقع الحالي. ولذلك السياسات الغربية اقتنعت تماماً بفكرة فصل الدين عن السياسة وأصبح الدين علاقة إلهية بشرية بين الله والإنسان وليس بين الله ورجال الدين والمجتمع والسياسة، فالأمر بسيط جداً وبما أن السياسة تحتاج إلى تنازلات ودبلوماسية وكذب أحياناً وعمل مخابرات وقتل وتصفية جواسيس، كل هذا سيكون من منطلق سياسي لا يناسب الدين ولكنه يناسب المجتمع الكلي والدولي وسيضمن للشعب العام الحياة بحرية وبساطة دون تعقيدات.
الثقافة السياسية في التشريعات والقوانين
لكل بلد في العالم قوانينها الخاصة والتي تحكمها من الصغير للكبير ومن الخادم للحاكم، الكل تحت قانون معين يدعى الدستور وهذا الدستور لا يفعلونه اعتباطاً ولا مجرد أن يكتبونه والسلام ولكنه يكون مطبوخ تحت يد متخصصين. وهناك جهات تشريعية تسن القوانين هذه على مدار السنوات وهناك إمكانية تجعل القوانين قابلة للتعديل على مدار الزمن، وهذا جيد نوعاً ما لأن يكون القانون متماسك وقابل للتعديل حسب حاجة الشعب والناس وليس مجرد قانون جامد أو مقدس. فالقوانين تخدم الإنسان وليس الإنسان يخدم القوانين، والجهات التشريعية تدعى أحياناً مجلس الشعب وهو عبارة عن مجموعة من الناس منتخبين من كل شعب الدولة، والانتخاب يكون في كل مقاطعة في الدولة ومدينة يكون لها أكثر من مرشح والفائز في كل مدينة بالأغلبية يكون هو نائب الشعب في مجلس الشعب. وله أكثر من اسم ففي أمريكا اسمه مثلاً مجلس الشيوخ (الكونغرس)، ولكل مجلس طريقته في التعامل مع التشريعات والقوانين وهذا المجلس لديه الصلاحية لأن يستجوب أي شخصية سياسية في الدولة في أي وقت إذا قرروا، لأن الحكومات تعتبر عمالة لدى الشعب والنواب مجلس الشعب هم نواب عن الشعب نفسه ولذلك لهم السلطة العليا في الاستجواب.
أنواع السياسات
لكل دوله سياسة مختلفة وغالباً السياسة حالياً تطورت بشكل رهيب. حيث في القرن التاسع عشر كانت الدول والسياسات ليست كما الآن وحتى الحروب لم تكن ببشاعة الحاضر ومن وقت اختراع البارود والحروب أخذت منحى دامي بشكل أكثر عنفاً لأن القتل أصبح أسهل. وتحولت السياسة على مر الزمن من الاحتلال الفعلي للدول كما كانت دول أوروبا تفعل إلى احتلال داخلي واقتصادي للبلاد، مثل إيطاليا التي كانت تحتل ليبيا بجيشها حتى ستينات القرن الماضي. ولكن حالياً الحكومات الكبيرة والدول العظمى تحتل دول أصغر ولكن بصورة اقتصادية. حيث أن الدول العظمى تتحكم في بقية العالم من خلال الاقتصاد والحلفاء مبنيين على الحماية من الدول الكبيرة في مقابل التدخل في شئون الدول الصغيرة. فتجد الحكومات للدول العظمى تستغل المنتجات الزراعية لدى الدول الأفريقية مثلاً وتأخذها بثمن أقل من الذي تباع به نفس هذه السلع في البلد نفسها، وهكذا الذهب والألماس في وسط وجنوب أفريقيا والبترول في دول الخليج. فالأمر أصبح صراع على الطاقة لأن الطاقة هي التي تضمن بقاء الدولة في حالة تأهب متقدمة بصورة دائمة. ولذلك الثقافة السياسية ستجعلك تقدر ما هو أكبر منك ومن احتياجاتك الصغيرة.
أخيراً الثقافة السياسية هي ليست شيء مقصور على السياسيين فقط بل يجب على كل مواطن أن يتثقف سياسياً لأجل أن يكون الشعب بالكامل واعي وفاهم لما يحدث من أزمات حوله، حتى إذا احتاجت الدولة مساعدة فيتكاتف الشعب بوعي ليحل المشكلة، وحتى لو حدث وكانت الحكومة سيئة وغير منضبطة يكون هناك رادع شعبي بوعي يستطيع أن ينصب شخص مثقف يفهم كيف يتعامل مع السياسة الداخلية والخارجية للدولة.
أضف تعليق